الجزيرة:
2025-03-03@22:53:39 GMT

صناعة القهوة في رواندا.. جودة عالمية وأدوار مجتمعية

تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT

صناعة القهوة في رواندا.. جودة عالمية وأدوار مجتمعية

كيغالي- في مزرعة صغيرة لإنتاج البن (القهوة) بالمنطقة البركانية شمال غربي رواندا، كانت لنا تجربة أخرى مع قصة نجاح جديدة في بلاد الألف تل.

في هذه المزرعة العائلية المسماة "كيغوفي للقهوة" يعمل 10 موظفين دائمين و12 عاملا مؤقتا لإنتاج قهوة بوربون من صنف أرابيكا، ويمكن لعدد العاملين أن يرتفع خلال موسم الحصاد.

تقع المزرعة على ارتفاع 1510 أمتار وتغطي مساحة 3.7 هكتارات، وتنتج 5 إلى 10 أطنان من القهوة سنويا حسب حالة الطقس ومتغيرات أخرى، ويسعى القائمون لتوسيع المشروع في المستقبل.

"تمارس المزرعة منذ 1999 الزراعة المستدامة وتتعاون مع صغار المزارعين المجاورين لتوسيع زراعة القهوة في الظل والزراعة البيئية، علاوة على إعادة الاستثمار في المنتجات العضوية والمحلية ذات القيمة المضافة"، يقول جون بيير بيزوزا سيباغيني مدير المزرعة.

أشجار البن في مزرعة كيغوفي للقهوة شمال غربي رواندا (الجزيرة)  أدوار مجتمعية

لا تقتصر مهمة المزرعة في إنتاج البن بل تتعداه إلى أدوار مجتمعية مثل تعزيز الفرص ذات الصلة للتدريب وتطوير مهارات المزارعين، والمهندسين الزراعيين ومربي النحل، وعمال رعي الأبقار، فضلا عن الترويج لشركات السياحة المحلية التي تنشط في مجالات المشي لمسافات طويلة وركوب الدراجات ومراقبة الطيور والتجديف وصيد الأسماك والينابيع الساخنة.

وتقدم بعض التعاونيات الزراعية ومحطات الغسيل جولات للسياح والزائرين تشرح عملية إنتاج البن على مدار العام.

من المزرعة إلى الأسواق

يأخذنا سيباغيني في جولة داخل المزرعة حيث أشجار البن تملأ جنبات الطريق، وهي حبلى بحبات صغيرة خضراء.

مئات الأشجار قصيرة القامة تنتظر وقت الحصاد لتبدأ عملية الإنتاج الفعلية لأحد أجود أنواع القهوة في القارة الأفريقية والعالم.

وتزهر نباتات القهوة في شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، وفي الفترة ما بين مارس/آذار ويوليو/تموز تصبح ثمار القهوة جاهزة للحصاد.

"الفترة بين عملية البدر إلى الحصاد هي 3 سنوات، ويشمل الحصاد جمع الكرز الأحمر، ووزن وفرز عالي الجودة منه وفصله عن غير الناضج أو الناضج أكثر من اللازم أو ذلك الذي به عيوب، ثم إزالة القشرة ومن ثم غسله والتخمير"، يشرح سيباغيني للجزيرة نت.

وبعد غسل المحصول بالكامل يوضع ليجف تحت أشعة الشمس مع تغطية متوفرة في حالة هطول المطر، ويكون التجفيف بنسبة رطوبة تقارب 12.5%.

وعقب الحصول على حبة البن الجافة وذات القشرة الخارجية الرقيقة، يؤكد مدير المزرعة، تتم إزالة هذه القشرة للحصول على حبة البن الخضراء الجاهزة للتحميص أو التصدير".

جون بيير بيزوزا سيباغيني مدير مزرعة كيغوفي للقهوة (الجزيرة) تاريخ القهوة في رواندا

تلك كانت نبدة عن مزرعة صغيرة من بين مئات المزارع في رواندا، فماذا عن تاريخ القهوة في البلاد؟

يقول سيباغيني إن الألمان أدخلوا القهوة إلى رواندا عام 1904، لتتحول في ثلاثينيات القرن العشرين تحت الإدارة البلجيكية إلى نبات للزراعة الجماعية، وتشكّل لاحقا دورا رئيسيا في الاقتصاد الزراعي.

وظلت القهوة محصولا رائدا للتصدير بعد الاستقلال عام 1962، وتم التركيز على الكمية بدلا من الجودة، ما أدى إلى تحويل القهوة إلى منتج يُنظر إليه كسلعة أساسية، يضيف سيباغيني.

وفي العام 2000 شهدت زراعة وصناعة القهوة تحولا جذريا، حيث تم اعتماد آليات السوق المفتوحة، كما تم التركيز على إنتاج القهوة المتخصصة عبر إعادة هيكلة القطاع، وتشجيع ودمج التعاونيات وغيرها من هياكل الدعم المجتمعي الأخرى.

بعد جهود كبيرة تم تقديم القهوة الرواندية إلى الأسواق الدولية لتنال اعترافا واهتماما دوليين، وباتت صناعة البن مصدرا رئيسيا للدخل للعديد من المزارعين، ومن أهم مصادر النقد الأجنبي في البلاد إلى جانب الشاي.

تزهر نباتات القهوة في شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول ويتم حصادها بين مارس/آذار ويوليو/تموز (الجزيرة) الكيف قبل الكم

تنتج مجموعة من 450 ألف مزارع صغير البن في مختلف أنحاء رواندا، وتركّز صناعة البن (القهوة) في البلاد على الكيف أكثر من الكم.

وتنتج مزارع القهوة الرواندية 95% من البن من نوع بورون (أرابيكا) عالي الجودة، وتتراوح الكمية السنوية المنتجة في البلاد من 20 ألفا إلى 22 ألف طن، ويتم تصدير حصة الأسد من هذا الإنتاج نحو الأسواق الخارجية.

وتشمل أنواع القهوة المزروعة في رواندا "كاتورا" و"كاتواي" وبوربون، وتعد الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا من أهم الأسواق التي تصلها القهوة الرواندية، بالإضافة إلى سويسرا والمملكة المتحدة وبلجيكا وسنغافورة ودول أخرى، حسب المجلس الرواندي للتنمية.

ووفق بيانات البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية تبلغ قيمة صادرات القهوة الرواندية 93 مليون دولار، لتحتل مكانة بارزة في بنية الاقتصاد الرواندي.

تنتج مجموعة من 450 ألف مزارع صغير البن في مختلف أنحاء رواندا (الجزيرة)

وفي عام 2018، بدأت تجارة القهوة الرواندية على أكبر منصة للتجارة الإلكترونية في العالم (علي بابا)، بعد أن دخلت حكومة رواندا في شراكة مع عملاق التجارة الإلكترونية لتداول المنتجات الرواندية في السوق عبر الإنترنت، وقد أدت هذه الشراكة إلى نمو المبيعات بأكثر من 700% على المنصات الإلكترونية التابعة لـ"علي بابا".

وعالميا ارتفع إنتاج القهوة بنسبة 0.1%، ليصل إلى 168.2 مليون كيس قهوة (وزن 60 كيلوغراما) في موسم 2022 / 2023، وتصل أسعار القهوة في الوقت الحالي نحو 2.45 دولار للرطل الواحد (0.453 غراما).

وتعد البرازيل أكبر دولة منتجة للبن في العالم، وتستحوذ على نحو 40% من الإمدادات العالمية من هذه المادة التي تتحول إلى مشروب دائم الصيت.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات القهوة فی فی رواندا فی البلاد

إقرأ أيضاً:

من الفوضى إلى الفرص: رؤية مجتمعية

 

 

د. رضية بنت سليمان الحبسية

 

في عالم يتسم بالتغيرات السريعة والتحديات الاجتماعية، تظل الأنظمة والقوانين الوطنية العمود الفقري الذي يحفظ توازن المجتمعات. ومع ذلك، فإن هناك فئة من الأفراد تتجاوز هذه القوانين، مما يثير تساؤلات عميقة حول الأسباب والدوافع وراء هذه التجاوزات. كما إن تفشي ظاهرة الجنوح لا يعكس فقط ضعفًا في الالتزام بالقوانين؛ بل يكشف أيضًا عن أبعاد اجتماعية واقتصادية ونفسية معقدة، ومن خلال تحليل هذه الظواهر وتقديم استراتيجيات فعالة، يمكن التقدم نحو التغيير الإيجابي، وبناء مجتمعٍ يتسم بالتماسك والاستقرار، لتحقيق الرؤى المستقبلية بكل ثقة واقتدار. وفي هذه المقالة، سنسلط الضوء على عدة قضايا مجتمعية، وهي:

القضية الأولى: يُعدّ الفقر وتدني الأحوال الاقتصادية للأُسر من العوامل الرئيسة التي تدفع بعض أفرادها إلى تجاوز الأنظمة والقوانين، فعندما يعاني الفرد من ظروف اقتصادية صعبة، يصبح أكثر عرضة لاتخاذ قرارات غير قانونية لتأمين لقمة العيش، وغالبًا ما تؤدي هذه الظروف إلى فقدان الأمل في الحصول على فرص عمل مشروعة؛ مما يخلق بيئة محفزة للسلوكيات المنحرفة، وتآكل القيم الاجتماعية والأخلاقية. فعلى سبيل المثال: قد يلجأ بعض الشباب من الباحثين عن عمل أو المراهقين من ذوي الأسر ذات الدخل المنخفض، للانخراط في أنشطة غير قانونية كالسرقات والترويج للمخدرات، وغيرها من الأنشطة بهدف تحسين واقهعم الاقتصادي، مما يكون سببًا لانتشار الجرائم وزعزعة استقرار المجتمع.

إن واقع العديد من المجتمعات العربية يُظهر ضرورة مُلحَّة لتحسين الظروف الاقتصادية، والاتجاه نحو مشاريع تعليمية وتدريبية مُستدامة في مجالات التقنية والمهن الحرفية. وتُعد هذه المشاريع من الاستراتيجيات الفعّالة لتفادي تجاوز الأنظمة واللوائح، حيث يُسهم تعزيز الاقتصاد المحلي في تقليل معدلات الفقر والحاجة؛ مما يساعد على تقليص دوافع الجنوح وارتكاب المخالفات القانونية.

علاوة على ذلك، يتطلب الأمر إعادة تقييم النظرة السائدة حول طبيعة الوظائف والتخصصات التي يحتاجها المجتمع المعاصر، ويتعين مواءمة المخرجات التعليمية مع متطلبات سوق العمل المستقبلية، وهو ما يُعد استراتيجية حيوية لتسريع وتيرة توظيف الباحثين عن عمل. ومن خلال هذه الجهود، يمكن تقليص أعداد الباحثين عن العمل، وتقليل حالة التخبط والفوضى التي قد تنشأ في أفكارهم وسلوكياتهم. فالاستثمار في التعليم والتدريب ليس مجرد خيار؛ بل هو ضرورة استراتيجية لرسم مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للأفراد والمجتمع ككل.

القضية الثانية: يُسهم نقص الوعي بالقوانين والحقوق في تفشي التجاوزات القانونية؛ حيث يفتقر الكثيرون إلى المعرفة الكافية بالقوانين، مما يجعلهم يرتكبون المخالفات دون إدراك عواقب أفعالهم. كما أن عدم المعرفة بالحقوق والواجبات يؤدي إلى استغلال بعض الشباب من قِبل آخرين، أو اتخاذ قرارات غير مبنية على أساس قانوني، مما يزيد من معدلات الانحراف.

ومن الضروري تنفيذ برامج تعليمية متكاملة وحملات توعية شاملة تستهدف مختلف شرائح المجتمع، مستفيدة من الوسائط المتعددة، لتفسير القوانين بطريقة مبسطة وفعالة. وهذا التوجه لا يسهم فقط في تقليل فرص الانخراط في أنشطة غير قانونية؛ بل يعزز أيضًا من قدرة الشباب على التفكير النقدي، مما يمكنهم من مقاومة الأفكار المتطرفة والتنصل من الانزلاق نحو النزاعات اللفظية التي قد تندلع عبر المنصات الرقمية العالمية. وعليه، فإن بناء مجتمع واعٍ ومتعلم هو السبيل نحو تحقيق الاستقرار والازدهار، حيث يتسلح الأفراد بالمعرفة القانونية الضرورية لمواجهة التحديات والمساهمة الفعالة في تنمية مجتمعهم.

القضية الثالثة: يُمثل التهميش الاجتماعي أحد العوامل الأساسية التي تسهم في تفشي ظاهرة عدم المشاركة في الرأي؛ حيث يواجه العديد من الأفراد شعورًا عميقًا بعدم الاعتراف بهم أو تقديرهم في المجتمع، بحيث تخلق فجوة واسعة بين الأفراد والأنظمة الاجتماعية، مما يدفعهم إلى التصرف بطرق يُعبّرون من خلالها عن إحباطهم وسخطهم. والإحساس بعدم الانتماء لا يؤدي فقط إلى تراجع المشاركة الفعّالة؛ بل قد يُحرِّض أيضًا بعض الأفراد على الانخراط في أنشطة غير قانونية. وهكذا، يُعزز هذا التهميش مشاعر الاستياء ويُفضي إلى تجاوز الأنظمة، مما يخلق حلقة مفرغة من عدم الثقة والرفض، ويعمق من الفجوة بين المجتمع وأفراده.

لذا، من الضروري أن تتنبه المجتمعات إلى أهمية رصد هذه القضايا ومعالجتها، وتشجيع الأفراد على المشاركة في صنع القرارات، بما يُسهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا. فعلى سبيل المثال: توفير منصات للشباب للتعبير عن آرائهم والمشاركة في القضايا المجتمعية، تُعدّ وسيلة ناجعة وفرصة كبيرة لتعزيز الثقة في الأنظمة، وتقوية مشاعر الانتماء والولاء للمجتمع، مما يؤدي إلى سدّ منابع الانحراف والجنوح بين فئة الشباب. ومن التجارب العُمانية لتعزيز الشراكة المجتمعية، يأتي ملتقى "معًا نتقدم" كمنصة قيّمة للحوار بين أفراد المجتمع والجهات الحكومية.

القضية الرابعة: تؤدي الضغوط النفسية والعائلية دورًا جوهريًا في اتخاذ قرارات غير مدروسة قد تؤدي إلى تجاوز الأنظمة والتشريعات. وفي كثير من الأحيان، يواجه الفرد ضغوطًا هائلة تجعله يتصرف بشكل متهور، مما يزيد من احتمالات ارتكابه للمخالفات ويؤدي إلى تآكل القيم الأخلاقية. على سبيل المثال، قد يلجأ بعض الأفراد إلى ممارسة أنشطة غير مقبولة اجتماعيًا، أو استخدام أساليب غير قانونية مثل النصب والاحتيال، وفي حال تعثرهم وفشل مخططاتهم، يجدون أنفسهم في دوامة الإفلاس والمديونية، مما يقودهم إلى التخبط واتخاذ قرارات عشوائية، حتى يصلوا إلى مرحلة فقدان التوازن واتخاذ قرارات همجية وغير عقلانية.

لذا، يُعد توفير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد الذين يعانون من ضغوط نفسية ضرورة ملحة، تتجاوز كونها مجرد خطوة، لتصبح دعامة أساسية لمساعدتهم في اتخاذ قرارات أكثر وعيًا لتحسين أوضاعهم المالية والاجتماعية. ومن الأهمية بمكان إنشاء مراكز دعم نفسي في المجتمعات المحلية، حيث يمكن أن تكون هذه المراكز بمثابة ملاذ آمن للأفراد الذين يواجهون تحديات نفسية أو اجتماعية.

كما أن هذه المبادرات لا تقتصر على تقديم الدعم؛ بل تُسهم أيضًا في الحدّ من دوافع الجنوح والانحراف، مما يمنع الأفراد من الانزلاق إلى دوائر المعارضين أو الخارجين على القانون، فمن خلال تعزيز الوعي والتمكين، يمكن أن يتحول هؤلاء الأفراد إلى قوى إيجابية في المجتمع، بدلاً من أن يصبحوا أدوات تُستغل للتشكيك في أسس المجتمع، قيادةً ونظامًا.

وفي الختام.. يتضح أن تجاوز الأنظمة والقوانين الوطنية ليست مجرد ظاهرة عابرة؛ بل هي قضية معقدة تتطلب تفكيرًا عميقًا وتحليلًا شاملًا للأسباب الكامنة وراءها؛ فالتعامل مع هذه الظاهرة يتطلب رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار العوامل الجذرية التي تسهم في تفشيها. وفي هذا الشأن، نؤكد ضرورة تكامل الجهد الحكومي مع المبادرات المجتمعية لضمان تحقيق نتائج فعّالة ومستدامة. ومن الضروري أيضا النظر إلى المخالفين كأفراد يمكن إعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع، ومثل هذا التوجه يُسهم في إعادة بناء الثقة في النظام القانوني، ويفتح آفاقًا لتحقيق تغيير إيجابي نحو مجتمع أكثر استقرارًا وأمانًا.

مقالات مشابهة

  • ارتفاع أسعار القهوة في مصر.. زيادات تصل إلى 17%
  • غيابها الفني وأدوار الإغراء .. داليا مصطفى تكشف تفاصيل عودتها للتمثيل
  • طرق دبي تطلق 20 مبادرة مجتمعية في رمضان
  • تغير المناخ يهدد إنتاج القهوة.. هل يقدم جنوب السودان حلا؟
  • فتاة تسافر إلي أديس أبابا لتذوق القهوة الاثيوبية من مصدرها ..فيديو
  • إلهام شاهين لـ البوابة نيوز: أتعرض لهجوم مستمر وأواجهه بالتجاهل والتزام الصمت
  • عادل عمروش مدربا لمنتخب رواندا
  • من الفوضى إلى الفرص: رؤية مجتمعية
  • الحصاد الأسبوعي.. هيئة الدواء المصرية تختتم ورش عمل وبرامج تدريبية للارتقاء بالقطاع الدوائي
  • آخر تحديث لسعر الفراخ والبيض اليوم 1-3-2025