تسبب التضخم فى إرباك دول العالم، وخاصة الدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما أدى إلى رفع أسعار الفائدة حتى وصلت إلى 5.5 بالمئة فى محاولة لكبح جماح التضخم.

وأدى هذا إلى ضغوط شديدة على الأسواق الناشئة ومنها مصر، وأدى إلى تراجع قيمة عملات هذه الدول، بالشكل الذى سبب أزمة عملة، وارتفاع فى الأسعار، وتدنى مستوى المعيشة.

ويأتى السؤال: إلى أين يتجه بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى خلال الفترة القادمة؟ 

كشفت وزارة العمل الأمريكية أن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع خلال يوليو بنسبة 0.2 فى المائة شهريا، وهو ما جاء متفقا مع توقعات المحللين، ويرجع ذلك إلى الزيادة الطفيفة فى أسعار المستهلك إلى استمرار ارتفاع أسعار المساكن، والتى زادت بنسبة 0.4 فى المائة للشهر الثانى على التوالى.

بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى

ظل بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى يسعى إلى عكس نهجه طويل الأمد المتمثل فى تطبيق سياسة نقدية مُيسرة للغاية منذ شهر مارس من العام الماضي، عندما أجبره الارتفاع الكاسح فى معدلات التضخم على زيادة أسعار الفائدة لأول مرة منذ أكثر من ثلاث سنوات. وشكل ذلك بداية واحدة من أكبر دورات التشديد النقدى المفاجئة فى تاريخ الولايات المتحدة.

بعد «توقف» قصير الأمد فى جولات رفع أسعار الفائدة فى أعقاب اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة فى يونيو، قرر بنك الاحتياطى الفيدرالى رفع أسعار الفائدة مرة أخرى فى آخر اجتماع له أواخر الشهر الماضي. 

الإجراء الأخير، وهو زيادة أخرى بمقدار 25 نقطة أساس فى أسعار الفائدة، يمثل الزيادة الحادية عشرة حتى الآن فى هذه الدورة، بما فى ذلك الزيادات «الكبيرة» بواقع 75 نقطة أساس فى النصف الثانى من عام 2022. 

مجتمعة، بلغت قيمة هذه الزيادات 525 نقطة أساس ليستقر سعر الفائدة الأساسى على الأموال الفيدرالية عند 5.25-5.5%، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من 20 عاماً.

فى حين أن بنك الاحتياطى الفيدرالى ظل يعدل وتيرة دورة التشديد منذ ديسمبر 2022، مع زيادات أكثر اعتدالاً فى أسعار الفائدة وحتى «التوقف المؤقت» فى يونيو، لا تزال حالة عدم اليقين قائمة. لا يزال هناك نقاش مستمر حول ما إذا كان بنك الاحتياطى الفيدرالى مستعداً لتخفيف وتيرة رفع أسعار الفائدة، أو «التوقف لفترة أطول» عن زيادتها أو حتى تغيير سياسة أسعار الفائدة عاجلاً وليس آجلاً فى مطلع عام 2024.

وقد اكتسب الجدل مزيداً من الزخم، حيث جاءت بيانات التضخم الأخيرة أدنى مما كان متوقعاً، مما يشير إلى تحول سريع باتجاه النسبة الرسمية المستهدفة من قبل بنك الاحتياطى الفيدرالى والتى تبلغ 2% نتيجة تغيير أسعار الفائدة. 

وفى الواقع، بلغ مؤشر أسعار المستهلك الرئيسى ذروته عند 9.1% فى يونيو 2022، قبل أن يتراجع إلى 3% فى أحدث إصدار.

يتوقع المشاركون فى السوق بأغلبية ساحقة أن بنك الاحتياطى الفيدرالى قد أنهى دورة رفع الأسعار وأن عملية تخفيض أسعار الفائدة ينبغى أن تبدأ فى الربع الأول من عام 2024 وأن تستمر على مدار العام. وقد كان رئيس بنك الاحتياطى الفيدرالي، جيروم باول، أكثر حذراً، إذ أشار إلى أن القرارات المستقبلية يجب أن تعتمد أكثر على البيانات.

ويرى تحليل اقتصادى لمجموعة قطر الوطنى الأهلى أنه على الرغم من التقدم السريع فى خفض التضخم خلال الأشهر القليلة الماضية، ونعتقد أن بنك الاحتياطى الفيدرالى سوف يميل إلى «التشديد» وسط حالة من عدم اليقين، وربما يرفع أسعار الفائدة أكثر هذا العام. 

سعر الفائدة الأساسي على الأموال الفيدرالية في الولايات المتحدة

 

ويشير التحليل إلى أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تدعم قيام الفيدرالى برفع أسعار الفائدة خلال الفترة القادمة.

 

الاقتصاد الأمريكي

أول العوامل وفقا لـ QNB لا يزال الاقتصاد الأمريكى يعانى بشكل كبير من فرط النشاط وذلك لا يترك مجالاً للتساهل.

يشير معدل استخدام الطاقة الإنتاجية فى الولايات المتحدة، الذى يتم قياسه مع الأخذ فى الاعتبار حالة سوق العمل بالإضافة إلى تراخى القطاع الصناعي، إلى أن قيود الطاقة الإنتاجية لا تزال قائمة. بمعنى آخر، يوجد حالياً طلب أعلى على العمالة مقارنة بعدد العاملين المتاحين، فى حين أن النشاط الصناعى يتجاوز اتجاهه طويل الأجل. قد تؤدى هذه الظروف إلى زيادات سريعة فى الأسعار فى حالة تعافى أسعار السلع أو تسارع الاستهلاك المحلي. ومن غير المرجح أن يخفض بنك الاحتياطى الفيدرالى أسعار الفائدة أو حتى يتوقف لفترة طويلة جداً عن رفعها إلى أن يتراجع سوق العمل بشكل أكبر وتزداد الطاقة الفائضة فى القطاع الصناعي، مما يوفر حاجزاً للاقتصاد لامتصاص الصدمات دون التعرض لمخاطر تسارع التضخم.

استغلال الطاقة الإنتاجية في الولايات المتحدةأسعار السلع الأساسية

وثانى العوامل أنه من المرجح أن تؤدى الرياح الدافعة الناتجة عن أسعار السلع الأساسية إلى السيطرة على التضخم خلال الأشهر المقبلة. بعد انخفاضها بنسبة 22% من ذروتها فى مايو 2022، بدأت أسعار السلع الأساسية تستقر ومن المتوقع أن تتعافى أكثر، لا سيما مع انخفاض المخزونات وتراجع دورة التصنيع العالمية.

علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدى التصعيد المحتمل للصراع الروسى الأوكرانى إلى مزيد من الارتفاع فى أسعار السلع، بما فى ذلك الطاقة والحبوب. وهذا من شأنه أن يزيد قيود الطاقة الإنتاجية، مما يؤدى إلى تسارع التضخم.

 

أكثر مرونة 

يوضح QNB أن ثالث العوامل هو أن الاقتصاد الأمريكى أثبت أنه أكثر مرونة مما كان يُتوقع فى السابق، ومن شأن أى مفاجآت إيجابية أخرى فى النمو أن تضع حداً أدنى للتضخم. ارتفع الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بنسبة 2.4% فى الربع الثاني، وهو أعلى بكثير من معظم تقديرات النمو. 

وارتفع مؤشر النشاط عالى التردد الخاص ببنك الاحتياطى الفيدرالى بشكل ملحوظ فى الأسابيع الأخيرة، مما يشير إلى أن زخم النمو ظل قوياً مع اقتراب الربع الثالث.

ويتضح هذا فى تقرير الناتج المحلى الإجمالى الصادر عن بنك الاحتياطى الفيدرالى فى أتلانتا، والذى يشير حالياً إلى نمو قوى بنسبة 3.5% هذا الربع. 

من المرجح أن تضيف هذه القوة الأساسية مزيداً من الضغط على بنك الاحتياطى الفيدرالى لكى يميل إلى «التشديد»، نظراً لحاجته إلى الحفاظ على التضخم عند النسبة المستهدفة التى تبلغ 2%.

وينتهى التحليل إلى أنه على الرغم من الجولات الجريئة لرفع أسعار الفائدة حتى الآن، والمكاسب الكبيرة فيما يتعلق باعتدال التضخم، يعتقد أنه من السابق لأوانه إعلان «الانتصار» فى المعركة ضد ارتفاع التضخم وإنهاء دورة التشديد. وقد تساهم قيود الطاقة الإنتاجية والرياح المعاكسة المرتبطة بالسلع وتسارع أداء الاقتصاد الأمريكى إلى تغيير اتجاه التضخم على المدى القصير أو المتوسط.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الولايات المتحدة الأمريكية اسعار الفائدة التضخم رفع أسعار الفائدة الولایات المتحدة أسعار السلع فى أسعار إلى أن

إقرأ أيضاً:

مسجلًا 2703 دولارات للأونصة.. الذهب يرتفع للأسبوع الثالث على التوالي عالميًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استطاع الذهب العالمي الارتفاع للأسبوع الثالث على التوالي ليسجل أعلى مستوى منذ قرابة 5 أسابيع، وذلك في ظل تراجع الدولار الأمريكي بسبب البيانات الأمريكية التي صدرت الأسبوع الماضي والتي أظهرت تراجع في التضخم أعاد التوقعات بإمكانية خفض أسعار الفائدة من قبل البنك الفيدرالي الأمريكي.
 سجل سعر أونصة الذهب العالمي ارتفاع خلال الأسبوع الماضي بنسبة 0.5% ليسجل أعلى مستوى منذ أكثر من شهر عند 2724 دولارا للأونصة وذلك بعد أن افتتح تداولات الأسبوع عند 2689 دولارا للأونصة ليغلق عند المستوى 2703 دولارات للأونصة.

يعد هذا الارتفاع للأسبوع الثالث على التوالي حيث تمكن السعر من اختراق خط الاتجاه الصاعد قصير الأجل، والذي ساعد السعر على الارتفاع ليغلق تداولات الأسبوع فوق المستوى 2700 دولار للأونصة وهو ما يزيد من فرص الصعود خلال الفترة القادمة، وفق جولد بيليون.

صدرت خلال الأسبوع بيانات أسعار المستهلكين عن الولايات المتحدة الأمريكية عن شهر ديسمبر، وهو يعد مؤشر التضخم الأساسي حيث أظهر ارتفاع يوافق التوقعات بينما تراجعت القراءة الجوهرية التي تستثني عوامل التذبذب.
 بيانات أسعار المستهلكين أظهرت أن التضخم الأمريكية لا يزال يشهد تراجع على المستوى الأساسي، بالإضافة أن مؤشر أسعار المنتجين كان قد أظهر انخفاض بأكبر من المتوقع مما زاد من التوقعات أن إمكانية استمرار خفض أسعار الفائدة لا تزال متواجدة على الساحة.
بالإضافة إلى هذا صدرت بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية لتأتي بأقل من التوقعات والقراءة السابقة، ليزيد ذلك من توقعات الأسواق بإمكانية استمرار عمليات خفض أسعار الفائدة خلال العام الجاري نظراً لتباطؤ التضخم وضعف معدلات الإنفاق الاستهلاكي.

مقالات مشابهة

  • مسجلًا 2703 دولارات للأونصة.. الذهب يرتفع للأسبوع الثالث على التوالي عالميًا
  • الذهب يقفز لأعلى مستوى في شهر مع تزايد رهانات خفض الفائدة الأمريكية
  • نواب البرلمان: انخفاض معدل التضخم يسهم في خفض أسعار الفائدة ويعزز الاقتصاد القومي
  • الذهب يبلغ أعلى مستوى في شهر مع تراجع عائدات سندات الخزانة
  • وكيل خطة النواب يوضح تأثير انخفاض التضخم على أسعار الفائدة المستقبلية
  • الذهب يسجل أعلى مستوى له على الإطلاق
  • الدولار يقلص خسائره بعد تراجع بسبب بيانات التضخم الأميركي
  • سعر الذهب العالمي يرتفع لأعلى مستوى منذ أكثر من شهر.. الدولار السبب
  • الذهب يقترب من أعلى مستوى في شهر مع تجدد آمال تقليص الفائدة
  • أسهم آسيا ترتفع بدعم من تباطؤ التضخم الأساسي في الولايات المتحدة