استمعت لحديث إذاعي ممتع ( هذا يعني تشبثي بجيل الراديو )، الحديث كان عن الفرق بين كلمتي حِرفة بكسر الحاء وتعني مهنة، وحُرفة (بضم الحاء) وتعني سوء الحظ والحرمان والشؤم والتعاسة.
وخلاصة القول تجنُب الخطأ الشائع الذي نقوله لكل من كتب في الشعر والأدب (فلان أدركته حرفة الأدب ) ، بكسر الحاء بل نقولها بضم الحاء.
وكان تعليقي بسيطا وهو أنه في كل الأحوال يبقى الوضع مكسورا ! وهو كسر معنويٌ لا مجرد إعراب في النحو والنطق!
فمهنة الكتابة أمر لم يُقره مجتمعنا بعد، ولا ينظر الناس إلى أن في الكتابة دخلٌ مستور يُعيل صاحبها.
لكن المشكلة ليست في الفقر وحده، فالكتابة في عالم مزدهر بالخوف تبقى فعل فيه إرتكاب خطأ تاريخي، ومغامرة تُعرف صعوبة أولها وتُدرك خطورة خاتمتها.
الكاتب في هذا العالم كائن غريب يسير في حقل من الألغام وعليه أن يُعلِّم الآخرين الرقص ! .
كان ادجار رايس بوروس يقول أن الكتابة مهنة الكسالى، وربما يحق لكاتب قصة طرزان الشهيرة أن يقول ذلك فهو لم يُخرج بطل روايته من أدغال منسية، لكن واقعنا يقول أن الكتابة انتحارٌ مشرعن ومطلوب،
ورغم ما يقوله ميخائيل نعيمة حول أنه (كم من ناس صرفوا العمر في إتقان فن الكتابة ليذيعوا جهلهم لا غير )، لكن تبقى هذه المغامرة مطلوبة لتشع الحياة بوهجها.
وكما يقال فإن الكتابة لا شيء سوى رعشة الألم الخفية التي نخبئها عن الآخرين حتى لا يلمسوا حجم المأساة، وفي الوطن العربي تكون المعاناة مضاعفة عن غيرها.
لفت نظري هذا الأسبوع صديق دبلوماسي بسؤال ما إذا كان ( مصطلح الوطن العربي ) مازال مسموح به!! أم ثبُت مصطلح المنطقة العربية؟.
قال ذلك ونحن نقلب قائمة تبدلات عجيبة عدة في عالم السياسة والإعلام.
ولم نضحك بل ابتسم هو كعادة الدبلوماسي إبتسامة محايدة !.
وتلك قصة أخرى فالحياد في الكتابة من وجهة نظري فعلٌ غير ممكن.
ولكن في زمن يتم فيه ( تكريس التفاهة) كنظام عالمي، تصبح ومضات الفكر التي نراها هنا أو هناك، ضالة المؤمن وعلينا ألا ندعها تموت بحسرة صاحبها.
فهذا زمن عجيب يدعو للسلام ويصنع كل أنواع الحروب، يرفع شعارات المحبة والمساواة ويُسّيد رموز العنصرية في كل مكان.
يصنع كل يوم اختراع نحو العلم المثير للدهشة ويكرس قيم التفاهة العجيبة! ويمجد العنف.
مثلا هذا الأسبوع رأيتني اعتذر عن حضور فيلم أوبنهايمر الذي
يروي حياة عالم الفيزياء النظرية روبرت أوبنهايمر، وتركز القصة في الغالب على دراسات أوبنهايمر المبكرة، وإدارته لمشروع مانهاتن خلال الحرب العالمية الثانية.
ليس فقط تضامنا مع غضب اليابانيين من الفيلم الذي يعيد تمجيد صانع القنبلة النووية، ولكني أيضا لا أحب أن نجلس في مقاعد المصفقين للخطأ ولو كان في السينما على الأقل، فإذا كنا ارتكبنا أخطاءً فعلينا أن نعتذر عما تم ونؤكد بسلوك مغاير لا أن نكرس الخطأ.
أنا أرى أن التصفيق لمرتكب الخطأ خطيئة،
وكذلك في فعل الكتابة التي بدأنا بها، البعض يرتكب خطأ فيكتب ويصر على خطأه، لكن أن تحتفي بذلك الخطأ جهات وأشخاص فهؤلاء لايرتكبون نفس الخطأ بل يصبح فعلهم جريمة.
وإذا قادك سوء الحظ إلى ملتقى سياسي يُراد به تغيير بلد ستجد جهات صانعة للأحداث تفرض عليك ما يسمون بصانعي المحتوى أو المؤثرين.
وهي الصفات القادمة لبديل مسميات مثل الأدباء والكتاب والفنانين.
فكلمة كاتب مثيرة للإزعاج رسميا مثيرة للشفقة شعبيا مثيرة للفقر عائليا!.
لهذا ما قيل قديما حول فلان ادركته حُرفة الأدب بمعنى أدركه
سوء الحظ! أمر سيبقى صائبا.
منذ أن بويع عبد الله بن المعتز بالخلافة سنة 296هـ، ولم يلبث فيها غير يوم وليلة ثم قُتِل، رغم أنه كان أديب يعيش رغد العيش ونعيم الحياة ، ولكن قتل حال وصوله لكرسي الحكم
فقال الناس: "لم يكن به بأسٌ ولكن أدركته حُرفة الأدب"، أي سوء الحظ لا مهنة الفقر.
ولا أنسى صديق ساخر لا علاقة له بالكتابة والأدب كان أكثر حضورا في تجمع إتحاد الأدباء.
وعندما يسأله أحدهم هل هو كاتب فيرد بهدوء بل شاعر، ويكمل همسا ( شاعرٌ بالقهر ، لا كاتب درر).
*الأهرام
⇧ موضوعات متعلقة موضوعات متعلقة مقالاتالأعلى قراءةآخر موضوعات آخر الأخبار شاعرٌ بالقهر لا كاتب درر! إعلان فرنسي بشأن اليمن: هذا هو السبيل الوحيد... طارق صالح يرد على تهديدات المليشيات الحوثية للجزر... وفاة مسؤول حكومي وشيخ قبلي بارز في أحد... مقالات شاعرٌ بالقهر لا كاتب درر! من يمنع صرف المرتبات؟ الفتوحات بين بني أمية وبني هاشم لماذا حسم معاوية المعركة لصالحه.. قراءة في موازين... اخترنا لك عضو ثورية الحوثي: فوارق المشتقات النفطية المستوردة وحدها... تسريب وثيقة سرية من وزارة الخارجية تكشف ”مهمة... جورجينا تنشر صور جديدة مع الدون ”كريستيانو رونالدو... ورد الآن.. أول تعليق لألوية العمالقة على محاصرة... الأكثر قراءةً عضو ثورية الحوثي: فوارق المشتقات النفطية المستوردة وحدها... تسريب وثيقة سرية من وزارة الخارجية تكشف ”مهمة... جورجينا تنشر صور جديدة مع الدون ”كريستيانو رونالدو... ورد الآن.. أول تعليق لألوية العمالقة على محاصرة... عاجل: أول تدخل للرئيس العليمي بعد محاصرة العمالقة... الفيس بوك ajelalmashhad تويتر Tweets by mashhadyemeni الأقسام المشهد اليمني المشهد المحلي المشهد الدولي المشهد الرياضي المشهد الثقافي المشهد الاقتصادي المشهد الديني الصحف علوم وصحة مقالات حوارات وتقارير منوعات المشهد اليمني الرئيسية من نحن رئيس التحرير هيئة التحرير الخصوصية الشروط اعلن معنا اتصل بنا جميع الحقوق محفوظة © 2021 - 2023⇡ ×Header×Footer
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
إطلاق نار عن طريق الخطأ بمركز المنشاة بسوهاج يُسفر عن إصابة شابين
تمكنت الأجهزة الأمنية بسوهاج من ضبط شخص أطلق أعيرة نارية عن طريق الخطأ، مما أسفر عن إصابة شابين في مركز المنشاة.
ترجع الواقعة إلى تلقي اللواء صبري صالح عزب، مساعد وزير الداخلية مدير أمن سوهاج، بلاغًا من مأمور مركز شرطة المنشاة يفيد بوصول كل من "م. ع. أ. ع. م" (22 سنة، عامل) و"م. ع. أ. ح." (24 سنة، عامل) إلى مستشفى سوهاج الجامعي مصابين بطلقات نارية، حيث تعرض الأول لإصابة في الصدر من الجهة اليسرى، بينما أصيب الثاني بطلقتين في منتصف البطن.
بالانتقال والفحص، تبين من خلال التحريات التي أشرف عليها اللواء محمود طه، مدير إدارة المباحث الجنائية، أن الحادث وقع أثناء قيام المدعو "م. ش. ع. س." (28 سنة، عامل) بالاحتفال بعقد قرانه في دائرة مركز المنشاة، وأثناء الاحتفال، قام بإطلاق أعيرة نارية من سلاح كان بحوزته، وفي لحظة ابتهاج خرجت طلقات عن طريق الخطأ وأصابت الشخصين المشار إليهما.
تم ضبط المتهم والسلاح المستخدم في الواقعة بإرشاده، وبمواجهته أقر بأنه أطلق الأعيرة النارية دون قصد منه. تم تحرير محضر بالواقعة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الحادث، وأخطرت النيابة العامة التي تولت التحقيق في الحادث.
مشاركة