نشر موقع ميدل إيست آي، تقريرا للإعلامي المصري، أسامة جاويش، سلط فيه الضوء على  معاناة أهالي الأبناء المفقودين خلال مجزرة رابعة العدوية.

ويرصد تقرير "ميدل إيست آي"، إلى معاناة أهالي الأبناء المفقودين قسرا في فض رابعة العدوية وميدان النهضة، والذين لا يعرف أهاليهم عنهم شيء منذ عشر سنوات.

ولا يوجد إحصاء دقيق لعدد المختفين قسريا، سواء في يوم مجزرة رابعة أو بعده، فيما وثق مرصد حقوق الإنسان ومقره لندن أكثرمن 400 حالة لأشخاص اختفوا، وربما يكون العدد أكبر من ذلك بكثير.



وفي صباح يوم 14 آب/أغسطس 2013، شق عمر، البالغ من العمر 20 عامًا، طريقه إلى ميدان رابعة العدوية بالقاهرة غير مدرك للعنف الذي كان على وشك أن يشهده؛ حيث دخلت حركة احتجاجية تطالب بإعادة محمد مرسي، أول رئيس لمصر منتخب ديمقراطيًّا، أسبوعها السادس. ومع تضخم الاحتجاجات المطالبة بعودته، ظهرت مدينة خيام مترامية الأطراف؛ حيث ذهب العديد من أصدقاء عمر لإبداء أصواتهم ودعم الزعيم المخلوع.

ولكن بعد شروق الشمس في ذلك اليوم المشؤوم، اكتظت قافلة من المدرعات العسكرية بالميدان، أحد أكثر شوارع القاهرة ازدحامًا، وأغلقت جميع المخارج الرئيسية للاعتصام.

باستخدام العربات المدرعة والقناصة والذخيرة الحية؛ قتلت القوات المصرية ما لا يقل عن 817 شخصًا في رابعة و87 آخرين في ميدان النهضة، بحسب "هيومن رايتس ووتش"، وأصيب العديد من المتظاهرين برصاصة في الرأس أو الصدر، بما في ذلك العديد ممن كانوا في أوائل سن المراهقة، واندلع حريق هائل في الاعتصام وأُحْرِقَتْ الخيام ومسجد رابعة العدوية القريب.


قالت بدرية السيد لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني: "لقد كان كابوسًا دام عقدًا من الزمان"، وأضافت تروي الجهود الفاشلة لتحديد مكان ابنها عمر، وهي تقاوم دموعها: "الكلمات الأخيرة التي قالها لي كانت: "أنا عائد [سأعود] يا أمي إلى المنزل؛ لا تقلقي، سأذهب [فقط] إلى هناك [إلى الساحة] لأطمئن على أصدقائي".

متفائلة بالرغم من الصعاب
تقول بدرية السيد إنها سمعت في البداية من خلال أحد أصدقاء عمر أنه أصيب في كتفه واحتجزه الجيش خلال الحملة. ولكن بعد أن فشلت في سماع أي أخبار من خلال الجيش، بذلت جهدًا طويلًا وشاقًا للعثور عليه؛ حيث قامت بزيارة المستشفيات والمشارح ومراكز الشرطة في جميع أنحاء البلاد، حتى إنها أجرت تحليلًا للحمض النووي على أمل التأكد من مكان وجود عمر، كما قالت لموقع "ميدل إيست آي"، والذي يبدو أنه أعطى وعدا بعد تسعة أشهر عندما جاءت النتائج سلبية؛ حيث أضافت "كان هذا أملًا حقيقيُّا. عمر لم يمت بعد".

بعد أن أعلن عبد الفتاح السيسي فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2014، والتي تم إدانتها على نطاق واسع باعتبارها صورية، ذهبت السيدة إلى سجن العزولي بعد أن علمت أن ابنها محتجز في السجن العسكري شمال شرق القاهرة.

وتعتبر المنشأة سيئة السمعة - التي يشار إليها على نطاق واسع باسم "غوانتانامو المصري" - سجنًا احتياطيًّا للمختفين قسريًا؛ حيث غالبا ما يتعرض الكثيرون للتعذيب حتى يتم إكراههم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها.

قالت بدرية السيد إنها سمعت أثناء وجودها هناك من نزيل يدعى عبد العزيز أن ابنها محتجز، لكن بعد التواصل مع مسؤولي السجن للمساعدة، قالت إنها قوبلت بالنفي والسخرية. واعتقدت لاحقًا أن سعيها الدؤوب قد أسفر عن تقدم كبير عندما تلقت مكالمتين هاتفيتين من رقم غير معروف؛ حيث قالت بديرة السيد: "لقد صُدِمْتُ"؛ حيث عرَّف الرجل على الجانب الآخر عن نفسه بأنه الرائد أدهم من مقر الأمن القومي الذي وعد بحل الأمر، لكن بعد الحصول على معلومات عن عمر وانتماءاته السياسية لم تسمع منه مرة أخرى.

في وقت لاحق؛ قال ضابط في الأمن القومي لبدرية السيد إن عمر ذهب إلى سوريا، مرددًا ادعاءً كاذبًا قاله السيسي لـ"بي بي سي" في عام 2015 عن متظاهرين آخرين.

مع ذلك، لا تزال بدرية السيد متفائلة؛ حيث تقول: "لدي شعور بأن ابني على قيد الحياة".

حالات الاختفاء هي القاعدة الآن
ويقول حليم حنيش، المحامي والباحث الحقوقي، إنه "لا يوجد إحصاء دقيق لعدد المختفين قسريًا، سواء في يوم مجزرة رابعة أو بعده"، فيما وثق مرصد حقوق الإنسان ومقره لندن أكثر من 400 حالة لأشخاص اختفوا من الساحتين، لكنه يعترف بأن العدد ربما يكون أعلى من ذلك بكثير.

وقد قارن حنيش، الذي يتابع القضية عن كثب، الوضع في مصر بالوضع في الأرجنتين بعد انقلاب عام 1976 بقيادة الجنرال خورخي فيديلا؛ حيث قال لموقع "ميدل إيست آي": "المسألة أكثر خطورة في مصر"، مضيفًا أن الاختفاء القسري أصبح الآن إجراءً معتادًا؛ حيث تابع قائلًا: "[أكثر من] 90-95 بالمائة من المعتقلين تعرضوا لجريمة الاختفاء القسري".


وعلى غرار حالات الأمهات الأرجنتينيات اللائي تظاهرن للحصول على إجابات، ثم تم اختطافهن هن أنفسهن؛ فعل الآباء المصريون ثم تم استهدافهم للتحقيق في مصير أطفالهم.

المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان، إبراهيم متولي، الذي اختفى نجله عمرو متولي قسريًا بعد مذبحة رابعة، اختفى قسريًا في مطار القاهرة عام 2017 قبل أن يستقل طائرة متوجهة إلى جنيف.
وتقول سناء أحمد إن زوجها إبراهيم لم يتوقف عن البحث عن ابنهما، مضيفة: "أريد ابني حتى لو مات؛ فلدي الحق في زيارة قبره"، مضيفة أن آخر محادثة بينها وبينه تجعلها تبكي دائمًا.

"أنا فقط أريد عودة ابني"
في الواحدة صباحًا يوم 14 آب/ أغسطس 2013، جلست سناء مع ابنها في إحدى الخيام في رابعة؛ حيث تناولوا وجبتهم الأخيرة معًا. وبعد ساعات، أطلق الجيش المصري النار، ومنذ ذلك الحين، أصبح مصير عمرو غامضًا، وتمامًا مثل بدرية السيد، كانت سناء أحمد تتشبث بالأمل في أن ابنها على قيد الحياة؛ حيث قالت: "أريد فقط أن يعود ابني".

تقول مؤسسة الشهاب لحقوق الإنسان إن عدد حالات الاختفاء القسري تجاوز 15000 منذ يوليو 2013، وهو رقم تنفيه الحكومة المصرية بشكل قاطع.

وقال حنيش إن العقبة الرئيسية أمام العائلات تتمثل في أن مصر لم تصدق على اتفاقية الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وأن قوانينها المحلية لا تعرف أو تجرم الاختفاء القسري بشكل صحيح.

وتنص المادة 54 من الدستور المصري على أنه "لا يجوز" القبض على الأفراد أو حبسهم دون أمر قضائي.

وتضيف المادة أن المعتقلين "يجب تمكينهم على الفور من الاتصال بأقاربهم ومحاميهم؛ ويجب أن يمثلوا أمام سلطة التحقيق في غضون 24 ساعة من وقت تقييد حريته/ حريتها".

لكن الحوادث ما زالت مستمرة؛ ففي مايو/ أيار، اختفى معاذ الشرقاوي، وهو ناشط طلابي سابق، قسريًا لمدة 23 يومًا قبل أن يمثل أمام النيابة العامة.

وقال حنيش إنه بينما كانت مصر طرفًا في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فإن "توقيع مصر على الاتفاقية [الأخرى] [بشأن الاختفاء القسري] شرط أساسي لتحقيق العدالة".

وتواصل موقع "ميدل إيست آي" مع وزارة الخارجية المصرية والسفارة المصرية في لندن للتعليق، لكنه لم يتلق ردًا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة المصري الأبناء المفقودين رابعة السيسي مصر رابعة السيسي الأبناء المفقودين صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رابعة العدویة مجزرة رابعة قسری ا

إقرأ أيضاً:

خلى بالك.. أوقات حددها القانون لتنفيذ حكم رؤية الأبناء؟

ما أن يقع الزوجين في فخ الخلافات الزوجية، تتحول العلاقة بينهما إلي حرب مشتعلة من تبادل الاتهامات والقضايا من نفقات وحضانة وطلاق وحبس ورؤية، ويستخدم كلاهما كافة الأدوات المتاحة لابتزاز الطرف الأخر، ليشتكي معظم الأزواج من عدم استطاعتهم التمكين من الرؤية، وما هي الأوقات التي حددها القانون لإجرائها.

وخلال سلسلة (خلي بالك) نرصد أبرز الأخطاء التي إذا ارتكبها شريكي الحياة تهدد بفقدان حقوقهم الشرعية، ونرصد الإجراءات القانونية الصحيحة اللازم اتخاذها لاسترداد الحقوق المهدرة لطرفي النزاع القضائي حال تخلف أي من الطرفين عن سدادها.

- قانون الأحوال الشخصية المصري رقم 25 لسنة 1920، والمعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1929، والقانون رقم 100 لسنة 1985، والقانون رقم 4 لسنة 2005، وضع شروط لرؤية الصغير حال انفصال الزوجين.

- الرؤية وفقا للقانون لكل من الأبوين للأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين ومؤخرا بحكم المحكمة الدستورية نصت ايضا في حالة وجودهما.

- إذا تعذر تنظم الرؤية اتفاقاَ نظمها القاضى على أن تتم في مكان لا يضر بالصغير أو الصغيرة نفسيا، ولا ينفذ حكم الرؤية قهرا لكن إذا امتنع من بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر تم إنذاره.

- النساء هن الأولى برعاية الأطفال والعناية بهم وفقا لقانون الأحوال الشخصية، وإذا كرر من له الحق في الحضانة-الامتناع عن تنفيذ الحكم القضائي- يتم نقل الحضانة مؤقتا إلى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة يقدرها.

- يحق للأب حضانة الطفل إذا قررت الأم السفر إلى مكان يعيق الأب عن رؤية الطفل في موعد الرؤية.

- لا تقل مدة الرؤية عن 3 ساعات في الأسبوع وأن يكون الموعد ما بين الساعة التاسعة صباحاً والساعة السابعة مساء.

- تكون الرؤية وفقا لما تم الاتفاق عليه أو لما تقضي به المحكمة ويتولى المسؤول بمكان تنفيذ الرؤية مهمة إثبات الحضور، وللزوج والزوجة الحق في الاستعانة بالأخصائي الاجتماعي المختص لإثبات عدم التزام الطرف الآخر بالموعد أو بالمكان المحدد.

-نصت المادة 67 من القانون 1 لسنة 2000 على أنه ينفذ الحكم الصادر برؤية الصغير في أحد الأماكن التي يصدر بتحديدها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزير الشؤون الاجتماعية، وذلك ما لم يتفق الحاضن والصادر لصالحه الحكم على مكان آخر، ويشترط في جميع الأحوال أن يتوفر في المكان ما يشيع الطمأنينة في نفس الصغير.

- تم الرؤية وفقا للحالة المعروضة علي المحكمة وبما يتناسب قدر الإمكان وظروف أطراف الخصومة ولا يكبدهم مشقة الوصول وتكون الأماكن أحد النوادي الرياضية أو الاجتماعية أو أحد مراكز رعاية الشباب أو إحدى دور رعاية الأمومة والطفولة التي يتوافر فيها حدائق أو إحدى الحدائق العامة.
-يراعى في الرؤية أن تكون ذلك خلال العطلات الرسمية وبما لا يتعارض ومواعيد انتظام الصغير في دور التعليم.







مشاركة

مقالات مشابهة

  • رمضان.. تكوين زمني مختلف
  • أحمد موسى: مفيش دولة عربية هتطبع مع إسرائيل وهي ما زالت تحتل فلسطينذ
  • خلى بالك.. أوقات حددها القانون لتنفيذ حكم رؤية الأبناء؟
  • عادات رمضانية تقاوم الاختفاء
  • دعاء اليوم الثالث من رمضان.. 12 كلمة تحصن الأبناء من العين
  • النفط النيابية:حكومة الإقليم ما زالت غير ملتزمة بقانون الموازنة
  • مأساة .. حل لغز العثور على جثتي زوجين بأكتوبر
  • حدث للناجين من مجزرة حماة.. العنف يغير الجينات البشرية لأجيال
  • الهند: مواصلة عمليات البحث عن المفقودين إثر انهيار جليدي في جبال الهيمالايا شمالي البلاد
  • رمضان.. بين غفلة النادم وشكر المدرك للفضل!