ميدل إيست آي: لماذا قد تواجه بريطانيا مطالب بدفع تعويضات للفلسطينيين
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
قال موقع "ميدل إيست آي" إن التوتر تصاعد قبل قمة الكومنولث في ساموا هذا الأسبوع بسبب مطالب من زعماء الكاريبي بأن تدفع بريطانيا تعويضات عن ماضيها الاستعماري، وهو الأمر الذي يستدعي إذا ما دفعت أي شكل من أشكال التعويضات لدول أخرى أن تواجه مطالب متجددة من السلطة الفلسطينية أيضا.
وقال الموقع -في تقرير بقلم عمران ملا- إن الحكومة البريطانية أصرّت في البداية على أن القضية كانت خارج جدول الأعمال، وأنها لن تدفع تعويضات ولن تعتذر، لكن 15 من زعماء الدول في منطقة الكاريبي تحدوا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بإصدار بيان لمناقشة التعويضات، فاضطر ستارمر إلى تغيير موقفه بشكل كبير والقول إنه "منفتح على مناقشة أشكال غير نقدية للعدالة التعويضية للعبودية".
ومع ذلك، حذرت المستشارة البريطانية راشيل ريفز يوم الخميس من أن دفع التعويضات النقدية من شأنه أن يشلّ اقتصاد بريطانيا، خاصة أن المبلغ الذي تدين به بريطانيا إجمالا موضوع مثير للجدال، إذ زعمت الجمعية الأميركية للقانون الدولي وجامعة جزر الهند الغربية أنها مدينة بمبلغ مذهل يبلغ 18.8 تريليون جنيه إسترليني كتعويض عن العبودية والاستعمار.
المال لا يعوّضواقترح مصدر في داونينغ ستريت أن بريطانيا قد تستخدم تدابير تعويضية مثل إعادة هيكلة المؤسسات المالية ومنح البلدان تخفيفا للديون، لأن الدفع النقدي غير وارد، لكن رئيس وزراء جزر الباهاما فيليب ديفيس قال "بنظري، لا أعرف إن كان المال في حد ذاته يمكن أن يعوّض بشكل كاف عن أخطاء الماضي. في رأيي، لا يمكن تبديد الشبح الذي يطاردنا اليوم بهدية نقدية".
ويلفت هذا الموضوع -حسب الكاتب- إلى كون بريطانيا مدينة بتعويضات من خارج الكومنولث، بعد أن أثارت محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز مسألة التعويضات المستحقة على دولة أخرى عندما حكم قضاة المحكمة في رأيهم الاستشاري بأن إسرائيل يجب أن تدفع للفلسطينيين تعويضات عن الأضرار الناجمة عن احتلالها، علما أن هناك دعوات أخرى وُجّهت في السنوات الأخيرة إلى بريطانيا لدفع تعويضات للفلسطينيين.
فلسطين والكومنولث
لم تختر أي دولة في الشرق الأوسط الانضمام إلى الكومنولث عندما أُسّس عام 1949، إلا أن رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات دعا عام 1997 إلى أن تصبح السلطة الفلسطينية عضوا في الكومنولث الذي كانت بيانات قمته تناقش عادة القضية الفلسطينية بعد حرب عام 1967، واحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
غير أن بيان قمة هذا العام لن يتناول الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة ولا المستوطنات غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة الأخرى، مع أن محكمة العدل الدولية حكمت في يوليو/تموز بأنها محتلة بشكل غير قانوني، وذلك يعني أن الكومنولث لا يلعب دورا مماثلا لدوره المؤثر أثناء الحملة على نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وفي عام 2017، هددت السلطة الفلسطينية بمقاضاة بريطانيا إذا لم تعتذر عن إعلان بلفور لعام 1917، الذي أسس لإنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي" في فلسطين، ولكن الحكومة المحافظة آنذاك ردت بأنها "فخورة" بالإعلان.
إعداد ملف بالانتهاكات البريطانيةفي عام 2020، أعلن الملياردير الفلسطيني منيب المصري أنه يهدف إلى مقاضاة الحكومة البريطانية بشأن إعلان بلفور والجرائم التي قال إن بريطانيا ارتكبتها أثناء الانتداب، وقال إنه أعدّ ملفا ضخما جمع فيه أدلة على الانتهاكات البريطانية ضد الفلسطينيين في ظل الانتداب.
ووثق المؤرخ البريطاني ماثيو هيوز في كتاب صدر عام 2019 كيف احتجز الجنود والشرطة البريطانيون 528 ألف شخص لفترات زمنية متفاوتة من أيام إلى سنوات، وذكر أن بعضهم سُجن أكثر من مرة في أماكن مختلفة، وهذا العدد يتجاوز إجمالي عدد السكان الذكور المسلمين في فلسطين عام 1938.
المطالبة بالتعويضات
في عام 2022، رأى جوزيف مسعد، وهو أستاذ في جامعة كولومبيا، أنه "بدلا من متابعة الدعاوى القضائية لانتزاع اعتذار غير محتمل من قوة استعمارية غير نادمة مثل بريطانيا، فإن المسار الصحيح يجب أن يكون المطالبة بتعويضات عن الجرائم التي ارتكبتها بريطانيا والدمار الذي ألحقته بالشعب الفلسطيني".
وفي سبتمبر/أيلول 2023، قبل وقت قصير من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا إلى دفع تعويضات للفلسطينيين، وقال "سنواصل سعينا لتحقيق المساءلة والعدالة في الهيئات الدولية ذات الصلة ضد إسرائيل بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا والجرائم التي ارتكبت ضدنا وما زالت ترتكب، وكذلك ضد كل من بريطانيا وأميركا لدورهما في إعلان بلفور المشؤوم".
وقال شوان جبارين المدير العام لمنظمة الحق غير الحكومية، ورالف وايلد المحاضر في القانون في جامعة لندن إن بريطانيا ملزمة بدفع تعويضات عن سلوكها أثناء الانتداب، وكتبا بعد خطاب عباس "من خلال الفشل في الاعتراف المؤقت بالدولة الفلسطينية في عشرينيات القرن العشرين، والتمسك بالأرض لمدة ربع قرن من أجل تمكين تحقيق وعد بلفور. بدلا من ذلك، انتهكت المملكة المتحدة القانون الدولي".
غير أن الملك تشارلز بدا في خطابه أمام القمة أمس كأنه يشير إلى مطالب التعويضات بقوله "لا أحد منا يستطيع تغيير الماضي"، ولكن الدول قادرة على إيجاد "طرق إبداعية لتصحيح التفاوتات المستمرة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات ترجمات تعویضات عن
إقرأ أيضاً:
لماذا كثفت إسرائيل هجماتها على لبنان بعد زيارة هوكشتاين؟
كثّفت إسرائيل من ضرباتها العسكرية للضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت، ومن توغلاتها البرية في الجنوب اللبناني، ما قربها أكثر من نهر الليطاني، الأمر الذي جاء بالتزامن مع مغادرة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين من لبنان إلى إسرائيل.واستأنف الجيش الإسرائيلي عقب مغادرة هوكشتاين للبنان، قصف الضاحية الجنوبية، بالتوازي مع محاولات للتقدم بريًّا تجاه مدينة الخيام والاقتراب أكثر من نهر الليطاني، وهو ما يرى فيه خبراء ومختصون مفاوضات إسرائيلية تحت النار.
ويأتي ذلك في ظل التقارير التي تشير إلى تقدم ملموس في مفاوضات التهدئة بين إسرائيل ولبنان، وترجيحات بأن يتم التوصل لاتفاق بين الجانبين خلال الفترة المقبلة، ينهي القتال بعيدًا عن الحرب الدائرة في غزة.
إستراتيجية إسرائيلية
وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي، أليف صباغ، إن "إسرائيل تهدف من تكثيف ضرباتها العسكرية لإيصال عدة رسائل، سواء للبنانيين أم للوسيط الأميركي"، لافتًا إلى أن التحركات تأتي في إطار الإستراتيجية الإسرائيلية المتعلقة بالتفاوض تحت النار. وأوضح صباغ، لـ"إرم نيوز"، أن "الرسائل للبنانيين وحزب الله تتمثل في تمسك إسرائيل بالقتال لإبعاد عناصر الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني، فيما تتشدد الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بشروطها المتعلقة بالتهدئة على الجبهة الجنوبية".
وأشار إلى أن "إسرائيل تحاول التأكيد للبنان أنها مستعدة لمواصلة القتال، وغير متعجلة في التوصل لاتفاق تهدئة بالرغم من التقدم الإيجابي في الوساطة الأميركية"، مبينًا أن ذلك يمثل وسيلة ضغط قوية على حزب الله".
وبين أن "الرسائل الإسرائيلية للولايات المتحدة تتمثل في تمسكها بشرط حرية العمل العسكري ضد حزب الله والفصائل المسلحة في لبنان، وأنها لن تقبل أي اتفاق لن يضمن لها ذلك، وإن كان الثمن فشل التوصل لاتفاق تهدئة".
وتابع: "رئيس الوزراء الإسرائيلي معني بالتوصل لاتفاق تهدئة مع لبنان برعاية أميركية، إلا أن عدم نجاح ذلك خلال الفترة الانتقالية للرئيس الحالي جو بايدن لن يؤثر فيه، خاصة أنه يرغب في أن يكون الاتفاق هدية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يوم تنصيبه".
وقائع جديدة
من ناحيته، قال الخبير في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة إن "تل أبيب تواصل مساعيها لترسيخ وقائع وقواعد اشتباك جديدة في معركتها مع لبنان"، لافتًا إلى أن العمليات الجارية حاليًّا تهدف لتحقيق انتصارات سياسية وعسكرية جديدة.
وأوضح أبو زايدة، لـ"إرم نيوز"، أن "تلك العمليات تهدف أيضًا إلى زيادة الضغط العسكري على حزب الله وإيران، وهو الأمر الذي يتفق مع المساعي الأميركية في الشرق الأوسط".
وأضاف أن "المفاوضات تحت النار تمثل الخيار الأفضل والأنسب لإسرائيل في جميع معاركها، التي تأتي عادة بالتزامن مع التقدم بتلك المفاوضات"، لافتًا إلى أن انسحاب الجانب اللبناني من المفاوضات على إثر تلك الضربات مصلحة إسرائيلية". وأردف أن "من شأن مثل هذا القرار أن يؤدي إلى تصعيد عسكري إسرائيلي كبير ضد لبنان، كما أنه يصب في مصلحة نتنياهو الذي يرغب بإطالة أمد الحرب على جبهتي غزة ولبنان، ما يمنحه فرصة للحصول على مزايا أخرى من الرئيس الأميركي الجديد"، حسب تقديره. (إرم نيوز)