مناظير السبت 26 اكتوبر، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* لا أشاهد في العادة التسجيلات المصورة لجرائم ومخازي الحرب الدائرة في السودان لسبب رئيسي وآخر فرعي، السبب الرئيسي ما تحتوي عليه من مناظر بشعة لا يطيق الانسان السوي النظر إليها، أما السبب الفرعي فهو إنتشار آلاف الفيديوهات المزيفة التي تعكس واقعا غير الواقع الحقيقي .
* إلا أنني شاهدت أمس تسجيلين مصورين ــ تحت إلحاح أحد الزملاء الصحفيين وتأكيده القاطع على صحتهما ــ أحدهما لقوة من مليشيا الجنجويد وهى تطلق النار في (إحدى المناطق المجهولة) على بعض الشباب العزَّل بالزى المدني وهم جالسون على الارض، وترديهم قتلى مع نعتهم بالكثير من الاساءات والبذاءات باعتبارهم من المستنفرين، والثاني لقرية من قرى الحصاحيصا بعيدة عن مركز تجمع مليشيا الجنجويد، قصفها الطيران الحربي مما ادى لوقوع العديد من الضحايا معظمهم من الأطفال في منظر لا يحتمله أى إنسان!
* لقد تكررت مثل هذه الجرائم المتعمدة التي تستهدف المدنيين والاسرى مئات المرات منذ وقوع الحرب وحتى اليوم، بدون أن يفهم الإنسان السبب الحقيقي وراء ذلك وهى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية يعاقب عليها القانون باغلظ العقوبات!
* وحتى لو لم تكن متعمدة فهى أيضا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يجب أن يطال مرتكبوها العقاب الصارم، حسب اتفاقية جنيف وميثاق حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني (لقاعدة 11 ) التي تحظر القصف العشوائي أو الهجمات العشوائية التي تُعرِّفها القاعدة (12 ) بأنها التي لا تُوجَّه الى هدف عسكري محدد ( الفقرة 7 أ )، أو التي تَستخدِم طريقة أو وسيلة قتال لا يمكن توجيهها الى هدف عسكري محدد ( 7 ب )، او التي تستخدم طريقة أو وسيلة قتال لا يمكن تحديد آثارها على النحو الذي يقتضيه القانون، ومن شأنها في حالةٍ كهذه أن تصيب أهدافاً عسكرية ومدنيين أو أعياناً مدنيّة دون تمييز( 7 ج)، كما شرحتُ في مقالات سابقة ولكن لا بأس من الاعادة حتى تتسع المعرفة.
* عليه، فإن تبرير قتل وترويع المدنيين بأن القصف وقع بشكل عشوائي لا يعفي من وقوع الجريمة، ولا بد من محاسبة الشخص المباشر الذي ارتكبها والذي اصدر إليه الاوامر، حسب ( القاعدة 152 ) التي تنص على أن " القادة والأشخاص الآخرون الأرفع مقاماً مسؤولون جزائيا عن جرائم الحرب التي تُرتكب بناء على أوامرهم ".
* بل ذهبت القاعدة (153) الى أبعد من ذلك، وقضت بتجريم القادة إذا عرفوا بوقوع الجريمة ولم يعاقبوا مرتكبها، أو كان لديهم علم بوقوعها ولم يتخذوا التدابير المعقولة لمنعها، وجاء في نص القاعدة: "القادة والأشخاص الآخرون الأرفع مقاماً مسؤولون جزائياً عن جرائم الحرب التي يرتكبها مرؤوسوهم إذا عرفوا أو كان بوسعهم معرفة أنّ مرؤوسيهم على وشك أن يرتكبوها، أو كانوا يقومون بارتكاب مثل هذه الجرائم ولم يتخذوا كل التدابير اللازمة والمعقولة التي تخولها لهم سلطتهم لمنع ارتكابها أو معاقبة الأشخاص المسؤولين عنها".
* وتُلزم القاعدة (154) المقاتل بعدم إطاعة أمر غير قانوني: "يجب ألاّ يطيع المقاتل أمراً من الواضح أنه غير قانوني"، ولا يحميه من المحاسبة الدفع بأنه ارتكب الفعل إطاعة لأوامر عليا إذا كان يعرف أن الفعل غير قانوني، حسب القاعدة 155 والتي تنص على: "لا يُعفِي المرؤوس من المسؤولية الجزائية إطاعة أوامر عليا إذا عرف أن الفعل المأمور به كان غير قانوني، أو كان بوسعه أن يعرف ذلك بسبب الطبيعة غير القانونية الواضحة للفعل المأمور به".
* كما يمنع القانون الدولي منعا باتا الاعتداء على الأسرى (بمختلف تصنيفاتهم)، بل ويأمر بتوفير كافة انواع الحماية والرعاية لهم، ويُعاقب بأشد واغلظ العقوبات من يخالف ذلك !
* ما هو السر في الاعتداء الآثم على المدنيين الآمنين في منازلهم وأحيائهم، والى متى يظل الأسرى يُقتلون ويُذبحون كالخراف في هذه الحرب اللعينة، وأين يفر المجرمون من عدالة السماء إن فروا من عدالة الأرض؟!
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: غیر قانونی التی ت أو کان
إقرأ أيضاً:
خبير قانوني يكشف عقوبة المتورطين في واقعة الطفل ياسين بدمنهور
كشف الخبير القانوني محمد عبدالناصر، تفاصيل وعقوبة واقعة الاعتداء الجنسي البشع الذي تعرض له الطفل ياسين، ذو الستة أعوام، داخل أسوار إحدى مدارس اللغات المعروفة بدمنهور.
وقال عبدالناصر في تصريحات خاصة: "تشير التفاصيل إلى استغلال موظف إداري مسن يبلغ من العمر ثمانين عامًا لسلطته، حيث قام بهتك عرض الطفل على مدار عام كامل، حيث أن العاملة بالمدرسة (الدادة) كانت تستدرج الطفل من فصله الدراسي بحجة الذهاب إلى دورة المياه، وتسليمه إلى هذا الجاني داخل دورة المياه أو في مركبة متوقفة بالجراج، وتقوم بإغلاق الباب عليهما، فاذا صح هذا يعد اشتراكا بالمساعدة طبقا لنص (43) من قانون العقوبات المصري".
عقوبة المتورطين في واقعة طفل دمنهوروتابع: "الأمر الذي يثير بالغ الأسى والاستنكار هو ما تردد عن محاولة مديرة المدرسة التستر على هذه الجريمة فور علمها بها، وهو ما يستوجب تحقيقًا قانونيًا ومساءلة"، مشيرا إلى أن تفاصيل هذه الواقعة مؤلمة للغاية، وشهادة الطفل عن أفعال الجاني وتهديداته تكشف عن قسوة بالغة تستدعي أقصى العقوبات.
وفي هذا السياق، أكد الخبير القانوني، أن المسؤولية القانونية لا تقتصر على المتهم الرئيسى فحسب، بل تمتد لتشمل كل من تواطأ أو سهل أو تستر على الجريمة.
وتابع أن ما قامت به مديرة المدرسة والمعلمة اللتين علمتا بالواقعة وتقاعستا وأخلت بواجبات وظيفتهن، فإنهما تخضعان لنص المادة (145) من قانون العقوبات التي تنص على أن "كل من علم بوقوع جناية أو جنحة أو كان لديه ما يحمله على الاعتقاد بوقوعها وأعان الجانى بأى طريقة كانت على الفرار من وجه القضاء إما بإيواء الجانى المذكور وإما بإخفاء أدلة الجريمة وإما بتقديم معلومات تتعلق بالجريمة، وهو يعلم بعدم صحتها أو كان لديه ما يحمله على الاعتقاد بذلك يعاقب طبقاً للأحكام الآتية: إذا كانت الجريمة التى وقعت يعاقب عليها بالإعدام تكون العقوبة بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين. وإذا كانت الجريمة التى وقعت يعاقب عليها بالسجن المؤبد أو المشدد أو السجن تكون العقوبة بالحبس مدة لا تتجاوز سنة".
وأشار محمد عبدالناصر إلى أن العاملة (الدادة) إن صح ما تم تداوله فيجب أن تخضع للمحاكمة طبقًا لنص المادة (43) من قانون العقوبات التي تنص على أن "من اشترك في جريمة فعلية عقوبتها ولو كانت من غير التي تعمد ارتكابها متى كانت الجريمة التي وقعت بالفعل نتيجة محتملة للتحريض أو الاتفاق أو المساعدة".
كما أوضح أن القانون قد منح محكمة الجنايات سلطة تقديرية في الدعوى المنظورة أمامها بإقامة الدعوى الجنائية على أشخاص يثبت تورطهم ولم يتم إحالتهم إليها، وإحالتهم إلى النيابة العامة للتحقيق والتصرف في شأنهم.
وشدد على أن تحقيق العدالة الناجزة في هذه القضية يمثل ضرورة قصوى لحماية أطفالنا وردع كل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم البشعة أو التستر عليها، معربا عن ثقته في القضاء المصري فهو "يد الله في الأرض جزاهم الله عنا كل خير وجعلهم نصرة للمظلوم".