نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للمحرر الدبلوماسي باتريك وينتور قال فيه إن خطة "إسرائيل" لمنع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، "أونروا" من  الدخول والعمل في غزة يمثل تدنيا جديدا في العلاقة مع المنظمة الدولية.

ويقول إن الولايات المتحدة وحدها القادرة على إقناع  رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على التخلي عن الخطة التي شجبتها 123 دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقال وينتور إن العلاقات المتدهورة بين الأمم المتحدة و"إسرائيل" وصلت على ما يبدو إلى أدنى مراحلها مع التمرير الوشيك لقانونين في الكنيست يمنعان "أونروا" من العمل في الضفة الغربية وغزة.

ويقول وينتور إن "أونروا" تعرضت لهجمات "إسرائيل" قبل مزاعم عن مشاركة 12 من موظفيها في هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر التي نفذتها حماس العام الماضي. ولكن التحرك لمنع المنظمة كليا يعطي إشارات جديدة عن استقطاب سيأخذ سنوات لعكسه. ويقول إن العواقف الكبيرة لاحتقار أهم حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، المنظمة الدولية  ومؤسساتها القانونية الدولية التي تدعمها ستكون طويلة الأمد.

وفي إشارة عن دعم وزير الجيش الإسرائيلي السابق بيني غانتس لقرارات الكنيست المقبلة اتهم "أونروا" بأنها اختارت "جعل نفسها غير منفصلة عن آلية حماس، وقد حان الوقت لأن نفصل أنفسنا بالكامل عنها. وبدلا من الوفاء بهدفها وتحسين حياة اللاجئين، تقوم أونروا بالعكس وتؤبد مظلوميتهم".


ويعلق وينتور أن الغرب كانت لديه شكوك حول حيادية "أونروا"، لكنه يراها الجهة الوحيدة المتاحة لتوفير المساعدات والتعليم والصحة، ولو مررت الكنيست قرارات بإغلاق المنظمة في الضفة الغربية وغزة، فإن مشكلة توفير المساعدات لـ 2.4 مليون نسمة في غزة وللضفة الغربية ستكون حادة.

ويرى الكاتب أن الأزمة باتت محتومة، فهناك قراران مررا في 6 تشرين الأول/ أكتوبر عبر لجنة الشؤون الخارجية في الكنيست والدفاع وسيتم التصويت عليهما في الكنيست يوم 28 تشرين الأول/ أكتوبر، حسب منظمة عدالة، المركز القانوني لحقوق العرب داخل الخط الأخضر. ومن المتوقع أن يحصل القراران على غالبية الأصوات،  100  من 120 صوتا. ويدعو قانون لمنع عمل "أونروا" في المناطق التي لـ"إسرائيل" عليها سيادة ما يعني إغلاق مقرات "أونروا" في شرقي القدس وإنهاء تأشيرات طاقم الوكالة.

ويقول مركز عدالة إن  المقترح هو خرق لقرارات المحكمة الدولية التي دعت "إسرائيل" للتعاون مع الأمم المتحدة لتوفير المساعدات الإنسانية، ومن المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في ثلاثة أشهر من تنفيذه.

ومع أنه تم شجب الخطة وعلى نطاق واسع، بمن فيهم سفراء 123 دولة عضو في الأمم المتحدة إلا أن واشنطن هي القادرة على دفع "إسرائيل" بإعادة التفكير بالخطة. ففي رسالة من وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن حذرا فيها من أن "فرض مثل هذه القيود من شأنه أن يدمر الاستجابة الإنسانية في غزة في هذه اللحظة الحرجة ويحرم عشرات الآلاف من الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس من الخدمات التعليمية والاجتماعية الأساسية".

وجاء البيان من الوزيرين، رغم رفض الكونغرس إعادة التمويل لـ"أونروا"، كما فعلت الدول الغربية الأخرى. ويقول وينتور إن العلاقة بين "إسرائيل" و"أونروا" ظلت حتى 7 تشرين الأول/ أكتوبر تقوم على احترام الضرورة، لأن الوكالة الدولية وفرت المساعدات الطبية والإنسانية والتعليمية للفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي، مما حلل "إسرائيل" الطرف المحتل من تحمل العبء الذي يجب عليها القيام به.

وأكد مدير الوكالة فيليب لازاريني أنه تصرف بحسم بعد الاتهامات الإسرائيلية وطرد الأشخاص المعنيين وبعد مراجعة للمزاعم وأنه قام بتنفيذ توصيات تقرير وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا.

وأشارت "أونروا" إلى أن جهود "إسرائيل" المتلاحقة لنقل المساعدات عبر طرق بديلة فشلت. وقالت إنه لا توجد أية منظمة قادرة على القيام بالمهمة كما تقوم بها "أونروا".

ولكن، كما في معظم المنطقة، فقد أشارت "إسرائيل" إلى أنها تريد تغيير قواعد اللعبة، وهذا يعني عدم التسامح مع ما تراه تدخلا من جانب الأمم المتحدة. وفي الاختيار بين القانون الدولي والمخاطر التي تهدد أمن "إسرائيل"، يصر رئيس الوزراء  بنيامين نتنياهو على أن "التغطية الصحفية السيئة أفضل من التأبين الجيد".

ويضيف الكاتب أن جذور الأزمة هي أعمق من المواجهة مع "أونروا"، فلطالما اعتبرت "إسرائيل" المنظمة الدولية "مستنقعا لمعاداة السامية". واعتبر نتيناهو ومنذ عام 1984 أن مهمته كسفير "إسرائيل" في الأمم المتحدة هي إضاءة شعلة الحقيقة في بيت الظلام.


وفي عام 1987، أعرب الدبلوماسي البريطاني برايان أوركهارت، وكيل الأمين العام السابق للشؤون السياسية الخاصة، عن أسفه بأن "تدخل الأمم المتحدة في قضية فلسطين شوه صورة المنظمة ومزق سمعتها وهيبتها، كما لم تفعل أي دولة أخرى". ومن الأسباب  الداعية لنقد الأمم المتحدة ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أسبوعين، حيث نقل عنه قوله في جلسة مغلقة إن على "إسرائيل" أن تلتزم بقرارات الأمم المتحدة لأن الأمم المتحدة هي التي أنشأت دولة "إسرائيل" في عام 1947، وهي الملاحظة التي أدت إلى موجة من الانتقادات من جانب نتنياهو والجماعات اليهودية الفرنسية. إلا أن جيرار أرو، السفير الفرنسي السابق في الأمم المتحدة، سارع لنجدة ماكرون والدفاع عنه ضد ردة فعل  قائلا "إنها مدهشة، وهي حقيقة لا يمكن إنكارها: أنشئت دولة "إسرائيل" بموجب القرار 181 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947".

ويقول الكاتب إن هذا التصور للولادة، الميلاد الذي لم يسر حسبما أرادت الأمم المتحدة، قد أعطى الهيئة شعورا خاصاً بالمسؤولية عن تصحيح ما تعتبره العديد من الدول الأعضاء خطأ. وعلى النقيض من ذلك، فإن شعور العديد من الإسرائيليين بالحاجة إلى الامتنان أو حتى الاحترام للأمم المتحدة أصبح لعنة بالنسبة لهم.

ومنذ ذلك الحين، شعرت الأمم المتحدة التي توسعت ونمت في مرحلة ما بعد الاستعمار بالمسؤولية عن تصحيح ما يعتبره العديد من الأعضاء ظلما من صنعها. ومع تغير تركيبة الأمم المتحدة وتعمق الحرب الباردة ونمو الحركة المناهضة للاستعمار، تزايدت العداوة تجاه "إسرائيل"، مما أدى إلى صدور قرار  في عام 1975 بأغلبية 72 صوتا مقابل 32 صوتا، ساوى بين الصهيونية والعنصرية، وقد تم إلغاء القرار لاحقا.

وفي الوقت نفسه أصبحت الولايات المتحدة تنظر إلى الصراع على أنه حكر عليها، ومررت القرارات المهمة بدون النظر للأمم المتحدة التي وقفت متفرجة.

ويقول وينتور إن هذا العام سيتم تذكره بالعام الذي حاولت فيه الأمم المتحدة تأكيد نفسها، وقد أدى إلى مواجهة بين المؤسسات الدولية التي تعتقد أنها تحافظ على السمعة لحكم القانون الهشة ودولة تعتقد أنها في معركة وجودية وتنظر إلى الأمم المتحدة أنها تساعد مضطهديها.

ففي كانون الثاني/ يناير أصدرت محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة في العالم قرارا قالت فيه إن هناك أدلة معقولة حول ارتكاب "إسرائيل" إبادة جماعية في غزة، وتبعه ثلاثة أوامر تأمر "إسرائيل" بتقديم المساعدات دون عوائق على نطاق واسع في غزة. وفي تموز/ يوليو أصدرت المحكمة رأيها الاستشاري في قضية قائمة منذ فترة طويلة بأن احتلال "إسرائيل" تحتل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة منذ عام 1967 هو انتهاك للقانون الدولي. وفي 18 أيلول/ سبتمبر صوتت الجمعية العامة بالإجماع 124 صوتا مقابل 14 صوتا من بينهم "إسرائيل" وبامتناع 43 دولة عن التصويت بأنه يجب تطبيق قرار محكمة العدل الدولية حول الاحتلال الإسرائيلي يجب أن ينفذ في 12 شهرا.

وردت "تل أبيب"، حيث منعت عددا من مقرري الأمم المتحدة الخاصين من دخول "إسرائيل". وكانت الخطوة الأخيرة منع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتريش من دخول "إسرائيل" باعتباره شخصية غير مرغوبة. وكانت جريمته هي أنه لم يشجب الهجوم الصاروخي الإيراني ضد "إسرائيل" ولأنه حاول منح سياق لهجمات حماس العام الماضي وأنها لم تحدث من فراغ، ولأنه وصف الدمار الذي تعرضت له غزة الأسوأ الذي شاهده خلال فترته كأمين عام للمنظمة الدولية.


وفي أيلول/سبتمبر ألقى نتنياهو خطابا أمام الجمعية العامة في اجتماعها السنوي، ووصف الأمم المتحدة دون ذكر غويتريش بأنها "مستنقع من المرارة المعادية للسامية"، ووصف الأمم المتحدة التي يقودها غوتيريش بأنها "مؤسسة كانت محترمة في السابق، لكنها أصبحت الآن محتقرة في نظر الناس المحترمين في كل مكان". وقال إن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هو مجلس حقوق الإرهابيين.

ولم تخض "إسرائيل" المعركة ضد الأمم المتحدة في الأروقة الدبلوماسية فقط، بل على الأرض في غزة ولبنان. كما اتهمت "أونروا" بالتحيز وعدم الكفاءة، وجهت اتهامات مماثلة إلى قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل). وبحسب منظمة مؤيدة لـ"إسرائيل" اسمها "يو أن ووتش" فإن يونيفيل  "لم تفعل شيئا" في حين "كان حزب الله يحفر الأنفاق لغزو إسرائيل واختطاف ومهاجمة المدنيين الإسرائيليين وزرع الصواريخ في منازل المدنيين". وتقول القوى الغربية إن الأمم المتحدة لديها تفويض محدود وأن الحل يكمن في تشديد التفويض. ولم يتقدم أحد حتى الآن بحلول ملموسة لإنهاء هذه المعركة الطويلة، والخطر هو أن يرى البعض الحل في طرد الأمم المتحدة، لكن عندما يحدث هذا  فتفككها سيصبح على الأجندة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الفلسطينيين أونروا الأمم المتحدة الاحتلال الأمم المتحدة فلسطين الاحتلال أونروا صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضفة الغربیة للأمم المتحدة الأمم المتحدة تشرین الأول المتحدة فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

الغارديان: ساعة القيامة تدق سريعًا.. ونزاعات 2025 ستخرج العالم عن السيطرة .. السودان الكارثة الإنسانية والنزاع المنسي

لندن- القدس العربي/نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرًا أعده سايمون تيسدال ذكر فيه أن أنظار العالم ظلت متركزة على الشرق الأوسط وأوكرانيا، لكن وحشية الحرب تنتشر في أماكن أخرى من العالم، وأضاف أن الشعور السائد هذه الأيام هو أن العالم أصبح مكانًا خطيرًا، لكن هل هذا صحيح؟

ولا تساعد المقارنات التاريخية في الإجابة على هذا السؤال. وذكر أن أوروبا أحيت، في الأسبوع الماضي، الذكرى الثمانين لتحرير الروس معسكر أوشفيتز-بيركيناو في بولندا، والذي كان تذكيرًا بوحشية الحرب. إلا أن القراءة الأخيرة لـ “ساعة القيامة”، التي تقدم إجراءات رمزية لاقتراب الكوارث الدولية، أشارت مجموعة من علماء الذرة الدوليين إلى أن الساعة الآن هي عند 89 ثانية قبل منتصف الليل، مشيرة إلى التهديدات الناجمة عن تغير المناخ والأسلحة النووية والذكاء الاصطناعي. حيث تقدمت ساعة القيامة مرة أخرى أقرب إلى منتصف الليل، وسط تلك التهديدات. وكانت الساعة تشير إلى 90 ثانية قبل منتصف الليل خلال العامين الماضيين،

وقال دانييل هولز، رئيس مجلس العلوم والأمن في مجموعة القيامة، التي أسسها ألبرت أينشتاين ويوليوس روبرت أوبنهايمر وعلماء مشروع مانهاتن في شيكاغو عام 1947: “عندما تكون على هذه الهاوية، فإن الشيء الوحيد الذي لا تريد القيام به هو اتخاذ خطوة إلى الأمام”.

والنقطة من تحذيرات العلماء هي أن التهديدات هذه لم تعد تُدار بطريقة جيدة. وأدت الكوارث الطبيعية والصحية، مثل حرائق لوس أنجليس، والجفاف بمنطقة الساحل، واندلاع مرض إيبولا، إلى مفهوم أن العالم يخرج عن السيطرة.

الصراعات العالمية تضاعفت، وحوادث العنف السياسي زادت بنسبة 25% عن عام 2023، وواحد من كل ثمانية أشخاص في جميع أنحاء العالم عانى من الحرب

ويقول تيسدال إن التصرفات التخريبية للدول والحكومات هي عامل مهم في زعزعة استقرار العالم، من خلال ميلها المتزايد إلى انتهاك ميثاق الأمم المتحدة، والحدود الدولية، وحقوق الإنسان الأساسية، والمحكمة الجنائية الدولية. فعندما يهدد الرئيس الأمريكي، الذي يُعدّ تقليديًا الحارس الرئيسي للنظام القائم على القواعد، والذي أنشئ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945، بمهاجمة حليف في أوروبا الغربية عسكريًا للاستيلاء على أراضيها ذات السيادة، فلا عجب أن يشعر الجميع بمزيد من غياب الأمان.

ومع ذلك، هذا هو بالضبط ما يفعله دونالد ترامب في محاولته ترهيب الدانمارك لتسليم غرينلاند. ويواجه جيران ترامب في بنما والمكسيك وكولومبيا وكندا ترهيبًا مماثلًا.

وقامت المنظمة غير الربحية “أماكن النزاعات المسلحة وبيانات الأحداث”، المعروفة باسمها المختصر “أكليد”، بإعداد معلومات وتحليلات للمساعدة في تتبع العنف والتخفيف منه.

وتشير التقديرات إلى أن الصراعات العالمية تضاعفت على مدى السنوات الخمس الماضية، وأن حوادث العنف السياسي في عام 2024 زادت بنسبة 25% عن عام 2023، وأن واحدًا من كل ثمانية أشخاص في جميع أنحاء العالم عانى من الحرب. وبهذه المقاييس، فإن الاعتقاد بأن العالم أصبح أكثر خطورة مبرر تمامًا.

وفي حين تحظى بعض الحروب، مثل إسرائيل وفلسطين وروسيا وأوكرانيا، باهتمام إعلامي ضخم، فإنها تشكّل استثناءات. فمعظم الصراعات الحالية، سواء كانت تنطوي على حروب وغزوات في السودان والكونغو، أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في أفغانستان والتيبت، أو حرب العصابات في هاييتي وكولومبيا، أو المجاعة الجماعية في اليمن والصومال، أو القمع السياسي في نيكاراغوا وبيلاروسيا وصربيا، لا تحظى بالتغطية الكافية، أو يتم نسيانها أو تجاهلها.

وتحتاج الحروب المتطورة، كتلك التي بين الصين وتايوان، والولايات المتحدة وإسرائيل وإيران، إلى اهتمام قريب. وكل هذه النزاعات تقدم صورة رهيبة عن عالم أصبح مدمنًا على الحرب.

الكونغو-رواندا
ولو ألقينا نظرة خاطفة على حالة العالم الحالية والحروب المندلعة فيه، فإننا نرى أن الحرب قد اندلعت وتطورت بشكل كبير بين رواندا والكونغو. فالحرب المستمرة على الحدود بين البلدين أصبحت في مركز الأخبار، عندما دخلت القوات الرواندية ومجموعات المتمردين المعروفة باسم “أم23” مدينة غوما في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث اتهمت الأمم المتحدة الرئيس الرواندي بول كاغامي بتوجيه ودعم “أم 23” وإرسال قواته إلى داخل الأراضي الكونغولية.

وفي قلب النزاع صراع على المصادر الطبيعية في منطقة فقيرة من الكونغو، فهي غنية بخام كولتان المطلوب بشدة في الغرب. ففي الوقت الذي أدى الهجوم الأخير إلى جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي، شجبت فيها فرنسا وبريطانيا رواندا، ودعمت الولايات المتحدة سيادة الكونغو على أراضيها، وأعلنت ألمانيا دعمها لرواندا، إلا أن الخطوات هذه متأخرة، وبخاصة أن الاتحاد الأوروبي وقع اتفاقية إستراتيجية للمعادن مع نظام كيغالي. كما يأتي شجب بريطانيا فارغًا، فقد اعتبرت الحكومة السابقة في لندن نظام كاغامي بأنه نموذج يمكن نقل طالبي اللجوء السياسي في بريطانيا. وأكثر من هذا، فالنزاع في الكونغو مستمر منذ عقود.

ميانمار
وهناك النزاع في ميانمار، فقد شهد العام الماضي مقاومة مسلحة للمجلس العسكري الذي أطاح بحكومة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، أونغ سان سوكي عام 2021. ورد الجنرالات بما أسمته منظمة “هيومان رايتس ووتش” بأساليب “الأرض المحروقة”. وتشمل هذه الضربات الجوية العشوائية ضد المدنيين والقتل والاغتصاب والتعذيب والحرق العمد “التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.

وتقول الأمم المتحدة إن ميانمار في “سقوط مستمر”، حيث سيحتاج 20 مليون شخص إلى المساعدة في عام 2025. وتم فرض التجنيد الإجباري على الشباب والأطفال باستخدام عمليات الاختطاف والاحتجاز.

ولا تزال أونغ سان سوكي قيد الاعتقال، وهي واحدة من 21,000 سجين سياسي. ولا يزال المدنيون من أقلية الروهينغا المسلمة مستهدفين في ولاية راكين. ويظل السياق الأوسع للنزاع في ميانمار هو فشل مجموعة دول جنوب شرق آسيا “آسيان” للرد على هذا الكابوس، وتسامح الصين مع النظام العسكري، فيما تورد روسيا السلاح للنظام العسكري.

هاييتي
وفي هاييتي، التي توصف بأنها أفقر دولة في الجزء الغربي من الكرة الأرضية، ولديها سمعة بأنها غير محكومة، حيث فشلت سلسلة من التدخلات الخارجية قادتها أمريكا بتحقيق الاستقرار.

احتلت أمريكا البلد فعليًا ما بين 1915 و1934. وفي آخر تدخل أمريكي، أرسل بيل كلينتون في عام 1994، 20,000 جندي أمريكي لفرض النظام، ولم يستمر إلا لفترة مؤقتة، وجاءت قوات الأمم المتحدة وخرجت. ودخلت هاييتي في الفوضى بعد مقتل الرئيس جوفينل مويس، عام 2021، وسيطرت العصابات المسلحة على البلد. وآخر مساعدة خارجية جاءت من كينيا. وقتل في الفوضى الحالية أكثر من 5,300 شخص، وشُرد 700,000 شخص.

إثيوبيا- الصومال
أما في النزاع الصومالي-الإثيوبي، فقد تعرضت صورة إثيوبيا كنموذج للمساعدات الدولية وجهود التنمية لإعادة مراجعة كبيرة في السنوات الأخيرة، وتزامنًا مع صعود رئيس وزرائها، آبي أحمد، إلى السلطة في عام 2018. ولم يتم حتى الآن تقديم محاسبة كاملة وعلنية للحملة العسكرية المدمرة التي شنها آبي أحمد في إقليم تيغراي الشمالي، والتي انتهت بهدنة في نوفمبر 2022. وقد ساءت سمعة إثيوبيا والقوات الإريترية المتحالفة مع متمردي التيغراي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان الصارخة. وتتواصل هذه في ظل آبي أحمد، إلى جانب تراجع الديمقراطية، وقمع حرية التعبير، ومنع الإنترنت، إلى جانب النزاع مع الصومال بشأن الوصول إلى مياه البحر. كما يزداد القلق بشأن منطقة أمهرة الإثيوبية، حيث تتصاعد أعمال القمع والاعتقالات واسعة النطاق لمعارضي الحكومة وسط صراع مستمر مع الجماعات المسلحة.

إيران
في إيران، عانى الحكم الديني من ضربات موجعة في عام 2024، وخسر عددًا من حلفائه في لبنان وسوريا. ويواجه النظام عددًا من التحديات المحلية، وليس أقلها السكان، وغالبيتهم من الشباب الغاضبين بشكل متزايد على الفساد والعنف والقمع ومن العجز الحكومي. وشهدت إيران خلال الـ 15 عامًا الماضية ثلاث انتفاضات واسعة، عام 2009 و2019 و2022.

تركيا- سوريا
وعلى الحدود التركية- السورية هناك تغيرات كبيرة، فقد استطاعت “هيئة تحرير الشام”، بقيادة أحمد الشرع، الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، حليف إيران وسوريا. ورغم ترحيب الغرب ودول الخليج بالتغيير، إلا أن الخطوات تجاه إعادة تأهيل النظام الجديد بطيئة. ولكن الوضع الأمني لا يزال هشًا في البلد، وبخاصة المواجهات بين جماعات الأكراد المدعومة من أمريكا وتلك التي تدعمها تركيا. وربما تكون عودة سوريا الجديدة ميتة في عام 2025، وبدون التواصل والدعم الدولي قد تعود الحرب.

السودان
وفي السودان، عادة ما يشير المعلقون الصحافيون إلى الوضع الأمني والكارثة الإنسانية هناك بأنه “النزاع المنسي”، والحقيقة هي أنه أسوأ، فهو ليس منسيًا، بل تم تجاهله. ومنذ الفوضى في عام 2023، نزح الملايين من مدنهم ومجتمعاتهم وانتشرت المجاعة نتيجة للنزاع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، حيث تُتهم الأخيرة بارتكاب إبادة جماعية بدارفور، واستخدام العنف الجنسي كوسيلة حرب هناك.

عسكرة ترامب للحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، ومطالبه الصبيانية بإعادة تسمية خليج المكسيك بخليج أمريكا، من المؤكد أنها ستجعل الأمور أسوأ

وربما انتهى التجاهل الدولي للسودان في عام 2025، ويقول مدعي الجنائية الدولية، كريم خان، إنه سيسعى إلى اعتقال المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب وفظائع أخرى في دارفور – على افتراض أنه يمكن القبض عليهم. وبمعنى ما، يعيد التاريخ نفسه. في عام 2003، أصبحت دارفور مرادفًا للإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي ارتكبتها ميليشيا الجنجويد، سلف قوات الدعم السريع. مع أن وقف الحرب الأوسع في جميع أنحاء السودان أكثر تحديًا.

باكستان- أفغانستان
وعلى جبهة باكستان وأفغانستان، فقد كان تخلي المجتمع الدولي عن أفغانستان لصالح طالبان في عام 2021 مخزيًا ومكلفًا سياسيًا. وخسرت النساء والفتيات الأفغانيات، اللائي تعرضن مرة أخرى لمنعهن من الحريات الشخصية والحق في التعليم وتولي الوظائف.

وفي الأسبوع الماضي، اتخذت المحكمة الجنائية الدولية خطوات لمعالجة هذه الانتهاكات، حيث أعلنت أنها ستسعى إلى اعتقال كبار قادة طالبان، مثل هيبة الله أخوندزاده وعبد الحكيم حقاني، بتهمة ارتكاب جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الاضطهاد على أساس الجنس، وهي الأولى من نوعها على مستوى العالم.

ويظل منظور الاستقرار في أفغانستان عام 2025 موضع شك، حيث تعاني الدولة، الغارقة في سوء الإدارة، من الفقر. كما تبدو باكستان المجاورة غير مستقرة إلى حد كبير، بعد عام من الاضطرابات السياسية التي تركت رئيس الوزراء السابق الشعبي عمران خان في السجن وسياسيًا مدعومًا من الجيش، شهباز شريف، في السلطة.

اليمن
وفي اليمن، وصف البلد بأنه أسوأ حالة طوارئ إنسانية في العالم، وربما لا يزال كذلك، على الرغم من الأهوال المتزايدة في السودان. ولكن منذ هجوم “حماس” على إسرائيل، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تحول الاهتمام العالمي بعيدًا عن الأزمة المحلية في اليمن إلى الحوثيين. لقد أثارت هجماتهم الصاروخية على السفن الغربية في البحر الأحمر، وعلى إسرائيل، دعمًا لشعب غزة، أعمالًا انتقامية من الولايات المتحدة وبريطانيا وآخرين. وبعد وقف إطلاق النار في غزة، توقفت هجمات الحوثيين ضد السفن، لكن الحرب الأهلية الأوسع مستمرة.

الولايات المتحدة- المكسيك
وأخيرًا، هناك النزاع الأمريكي- المكسيكي، وكأن المكسيك بحاجة للمزيد من المشاكل فوق ما تعاني.

فعسكرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، ومطالبه الصبيانية بإعادة تسمية خليج المكسيك بخليج أمريكا، من المؤكد أنها ستجعل الأمور أسوأ.

وقد حذر مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، الأسبوع الماضي، من أن “استخدام ترامب الأساليب العقابية للهجرة سيثقل كاهل دولة المكسيك بمزيد من الأعباء ويعرقل النمو الاقتصادي الإقليمي ويثري العصابات الإجرامية”، ما يجعل البلدين أقل أمانًا وأقل ثراء. كما أن سياسة ترامب القائمة على “البقاء في المكسيك” للمهاجرين قد تزعزع استقرار البلد في وقت تعهدت فيه الرئيسة الجديدة كلوديا شينباوم ببداية جديدة.  

مقالات مشابهة

  • بعثة الاتحاد الأوروبي: اللجنة الاستشارية خطوة مهمة في العملية السياسية التي تقودها ليبيا
  • أونروا: الوضع المالي للوكالة سيئ للغاية ومن المتوقع أن يتدهور
  • الأمم المتحدة: مدارس أونروا في القدس الشرقية تمارس عملها
  • الغارديان: ساعة القيامة تدق سريعًا.. ونزاعات 2025 ستخرج العالم عن السيطرة .. السودان الكارثة الإنسانية والنزاع المنسي
  • الأمم المتحدة: قلقون من استخدام إسرائيل لـ تكتيك الحرب القاتلة في الضفة
  • الغارديان: ساعة القيامة تدق سريعًا.. ونزاعات 2025 ستخرج العالم عن السيطرة
  • الاتحاد الأوروبي يُعقّب على حظر إسرائيل أنشطة "الأونروا"
  • الأمم المتحدة: الإبادة الجماعية واضحة في ممارسات “إسرائيل” الإجرامية
  • ماذا يعني حظر إسرائيل للأونروا بالنسبة للفلسطينيين؟
  • المنفي يشيد بتشكيل اللجنة الاستشارية للأمم المتحدة ويدعو إلى استفتاء حول نقاط الخلاف الانتخابية