قمر المحاق وحصاد الحصرم (الحلقة الثانية)
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
قمر المحاق وحصاد الحصرم (الحلقة الثانية)
أسامة عيدروس
26 أكتوبر 2024م
حقل التدفق وموجات الانفجار:
في كل مرة تقوم مليشيا الدعم السريع بارتكاب المجازر تحدث صدمة لا متناهية في وجدان وشعور شعوب السودان المسالمة. تكرر الأمر منذ أحداث الجنينة الدامية واغتيال الوالي خميس أبكر والتمثيل بجثته ثم الأمير طارق بحر الدين الدين الذي تركت جثته ملقاة في الشارع ومنع دفنها بأمر المليشيا.
مباشرة بعد انتشار الجيش وسيطرته على جبل موية وإعلان أبو عاقلة كيكل استسلامه للجيش السوداني في منطقة جبل اللبيتور بسهول البطانة وسط البلاد تحركت قوات كبيرة من مليشيا الدعم السريع وبدأت في ارتكاب جرائم ضد المدنيين في تمبول ورفاعة والبويضاء والجنيد وقرية العك والعزيبة”، بالإضافة إلى عدد من القرى الأخرى بوسط وشرق ولاية الجزيرة. ولم تكن هذه مجرد حملة محدودة انتقاما من كيكل ومواطني شرق النيل بل توسعت عمليات الدعم السريع بالمنطقة لتقوم بارتكاب مجزرة جديدة بشعة في قرية السريحة وأزرق بشمال الجزيرة ذكرت الناس بمذبحة ود النورة ومذابح الجنجويد الأخرى في طول البلاد وعرضها.
حدوث هذه المجازر والقتل الممنهج للمدنيين والتهجير القسري للسكان جاء على غير المتوقع بعد انضمام أبوعاقلة كيكل للقوات المسلحة. فعمليا فقد الدعم السريع خطوط إمداد مهمة ممتدة بامتداد سهول البطانة خصوصا امدادات الوقود في معارك تعتمد على حركة السيارات. لذلك استغرب الناس وتساءلوا عن الجدوى من استسلام كيكل من الأساس كما تناولوا بغضب الاحتفالات التي صاحبت استسلامه.
لنفهم سر الحملات المسعورة للجنجويد في شمال ووسط وشرق الجزيرة ينبغي لنا أن نعيد النظر في مسرح العمليات ككل. فاستراتيجية الدعم السريع منذ توقف عملياتها في الخرطوم وتحولها للدفاع بالقناصة في العمارات والأبنية الشاهقة، تحولت إلى استراتيجية انتشار واسع باندفاع سريع هدفه اسقاط الفاشر وبابنوسة والأبيض والزحف نحو الشمالية وتطويق بورتسودان بالزحف من سنار وسنجة شرقا إلى القضارف وكسلا. هذه الاستراتيجية أكسبت الدعم مساحات واسعة من الانتشار ولكنها أجبرته في المقابل على إعادة تموضعه في جبل موية كقاعدة انطلاق جديدة قامت الدولة الراعية للتمرد بحشدها بالعتاد والمرتزقة من أجل الوثبة الأخيرة في خطة الدعم السريع.
تحرير جبل موية لم يشكل فقط قاصمة الظهر للمليشيا ولكنه أيضا أربك الحسابات لمن وضع خطتها العسكرية فأصبح محتاجا لبدائل سريعة حتى لا يقع في شرك الجيش الذي نجح في تحويل جيوش الدعم إلى مجموعات معزولة بلا إمداد فتحررت الدندر والسوكي بلا عناء وأصبحت سنجة قاب قوسين من التسليم. ومن الواضح أن خطة الجيش ستستمر في تقطيع أوصالهم في كل مسرح العمليات حتى يسهل استسلامهم دون خسائر كبيرة في الجنود او العتاد. ما حدث في جبل موية يشابه بالضبط عندما تم تفجير كبري شمبات في بحري واغلقت موجات تدفق المليشيا من امدرمان فكان ان تحول ضغطها وسقطت على الفور منطقة جبل اولياء العسكرية.
ما يحدث في شمال ووسط وشرق الجزيرة ليس انتقاما من كيكل فقط، ولا استمرار لنفس منهج الانتهاكات المنظمة ضد المدنيين بقصد خلق هالة من الفزع والرعب من جيوش المليشيا تسهل على المرتزقة النهب والسلب فقط. في الواقع أن سهل البطانة ومناطق شمال ووسط وشرق الجزيرة هو منطقة انفتاح جديد لقوات المليشيا استمرارا في خطتها القاضية بالوصول إلى بورتسودان بأي ثمن. سهل البطانة ينفتح على حلفا وشندي وشمال الخرطوم ومعسكرات المليشيا قرب المصفاة. هذه الفظائع مقدمة تهدف لتهجير سكان شمال ووسط وشرق الجزيرة واشغال الناس للقيام بفتح خطوط الحشد والامداد من جبل أولياء عبر الكاملين وكبري رفاعة والاندفاع شرقا وشمالا بنفس استراتيجية الانتشار السابقة. مما يلقي بعبء كبير على الجيش والمشتركة وقوات مكافحة الإرهاب والمقاومة الشعبية بالعمل على نظافة كل مناطق شمال ووسط وشرق الجزيرة قبل حدوث عمليات الحشد وبدء الانتشار الجديد.
ونواصل
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع جبل مویة فی قریة
إقرأ أيضاً:
السودان.. قوات الدعم السريع تتقدم في الفاشر "المأزومة"
أعلنت قوات الدعم السريع في بيان الأحد تقدمها نحو السيطرة الكاملة على مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور الاستراتيجية، فيما انتقدت حركة تحرير السودان بقيادة أركو مناوي المتحالفة مع الجيش تحركات الأخير، وقالت في بيان إن سقوط الفاشر يعني "سقوط كل مدن السودان تباعا".
ومنذ الأسابيع الأولى من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، ظلت الفاشر تشهد معارك طاحنة، وسيطرت قوات الدعم السريع على معظم أراضي إقليم دارفور التي تشكل نحو ربع مساحة البلاد البالغة نحو 1900 كيلومتر مربع.
وفي حين اتهمت حركة مناوي قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات في معسكر زمزم الذي يأوي نحو 400 ألف من سكان المدينة أدت إلى مقتل 450 شخصا خلال ثلاث أيام، أكدت "الدعم السريع" أنها ظلت تعمل منذ 4 أيام مع عدد من الحركات المحايدة على تأمين خروج الآلاف من السكان إلى مناطق آمنة ونشرت وحدات لحماية المدنيين المتبقين، واتهمت بدورها قوات الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه بتحويل المعسكر إلى ثكنة عسكرية واتخاذ المدنيين دروعاً بشرية.
وقال بيان قوات الدعم السريع: "نرفض الادعاءات الكاذبة باستهداف عناصرنا للمدنيين داخل مخيم زمزم، وندعو إلى تحري الدقة والموثوقية في تناول الأحداث".
وأكدت في بيانها التزامها بالقانون الدولي الإنساني وترحيبها بجميع المنظمات والوكالات الإغاثية التي أبدت رغبتها في الاستجابة الفورية للأوضاع الإنسانية السيئة التي يعيشها الفارون من الحرب.
من جانبها، طالبت حركة مناوي في بيانها قيادة قوات الجيش بالتحرك نحو الفاشر وإنقاذ اكثر من مليون ونصف من السكان العالقين هناك، مشيرة إلى توقف الطلعات الجوية التي كانت تنفذ هجمات جوية في الإقليم. وتساءل البيان عن تأخر الإمداد العسكري للفاشر، وقال "قبل أكثر من شهرين تم تجهيز قوة ضخمه في مدينة الدبه لتذهب نحو الفاشر فما الذي حال دون ذلك؟".
وفي سياق متصل، دعا التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود"، لوقف كل الأعمال العدائية التي تستهدف حياة وأمن المدنيين في كافة أرجاء السودان، وشدد على ضرورة توصيل المساعدات الإنسانية لمستحقيها، وإقرار تدابير ملزمة لحماية المدنيين، والتحقيق في "كافة الانتهاكات الجسيمة التي حدثت خلال هذه الحرب".
وجدد التحالف تأكيده بعدم وجود حل عسكري للأزمة في السودان، وقال: "أثبتت التجارب السودانية أن الحرب لا تبني وطناً موحّداً، ولا تصنع سوى الدمار، وهذا هو ما نشهده الآن جراء هذه الحرب من خراب واسع ومعاناة إنسانية وتمزيق للنسيج الاجتماعي، وتفاقم المآسي، وزيادة معاناة المدنيين".
أهمية كبرى
يكتسب إقليم دارفور أهمية جيوسياسية كبيرة نظرا لمساحته الشاسعة وارتباطه حدوديا بأربع بلدان في المنطقة، إضافة إلى ثقله السكاني والاقتصادي الكبير.
يتمدد إقليم دارفور في أكثر من ربع مساحة البلاد، إذ تبلغ مساحته الإجمالية 493 ألف كيلومتر مربع.
وتقدر نسبة سكان الإقليم بنحو 17 بالمئة من إجمالي تعداد سكان السودان البالغ نحو 48 مليون نسمة.
ويرتبط الإقليم بحدود مباشرة مع 4 بلدان هي ليبيا من الشمال الغربي، وتشاد من الغرب وإفريقيا الوسطى من الجهة الجنوبية الغربية، إضافة إلى دولة جنوب السودان.