الأدوية المهربة في اليمن: انتشار متزايد وزيادة الطلب
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
شمسان بوست / متابعات:
انتشرت الأدوية المهرّبة في شكل كبير خلال فترة الحرب في اليمن وما بعدها في ظل الهدنة الحالية. ويستغرب متخصصون صحيون وجود طلب على الأدوية المهرّبة من قبل المرضى نتيجة أسعارها المنخفضة مقارنة بالأدوية التي تدخل البلاد بطريقة رسمية.
تغزو الأدوية المهرّبة أسواق اليمن في ظل غياب رقابة الجهات المسؤولة التي تتواطأ هي نفسها في تنفيذ عمليات تهريب تنعكس سلباً على مستخدمي الأدوية الذين يتعاملون أيضاً مع الأدوية المهرّبة تحديداً بما هي حل بديل للارتفاع الجنوني في أسعار تلك التي تدخل البلاد بطرق قانونية.
ليس تهريب الأدوية ظاهرة الجديدة في اليمن، إذ يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، لكنه كان محصوراً بأصناف لا توجد في السوق نتيجة قوانين الاستيراد، أو أخرى لا وكلاء لها في البلاد، أي أن الأمر كان يشمل عدداً محدداً من الأدوية. لكن الحرب التي تشهدها البلاد منذ عام 2015، وأفضت إلى انقسام سياسي، انعكست على مؤسسات الدولة. وساهم انتشار الفوضى في تنامي ظاهرة غزو الأدوية المهرّبة التي باتت تملأ أسواق اليمن، ويقف خلفها مسؤولون في الدولة وقيادات عسكرية وأمنية بمشاركة عدد من تجار الأدوية.
مطلع مارس/ آذار الماضي، ضبط فرع الهيئة العليا للأدوية في تعز شحنة أدوية مهرّبة تمهيداً لإتلافها، لكن مسلحين ينتمون إلى اللواء 170 دفاع جوي التابع لمحور تعز اقتحموا بأطقمهم العسكرية مقر فرع الهيئة، واعتدوا على موظفيها، ونهبوا الأدوية المهرّبة لحساب شخص يعمل في هذه التجارة الخطيرة.
وأوضحت الهيئة أنها كانت تستعد لإتلاف كمية كبيرة من الأدوية المهرّبة التي جرى ضبطها بالتعاون مع الأجهزة الأمنية في مديرية المسراخ – صبر، أثناء محاولة تهريبها إلى تعز. وحذرت من كارثة وصول هذه الأدوية إلى السوق وخطرها على حياة الناس لأنها سمّ قاتل”.
ومن بين أسباب زيادة الأدوية المهرّبة التدهور الكبير في قيمة العملة اليمنية الذي جعل الشركات الأوروبية التي تصنّع الأصناف الأصلية والفعّالة تتوقف عن التصدير إلى اليمن في ظل القدرة الشرائية للمواطنين. كما أن هذه الشركات تحرص على سمعتها التجارية التي قد تتأثر بعدم ضمان سلامة النقل والتخزين نتيجة الأوضاع السائدة في اليمن، وفي مقدمها انقطاع الكهرباء.
يقول مندوب علمي في شركة أدوية طلب عدم كشف هويته، لـ”العربي الجديد”: “استغل تجار أدوية الأوضاع السائدة، ونفذوا عمليات تهريب الأدوية بالتعاون مع مسؤولين في الدولة شكلوا معهم شبكة واحدة. وتضمنت العمليات إدخال أدوية بطرق غير قانونية، وعدم إخضاعها لأي إجراءات رقابة، ما ساهم في انتشار أصناف مزوّرة مجهولة المصدر، وبيع أخرى صُنعت في اليمن وخارجه من دون التنسيق مع الشركات الأم، وبيعها في الأسواق باعتبارها مقلّدة للأصناف الحقيقية. وهذا الأمر أكثر خطورة صحياً على غرار إدخال أدوية منتهية الصلاحية جرى إعادة تغليفها وإنزالها إلى الأسواق. ورغم أن المستهلكين يستطيعون تمييز الأدوية المهرّبة في معظم الحالات من خلال التدقيق في أختام الوكلاء المستوردين، فإن الوضع الاقتصادي الصعب يجعلهم يشترونها لأن سعرها أرخص من دون الاهتمام بمخاطر استخدامها”.
ويقول الدكتور سامي (اسم مستعار)، وهو صاحب صيدلية، لـ”العربي الجديد”: “يقود لوبي يضم مسؤولين في الدولة وقيادات عسكرية وأمنية ومهربين عمليات تهريب الأدوية. والفوضى الأمنية وغياب دور الهيئة العليا للأدوية يدعمان العمليات”.
يتابع: “تنتشر الأدوية المهرّبة في الصيدليات والمستشفيات والمراكز الصحية، ولا يجري سحبها وإتلافها. والمستغرب أن الزبائن يطلبونها في شكل كبير بسبب أسعارها المتدنية مقارنة بتلك التي تدخل البلاد بطريقة رسمية”.
ويوضح الدكتور سامي أن الأدوية المطلوبة في السوق ومرتفعة الثمن تهرّب في شكل كبير، ومعظمها خاصة بأمراض مزمنة، مثل السكري والقلب وأدوية الأمراض النفسية والعصبية”.
ويُخبر صيادلة “العربي الجديد” أن معظم الأدوية المهرّبة تأتي من دول القرن الأفريقي عبر سواحل مدينة المخا بمحافظة تعز ورأس العارة في محافظة لحج (غرب)، وأيضاً من منافذ برية في محافظة المهرة (شرق)، كما تهرّب كميات أقل جواً.
ووفقاً لإحصاء أجرته الهيئة العليا للأدوية الخاضعة لسيطرة الحوثيين بلغت فاتورة استيراد الأدوية في اليمن نحو 88 مليار ريال سنوياً (الدولار يساوي 535 ريالاً في مناطق سيطرة الحوثيين).
ويقول نقيب الأطباء والصيادلة اليمنيين في تعز الدكتور إسماعيل الخلي لـ”العربي الجديد” إن “سيطرة مليشيا جماعة الحوثيين على الهيئة العليا للأدوية عرقلت وصول معظم أصناف الأدوية التي تنتجها الشركات العالمية، وسهّلت تهريبها إلى قيادات في المليشيا بهدف غسل أموال وتنفيذ عمليات تجارية غير شرعية ذات مردود مالي كبير”.
ويشير إلى أن “المنافذ تحوّلت، في ظل سقوط هيبة القانون وسيطرة الجماعات المنفلتة، إلى نقاط لتهريب الأدوية بسهولة ويسر بمجرد أن يتفق المهرّب على الأرباح مع مسؤول في الجهة التي تحصل فيها عملية التهريب. وهما لا يخافان من مصادرة الأدوية أو أي محاسبة”.
ويتحدث عن أن ” الحوثيين تخلّت عن دورها في تزويد المستشفيات الحكومية بالأدوية التي تصرف مجاناً للمواطنين، وكانت تستورد بعضها للمستشفيات تحديداً. كما تخلت وزارة الصحة عن الاستيراد الحصري للأدوية المخدرة وتوزيعها مجاناً لمستشفيات حكومية تخضع لرقابة صارمة، وبيع جزء منها إلى مستشفيات الأهلية مع مراقبة آلية صرفها. وهكذا سيطر الحوثيون على تجار الأدوية المخدرة ذات المردود المالي الكبير”.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: الهیئة العلیا للأدویة تهریب الأدویة العربی الجدید فی الیمن
إقرأ أيضاً:
ماذا سيحدث لو توقف الملايين من مرضى الإيدز عن تناول الأدوية المضادة لفيروس نقص المناعة المكتسب؟
يضعف فيروس الإيدز الجهاز المناعي للجسم تدريجيا، ويجعله عرضة للإصابة بالأمراض. وبالرغم من التعامل مع هذا الفيروس بحزم منذ بداية القرن الحالي، إلا أنه في طريقه للعودة إلى الواجهة مجددا، بسبب سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاهه.
قبل سنوات طويلة، بلغت نسبة الوفيات المتعلقة بالإيدز مستويات مقلقة، ما دفعت الناس حينئذ إلى مطالبة الحكومات بأخذ خطوات جدية للتعامل مع المرض.
وقد استجابت الولايات المتحدة لهذه النداءات عام 2003، فأنشأت ما يسمى برنامج "خطة الرئيس الطارئة للإنقاذ من الإيدز" PEPFAR، وهو من أنجح برامج المساعدات الخارجية في التاريخ الحديث.
ولكن الآن مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، أوقفت إدارته المساعدات الخارجية بزعم أنها "إهدار للموارد"، ما تسبب في تعثر النظام الذي أبقى ملايين الأشخاص على قيد الحياة لأكثر من 20 عامًا.
وأثار الوقف المؤقت للبرنامج حالة من الارتباك لدى المرضى الذين لم يعد بإمكانهم الحصول على الأدوية التي تقيهم من الإيدز، بينما يعتبر الوقت عاملا حاسما بالنسبة لهم.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز لوكالة أسوشيتد برس، إن العالم قد يسجل 6.3 مليون حالة وفاة مرتبطة بالإيدز، في السنوات الخمس المقبلة.
ويشكل هذا الأمر صدمة، لأنه يأتي في وقت يشهد انخفاضا في درجة الوعي بشأن فيروس نقص المناعة المكتسب، وتراجعا في استخدام الواقي الذكري في صفوف بعض الشباب، مع ظهور دواء يعتقد البعض أنه يمكن أن يقضي على الإيدز إلى الأبد.
وبدأت الوكالة في تتبع الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشرية، في البلدان التي كانت تحظى بدعم البرنامج الأمريكي، وبمقارنة العدد الفعلي للإصابات بالعدد المتوقع تسجيله في حال استمرار دعم الولايات المتحدة.
فماذا سيحدث للجسم عند توقف تناول أدوية فيروس نقص المناعة البشرية؟
انهيار الجهاز المناعيينتشر فيروس نقص المناعة المكتسب عن طريق سوائل الجسم، مثل الدم أو حليب الأم أو السائل المنوي.
ويضعف الفيروس جهاز المناعة تدريجيا ويجعله عرضة للإصابة بالأمراض، وتشمل تلك التي قلما تظهر لدى الأشخاص الأصحاء. فالظهورالمفاجئ لتلك الأمراض في ثمانينيات القرن الماضي هو الذي دق ناقوس الخطر ولفت انتباه الخبراء في مجال الصحة لما أصبح بعدها يُعرف بوباء الإيدز.
وقد أثمرت سنوات طويلة من الأبحاث عما يسمى الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية التي تمنع فيروس نقص المناعة البشرية من الانتشار في الجسم وأصبح الملايين يتناولونها.
Relatedدراسة أمريكية: مرضى الإيدز يمكنهم تلقي كلى من متبرعين يحملون الفيروس بأمانتوصيات جديدة تشجع الأمهات المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية المسبب للإيدز على الرضاعة الطبيعيةتقرير أممي: فيروس الإيدز يقتل شخصا واحدا كل دقيقة و40 مليونا أصيبوا بالعدوى سنة 2023ويعطي وقف تناول تلك العلاجات مجالا للفيروس، للبدء بالتكاثر في الجسم مرة أخرى، وقد يصبح مقاومًا للأدوية.
وقد يعود فيروس نقص المناعة البشرية إلى مستويات يمكن اكتشافها في الدم في غضون أسابيع قليلة فقط، ما يعرّض للخطر حياة الأشخاص الذين يقيمون علاقات جنسية.
كما لا يمكن للطفل حديث الولادة أن ينجو من العدوى إذا كانت أمه مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، إلا إذا خضعت للعلاج بشكل صحيح أثناء الحمل، أو أُعطي الدواء للرضيع بعد ولادته مباشرة.
وقد يصاب الشخص بالإيدز، وهي المرحلة الأخيرة من العدوى إذا لم يتناول العلاج.
تقول المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، إن المصابين بالإيدز يعيشون بالعادة لثلاث سنوات تقريبا، إذا لم يتلقوا العلاج.
وقد لا تظهر الأعراض لفترة طويلة. ورغم ذلك، يمكن للشخص أن ينقل الفيروس بسهولة إلى الآخرين، ويصبح الجهاز المناعي عرضة لما يسمى بـ "الأمراض الانتهازية".
وتقول المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة، إن الأمراض الانتهازية تشمل العدوى الفطرية والالتهاب الرئوي والسالمونيلا وداء السل.
وقد تكون الخسائر فادحة بالنسبة لبلد مثل جنوب أفريقيا، حيث يتواجد أكبر عدد من حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية في العالم، وأعلى معدلات حالات الإصابة بالسل.
وإذا لم يتم علاج فيروس الإيدز بشكل مناسب، فسيتفاقم الضرر الناتج عنه دون أن يجد ما يردعه، إذ يزداد عجز جهاز المناعة عن مكافحة الأمراض. وتصبح حينها أي ممارسة يومية مثل الأكل أوالسفر عملية محفوفة بالمخاطر بسبب احتمال تعرض الشخص للجراثيم التي تكون قاتلة في حالته.
عامل الوقتعلى مدى سنوات، تم التأكيد على ضرورة تناول المصابين بالفيروس الأدوية يوميا، بل حتى في نفس التوقيت من كل يوم. ولكن، أصبح من الصعب اتباع هذه القاعدة الهامة الآن.
فقد تم تسريح المئات أو الآلاف من العاملين في مجال الصحة، الذين كانت تمولهم الولايات المتحدة في بلدان مثل كينيا وإثيوبيا، ما خلق فجوات واسعة في فحوصات الفيروس والرعاية المقدمة للمصابين به، في القارة التي استفادت كثيرا من الدعم الأمريكي.
كما أن بعض العيادات في إفريقيا، رفضت استقبال المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسب.
ويقول الخبراء في مجال الصحة إن إلغاء آثار تجميد إدارة ترامب للمساعدات الخارجية خلال فترة مراجعة مدتها 90 يومًا، وفهم ما هو مسموح به بموجب إعفاء PEPFAR ، سيأخذ وقتًا لا يملكه الكثيرون.
المصادر الإضافية • أ ب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الأمم المتحدة تحذر: الإصابات بالإيدز قد تتضاعف 6 مرات إذا توقف التمويل الأمريكي الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر.. تجميد ترامب للمساعدات يهدد حياة ملايين المصابين بالإيدز حقنتان في السنة قد تكفيان للتخلص من الإيدز فهل تكون متاحة لجميع المرضى؟ دونالد ترامبوفاةالصحةأفريقياالسلمرض الإيدز