أعمدة الإنارة المتهالكة فخ الأرواح بالإسكندرية
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
مشكلة أعمدة الإنارة المكهربة والتي أودت بحياة العديد من المواطنين.. وهي مشكلة ليست جديدة لكنها تفاقمت بسبب ازدواجية المسئولية بين المحليات وشركة الكهرباء حيث لقي كل طرف بمسئولية الصيانة على الجانب الآخر والقانون لم يحسم الخلاف.
ومع اقتراب فصل الشتاء يزداد خوف المواطنين تدور بأذهانهم يخافون من وقوع حوادث بسبب ماس كهربائى لكثرة الأسلاك الممتدة فوق بلكونات المنازل، أو أن يصاب أحد من المارة بصدمة كهربائية إثر ملامسته لعمود إنارة به «سلك عريان».
" صعق الاطفال "
يقول محسن السيد قاطنى منطقة العامرية، إن أعمد الإنارة المتهالكة خطر يهدد حياة المواطنين حيث تسببت فى صعق الأطفال خلال تساقط الأمطار فى موجة الطقس السيئ وهذه الواقعة لم تكون الأولي، فقد تعرض أحد أطفال القرية للصعق بأحد الأعمدة الشتاء الماضى أيضا وأنقذته العناية الإلهية من الموت.
يضيف أن أغلب أعمدة الإنارة تحتاج إلى صيانة فلا تتوافر بها كشافات إضاءة والطرق دائما مظلمة، كما أن هناك بعض الطرق الزراعية بها أعمدة معطلة تماما والمواطنون تهجرها بسبب الظلام الذي يسودها وتكون ملاذا آمنا للخارجين عن القانون لارتكاب الجرائم مثل السرقات.
ويوضح فاروق محمد، قاطنى منطقة برج العرب، أن مسئولية الصيانة تتبع شبكات الكهرباء لأن بها متخصصين فى ذلك ورغم ذلك لم يتم حسم القضية فالمسئولية لاتزال حائرة بين المحليات وشبكات الكهرباء والنتيجة مزيد من الضحايا، فالمواطن وحده هو الذي يدفع ثمن الإهمال واللامبالاة.
واضاف ان يعيش اهالى العامرية أياما من الرعب خاصة فى فصل الشتاء بسبب حالات الصعق المتكررة لبعض المواطنين بواسطة أسلاك وأعمدة كهرباء مكشوفة فى بعض أحياء المدينة،
وكشف السيد على قاطنى منطقة خورشيد، نحن نعيش حالة من الذعر خاصا مع اقتراب فصل الشتاء وتأتي المنطقة ، على رأس المناطق المعرض أهلها للموت صعقًا، بسبب تدلي أسلاك الكهرباء بشكل خطير، بدلا من دفنها فى الحوائط أو تحت الأرض، وفى ظل أن جميع مناطق خورشيد تعاني من سوء الرصف فإن تجمعات المياه بها تحدث بشكل مستمر، مما يعني قرب حدوث الكارثة،
" صيانة دورية "
قال مسئول بشركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء، هناك خطة يتم تنفيذها من خلال شركة الكهرباء بالمرور الدوري على المهمات الكهربائية المتواجدة بالمحافظة، سواء “الأكشاك أو المحولات، أو الموزعات” الخاصة بالشركة، بالإضافة للمرور على أعمدة الإنارة العامة التابعة للأحياء والمحافظة.
وأوضح أن غرفة عمليات شركة الكهرباء منعقدة على مدار 24ساعة لتلقي أي شكوى أو استغاثة، بجانب فرق الطوارئ التي تتم زيادتها خلال موسم الأمطار وانقطاع الكهرباء للتدخل السريع، مع استقبال مكالمات خلال 24ساعة على رقم 121، للتحويل على المكان المختص على الفور. رصد وجود أعمدة إنارة تتدلى منها أسلاك عارية فى أماكن مختلفة باستمرار يحذر الأهالى الأطفال من اللعب إلى جوار هذه الأسلاك: «بنخاف جداً إن طفل يمسكها، دى لو حد مسكها ساعة المطر هيموت وهو طفل مايفهمش حاجة.
" تركيب وصيانة 27 كشاف كهرباء "
وأعلنت المهندسة نهى خليفة رئيسة حى غرب، أنه تم تركيب وصيانة عدد ٢٧ من الكشافات بنطاق الحى وذلك تنفيذا لتوجيهات الفريق احمد خالد حسن محافظ الاسكندرية بالاستجابة الفورية لاي شكوي تخص المواطن والصيانه الدوريه للاعمده والكشافات بنطاق الحي ، واضافت ان إدارة الكهرباء بالتنسيق مع الادارة العامه للمشروعات والورش قامت باعمال صيانة وانارة لعدد ٢٧ من الكشافات والاعمدة بشوارع النخيل بغيط العنب والعيون والريف والانهار و الغدير ومحيط كنيسة ماري جرجس والامان ، واكدت على استمرار اعمال المتابعه والصيانه الدورية لاعمده الاناره والكشافات بنطاق الحي
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإسكندرية ماس كهربائي شبكات الكهرباء الطوارئ المواطنون كارثة أعمدة الإنارة
إقرأ أيضاً:
مجزرة عائلة العقاد.. حين مزق الصاروخ قلب العائلة وتناثرت الأرواح تحت الركام
كانت الخيمة تضيق على قلبها، لكنّها لم تتوقع أن يضيق بها الهواء حرفيًا، وينهار عليها السقف القماشي المثقل بالغبار واللهيب. عند الفجر، في حي المنارة بمدينة خان يونس، كانت إيناس العقاد (36 عامًا)، النازحة مع أطفالها الخمس وزوجها، تستعد ليومٍ آخر من القلق، حين سقط بقايا الصاروخ، الذي استهدف منزل عائلة العقاد فجأة، دون إنذار، ودون رحم، على خيمتهم.
«كان يبتسم وهو يموت في حضني».. قصة إيناس العقاد
«كنا نائمين في الخيمة... دفننا الصاروخ تحتها»، تقول إيناس وعيناها تطفحان بدموع لا تنضب، وكلماتها تتهدج وكأنها تحاول أن تُنطق جرحًا لا يتكلم. حين دوّى الانفجار، احتضنت أبناءها بكل ما تبقى فيها من جسدٍ وروح، ونادت على زوجها بصوتٍ مكسور: «أشرف! أشرف! ردّ عليّ». لم يجب. سقط عمود الخيمة على ظهرها، ومع ذلك واصلت النداء.
تروي لـ«عُمان»: «وجدته نائمًا على التخت.. تبسّم لي، كان يلفظ أنفاسه الأخيرة. انقطع عمره... راح». دم يسيل من خاصرته، من كُليته تحديدًا، كما لو أن القذيفة قررت أن تقتلع الحياة من أكثر موضع يوجع. «يا ليت الله أخذ الكلية وأعطاه عُمرًا»، تقول وهي تضرب صدرها بكفيها.
تمتمت في أذنه الشهادتين، حمله الجيران إلى المستشفى، لكنه استشهد في الطريق. بقيت وحدها، وسط لهيب ونار، والخيمة التي كانت تغطيهم احترقت تمامًا، ولم يتبقَ منها شيء سوى هاتفه. تُشير إلى الهاتف المتفحم، وتبكي: «كان نصيرًا للمظلومين... أفتخر باستشهاده، وسأكمل رسالته في أولاده».
كانوا قد نزحوا سابقًا إلى رفح، ثم اضطروا للنزوح مجددًا إلى خان يونس بعد توغل الاحتلال. لا بيت يحميهم، ولا جدار يردّ عنهم القذائف، سوى خيمة، خيطت من خوفٍ وأمل. والآن، حتى تلك الخيمة لم تصمد.
المجزرة التي دقّت أبواب القلوب
في الصباح، انسكب الدم بغزارة في حي المنارة بمدينة خان يونس. لم تكن ضربة عسكرية عادية، بل قصف متعمد استهدف منزلًا لآل العقاد مكونًا من ثلاثة طوابق، يقطنه نازحون، وتحيط به خيام لمن شردتهم الحرب. الصاروخ لم يفرّق بين حجرٍ وبشر، بين أمٍّ تحتضن طفلها وعمود أسمنتي ينهار على رأسه. المجزرة أودت بحياة 25 شهيدًا، معظمهم من النساء والأطفال، وعشرات المفقودين الذين ما زالوا تحت الركام.
تحولت الأجساد إلى أشلاء، والمكان إلى ما يشبه مسرح مجزرة كُتبت بالدم لا بالحبر. هذه المجزرة، التي هزّت قلوب الغزيين، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ما دام القصف مستمرًا بلا حساب، وما دام الصمت الدولي يغلف المذبحة بوشاحٍ من اللامبالاة.
محمد أبو ذكري: «قطع لحم.. لا أكثر»
كان محمد أبو ذكري من أوائل من وصلوا إلى الموقع. يسكن بجوار دار العقاد، وعلى بعد أمتار من المنزل والخيام المستهدفة. يقول: «لم نرَ شيئًا. كان الأمر سريعًا، لم نسمع سوى صوت انفجار ضخم جدًا.. صوت يُشبه قيام الساعة. عندما اقتربت، لم أصدق عيني: أجساد مفككة، قطع لحم متناثرة، عظام ممزوجة بالتراب».
أشار إلى كيس أسود ملقى بجوار أنقاض منزل آل عقاد: «دول طفلين... قطع لحم. وده الأب انقسم نصين، وجسد الأم تناثر لقطع صغيرة».
لم يكن المشهد دمويًا فقط، بل مهينًا للإنسانية يقول لـ«عُمان»: «في عيلة كاملة من خمس أفراد، لم نجد لهم شكلًا. كلهم بقوا أنصاف... أشلاء ممزقة».
يروي والدمعة تسبق الكلمات: «محمود أحمد العقاد (33 عامًا)، صديقي وأخويا ورفيق دربي... الله يتقبله. زوجته: هناء، وأولادهم: حامد، علي، وأحمد. هؤلاء راحوا خلاص، انمسحوا من السجل المدني».
محمود العقاد: «أبي غطى نفسه ولقيته ميت بس بيضحك»
في شهادة مفعمة بالبراءة والغضب، قال محمود، ابن الشهيد أشرف العقاد، إنه استيقظ فجأة ليجد نفسه مطروحًا في خيمة الجيران. يتحدث وهو لا يزال مذهولًا: «كنا نائمين بأمان الله، فجأة حسيت نفسي طاير في الهوا... حرفيًا، طرت».
بحث عن والده بين الحطام، ووجده كما هو: نائم على السرير، متغطٍ ببطانية، لا يزال يحتفظ بابتسامته الأخيرة: «مسكت يده... دمه ملاء يدي، لكنه كان يضحك. لم أنسى ضحكته هذه، ستبقى في بالي طول العمر».
يؤكد لـ«عُمان» أن القصف لم يكن موجهًا لمسلحين: «إحنا نازحين! خيام! لا في عتاد، ولا أي حاجة. بس الاحتلال عايز يموت أكبر عدد ممكن، وبس».
«نحن لا نُخرج جثثًا بل نُطارد أشلاء».. شهادة خبير دفاع مدني
في تصريح لـ«عُمان»، قال المهندس أحمد الكحلوت، ضابط في الدفاع المدني الفلسطيني بمحافظة خان يونس، إن القصف الذي طال منزل عائلة العقاد والخيام المجاورة له في حي المنارة، يحمل بصمات قنابل شديدة الانفجار تُستخدم مؤخرًا بكثافة غير مسبوقة في جنوب القطاع.
يؤكد الكحلوت أن طبيعة الدمار الذي خلّفه القصف، والانفجار الهائل الذي هزّ المنطقة، لا يُمكن أن يكون ناتجًا عن قنابل تقليدية. يقول: «هذه قنابل خارقة للتحصينات، تزن أكثر من ألف كيلوغرام، وتخترق الخرسانة قبل أن تنفجر، فتنسف كل ما فوقها وما بجوارها. في بعض المواقع، وجدنا أشلاءً على أسطح المباني المجاورة وعلى مسافات بعيدة من موقع الاستهداف».
ويتابع بصوت يحمل مزيجًا من التعب والغضب: «منذ أسابيع، نلاحظ استخدامًا مكثفًا لقنابل شديدة التدمير، تُطلق من الطائرات الحربية وتُحوّل الحي إلى حفرة. لا جثث كما تعودنا، بل أشلاء مبعثرة، وجثامين تنقسم إلى نصفين أو تتناثر كما لو كانت أوراقًا في مهب الإعصار».
بحسب الكحلوت، فإن طواقم الدفاع المدني تبذل جهدًا شاقًا لتجميع الأشلاء: «لا ننتشل الشهداء من مكانهم، بل نُطارد أجزاءهم في كل اتجاه. نضع كل جزء في كيس مختلف، ونُجري المطابقات في المستشفيات. هذه ليست حربًا، هذه مجازر تُنفذ بأدوات جهنمية، يُختبر فيها صبر الإنسان وقدرته على البقاء».
ويختم قائلًا: «نحن نُواجه قنابل تُستخدم في تدمير الملاجئ تحت الأرض، فكيف تُستخدم ضد خيام من قماش؟! الاحتلال لا يبحث عن مقاومين، بل عن أكبر عدد ممكن من الضحايا، وهو ما حدث تمامًا في مجزرة عائلة العقاد. كنّا هناك، رأينا الأجساد وهي تتطاير في الهواء... حرفيًّا».