خبراء إيرانيون يرجحون عدم توسع المواجهة مع إسرائيل
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
طهران– وصفت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية وغير الرسمية، وتحديدا الوكالات المقربة من الحرس الثوري، الهجوم الإسرائيلي الأخير على البلاد بالفاشل وأكدت إحباطه، مما وضع التوقعات بشأن المرحلة المقبلة في سياق نوع من التهدئة أو عدم التصعيد وتوقف دوامة الرد والرد المضاد بين طهران وتل أبيب.
فبعد أن نفذت إيران هجومين بالصواريخ والمسيرات ضدها، قامت إسرائيل لأول مرة بتنفيذ هجوم عسكري مباشر على إيران فجر اليوم السبت.
وتقول إسرائيل إنها استهدفت مواقع عسكرية ومنظومات للدفاع الجوي في هجومها فجر السبت، بينما تنفي إيران هذه الأنباء، وتؤكد أن منظومات دفاعها الجوي تصدت لجميع محاولات الاستهداف في محافظات طهران وشمال البلاد وخوزستان جنوب غرب، وإيلام غربي البلاد.
ومن جانب آخر، وبعد مرور 8 ساعات على سماع الأصوات الأولى لانفجارات في طهران، أعلن الجيش الإيراني عن مقتل اثنين من أعضائه أثناء التصدي للهجوم.
يرى القيادي السابق في الحرس الثوري حسين كنعاني مقدم، أن ما قام به الكيان الإسرائيلي فجر اليوم أقل بكثير مما قامت به إيران في عملية "الوعد الصادق 2″، ولكن هذا لا يعني أن إيران لن ترد، مؤكدا أنها سترد على الهجوم الإسرائيلي وبأضعاف الهجوم الذي تلقته.
ويقول للجزيرة نت إن الولايات المتحدة خائفة، وهذا ما دفعها للقول إنها لم تساعد إسرائيل بهذه العملية، ولكن تأكد لإيران أن واشنطن كان لها دور، وعليه فإن جميع قواعد الولايات المتحدة في المنطقة باتت ضمن بنك الأهداف الإيرانية.
ويضيف كنعاني مقدم أنه إذا اتضح استخدام أي من أجواء دول المنطقة لهذه العملية فستتعامل الجمهورية الإسلامية مع تلك الدول.
واعتبر القيادي السابق في الحرس الثوري أن ما قامت به إسرائيل لم يكن مفاجئا، حيث أعلنت أكثر من مرة أنها ستستهدف المواقع النووية ومواقع النفط والغاز، مستذكرا تصريح المتحدث باسم جيشهم الذي قال فيه إنهم سيهاجمون إيران بكل قواهم، وبالتالي إذا كانت هذه هي كل قواهم فهذا يعني أن الكيان بحالة ضعف ومقبل على التلاشي.
وخلص إلى أن "المواقع المستهدفة عبارة عن مقار عسكرية لا يمكن تصنيفها بالمهمة والحساسة، وحاول الكيان أن يستهدف منظوماتنا الدفاعية، وركز بعمليته على استهداف الأنظمة الرادارية، وفشل بذلك".
مرحلة أكثر خطورة
وحتى الآن لا توجد رواية إيرانية متكاملة حول طبيعة الهجوم الإسرائيلي، والمعطيات بشأن التفاصيل قليلة مع تداول أنباء غير رسمية. وفي هذا السياق، نفى أستاذ العلوم السياسية مصطفى نجفي دخول أي مقاتلات المجال الجوي الإيراني، مضيفا، أن الهجوم تم تنفيذه بإطلاق النار من خارج الأراضي الإيرانية.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت "يبدو أن إيران كانت على علم بوقت الهجوم ولم تفاجأ، ولم يكن الهجوم واسع الانتشار وخطيرًا كما هددت السلطات الإسرائيلية سابقا، ولكن إيران لا تتجاهله بسهولة وتحتفظ بحق الرد، باعتبار أنه أول هجوم رسمي لإسرائيل على الأراضي الإيرانية وانتهاك لسلامة أراضي البلاد".
ولم ير نجفي ما يمكن تأويله بعدم التصعيد بين إيران وإسرائيل في هذه المرحلة، حيث قال إن الهجوم لا يمكن أن يعني نهاية الصراع المباشر بين طهران وتل أبيب، بل يعني "بدء صراع أكثر مباشرة مع عواقب أكثر خطورة".
وانتهى إلى القول إن الصراع المباشر بين الطرفين دخل مرحلة جديدة اعتبارا من اليوم، ومن غير المرجح أن يتوقف عند هذا الحد.
استمرار الردودمن جانبه، لاحظ أستاذ السياسة المختص بالشأن الإسرائيلي، منصور براتي، أن إيران كانت مستعدة للهجوم، على الرغم من محاولة إسرائيل بالأيام السابقة استمرار الحرب النفسية والاحتفاظ بعنصر المفاجأة، ولكن تضارب الأنباء من الجانب الآخر رفعت من استعداد إيران لسيناريوهات مختلفة.
ووصف في حديثه للجزيرة نت المشهد بالمعقد، حيث إن وسائل الإعلام الإيرانية تظهر العمليات بأنها صغيرة في حين أعلن الجيش عن استشهاد اثنين من عناصره.
وأضاف براتي أن ضعف العملية الإسرائيلية يجعل عدة احتمالات أمامنا في ما يتعلق بالمرحلة القادمة، فقد يكون الرد لم ينته، وشرح ذلك بوجود احتمال أن يكون الرد الإسرائيلي على مستويات مختلفة، وقد تستعد إسرائيل إلى مستوى آخر من الرد مثل المستوى الأمني، وهذا ما ستبينه الأيام القادمة.
واستبعد أن تذهب إيران وإسرائيل في هذه المرحلة باتجاه حرب شاملة، حيث إن إيران لا تريد الحرب وإسرائيل منشغلة بلبنان، ولكن هذا الأمر لا يعني بالضرورة توقف دوامة الرد والرد المضاد بين إيران وإسرائيل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الهجوم الإسرائیلی
إقرأ أيضاً:
كيف تلقت إيران رسالة ترامب من الهجمات الأميركية على الحوثيين؟
طهران– في تطور ينقل رسائل إلى خارج اليمن، شن الجيش الأميركي، الليلة الماضية، غارات على مواقع لجماعة أنصار الله (الحوثيين) في العاصمة صنعاء وصعدة والبيضاء بأمر من الرئيس دونالد ترامب الذي توعد الجماعة بالجحيم، وقال، إن أي "قوة إرهابية" لن تمنع السفن الأميركية من الإبحار بحرية.
يأتي ذلك بعد إعلان الحوثيين، أنهم سيستأنفون استهداف السفن الإسرائيلية في الممرات البحرية بالمنطقة ردا على منع دخول المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر، وذلك بعد توقف هجماتهم إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني الماضي.
وفي تطور لافت، ذهب الجانب الأميركي هذه المرة بعيدا في اعتبار طهران مسؤولة عن سلوك الحوثيين، إذ ركزت المواقف الأميركية على ما سمته "دعما إيرانيا للحوثيين" ووصفت العملية بأنها رسالة لآيات الله في طهران.
من جانبه، وصف ترامب الحوثيين بـ"المجرمين المدعومين من إيران"، وحذر الأخيرة من مغبة مواصلة دعمها للجماعة اليمنية، قائلا "إنه إذا هددت طهران الولايات المتحدة، فإن أميركا ستحملكم المسؤولية الكاملة، ولن نكون لطفاء في هذا الشأن".
الرد الإيراني
في المقابل، سارع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إلى تذكير الخصم الأميركي بأنه لا يحق لواشنطن "إملاء" إرادتها على سياسة طهران الخارجية، ودعا -في منشوره على منصة إكس- الولايات المتحدة إلى "وقف قتل الشعب اليمني".
إعلانفي السياق، أدان المتحدث باسم الخارجية الإيراني إسماعيل بقائي، العدوان الأميركي والبريطاني على اليمن بأشد العبارات، واعتبره "انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية" وأنه يأتي دعما للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
عسكريا، نفى القائد العام للحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي، أي دور لبلاده في تنظيم أو وضع سياسات جبهة المقاومة بمن فيها الحوثيون في اليمن، مؤكدا أنهم "يتخذون قراراتهم الإستراتيجية والعملياتية بأنفسهم".
وحذر سلامي –في كلمة أمام حشد من كوادر الحرس الثوري- "أعداء إيران بأن أي تهديد يتحول إلى الفعل سيواجه برد صارم وحازم ومدمر من جانبنا"، مضيفا "لن نبدأ الحروب، لكن إذا هُددنا من أي جهة فسيكون ردنا حاسما ومصيريا".
خطوة ذكية
ويرى مراقبون إيرانيون في موقف سلامي خطوة ذكية تجنب طهران التداعيات السياسية والقانونية لما تقوم به جماعة الحوثي ضد المصالح الأميركية والإسرائيلية في البحر الأحمر وتدحض الاتهامات الإقليمية باتخاذ إيران الحليف اليمني أداة لاستهداف منافسيها، ناهيك عن إطلاق العنان للحوثيين باستهداف المصالح الأميركية في البحر الأحمر.
ويأتي تنسيق الموقف الأميركي الرامي إلى ربط سلوك الجانب اليمني بسياسات إيران ملحقا عمليا لما ورد في رسالة ترامب إلى المرشد الأعلى علي خامنئي والتي خيّره فيها بين التفاوض أو استخدام الخيار العسكري في حال لم يتم إبرام اتفاق يمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية.
المواقف الأميركية تبدو غاية في الصراحة بربط سلوك الحوثيين بالجانب الإيراني والمطالبة بإنهاء ما تعتبره واشنطن دعما إيرانيا لجماعة الحوثي، وتأتي متناسبة مع التسريبات الإعلامية عن رسالة ترامب إلى المرشد الإيراني ومطالبته بوقف دعم طهران لفصائل المقاومة، كشرط مسبق لأي اتفاق بشأن الملف النووي.
إعلان
حلقة ضعيفة
من ناحيته، يقرأ السفير الإيراني الأسبق في لندن جلال ساداتيان، الهجوم الأميركي على اليمن في سياق سياسة العصا التي رفعها ترامب منذ فوزه بالرئاسة 2024 على العديد من الدول والقوى الشرقية والغربية، موضحا، أنه بعد إخفاقه في ترحيل سكان قطاع غزة أو حلحلة الأزمة الأوكرانية وجد ترامب في الساحة اليمنية الحلقة الأضعف لعرض عضلاته في الشرق الأوسط.
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير الدبلوماسي الإيراني السابق إلى أن مهاجمة اليمن تأتي لترهيب فصائل المقاومة الأخرى وتحذيرها من مغبة استئناف عملياتها ضد الكيان الصهيوني، موضحا، أن ترامب يراهن على تطبيع بعض الدول العربية علاقاتها مع تل أبيب لدمج الأخيرة في الإقليم والقضاء على القضية الفلسطينية.
وخلص إلى أن ترامب يتعمد استخدام تسليح نوعي لخرق التحصينات في اليمن ليبعث رسالة إلى الجانب الإيراني بإمكانية استخدامها مرة أخرى في المنطقة، على غرار تكرار سياسة الاغتيالات بحق القادة الحوثيين والتي سبق وطبقها الكيان الإسرائيلي على قادة المقاومة في كل من لبنان وقطاع غزة.
الضغوط القصوىويرى مراقبون، أن الهجوم الأميركي على اليمن لم يكن جديدا ولا فريدا من نوعه، إذ سبق وتعرضت صنعاء لهجمات أميركية وبريطانية وإسرائيلية مماثلة، ويفترض أن تكون قد توقعته قبل إعلانها استئناف عملياتها في البحر الأحمر، وأن تكون قد حضّرت له ردا أو ردودا تعتقد شريحة من الإيرانيين، أن الأيام القليلة المقبلة ستكشف عنها.
من جانبه، يعتبر الباحث الإيراني في الشؤون الأمنية محمد قادري، أن الهجوم على اليمن موجه إلى طهران قبل أن يستهدف عمليات الحوثيين في البحر الأحمر، وأنه يأتي في سياق سياسة الضغوط القصوى التي استأنفها ترامب على إيران لإرغامها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وفي حديث للجزيرة نت، يرى قادري أن البرود الإيراني في التعامل مع رسالة ترامب الأخيرة إلى المرشد الأعلى، علي خامنئي، قد أزعج البيت الأبيض الذي يفسر إعلان الحوثيين باستئناف عملياتهم في البحر الأحمر ردا ساخرا على مطالبته طهران بقطع دعمها لفصائل المقاومة.
إعلانوفي رأي قادري، فإن الهجوم العسكري على اليمن والاتهامات الأميركية لطهران بتحريض الحوثيين سينعكس سلبا على ما تعول عليه واشنطن من بوابة سياسة تبادل الرسائل مع طهران، مضيفا، أن نوعية وكيفية الرد اليمني على الهجوم الأميركي سيحدد الخطوات الأميركية اللاحقة في المنطقة.
واستبعد المتحدث نفسه، أن يوقف الجانب اليمني عملياته في البحر الأحمر قبل كسر الحصار عن غزة، مؤكدا أن طهران وصنعاء سيعتبران أيّ خفض أو وقف للعمليات في البحر الأحمر رسالة ضعف قد تزيد واشنطن جرأة للتمادي في شن هجمات أخرى على سيادتهما.