أسهمت اليمن بدور فاعل في إسناد عملية طوفان الأقصى باستهداف الموانئ والمطارات الصهيونية وبإغلاق الملاحة البحرية المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة الدماء والأرواح التي ارتفعت ستشكل وقودا للمقاومة الفلسطينية واليمنية واللبنانية

الثورة/ خاص

نتيجة الاقتحام المتكرر للأقصى الشريف من قبل قطعان المستوطنين الصهاينة واستقطاع الأرض وبناء المستوطنات وجرائم القتل للفلسطينيين والتعنت في ملف الأسرى الذين قضى الكثير منهم نحبه تحت التعذيب في السجون الصهيونية، شرعت المقاومة سفينة طوفان بدأ باقتحام الكوماندوز للسياج والحدود في ساعات الفجر الأولى ليوم السابع من اكتوبر على حين غفلة من المخابرات الصهيونية الأقوى عالميا، فحطموا أسطورة الجيش الذي لا يقهر، قتل من قتل منهم وأسر من أسر وحطت هيبة صنعها الكيان لنفسه منذ سبعة عقود ونصف، الأمر الذي جعل الصهاينة يثورون غضبا على غزة في حرب لا تبقي ولا تذر تحت دعوى الدفاع عن النفس واسترداد الأسرى وبدعم من أمريكا والغرب والصمت العربي.


معركة ظنها الصهاينة ستكون خاطفة تعيد هيبتهم وأسراهم وتجلب لهم غزة خاضعة راكعة لكنها بثبات وصمود أهلها وأبنائها المقاومين بدت أكثر صلابة وكبدت العدو الخسائر وفشلا وإجراما  فتحت عليهم معارك في اكثر من جبهة بدءاً من الشمال المحتل مع حزب الله إلى الجنوب مع اليمن التي انضمت إلى معركة الفتح الموعود قولا وفعلا إسناد لغزة إلى جانب المقاومة الإسلامية العراقية، ملحقين الهزائم الكثيرة بالصهاينة على إثرها ازدادوا إجراما جر إسرائيل لأول مرة في تاريخها إلى محكمة العد الدولية وتسبب بهجرة الكثير من المستوطنين منها على عكس ما أراده نتنياهو من تهجير لسكان غزة!!
عام على الطوفان والصهاينة يبحثون عن صورة نصر مفقود بمعركة كشفت الديمقراطية التي يتغنى بها الغرب وفضحت الصهاينة الأعراب واعتلى العرب الاقحاح سفينة الطوفان التي ستحرر الأقصى وفلسطين وتعيد الصهاينة إلى سابق عهدهم من التيه والشتات، هي معركة غيرت شكل الصراع والمنطقة وأعادت إلى الذاكرة قضية فلسطين وانتقلت المعركة إلى الضفة وجنوب لبنان، متجاوزا كل الخطوط الحمراء بقتل القادة من دول المحور التي توحدت جنب إلى جنبا مع مقاومة حماس لخوض معركة لن تنتهي إلا بفلسطين من البحر إلى النهر ومحو مسمى (إسرائيل).
وفي الذكرى الأولى للطوفان وما حققه من انتصارات أجرى المركز الإعلامي بالهيئة النسائية -مكتب الأمانة، استطلاعا لـ”الأسرة” مع عدد من الناشطات الثقافيات والإعلاميات.. اليكم الحصيلة:

بداية الكاتبة وفاء الكبسي استهلت حديثها بالقول: مر عام على أعظم ملحمة في التاريخ وأقدس معركة كوماندوز.
وأردفت وفاء: الجيش الذي لا يقهر قهرته عملية طوفان الأقصى ذاك الهجوم المباغت الذي شنته كتائب القسام وفصائل المقاومة يوم السابع من أكتوبر الماضي على مستوطنات غلاف قطاع غزة، هذا اليوم الذي أسقط أكذوبة وأسطورة الكيان الإسرائيلي اللقيط الذي قام على الخرافات والأكاذيب والخزعبلات، هذا اليوم المجيد الذي كانت فيه هذه العملية خطوة ضرورية واستجابة طبيعية، لمواجهة ما يُحاك من مخططات إسرائيلية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، والسيطرة على الأرض وتهويدها، وإنهاء الحصار الجائر على قطاع غزة، واستعادة الحقوق الوطنية، وإنجاز الاستقلال والحرية كباقي شعوب العالم، بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وأكدت الكبسي أن طوفان الأقصى يُعتبر نقطة تحوّل كبيرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على الرغم من المأساة الإنسانية الكبيرة التي لحقت بقطاع غزة وسكانه، إلا أن لهذه العملية المقدسة جوانب إيجابية منها أنها أظهرت قدرة المقاومة الفلسطينية على إلحاق خسائر غير متوقعة بقوات العدو الإسرائيلي، وحققت نجاحًا عسكريًا باهرًا أبرز التطور للمقاومة الفلسطينية، وقدرتها على مواجهة جيش يمتلك تقنيات عسكرية متطورة.
القضية الأولى
وأشارت وفاء الكبسي إلى انه وإلى جانب الإنجازات العسكرية، فقد أسهمت معركة طوفان الأقصى في تعزيز التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني حيث انطلقت حملات دولية لدعم غزة إنسانيًا وسياسيًا، ومنها جبهة اليمن المساندة شعبيا وعسكريا بكل ما أوتيت لها من قوة، فدخلت القوات اليمنية المسلحة خط المواجهة المباشرة مع العدو الصهيوني، إلى جانب الحشود الشعبية المليونية التي تخرج في مسيرات أسبوعية متواصلة لا نضير لها في كل العالم، لأننا نؤمن بواحدية المعركة ووحدة المصير.
ونوهت الكبسي في سياق حديثها بأن هذا العام الذي مضى حوّل القضية الفلسطينية من قضية عربية منسية، إلى قضية البشرية جمعاء، وبأنها قضية لا تموت طالما أن أجيال وأفواج المقاومة تبذل الدماء على طريق القدس، وخاصة إذا كانت تلك الدماء هي دماء قادتها العظماء، كدم الشهيد المجاهد إسماعيل هنية ودم شهيد الإسلام والإنسانية حسن نصر الله- رضوان الله عليه- وغيرها من دماء الشهداء الطاهرة الزكية التي ارتقت على طريق القدس.
وواصلت حديثها : ان هذه الدماء والأرواح التي ارتقت ستشكل وقودًا للمقاومة الفلسطينية واليمنية واللبنانية والعراقية والسورية والإيرانية التي تسطر اليوم ملاحم من البطولة الأسطورية في التصدي للعدو الإسرائيلي والأمريكي، وهي مستمرة إلى أن يحين موعد الصلاة في المسجد الأقصى محررًا بقيادة قائد الأمة السيد عبدالملك الحوثي بإذن الله.
خسائر صهيونية
من جانبها أوضحت الكاتبة بشرى الصبارى ان طوفان الأقصى الذي انطلق في السابع من أكتوبر 2023م، يعد حدثاً فارقاً في النضال الوطني الفلسطيني سيسجل في التاريخ بأحرف من نور كنقطة تحول في المسار التاريخي العربي الحديث والمعاصر بإسقاطه نظرية التفوق الإسرائيلي إلى الأبد، والتي حاول العدو الصهيوني تجسيدها في الواقع خلال عقود من الزمن.
وقالت : ان طوفان الأقصى كان بمثابة صدمة ليس لإسرائيل فحسب، بل ورعاتها أمريكا وبريطانيا وبقية دول أوروبا الغربية التي هالها ما أحدثه الطوفان من هزيمة ساحقة لصنيعتها إسرائيل، فسارعت بمختلف الوسائل والسبل لمساعدتها عسكريا واستخباراتيا وماليا ولملمة كيان لحقت به هزيمة قاسية وتكبد الكيان الصهيوني فيها خسائر فادحة وسقطت فيها سمعته وهيبته استخباراتياً وعسكرياً واقتصادياً وسياسياً.
وذكرت الصبارى ان هزيمة العدو على المستوى الاستخباراتي ظهرت بعد أن اقتحم أبطال طوفان الأقصى القلاع الاستخباراتية وأخذوا ما فيها من معلومات واقتحموا الحدود دون أن يكون للاستخبارات الصهيونية أي علم.
اما على المستوى العسكري فأوضحت بشرى الصباري ان الهزيمة بدأت مع اقتحام أبطال المقاومة للمعسكرات وتدمير الآليات العسكرية الحديثة والمتطورة وأسر طوابير طويلة من الجنود الصهاينة بينهم جنرالات.
فيما تواصل الصباري بالقول: أما على المستوى الاقتصادي فقد لحقت بإسرائيل أضرار اقتصادية بليغة جراء توقف معظم المصانع والمؤسسات الصناعية عن العمل وإغلاق الموانئ والمطارات، أما على المستوى السياسي فخسرت إسرائيل كثيرا من سمعتها على المستوى الدولي،
وبالمقابل فقد كسبت القضية الفلسطينية مواقف العديد من الدول خاصة دول أمريكا اللاتينية التي قطعت عدة منها علاقتها الدبلوماسية مع كيان الاحتلال وكذا اعتراف بعض الدول الأوروبية دبلوماسيا بفلسطين كالنرويج واسبانيا وغيرها.
وأكدت الصباري على أن طوفان الأقصى هو عملية عسكرية أحدثت حراكاً سياسياً وعسكرياً، واستخباراتياً على المستوى الفلسطيني والعربي والدولي بعد أن كانت كقضية عربية مركزية على وشك النسيان..
وأشارت بشرى الصبارى إلى أن طوفان الأقصى أسقط نظرية الأمن المطلق والتفوق العسكري الكامل لكيان الاحتلال ارتبط بقاؤه بضرورة الأمن والتفوق العسكري.
معركة أمة
ونوهت بشرى في سياق حديثها بأنه المعركة اليوم هي معركة أمة، حيث قالت: على للأمة وعلمائها وجيوشها أن تعي أن مرور عام كامل على عملية طوفان الأقصى الجهادية  في غزة العزة وفلسطين قاطبة وفي لبنان الصمود يؤكد يقينا أن الطوفان يمضي في معركة التحرير الكبرى التي ستعيد الصهاينة تائهين في الأرض كما كتب لهم وهذا هو ما استوطن قلوبهم ولهذا نراهم يقتلون ويدمرون بشكل اظهر حقيقتهم النازية جعلتهم يعيشون حرب استنزاف تنذر بقرب الزوال.
قضية وجود
ختاما أكدت الكاتبة إكرام المحاقري على أن عملية طوفان الأقصى كان لها تأثير كبير على العدو، لأنها مست مسألة حساسة جدا ينظر لها العدو بأنها تمس قضية وجوده واستمراريته بعد أن كان يعتقد أنها مسألة باتت من المسلمات.
وأشارت المحاقري إلى أن النقاشات التي أثيرت بعد العملية أكدت حقيقة تاريخية مهمة وهي أن المحتل وإن أستمر بقاؤه لمدة طويلة فلا بد أن يرحل، وهذا ما تفسره قسوة العدوان الإسرائيلي المأزوم، والذي قام بعدوان وحشي غير مسبوق بهدف حسم هذا الصراع نهائيا، والقضاء على أي حركات مقاومة، ونحن نرى أنه بعد مرور عام كامل لم يحقق العدو أي هدف من أهداف عدوانه المعلنة، وان قتل الأبرياء العزل لم يصل به إلى أي نتيجة، وسيخرج من هذا العدوان غارقا في مشاكله أكثر، بل وقد أثبت أكثر من أي وقت مضى حتمية زواله وعجزه عن تغيير هذه الحقيقة.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: عملیة طوفان الأقصى على المستوى

إقرأ أيضاً:

المقاومة الفلسطينية بين حرب التحرير وتغريدة البجعة

في الأيام الأخيرة اندلعت مظاهراتٌ غاضبةٌ ضد حماس في قطاع غزة، أو في القدر الضئيل المهشم المهدم، الذي تبقى منه، إذا شئنا الدقة؛ كالعادة، وكأي ظاهرةٍ أو تطورٍ يتعلق بالقضية والنضال الفلسطينيين، لم يتأخر الفرقاء والخصوم في ركوب الظاهرة، بين مؤيدٍ يرى في ذلك الدليل الدامغ على فشل حماس، والرفض الجماهيري لتسلطها وحماقتها واندفاعها واستبدادها بالقرار، الذي حدد مصير هذا الشعب وقضيته، ومن يرفض هذه المظاهرات ولا يرى فيها سوى المؤامرات والأصابع الخارجية.
بعيداً عن أي انحيازٍ مسبق مع أو ضد فكرة وفلسفة ونهج المقاومة المسلحة، متحلين بقدرٍ من الحيادية الباردة، كأن هذه القضية لا تخصنا، فلنطرح سؤالاً بسيطاً للغاية: هل من العجيب للغاية، والمدهش لأقصى مدى، ومن غير المتصور بأي حال، أن ينقسم الفلسطينيون، أصحاب الشأن أنفسهم، إذا جاز التعبير (منحين جانباً لبرهة كون الكثيرين يؤمنون إيماناً عميقاً بأن القضية الفلسطينية شأننا جميعاً) على هذا النهج تحت القصف، نهباً للتشريد والهلاك وخسارة الأهل؟ هل من الغريب أن يفيض بهم؟ فينفجروا غاضبين، ويلقوا اللائمة على من قد يرى البعض أنه فتح أبواب الجحيم؟
ربما الغريب هو تأخر ظهور ذلك الخلاف، ولعل السبب في ذلك بديهيٌ للغاية بقدر ما هو محزن: فهم لم يملكوا رفاهية الخلاف إذ كانوا يقاومون ويُجلون ويدفنون ذويهم.
إن المحنة الفلسطينية تدخل هذه الأيام حقبةً أقسى من كل ما عرفنا من قبل، في رأيي صحيح أنها عرفت من قبل تشريداً وتطهيراً عرقياً، إلا أنني أزعم أن حجم الدمار ووحشيته والأسلحة المستخدمة، تجعل التطهير العرقي هذه المرة أوسع وأبشع من كل ما سبق، خاصةً أنه يجري في ظل تآمرٍ وتواطؤٍ من النظام الرسمي العربي مع الصهاينة، لم يسبق له مثيل في مداه. التظاهر إذن ليس غريباً، على الإطلاق، بل هو متأخر، وكذلك الخلاف طبيعي، بل صحي وإنساني. كأي مسيرةٍ ثورية من الطبيعي للثورة الفلسطينية أن تمر بتعرجاتٍ عديدة، انتصاراتٍ وتقدمٍ وانتكاساتٍ من المفترض أن تتعلم من أخطائها وتُعلم الناس، في كل مكان، فالتجربة الثورية تجربة إنسانية أممية بامتياز، ولعل أول الدروس التي تأخر بنا الوقت لتعلمها، أو على الأقل القبول بها هو تنوع وثراء الواقع، هو معقدٌ فوق ما نحب أو نتمنى، يفرض علينا صوراً ضبابية وأسئلةً عويصة وكلاهما محير، وهناك من يستثمر في خلط الأوراق والإبقاء على الحالة الضبابية والغموض، بل زيادتها باختلاق الأكاذيب والتدليس والافتراءات. من الطبيعي أن يوجد من يختلف ويشكك في جدوى وعقلانية قرار السابع من أكتوبر، من دون أن يعني ذلك خيانته أو تواطؤه، لكن المرفوض، غير الطبيعي والمشبوه لأقصى درجة هو الهجوم على الشعب الفلسطيني، بينما تدكه آلة الدمار والإبادة الصهيونية.
من هنا، فأيا كان الرأي أو الخلاف فإن موقفاً أخلاقياً واحداً هو المقبول: التضامن التام مع الشعب الفلسطيني، صاحب الحق الذي يقاوم إلى أن تصمت المدافع.
اللافت في هذا السياق، والأخطر في نظري والمشبوه للغاية، هو تسليط الضوء على مظاهرات غزة عوضاً عن الحدث الحقيقي والممتد: ضلوع الأنظمة العربية وتعاونها مع المسعى الصهيوني والأمريكي لتصفية القضية الفلسطينية. في زمنٍ غير هذا المهزوم حيث سلمت الأنظمة العربية كل أسلحتها وتماهت جميعاً، بشكلٍ أو بآخر، مع المشروع النيوليبرالي الغربي، كان من شأن السابع من أكتوبر أن يكون شرارةً تضرم حراكاً أكبر وأعنف، وعلى الأقل لا تتآمر عليه كل الأنظمة المجاورة: هذه هي المحنة الحقيقية في رأيي، وما يستوجب النظر والتركيز والتحليل والتغيير والفعل الثوريين
نبيلٌ ومشرف التضامن مع المقاومة، والتعاطف والألم والرثاء للشهداء والمصابين، والدمار، فإنه يكشف عن فطرةٍ وبوصلةٍ لم تنجح كل محاولات الأنظمة في إفساد الوعي، من تلويثها وتفريغها، ومفهومة فورة العواطف والحماسة، لكن إذا كنا لا ندرك أن ذلك وحده يضر بالقضية الفلسطينية فهنا تكمن المشكلة.
في النهاية، ينبغي أن لا يجرفنا الحماس بعيداً عن شاطئ الواقع، حيث النتيجة الحتمية هي الغرق، فلن تسعفنا العواطف والمشاعر الطيبة. لقد بذلت المقاومة والشعب الفلسطيني وتحملا ما يفوق مقدرة البشر، إلا أننا لا بد أن ندرك، مهما يكلفنا ذلك من ألم وإهانة وما يثيره من غضبٍ ويبثه من يأس، أن العدو في الحساب الختامي يملك من العدد والعتاد، ما يمكنه من تحمل الخسائر بقدرٍ أكبر ولمدةٍ أطول، ونحن هنا نعني بالعدو الغرب متحداً وإسرائيل في القلب جزءٌ لا يتجزأ منه، في حين أن أحداً لا يقف مع المقاومة.
ما من جولةٍ تستعر بين المقاومة وإسرائيل إلا ونؤكد أنه ما من سبيلٍ للنصر دون استعادة الحاضنة الإقليمية، وما يفترض أن يكون الامتداد الطبيعي للمقاومة؛ الشاهد أن العدو الصهيوني والأنظمة العربية تراهن دائماً على الوقت والنسيان؛ بالوقت نعني أنه كلما طالت المعارك، استنُزِفت المقاومة بمواردها الأقل (التي لا تقاس مقارنةً بالعدو بطبيعة الحال)، أما النسيان فينطبق على الأنظمة العربية التي تحاول دائماً امتصاص موجة الغضب التي تسري في الشارع العربي لدى كل جولة من التدمير والإبادة العرقية، ذلك الشارع المحاصر من الأساس، حيث المجال العام مطاردٌ مغلقٌ وحبيس، معتمدةً على مرور الوقت وضيق الحال وتكالب المشاغل التي سرعان ما ستلهي الناس وتنسيهم، وريثما يحدث ذلك، فهم يجتمعون ويثرثرون ويصرحون بحق الشعب الفلسطيني في الحياة الكريمة، وضرورة الحل السلمي دون أن يجرؤ أي نظامٍ منهم على كسر الحصار.
إن النضال الفلسطيني فرض عين لا فرض كفاية على هذه الأمة (بالمعنى الواسع الفضفاض لهذه الكلمة): هذا ما ينبغي إدراكه، إن التعاطف والحماسة التي تكتفي بالتصفيق والتهليل وتصور انتصاراتٍ عسكرية، لم ولن تحدث ولا ينبغي لعاقلٍ أن ينتظرها من المقاومة، ومن يفعل فإنه لا يخدمها ولا يخدم قضيتنا العادلة، بل يكلفها ما لا تملك ولا تستطيع ويوردها موارد الهلاك، لا بد من أن يصاحب نضال المقاومة الضغط على هذه الأنظمة، ولنكن صريحين استبدالها بأنظمة تمثل الشعوب لا الغرب ومصالحها الضيقة. يوماً ما، عقب النكبة، أدركت مجموعةٌ من الضباط، أياً كان رأينا فيهم، أن المشكلة وسبب الهزيمة يكمن في العاصمة، القاهرة، أي في النظام الذي خذلهم. للأسف، عقب قرابة الثمانين عاماً لم تتغير هذه المشكلة، بل لعل الواقع زاد رداءة. صوب عواصم الركود والانهزام العربية لا بد أن تتجه الأنظار لا الفلسطينيين الذين يفاوضون وسط الدمار ويتشبثون بالحياة بأظافرهم وأسنانهم، منتظرين نفساً يحييهم في صورة كسرة خبزٍ ومزقة ثوبٍ وزجاجة دواء، قاربت صلاحيته على الانتهاء وجميعها مساعدات، وليست دعما مستحقا من أصحاب القضية الواحدة الموزعين بعيداً عن ميدان المعركة أو خطها الأساسي. إن حماس ومن يتظاهرون ضدها كلاهما يعبران عن الفقدان والخذلان ويصرخان من الألم، كلٌ على طريقته، أما المحنة الحقيقية فتكمن فيمن يفترض فيه أن يدعم بحق، لكنه يبذل كل ما في وسعه لتصفية القضايا وتحويل الصمود والمعارك الباسلة إلى «تغريدة بجعة» أو رقصة وداع.
إن المعركة المقبلة لا بد أن تدور لاستعادة الحاضنة الشعبية العربية وإعادة ترتيب المنطقة، بما يخدم إعادة البناء الإقليمي واستعادة مفهوم حرب التحرير، وإلا ستتحول كل جولة مقبلة من الصراع المسلح إلى مهرجانٍ دمويٍ لاستنزاف واستهلاك المادة البشرية الفلسطينية.
(القدس العربي)

مقالات مشابهة

  • المقاومة الفلسطينية بين حرب التحرير وتغريدة البجعة
  • في كلمة مسجلة.. الشـــهيد أبو حــمزة : الحضور اليمني شكل علامة فارقة في معركة ” طـــوفان الأقصى “
  • سنقاوم حتى التحرير..استمع لأخر كلمات الناطق باسم سرايا القدس أبو حمزة
  • طوفان غزة ووهم الدولة الوطنية
  • 70 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى المبارك بالقدس المحتلة
  • شاهد: 180 ألف مصل يحيون ليلة القدر في المسجد الأقصى رغم القيود الإسرائيلية المشددة
  • تكية خاصكي سلطان.. ملاذ الفقراء بالقدس منذ 473 عاما
  • “الأوقاف الإسلامية” بالقدس: 180 ألف مصل في المسجد الأقصى
  • 180 ألف مصل يؤدون العشاء والتراويح في المسجد الأقصى المبارك بالقدس المحتلة
  • قائد لواء بجيش العدو يستقيل مُعترفا بفشله في معركة طوفان الاقصى