بريطانيا تمول ناشطين سودانيين لمنع نهب المتاحف والآثار
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
لندن: «الشرق الأوسط»
قالت مصادر بريطانية إن ناشطين سودانيين يتلقون تمويلاً بريطانياً، لإنقاذ الكنوز الثقافية من الميليشيات التي تقدم على النهب، إذ تعرضت المتاحف في مختلف أنحاء السودان للنهب منذ بداية الحرب الأهلية في عام 2023، وتم بيع القطع الأثرية المسروقة من المواقع المهمة في السوق غير القانونية للفنون، حسب تقرير أوردته صحيفة «تلغراف» البريطانية.
وحسب الصحيفة، فإن المجلس الثقافي البريطاني، وهو هيئة ثقافية حكومية تهدف إلى تعزيز القوة الناعمة، كان يساعد نشطاء سودانيين على نقل وإخفاء كنوزهم الثقافية. وقد تم تخصيص منحة بقيمة 1.8 مليون جنيه إسترليني (نحو 2.3 مليون دولار) من الهيئة التي تمولها الضرائب البريطانية للحفاظ على كثير من مواقع التراث في السودان قبل اندلاع الحرب، ولكن تم تحويلها منذ ذلك الحين لمساعدة الجهود المدنية، لمنع نهب المتاحف الوطنية والمواقع التاريخية.
إخفاء القطع الأثرية
وتم نقل وإخفاء القطع الأثرية المرتبطة بالمدن القديمة والأهرامات خلال الحرب التي أودت بحياة أكثر من 20 ألف شخص.
ويأتي هذا التحرك بعد نهب وتدمير المتاحف الرئيسية في البلاد، بما في ذلك المواقع المرتبطة بالبعثات الاستعمارية البريطانية في السودان، التي كانت قد تلقت تمويلاً من المملكة المتحدة قبل الصراع.
تماثيل يصل ارتفاعها إلى عشرة أقدام لملوك نوبيين في عاصمة النوبة كرمة (غيتي)
ونقلت «تلغراف» في هذا السياق، عن ستيفاني غرانت، وهي مديرة المجلس الثقافي البريطاني في السودان قولها: «أولويتنا هي سلامة فرق المشروع والمشاركين فيه، ونراقب ذلك بعناية، لكننا نتحلى بقدر من المرونة حيثما يمكننا السماح للمشاريع بمواصلة أنشطتها لحماية التراث حينما يكون ذلك ممكناً وآمناً». وأضافت غرانت: «التراث الثقافي يواجه تهديدات خطيرة في أوقات الصراع، ومن الضروري أن تكون هناك جهود عالمية للدفاع عن الثقافة في أوقات الأزمات».
وكان المجلس الثقافي البريطاني يمول مشاريع في السودان قبل اندلاع الصراع في أبريل (نيسان) 2023، حيث تم توفير 997 ألف جنيه إسترليني لمواقع مثل «متحف الخليفة» في العاصمة الخرطوم، الذي كان مرتبطاً بالتاريخ الإمبراطوري البريطاني. وكان هذا المنزل هو مقر إقامة الخليفة عبد الله التعايشي، الذي خلف زعيم الثورة المهدية محمد أحمد، المعروف بالمهدي، الذي هزم القوات البريطانية في معركة شيكان وفي حصار الخرطوم، وهو ما أدى إلى مقتل الجنرال تشارلز جورج غوردون في عام 1885.
مشروع حماية التراث
وتشير الصحيفة إلى تخصيص مشروع بعنوان «حماية التراث الحي في السودان» بمبلغ 1.8 مليون جنيه إسترليني للمساعدة في الحفاظ على التقاليد السودانية وتوثيقها، وكان هذا المشروع يعتمد على المتحف الإثنوغرافي في الخرطوم، الذي كان أيضاً سيجري تحديثه كجزء من المشروع.
وبات هذا المتحف جزءاً من الخطوط الأمامية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في عام 2023، وتعرض لكثير من الأضرار والنهب. كما تعرض منزل الخليفة للنهب، إلى جانب المتحف الوطني السوداني، كما تم حرق المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي، وتم تدمير متحف دارفور، حيث قدَّر الخبراء على الأرض عدد القطع المنهوبة بعشرات الآلاف.
وتشير الصحيفة أيضاً إلى تقرير صادر عن الهيئة القومية للمعالم الأثرية والمتاحف في السودان، كشف أن القطع الأثرية المرتبطة بمملكة كوش القديمة، والمعروضات المرتبطة بالجنرال البريطاني غوردون، قد تعرضت للنهب خلال الحرب. وحسب الصحيفة، لم يعد موظفو المجلس الثقافي البريطاني موجودين على الأرض في السودان، ولكن التمويل من صندوق التراث الحي الخاص به يوفر المساعدة للخبراء السودانيين والمجتمعات المحلية الذين نقلوا القطع الأثرية المتبقية في المتاحف وأخفوها من أجل الحفاظ على تراثهم الثقافي.
وساعدت هذه الجهود حتى الآن في حماية مخازن المتاحف المرتبطة بالمواقع القديمة، مثل كرمة وجبل البركل، ومتحف بورتسودان على الساحل، والموقع المدرج ضمن التراث العالمي لليونيسكو في مروي، الذي يحتوي على أهرامات تعود إلى 2300 عام.
التراث الثقافي في زمن الصراع
وعلى الرغم من استمرار الحرب، فإن هناك مشاريع جارية لبناء وحماية المتاحف المجتمعية، بما في ذلك في مدينة «الأُبَيِّض»، وهو موقع آخر مرتبط بمعركة في الثورة المهدية التي جذبت بريطانيا إلى السودان في القرن التاسع عشر. ونقلت الصحيفة البريطانية عن أماني بشير، مديرة متحف شيكان في مدينة الأُبيض، إن «التراث الثقافي المادي وغير المادي في السودان لا يزال ذا أهمية قصوى للمجتمعات في ظل الصراع المستمر».
وأضافت: «تفخر جميع المجتمعات بتراثها، وهو بمثابة الهوية والعلامة التي تميز كل مجموعة عن الأخرى، ولذلك فإن الآخر يعمل بجد للحفاظ عليه واستمراره وتملكه للأجيال الحالية والمستقبلية».
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المجلس الثقافی البریطانی القطع الأثریة فی السودان
إقرأ أيضاً:
طلب إحاطة لحماية التراث المصري من أعمال الهدم بمنطقة الإمام الشافعي
تقدمت النائبة فاطمة سليم، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس المجلس، لتوجيهه إلى كل من رئيس مجلس الوزراء وزيري السياحة والآثار والثقافة بشأن هدم قبة "نام شاز" التاريخية.
وزير السياحة والآثار ونظيره الإيطالي يفتتحان المدرسة الايطالية الفندقية بالغردقة وزير السياحة والآثار: الافتتاح الرسمي للمتحف المصري قرار رئاسيوأوضحت النائبة فاطمة سليم في طلبها، أنه قد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة صورًا تكشف هدم جزء من قبة "نام شاز" التاريخية وهي تحفة فنية عمرها أكتر من 155 سنة تقريبًا وتقع بمنطقة مقابر الإمام الشافعي، لافتة إلى أن وزير الثقافة أعلن بعد ذلك وقف عمليات الهدم فى مقابر الإمام الشافعى "بشكل مؤقت"، وأنه جار التنسيق مع الجهات المعنية للبقاء على الأضرحة فى أماكنها أو بحث إمكانية نقل الأضرحة الأخرى فى مكان آخر لاستكمال مشروع المحور المرورى الجارى إنشاؤه.
وتساءلت النائبة في طلب الإحاطة عن كيفية حدوث ذلك من الأساس، قائلة: "لماذا لم يتم التنسيق بين الجهات المعنية قبل وقوع الكارثة؟، فوفقا لتصريح وزير الثقافة سيتم التنسيق بين الجهات المعنية لحماية التراث المصري، فلماذا لم يحدث ذلك قبل هدم القبة ونحو جزء من هذا التراث بالفعل؟، وكيف سيتم تدارك الأمر بعد هدم جزء من القبة؟".
كما تساءلت النائبة فاطمة سليم عن آليات التخطيط لتطوير تلك المناطق بما يضمن عدم المساس بالتراث والحضارة المصرية، مضيفة: "وماذا بعد وقف أعمال الهدم "بشكل مؤقت"؟، هل سيتم استئناف هدم الأماكن التاريخية والتراثية أم ستتوقف تلك المأساة؟، وما الذي يضمن عدم تكرار مثل هذه الوقائع مرة أخرى؟"، مطالبة بإحالة الطلب إلى لجنة الإعلام والثقافة والآثار بمجلس النواب لمناقشته.