العراق يئن من الظمأ.. متى تلوح بغدادُ بـورقة الضغط في وجه الدول المتشاطئة؟- عاجل
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
بغداد اليوم – بغداد
العراق يموت عطشًا بسبب سياسة إيران وتركيا المائية، بهذه العبارات تتصاعد الدعوات لإيجاد مخرج من أزمة باتت تضرب عصب الحياة في البلاد.
المختص في الشأن الاقتصادي ناصر الكناني، دعا اليوم الاثنين (14 آب 2023)، الحكومة العراقية بالضغط على تركيا من أجل اطلاق حصة العراق المائية العادلة.
وقال الكناني، لـ"بغداد اليوم"، إن "العراق يموت عطشا بشكل حقيقي بسبب أزمة الجفاف الكبيرة التي يمر بها، نظرا لقطع تركيا المياه"، لافتا إلى أن "هذا الازمة من المؤكد ستكون لها انعكاسات سلبيات كبيرة على الوضع الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة".
وبيًن أن "العراق يملك ورقة ضغط اقتصادية كبيرة ضد تركيا"، داعيًا "الحكومة الى استخدام تلك الورقة للضغط من أجل اطلاق حصة العراق المائية العادلة".
مشددا على أنه "لا يمكن السكوت أكثر عن هذه الازمة التي تشكل تهديدًا خطيرًا على عموم الأوضاع في العراق".
ويعاني العراق، من أزمة شح مياه قاسية، ألقت بظلالها على أنهره وأهواره ومن بينها أهوار ميسان التي لا يرى فيها حاليًا إلا أرض قاحلة تئن من الظمأ، إذ تحولت بسبب شح المياه الى أرض قاحلة تنذر بكارثة بيئية تهدد السكان والتنوع الاحيائي، خاصة الأسماك.
تركيا تعطش العراق
وتحبس الدولة التركية بواسطة سد إليسو مياه نهر دجلة، في الوقت الذي تحبس فيه مياه نهر الفرات بواسطة سد أتاتورك وتمنع تدفقه إلى الأراضي السورية منذ أكثر من عامين، حيث انخفض منسوب مياه الفرات إلى مستويات تاريخية، ما يؤثر على حياة الملايين من السكان في البلاد، وفق متتبعين.
وتستخدم الدولة التركية الأنهار العابرة للحدود في "إطار الحرب التي تخوضها ضد الشعبين السوري والعراقي".
ووفقا لخبراء فإن تركيا "تسرق" حصة البلدين من مياه نهري دجلة والفرات منذ 5 أعوام بنسبة تراوح بين 60 و70%.
إيران تقطع الماء عن العراق
وفي 12 تموز 2021، أعلن العراق رسميًا أن إيران قطعت المياه عنه بشكل تام، فيما لوحت بغداد باللجوء إلى المجتمع الدولي في حال استمر الوضع.
وزير الموارد المائية مهدي رشيد الحمداني أنذاك، قال في بيان، إن "الإطلاقات المائية من إيران بلغت صفرا"، فيما أشار إلى "اتخاذ حلول لتخفيف ضرر شح المياه في محافظة ديالى".
واعتبر بغدادُ خطوة طهران تجاوزا واضحا لكل القوانين والأعراف التي تُنظم حقوق الدول في الأنهار العابرة للحدود.
الخطوتان الوحيدتان اللتان قام بهما العراق، كانتا، بحسب مراقبين، شكليتان إلى حد كبير، إذ أرسلت وزارة الموارد العراقية مذكرة للجانب الإيراني، تطالبه بالالتزام بالبروتوكولات والاتفاقيات التي بين البلدين بشأن المياه المشتركة.
وأيضا أعلن وزير الموارد المائية أثناء زيارته للمناطق التي أصابها الجفاف في محافظة ديالى العراقية جراء قطع إيران للمياه، بأن حكومة بلاده ربما تلجئ للمجتمع الدولي للضغط على إيران.
طهران تنفي
بالمقابل، نفى السفير الإيراني في العراق أنذاك، إيرج مسجدي، قطع طهران روافد المياه المشتركة مع بغداد، مشيراً إلى أن " 7% فقط من مياه العراق تجري من إيران والباقي يجري من تركيا".
وقال مسجدي في لقاء تلفزيوني نقلت وكالة "إرنا" الإيرانية أجزاءً منه، أن "مسألة المياه هي مشكلة إقليمية ولا تنحصر بدولة واحدة"، مؤكدا أن "بلاده سوف تتعاون بشكل كامل مع العراق في هذا الملف"، مطالبا بحل هذه المشكلة بالتعاون مع جميع دول المنطقة.
وأيًا ماكان الأمر، فإن مناسيب نهري دجلة والفرات، فهي في تناقص مستمر، بعد أن باتت ورقة ضغط سياسي تستخدمها الدول المتشاطئة للضغط على بغداد من أجل الحصول على تسهيلات تجارية، مما تسبب في القضاء على آلاف الهكتارات الزراعية وهجرة الفلاحين لأراضيهم.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
أزمة طاقة في العراق.. هل تكون تركيا وقطر البديل عن إيران أو استمرار التصدير بطرق غير رسمية؟
بغداد اليوم - متابعة
ناقش موقع "اقتصاد" الإيراني، قرار الولايات المتحدة بإنهاء الإعفاءات الممنوحة للحكومة العراقية بفك ارتباطه مع إيران فيما يتعلق باستيراد الغاز والكهرباء، بكيفية تغلب العراق على الأزمة، مشيراً إلى أنه "من الممكن أن تكون تركيا وقطر البديل عن الغاز الإيراني".
وبحسب التقرير الذي ترجمته "بغداد اليوم"، فإن التقرير طرح العديد من الخيارات أمام الحكومة العراقية، من بينها أن تبحث إيران عن طريق غير رسمية لتصدير الغاز إلى العراق.
وفي 8 مارس 2025، ألغت واشنطن الإعفاءات التي سمحت للعراق باستيراد الغاز والكهرباء من إيران دون التعرض للعقوبات الأميركية، هذا القرار يضع العراق في موقف صعب، حيث يعتمد بشكل كبير على الطاقة الإيرانية، لكنه في السنوات الأخيرة بدأ يبحث عن بدائل بسبب الضغوط السياسية والمالية.
كيف تأثرت صادرات الغاز والكهرباء من إيران إلى العراق؟
بموجب اتفاقية موقعة في مارس 2024، التزمت إيران بتصدير 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا إلى العراق، وهو ما يعادل صفقة بقيمة 6 مليارات دولار سنويًا. كما وقع العراق عقدًا في يوليو 2022 لشراء 400 ميغاواط من الكهرباء من إيران لمدة خمس سنوات.
لكن هذه الاتفاقيات واجهت تحديات كبيرة. فقد أدت أزمة نقص الغاز في إيران إلى انخفاض ضغط الإمدادات وتكرار انقطاعات التصدير، مما تسبب في فقدان العراق 6000 ميغاواط من الكهرباء في ديسمبر 2024، وتفاقمت الأزمة مع مرور الوقت.
الآن، مع إنهاء الإعفاءات الأميركية، أصبح سداد العراق لديونه لإيران أكثر تعقيدًا. سابقًا، كانت العقوبات الأميركية تمنع بغداد من دفع مستحقاتها لإيران، مما أدى إلى خفض الإمدادات الإيرانية أو وقفها بشكل متكرر. ومع تزايد الضغوط، سيتعين على العراق إما العثور على بدائل جديدة للطاقة أو مواجهة خطر العقوبات الأميركية.
هل ينجح العراق في إيجاد بدائل للطاقة الإيرانية؟
1 - الغاز التركماني: في أكتوبر 2024، وقع العراق اتفاقية لاستيراد 20 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز من تركمنستان، مما قد يخفف من تبعيته لإيران.
2 - الغاز الطبيعي المسال (LNG) من قطر: بدأ العراق ببناء محطة تخزين الغاز الطبيعي المسال في ميناء الفاو، وقد تصبح قطر المزود الرئيسي لهذا المشروع.
3 - مشروع خط أنابيب الغاز "قطر – تركيا": رغم توقفه عام 2009 بسبب الأزمة السورية، عاد هذا المشروع إلى الواجهة مجددًا بعد تراجع نفوذ النظام السوري، وقد يوفر للعراق إمكانية استيراد الغاز من قطر عبر تركيا.
4 - شبكة الكهرباء الخليجية: يعمل العراق على ربط شبكته الكهربائية بمجلس التعاون الخليجي، بدءًا من خط يربط الكويت بالبصرة، لتقليل اعتماده على إيران.
5 - استثمارات مع "توتال إنرجي": وقع العراق في 2023 عقدًا بقيمة 27 مليار دولار مع "توتال إنرجي" الفرنسية لتطوير قطاعي النفط والطاقة.
لكن هذه البدائل تتطلب استثمارات ضخمة ووقتًا طويلًا، مما يعني أن العراق لن يتمكن من التخلص من اعتماده على الغاز الإيراني في المدى القصير.
هل تبدأ صادرات الغاز والكهرباء غير الرسمية من إيران؟
ويشير التقرير إلى أن إلغاء الإعفاءات الأميركية لا يعني ضرورة توقف الصادرات الإيرانية للعراق تماماً، فإيران لديها تاريخ طويل في التحايل على العقوبات، وقد تستخدم أساليب مختلفة مثل: المقايضة (النفط مقابل السلع): يمكن للعراق الدفع مقابل الغاز الإيراني بالمواد الغذائية أو المنتجات الأخرى بدلًا من الدولار، أو المدفوعات بالعملة المحلية (الدينار العراقي) بدلًا من الدولار الأميركي، وإعادة التصدير عبر أطراف ثالثة، مثل عمان أو تركيا، لإخفاء مصدر الغاز.
هذا السيناريو مشابه لما حدث مع صادرات النفط الإيرانية إلى الصين، حيث تستخدم بكين شركات وسفن غير رسمية لاستيراد النفط الإيراني بعيدًا عن العقوبات.
لكن يبقى السؤال: هل سيتسامح العراق مع هذه التحايلات أم يخضع للضغوط الأميركية؟
هل نشهد نهاية التعاون الاستراتيجي بين إيران والعراق؟
إذا نجح العراق في إيجاد مصادر بديلة للطاقة، فقد يتمكن من التحرر جزئيًا من الهيمنة الإيرانية. بغداد أعلنت أنها تخطط لوقف استيراد الغاز الإيراني بحلول عام 2028، وأكدت أن القرار ليس بسبب الضغوط الأميركية، لكن الحقائق على الأرض تشير إلى أن العقوبات سرّعت هذا التوجه.
ويتطرق التقرير إلى أنه " إذا تمكن العراق من تنويع مصادره، فقد يصبح أكثر استقلالية سياسيًا عن طهران، وربما أقرب إلى تركيا ودول الخليج وأميركا، أما إذا فشلت البدائل، فقد تستمر الصادرات الإيرانية بشكل غير رسمي، مما يطيل أمد الاعتماد المتبادل بين البلدين".
ويختم التقرير إنه "على المدى القصير، يبقى العراق بحاجة إلى الغاز الإيراني، خاصة مع ارتفاع الطلب خلال فصل الصيف. لكن مستقبل العلاقة يعتمد على مدى قدرة العراق على إيجاد حلول بديلة ومدى صرامة العقوبات الأميركية".