المشهد اليمني:
2025-02-01@11:46:19 GMT

شاعرٌ بالقهر لا كاتب درر!

تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT

شاعرٌ بالقهر لا كاتب درر!

استمعت لحديث إذاعي ممتع ( هذا يعني تشبثي بجيل الراديو )، الحديث كان عن الفرق بين كلمتي حِرفة بكسر الحاء وتعني مهنة، وحُرفة (بضم الحاء) وتعني سوء الحظ والحرمان والشؤم والتعاسة.

وخلاصة القول تجنُب الخطأ الشائع الذي نقوله لكل من كتب في الشعر والأدب (فلان أدركته حرفة الأدب ) ، بكسر الحاء بل نقولها بضم الحاء.

وكان تعليقي بسيطا وهو أنه في كل الأحوال يبقى الوضع مكسورا ! وهو كسر معنويٌ لا مجرد إعراب في النحو والنطق!

فمهنة الكتابة أمر لم يُقره مجتمعنا بعد، ولا ينظر الناس إلى أن في الكتابة دخلٌ مستور يُعيل صاحبها.

لكن المشكلة ليست في الفقر وحده، فالكتابة في عالم مزدهر بالخوف تبقى فعل فيه إرتكاب خطأ تاريخي، ومغامرة تُعرف صعوبة أولها وتُدرك خطورة خاتمتها.

الكاتب في هذا العالم كائن غريب يسير في حقل من الألغام وعليه أن يُعلِّم الآخرين الرقص ! .

كان ادجار رايس بوروس يقول أن الكتابة مهنة الكسالى، وربما يحق لكاتب قصة طرزان الشهيرة أن يقول ذلك فهو لم يُخرج بطل روايته من أدغال منسية، لكن واقعنا يقول أن الكتابة انتحارٌ مشرعن ومطلوب،

ورغم ما يقوله ميخائيل نعيمة حول أنه (كم من ناس صرفوا العمر في إتقان فن الكتابة ليذيعوا جهلهم لا غير )، لكن تبقى هذه المغامرة مطلوبة لتشع الحياة بوهجها.

وكما يقال فإن الكتابة لا شيء سوى رعشة الألم الخفية التي نخبئها عن الآخرين حتى لا يلمسوا حجم المأساة، وفي الوطن العربي تكون المعاناة مضاعفة عن غيرها.

لفت نظري هذا الأسبوع صديق دبلوماسي بسؤال ما إذا كان ( مصطلح الوطن العربي ) مازال مسموح به!! أم ثبُت مصطلح المنطقة العربية؟.

قال ذلك ونحن نقلب قائمة تبدلات عجيبة عدة في عالم السياسة والإعلام.

ولم نضحك بل ابتسم هو كعادة الدبلوماسي إبتسامة محايدة !.

وتلك قصة أخرى فالحياد في الكتابة من وجهة نظري فعلٌ غير ممكن.

ولكن في زمن يتم فيه ( تكريس التفاهة) كنظام عالمي، تصبح ومضات الفكر التي نراها هنا أو هناك، ضالة المؤمن وعلينا ألا ندعها تموت بحسرة صاحبها.

فهذا زمن عجيب يدعو للسلام ويصنع كل أنواع الحروب، يرفع شعارات المحبة والمساواة ويُسّيد رموز العنصرية في كل مكان.

يصنع كل يوم اختراع نحو العلم المثير للدهشة ويكرس قيم التفاهة العجيبة! ويمجد العنف.

مثلا هذا الأسبوع رأيتني اعتذر عن حضور فيلم أوبنهايمر الذي

يروي حياة عالم الفيزياء النظرية روبرت أوبنهايمر، وتركز القصة في الغالب على دراسات أوبنهايمر المبكرة، وإدارته لمشروع مانهاتن خلال الحرب العالمية الثانية.

ليس فقط تضامنا مع غضب اليابانيين من الفيلم الذي يعيد تمجيد صانع القنبلة النووية، ولكني أيضا لا أحب أن نجلس في مقاعد المصفقين للخطأ ولو كان في السينما على الأقل، فإذا كنا ارتكبنا أخطاءً فعلينا أن نعتذر عما تم ونؤكد بسلوك مغاير لا أن نكرس الخطأ.

أنا أرى أن التصفيق لمرتكب الخطأ خطيئة،

وكذلك في فعل الكتابة التي بدأنا بها، البعض يرتكب خطأ فيكتب ويصر على خطأه، لكن أن تحتفي بذلك الخطأ جهات وأشخاص فهؤلاء لايرتكبون نفس الخطأ بل يصبح فعلهم جريمة.

وإذا قادك سوء الحظ إلى ملتقى سياسي يُراد به تغيير بلد ستجد جهات صانعة للأحداث تفرض عليك ما يسمون بصانعي المحتوى أو المؤثرين.

وهي الصفات القادمة لبديل مسميات مثل الأدباء والكتاب والفنانين.

فكلمة كاتب مثيرة للإزعاج رسميا مثيرة للشفقة شعبيا مثيرة للفقر عائليا!.

لهذا ما قيل قديما حول فلان ادركته حُرفة الأدب بمعنى أدركه

سوء الحظ! أمر سيبقى صائبا.

منذ أن بويع عبد الله بن المعتز بالخلافة سنة 296هـ، ولم يلبث فيها غير يوم وليلة ثم قُتِل، رغم أنه كان أديب يعيش رغد العيش ونعيم الحياة ، ولكن قتل حال وصوله لكرسي الحكم

فقال الناس: "لم يكن به بأسٌ ولكن أدركته حُرفة الأدب"، أي سوء الحظ لا مهنة الفقر.

ولا أنسى صديق ساخر لا علاقة له بالكتابة والأدب كان أكثر حضورا في تجمع إتحاد الأدباء.

وعندما يسأله أحدهم هل هو كاتب فيرد بهدوء بل شاعر، ويكمل همسا ( شاعرٌ بالقهر ، لا كاتب درر).

*الأهرام

⇧ موضوعات متعلقة موضوعات متعلقة مقالاتالأعلى قراءةآخر موضوعات آخر الأخبار شاعرٌ بالقهر لا كاتب درر! إعلان فرنسي بشأن اليمن: هذا هو السبيل الوحيد... طارق صالح يرد على تهديدات المليشيات الحوثية للجزر... وفاة مسؤول حكومي وشيخ قبلي بارز في أحد... مقالات شاعرٌ بالقهر لا كاتب درر! من يمنع صرف المرتبات؟ الفتوحات بين بني أمية وبني هاشم لماذا حسم معاوية المعركة لصالحه.. قراءة في موازين... اخترنا لك عضو ثورية الحوثي: فوارق المشتقات النفطية المستوردة وحدها... تسريب وثيقة سرية من وزارة الخارجية تكشف ”مهمة... جورجينا تنشر صور جديدة مع الدون ”كريستيانو رونالدو... ورد الآن.. أول تعليق لألوية العمالقة على محاصرة... الأكثر قراءةً عضو ثورية الحوثي: فوارق المشتقات النفطية المستوردة وحدها... تسريب وثيقة سرية من وزارة الخارجية تكشف ”مهمة... جورجينا تنشر صور جديدة مع الدون ”كريستيانو رونالدو... ورد الآن.. أول تعليق لألوية العمالقة على محاصرة... عاجل: أول تدخل للرئيس العليمي بعد محاصرة العمالقة... الفيس بوك ajelalmashhad تويتر Tweets by mashhadyemeni الأقسام المشهد اليمني المشهد المحلي المشهد الدولي المشهد الرياضي المشهد الثقافي المشهد الاقتصادي المشهد الديني الصحف علوم وصحة مقالات حوارات وتقارير منوعات المشهد اليمني الرئيسية من نحن رئيس التحرير هيئة التحرير الخصوصية الشروط اعلن معنا اتصل بنا جميع الحقوق محفوظة © 2021 - 2023
⇡ ×Header×Footer

المصدر: المشهد اليمني

إقرأ أيضاً:

الروائية القطرية هدى النعيمي: الكتابة النسوية تجاوزت الدفاع عن المرأة إلى تقديم رؤى أعمق

تعد الروائية القطرية الكبيرة الدكتورة هدى النعيمى واحدة من أبرز الأصوات الأدبية فى الخليج، من خلال أعمالها الأدبية، لا سيما روايتها الأخيرة «زعفرانة»، التى تغوص فى رحلة استكشافية لصراع المرأة بين التقاليد والتحرر، بينما تنقل لنا صورة حية للتحولات الاجتماعية والسياسية التى شهدتها منطقة الخليج على مر العصور. وتحدثت «النعيمى»، فى حوار لـ«الوطن»، على هامش مشاركتها فى معرض الكتاب، عن تفاصيل روايتها «زعفرانة» المرأة الخليجية، التى ولدت فى عشرينات القرن الماضى وشهدت الكثير من التحولات الكبرى فى المنطقة الخليجية على مدار عقود طويلة، وبخاصة مع ظهور النفط وتغير الحياة الاجتماعية، لافتة إلى أن المعرض كان بمثابة فرصة فريدة للتفاعل مع الأدباء والجمهور، ولعرض رؤاها حول قضايا المرأة والمجتمع فى الخليج.

هدى النعيمي: أردت إيصال رسالة بأن المعاناة مهما طالت سيأتي الفرج

 أردت إيصال رسالة بأن المعاناة مهما طالت سيأتى الفرج.. والرواية تتناول التأثيرات العميقة لـ«حرب ظفار» فى عُمان التى تتخطى الصراع المحلى لارتباطها بتيارات أيديولوجية ماذا عن العلاقات الثقافية بين مصر وقطر؟

- العلاقات الثقافية بين مصر وقطر ليست حديثة أو عابرة، بل هى متجذرة وقديمة، فقد نشأنا على معرفة عميقة بالثقافة المصرية، سواء عبر التعليم، إذ درسنا على أيدى أساتذة مصريين، أو من خلال الفنون، حيث كانت الأغانى والأفلام المصرية تصل إلينا وتمنحنا إحساساً بالثقافة المصرية، فى المجال الأدبى، قرأنا لنجيب محفوظ، وإحسان عبدالقدوس، ويحيى حقى وغيرهم، مما خلق لدينا شغفاً بالأدب، أما على المستوى الرسمى، فهناك تعاون فى مجالات مثل الآثار والمتاحف، بالإضافة إلى المعارض الثقافية المتبادلة، ومن الجميل أن تكون قطر ضيف شرف فى معرض القاهرة للكتاب عام 2027، وهو حدث نعتز به كثيراً.

وكيف ترى مشاركتك الشخصية فى المعرض؟

- تجربة رائعة جداً، فهو حدث ثقافى مهم، المعرض يمثل منصة مهمة للأدباء والمفكرين لعرض أعمالهم والتفاعل مع القراء والكتاب من مختلف أنحاء العالم، بالنسبة لى فرصة رائعة للتواصل مع جمهور واسع، ولتعريفهم بروايتى وأفكارى حول قضايا المرأة والتاريخ والتحولات الاجتماعية فى الخليج، كما أنه فرصة مهمة للاحتكاك بالثقافات الأخرى وتبادل الخبرات الأدبية، هو بمثابة احتفاء بالأدب العربى بشكل عام.

تبدو «زعفرانة» وكأنها تصور شخصية متأرجحة بين الخضوع والتمرد.. فكيف عكست الرواية هذه الازدواجية؟ وهل كانت هناك شخصيات مضادة تمثل القوى التقليدية التى تصطدم بها؟

- زعفرانة شخصية امرأة من الخليج، عاشت فى المنطقة العربية بين عشرينات القرن العشرين وما يقرب من مائة عام، فكيف يمكننا أن نتخيل وضع المرأة فى الخليج خلال تلك العقود الطويلة؟ بالطبع، كان دورها تقليدياً إلى حد بعيد، لكن زعفرانة تمردت على هذا المجتمع، حتى فى مسألة اختيار الزوج، فقد قررت الارتباط بالرجل الذى أرادت أن تكون معه، متخلية عن كل شىء وراءها: المال، الجاه، الإرث من والدها، واسم العائلة. ذهبت مع هذا الزوج إلى عُمان، إلى منطقة مجهولة بالنسبة لها، وهى ابنة الحسب والنسب التى كانت مخدومة فى كل شىء، تحولت حياتها من الترف إلى الكفاح؛ أصبحت هى من تشعل النار، وتجمع الحطب، وتطبخ الطعام، وترعى الأغنام، لكن هذه الحياة لم تكن خضوعاً للواقع، ولا مجرد انسيابية مع الظروف، بل كانت نتيجة اختيار واعٍ لحياة أرادت أن تعيشها بإرادتها، لذلك، فإن زعفرانة ليست شخصية ضعيفة أو مستسلمة، بل شخصية قوية فى الأساس، وحتى أبناؤها ورثوا عنها هذه القوة.

ماذا عن تعدد الأصوات السردية فى الرواية؟

- تعتمد الرواية على تعدد الأصوات السردية، فلا تقتصر على صوت زعفرانة فقط، بل تمنح مساحة لثلاث شخصيات رئيسية، بالإضافة إلى شخصيات أخرى، من بين هذه الأصوات، هناك شخصية تحمل تأثيرات إيجابية على من حولها، كما يظهر الصوت الذكورى من خلال شخصيات بعض الرجال، مثل أبناء زعفرانة، الذين استلهموا قوتهم من والدتهم أو جدتهم الكبيرة، واستمروا فى مواجهة الحياة بصلابة.

هل هناك دلالة رمزية لاختيار حرب ظفار؟.. وماذا عن البعد التاريخى فى الرواية؟

- الرواية تسلط الضوء على مرحلة خاصة جداً من تاريخ الخليج، وتحديداً حرب ظفار فى سلطنة عُمان، هذه الحرب أو الثورة امتدت لأكثر من عقد من الزمان، منذ أواخر الخمسينات وحتى أوائل السبعينات، لكن بعد انتهائها، ومع دخول الحداثة إلى منطقة الخليج أُغلق الباب أمام الحديث عنها تماماً، رغم أنها كانت حدثاً ضخماً وذات تأثير بالغ على المنطقة بأكملها.

الرواية تتناول التأثيرات العميقة لـ«حرب ظفار» في عُمان التي تتخطى الصراع المحلي لارتباطها بتيارات

هذه الحرب لم تكن مجرد صراع محلى بل كانت جزءاً من تيارات أيديولوجية عالمية، حيث شارك فيها أشخاص ليس فقط من عُمان، بل أيضاً من قطر، البحرين، الكويت، وحتى العراق، لذلك، فإن تناول الرواية لهذا الحدث يعكس محاولة لفتح ملف مسكوت عنه، وإعادة تسليط الضوء على تأثيره العميق.

برأيك.. نستطيع القول إن زعفرانة تمثل حالة خاصة أم أنها نموذج عام يمكن أن تعيشه النساء فى مختلف المجتمعات؟

- بشكل عام، لا يمكن القول إنها حالة فريدة تماماً، بل يمكن العثور على نماذج مشابهة لها فى أماكن أخرى من العالم العربى، خاصة فى الفترات التى شهدت تحولات فكرية وأيديولوجية كبرى. فقد قاومت زعفرانة الجهل بالعلم، ليس فقط من خلال التعليم التقليدى، بل عبر تعلم الطب الشعبى والبديل، وحفظ القرآن والحديث، والانفتاح على مختلف أشكال المعرفة، من خلال هذا المزيج، استطاعت أن تبنى شخصية قوية ومؤثرة فى مجتمعها.

إلى أى مدى يتقاطع الأدب مع السياسة فى أعمالك؟ وهل يمكن للرواية أن تكون أداة نضالية؟

- لا تُقدَم السياسة بشكل مباشر فى الرواية، لكنها تتداخل مع كل شىء، فقراءة التاريخ تمنح وعياً بالواقع، ومن يريد فهم الحاضر، عليه أن يعرف ماذا حدث فى الماضى، وبالتالى، يمكن اعتبار الرواية أداة لقراءة التاريخ والتفاعل معه، وليست مجرد عمل أدبى منفصل عن الواقع السياسى والاجتماعى.

ماذا عن تطور الكتابة النسوية فى العالم العربى؟ وهل تجاوزت مرحلة الدفاع عن حقوق المرأة إلى تقديم رؤى أعمق؟

- تجاوزت الكتابة النسوية مرحلة الدفاع عن حقوق المرأة، وانتقلت إلى تقديم رؤى أعمق وأكثر نضجاً، فى الماضى عندما ظهر مصطلح الكتابة النسوية، كان هناك من يقلل من شأنه، كما فعل عباس العقاد حين وصفه بأنه أدب دون المستوى، لكن اليوم، لم يعد هذا التصور موجوداً، بل أصبح احترام كتابات المرأة أمراً مفروغاً منه فى الأوساط الأدبية والثقافية.

ولم تعد المرأة بحاجة إلى إثبات نفسها ككاتبة، بل أصبح التركيز على جودة الكتابة نفسها، سواء كانت بقلم رجل أو امرأة، فالأدب الجيد يفرض نفسه بغض النظر عن جنس كاتبه.

ما الذى كان يشغلك أكثر أثناء كتابة الرواية.. إبراز المأساة أم تقديم الأمل؟

- ما كان يشغلنى أثناء كتابة الرواية هو تقديم التاريخ بكل ما فيه من مآسٍ، لكن دون أن أفقد الأمل، فكلما اشتدت الظلمة لا بد أن يأتى الفجر، هذه المرحلة التى تتناولها الرواية كانت شديدة القسوة، لكن فى النهاية، جاء التغيير، ونالت الشعوب حريتها، ما أريد أن أقوله دائماً هو أن المعاناة، مهما طالت، ستنتهى يوماً ما، وسيأتى الفرج لا محالة.تغيرات جذريةرئيس قسم الإخراج:

أميرة فريدلا يمكن أن نغفل الفترة الزمنية التى تدور فيها أحداث الرواية، فهى تمتد منذ بدايات القرن العشرين حتى نهاياته، وربما حتى بدايات القرن الحادى والعشرين، كانت هذه مرحلة مليئة بالتغيرات الجذرية، سواء على مستوى المرأة أو الرجل، فقد شهدت المنطقة الخليجية تحولات كبرى، بدءاً من ظهور النفط، مروراً بالحروب التى أثرت على المجتمعات، وانتهاء بانتشار التعليم، وفتح المدارس والجامعات، ودخول المرأة إلى سوق العمل، كل هذه التغيرات انعكست على حياة زعفرانة، وكذلك على النساء والرجال المحيطين بها. الرواية ترصد هذه التحولات من خلال تنقلات زعفرانة بين أماكن مختلفة، من بيئة بحرية فى قرية الذخيرة بقطر إلى بيئة جبلية فى منطقة ظفار بسلطنة عُمان، ثم إلى المدينة فى القاهرة، هذا التنقل الجغرافى يعكس أيضاً تنقلاً فكرياً وثقافياً، حيث تواجه زعفرانة تحديات جديدة فى كل مرحلة.

 

 

«أبوطالب»: أعمار عضوات الفرقة لم تتجاوز الـ10 أعوام.. ويتمتعن بموهبة كبيرة«السيد»: آتى إلى المعرض كل عام بصحبة أولادىطفلات فرقة «نجم» يجذبن الجمهور بأغانٍ هندية«العائلة» تتصدر المشهد.. صور تذكارية وأجواء مبهجةفتيات بعمر الزهور يتمايلن على الأغانى الهندية، بطريقة أبهرت زوار معرض القاهرة الدولى للكتاب، الذين ارتفعت هواتفهم لتوثيق تلك اللحظات الجميلة ومشاهدة مدى براعتهن فى تنسيق الحركات الهندية التى تعد الأصعب فى تنفيذها، وبات الجميع يهتف لهن، فى جو يسوده البهجة والحماس، على بعد خطوات من قاعة 2، تجد مجموعة من فتيات مدرسة «سمارت سيتى»، يرتدين الزى الهندى بألوانه المختلفة، ويقدمن عرضاً هندياً متناسقاً. رد فعل زوار معرض الكتاب فاجأ الفتيات كثيراً، «رد الفعل كان جميل قوى على العرض الهندى والبنات كانوا مبسوطين جداً إنهم قدروا ينفذوا الحركات بسهولة من غير توتر وسط الكم الهائل من الناس ده» على حد تعبير نهلة أبوطالب، المشرفة المسئولة عن العرض الهندى، خلال حديثها لـ«الوطن».

يعد السبب الرئيسى لاختيار العرض الهندى، وتقديمه فى معرض الكتاب، هو التعريف بحضارات البلاد وثقافتهم: «رغبتنا الأساسية التعرف للحضارات وثقافات البلاد والحركات الهندية صعبة» حسب «نهلة»، مشيرة إلى أن فرقة «نجم» تتمتع بموهبة كبيرة، مكَّنتها من حفظ وتناسق الحركات بشكل جماعى دون أى أخطاء. ما يقرب من 15 يوماً، قضتها فرقة «نجم» أو كما أطلق عليها «نجم سمارت سيتى» فى التحضير للعرض الهندى، الذى بدا متناسقاً رغم صغر سن بطلاته اللائى لم يتجاوز أعمارهن الـ10 سنوات: «الأول عملنا العرض على مستوى الإدارة ووصل للجمهورية وطلع المركز الأول، فقررنا المشاركة به فى العرض» على حد تعبير «نهلة»، التى أكدت أن هذا العرض لن يكون الأخير فى التعرف على ثقافات البلاد المختلفة. فى تمام التاسعة صباحاً أمس، اصطف المئات من الزوار أمام بوابات معرض القاهرة الدولى للكتاب، وفى مشهد لافت للأنظار اصطف أطفال يجرون خطواتهم بحماس برفقة آبائهم، بعد أن اتخذوا المعرض رحلة عائلية ممتعة، وليس مجرد زيارة لحدث ثقافى، خارج أروقة المعرض كانت الأجواء تنبض بالحياة، حيث تسمع ضحكات الأطفال متلهفين لرؤية دور النشر التى تعرض كتبها بألوان زاهية، والشباب يلتقطون صوراً تذكارية مع أصدقائهم، بعد أن قرروا قضاء نهاية الأسبوع فى تجربة ممتعة ومختلفة ينتظرونها كل عام. كان محمد السيد، ٤٣ عاماً، ينتظر أمام المعرض على كرسى متحرك لحين وقت الدخول، بعد أن جاء منذ الصباح مع أطفاله وزوجته التى أحضرت مأكولات ومشروبات حتى يستمتعوا باليوم وفى ساحات المعرض، وقول «السيد» لـ«الوطن»: «كل سنة آتى إلى هنا بصحبة أولادى لأن الثقافة مهمة لنا، وفى نفس الوقت يتعلمون إشغال وقت فراغهم بالأشياء المفيدة التى يحتاجونها ونحن ننتظر المعرض من العام للعام»، وقالت زوجته منى أحمد، إن أطفالهم الـ٣ منذ صغرهم شغوفون بالقراءة بفضل المعرض.

فى داخل المعرض، اتخذت بعض الأسر زوايا هادئة لتصفح الكتب واقتناء ما يناسب اهتمامات أفرادها، بينما تجمعت مجموعات أخرى حول الفعاليات والورش الفنية التى خصصها المنظمون للأطفال. فى إحدى الزوايا، وقف أب وأبناؤه يحملون كتباً قديمة، وعلى وجوههم ابتسامة تعكس شغف القراءة الذى لم ينطفئ، فى الركن الذى يعج بضحكات الأطفال والألعاب، فى مناخ يبعث على البهجة ويطلعون على الكتب التى تملؤها رسومات الحيوانات. العائلات تتصدر المشهد من أمام معرض الكتابأطفال فرقة «نجم» فى معرض الكتاب

 

 

أردت إيصال رسالة بأن المعاناة مهما طالت سيأتى الفرج.. والرواية تتناول التأثيرات العميقة لـ«حرب ظفار» فى عُمان التى تتخطى الصراع المحلى لارتباطها بتيارات أيديولوجية

ماذا عن العلاقات الثقافية بين مصر وقطر؟

- العلاقات الثقافية بين مصر وقطر ليست حديثة أو عابرة، بل هى متجذرة وقديمة، فقد نشأنا على معرفة عميقة بالثقافة المصرية، سواء عبر التعليم، إذ درسنا على أيدى أساتذة مصريين، أو من خلال الفنون، حيث كانت الأغانى والأفلام المصرية تصل إلينا وتمنحنا إحساساً بالثقافة المصرية، فى المجال الأدبى، قرأنا لنجيب محفوظ، وإحسان عبدالقدوس، ويحيى حقى وغيرهم، مما خلق لدينا شغفاً بالأدب، أما على المستوى الرسمى، فهناك تعاون فى مجالات مثل الآثار والمتاحف، بالإضافة إلى المعارض الثقافية المتبادلة، ومن الجميل أن تكون قطر ضيف شرف فى معرض القاهرة للكتاب عام 2027، وهو حدث نعتز به كثيراً.

وكيف ترى مشاركتك الشخصية فى المعرض؟

- تجربة رائعة جداً، فهو حدث ثقافى مهم، المعرض يمثل منصة مهمة للأدباء والمفكرين لعرض أعمالهم والتفاعل مع القراء والكتاب من مختلف أنحاء العالم، بالنسبة لى فرصة رائعة للتواصل مع جمهور واسع، ولتعريفهم بروايتى وأفكارى حول قضايا المرأة والتاريخ والتحولات الاجتماعية فى الخليج، كما أنه فرصة مهمة للاحتكاك بالثقافات الأخرى وتبادل الخبرات الأدبية، هو بمثابة احتفاء بالأدب العربى بشكل عام.

تبدو «زعفرانة» وكأنها تصور شخصية متأرجحة بين الخضوع والتمرد.. فكيف عكست الرواية هذه الازدواجية؟ وهل كانت هناك شخصيات مضادة تمثل القوى التقليدية التى تصطدم بها؟

- زعفرانة شخصية امرأة من الخليج، عاشت فى المنطقة العربية بين عشرينات القرن العشرين وما يقرب من مائة عام، فكيف يمكننا أن نتخيل وضع المرأة فى الخليج خلال تلك العقود الطويلة؟ بالطبع، كان دورها تقليدياً إلى حد بعيد، لكن زعفرانة تمردت على هذا المجتمع، حتى فى مسألة اختيار الزوج، فقد قررت الارتباط بالرجل الذى أرادت أن تكون معه، متخلية عن كل شىء وراءها: المال، الجاه، الإرث من والدها، واسم العائلة. ذهبت مع هذا الزوج إلى عُمان، إلى منطقة مجهولة بالنسبة لها، وهى ابنة الحسب والنسب التى كانت مخدومة فى كل شىء، تحولت حياتها من الترف إلى الكفاح؛ أصبحت هى من تشعل النار، وتجمع الحطب، وتطبخ الطعام، وترعى الأغنام، لكن هذه الحياة لم تكن خضوعاً للواقع، ولا مجرد انسيابية مع الظروف، بل كانت نتيجة اختيار واعٍ لحياة أرادت أن تعيشها بإرادتها، لذلك، فإن زعفرانة ليست شخصية ضعيفة أو مستسلمة، بل شخصية قوية فى الأساس، وحتى أبناؤها ورثوا عنها هذه القوة.

ماذا عن تعدد الأصوات السردية فى الرواية؟

- تعتمد الرواية على تعدد الأصوات السردية، فلا تقتصر على صوت زعفرانة فقط، بل تمنح مساحة لثلاث شخصيات رئيسية، بالإضافة إلى شخصيات أخرى، من بين هذه الأصوات، هناك شخصية تحمل تأثيرات إيجابية على من حولها، كما يظهر الصوت الذكورى من خلال شخصيات بعض الرجال، مثل أبناء زعفرانة، الذين استلهموا قوتهم من والدتهم أو جدتهم الكبيرة، واستمروا فى مواجهة الحياة بصلابة.

هل هناك دلالة رمزية لاختيار حرب ظفار؟.. وماذا عن البعد التاريخى فى الرواية؟

- الرواية تسلط الضوء على مرحلة خاصة جداً من تاريخ الخليج، وتحديداً حرب ظفار فى سلطنة عُمان، هذه الحرب أو الثورة امتدت لأكثر من عقد من الزمان، منذ أواخر الخمسينات وحتى أوائل السبعينات، لكن بعد انتهائها، ومع دخول الحداثة إلى منطقة الخليج أُغلق الباب أمام الحديث عنها تماماً، رغم أنها كانت حدثاً ضخماً وذات تأثير بالغ على المنطقة بأكملها.

هذه الحرب لم تكن مجرد صراع محلى بل كانت جزءاً من تيارات أيديولوجية عالمية، حيث شارك فيها أشخاص ليس فقط من عُمان، بل أيضاً من قطر، البحرين، الكويت، وحتى العراق، لذلك، فإن تناول الرواية لهذا الحدث يعكس محاولة لفتح ملف مسكوت عنه، وإعادة تسليط الضوء على تأثيره العميق.

برأيك.. نستطيع القول إن زعفرانة تمثل حالة خاصة أم أنها نموذج عام يمكن أن تعيشه النساء فى مختلف المجتمعات؟

- بشكل عام، لا يمكن القول إنها حالة فريدة تماماً، بل يمكن العثور على نماذج مشابهة لها فى أماكن أخرى من العالم العربى، خاصة فى الفترات التى شهدت تحولات فكرية وأيديولوجية كبرى. فقد قاومت زعفرانة الجهل بالعلم، ليس فقط من خلال التعليم التقليدى، بل عبر تعلم الطب الشعبى والبديل، وحفظ القرآن والحديث، والانفتاح على مختلف أشكال المعرفة، من خلال هذا المزيج، استطاعت أن تبنى شخصية قوية ومؤثرة فى مجتمعها.

إلى أى مدى يتقاطع الأدب مع السياسة فى أعمالك؟ وهل يمكن للرواية أن تكون أداة نضالية؟

- لا تُقدَم السياسة بشكل مباشر فى الرواية، لكنها تتداخل مع كل شىء، فقراءة التاريخ تمنح وعياً بالواقع، ومن يريد فهم الحاضر، عليه أن يعرف ماذا حدث فى الماضى، وبالتالى، يمكن اعتبار الرواية أداة لقراءة التاريخ والتفاعل معه، وليست مجرد عمل أدبى منفصل عن الواقع السياسى والاجتماعى.

ماذا عن تطور الكتابة النسوية فى العالم العربى؟ وهل تجاوزت مرحلة الدفاع عن حقوق المرأة إلى تقديم رؤى أعمق؟

- تجاوزت الكتابة النسوية مرحلة الدفاع عن حقوق المرأة، وانتقلت إلى تقديم رؤى أعمق وأكثر نضجاً، فى الماضى عندما ظهر مصطلح الكتابة النسوية، كان هناك من يقلل من شأنه، كما فعل عباس العقاد حين وصفه بأنه أدب دون المستوى، لكن اليوم، لم يعد هذا التصور موجوداً، بل أصبح احترام كتابات المرأة أمراً مفروغاً منه فى الأوساط الأدبية والثقافية.

ولم تعد المرأة بحاجة إلى إثبات نفسها ككاتبة، بل أصبح التركيز على جودة الكتابة نفسها، سواء كانت بقلم رجل أو امرأة، فالأدب الجيد يفرض نفسه بغض النظر عن جنس كاتبه.

ما الذى كان يشغلك أكثر أثناء كتابة الرواية.. إبراز المأساة أم تقديم الأمل؟

- ما كان يشغلنى أثناء كتابة الرواية هو تقديم التاريخ بكل ما فيه من مآسٍ، لكن دون أن أفقد الأمل، فكلما اشتدت الظلمة لا بد أن يأتى الفجر، هذه المرحلة التى تتناولها الرواية كانت شديدة القسوة، لكن فى النهاية، جاء التغيير، ونالت الشعوب حريتها، ما أريد أن أقوله دائماً هو أن المعاناة، مهما طالت، ستنتهى يوماً ما، وسيأتى الفرج لا محالة.

تغيرات جذرية

لا يمكن أن نغفل الفترة الزمنية التى تدور فيها أحداث الرواية، فهى تمتد منذ بدايات القرن العشرين حتى نهاياته، وربما حتى بدايات القرن الحادى والعشرين، كانت هذه مرحلة مليئة بالتغيرات الجذرية، سواء على مستوى المرأة أو الرجل، فقد شهدت المنطقة الخليجية تحولات كبرى، بدءاً من ظهور النفط، مروراً بالحروب التى أثرت على المجتمعات، وانتهاء بانتشار التعليم، وفتح المدارس والجامعات، ودخول المرأة إلى سوق العمل، كل هذه التغيرات انعكست على حياة زعفرانة، وكذلك على النساء والرجال المحيطين بها. الرواية ترصد هذه التحولات من خلال تنقلات زعفرانة بين أماكن مختلفة، من بيئة بحرية فى قرية الذخيرة بقطر إلى بيئة جبلية فى منطقة ظفار بسلطنة عُمان، ثم إلى المدينة فى القاهرة، هذا التنقل الجغرافى يعكس أيضاً تنقلاً فكرياً وثقافياً، حيث تواجه زعفرانة تحديات جديدة فى كل مرحلة

مقالات مشابهة

  • خبراء يحذرون من مخاطر الكتابة غير اليدوية.. هذا أثرها على اللغة والذاكرة
  • ما جدوى الكتابة إن لم تترجم إلى أفعال؟
  • بيل غيتس يكشف عن سر العلاقة بين «حصاد المليارات» و«الكتابة»
  • النحس يلاحقهم.. أبراج تعيش تحت تأثير سوء الحظ في فبراير 2025
  • الروائية القطرية هدى النعيمي: الكتابة النسوية تجاوزت الدفاع عن المرأة إلى تقديم رؤى أعمق
  • كاتب يوضح أهمية ترتيب المشهد الاقتصادي وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية
  • إبداعات فتيات ورشة الكتابة الصحافة بملتقى أهل مصر للمحافظات الحدودية بالغردقة
  • شاعر مغربي من معرض الكتاب: نحن مدينون لمصر ثقافيًا
  • 3 أبراج تفتح لهم طاقة القدر في بداية فبراير.. اعرف إنت منهم أم لا
  • من طفولته في الإسكندرية إلى المنفى بباريس.. بيرم التونسي شاعر لم يعرف الحب أبدا