الأفعى تغير جلدها.. سيرة جريمة مليشيا الدعم السريع مكتملة الأركان
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
تُعتبر الجريمة ظاهرة معقدة تتكون من مراحل متعددة، تبدأ من الدافع وتنتهي بالعواقب. يُمكن تصنيف هذه المراحل إلى سبع خطوات رئيسية تشمل: السبب، التفكير، التخطيط، الإعداد والتجهيز، التنفيذ، التمويه والتضليل، والاستفادة. وفي هذا السياق، يتضح أن حرب 15 أبريل 2023 في السودان تمثل نموذجًا لجريمة مكتملة الأركان، حيث مرت بكل هذه المراحل.
في صباح يوم 15 أبريل 2023، استيقظت العاصمة السودانية الخرطوم على أصوات الانفجارات والرصاص، معلنةً بداية صراع دموي بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو. هذا الصراع هو جريمة كاملة، ارتكبتها مليشيا الدعم السريع بهدف الاستيلاء على السلطة، وقد مرّت بكل مراحل الجريمة السبعة.
المرحلة الأولى: السبب
تتمثل دوافع هذه الجريمة في الطموح السياسي الجارف لحميدتي، الذي استغلته قوى خارجية لديها أطماع في السودان. بعد الإطاحة بنظام البشير في 2019، سعى حميدتي لتعزيز نفوذه، ورأى في المطالب الثورية المنادية بحل الجنجويد وتقليص النفوذ السياسي والاقتصادي له تهديدًا لمكانته.
المرحلة الثانية: التفكير
بدأ حميدتي مبكرًا في التفكير في كيفية الاحتفاظ بنفوذه. كان يدرك أن الانخراط في العملية السياسية وحده لن يكون كافيًا، وأن استخدام القوة قد يكون الخيار الأمثل.
المرحلة الثالثة: التخطيط
وضعت القوى الداعمة لحميدتي خطة دقيقة للاستيلاء على الحكم، مع العلم بأن المواجهة مع الجيش السوداني ستكون حتمية. بدأوا في دراسة نقاط القوة والضعف لدى الجيش وكافة القوات النظامية.
المرحلة الرابعة: الإعداد والتجهيز
في هذه المرحلة، بدأ حميدتي في اتخاذ خطوات ملموسة لتجهيز قواته للمعركة. كان حل هيئة العمليات إحدى أهم الخطوات التي شكلت جزءًا أساسيًا من الأعمال التحضيرية التى تسبق الشروع في إرتكاب الجريمة. فقد أدركت الخبرات العسكرية التي خططت لهذا التحرك أن الجيوش لا تتحرك بسرعة، وأن الخطر الحقيقي على حركة مليشيا الدعم السريع كان يكمن في هيئة العمليات والاحتياطي المركزي، حيث يتمتع كلاهما بميزات تُعدّ نقاط تفوق لصالح المليشيا من حيث سرعة الحركة والانتشار وكثافة النيران. بالتالي، كان لابد من إزاحتهما كليًا أو جزئيًا من المشهد، وهذا ما تم تحت غطاء “مطالب ثورية”، بينما كانت الأفعى تبتسم من خلف الكواليس، مستعدة لتنفيذ مخططاتها بعيدًا عن الأنظار. وتبلور الشروع في تنفيذ الجريمة من خلال جلب مزيد من القوات من دارفور وتحريك قوات ضخمة لإحتلال مطار مروي.
المرحلة الخامسة: التنفيذ
في 15 أبريل 2023، بدأ التنفيذ الفعلي للخطة. اندلعت الاشتباكات في الخرطوم ومناطق أخرى، حيث سعت مليشيا الدعم السريع للسيطرة على مواقع استراتيجية.
المرحلة السادسة: التمويه والتضليل
لجأ حميدتي إلى حملة تضليل إعلامي واسعة، مدعيًا أن الحرب أشعلها “الكيزان” للعودة إلى السلطة، في محاولة للتغطية على الأهداف الحقيقية للانقلاب.
المرحلة السابعة: الاستفادة
رغم فشل المخطط في تحقيق أهدافه، سعى حميدتي للاستفادة من حالة الفوضى لتعزيز مواقعه وكسب ولاءات جديدة، بهدف البقاء كلاعب رئيسي على الساحة السياسية السودانية.
العواقب
أسفرت هذه الجريمة عن خسائر فادحة بالنسبة للسودان وشعبه. كما فقد حميدتي النواة الصلبة لقواته، التي تحولت إلى مليشيا إجرامية بمعنى الكلمة. كذلك، فقد الصورة الزاهية التي اجتهد في رسمها عبر شركات عالمية كلفته ملايين الدولارات.
الخاتمة
تجسد حرب 15 أبريل 2023 واحدة من أخطر الجرائم السياسية في السودان. ومع ذلك، مثل الجيش السوداني والشرطة والمخابرات وجموع الشعب السوداني رموزًا للصمود، وها هم اليوم على وشك القضاء على هذه الجريمة الممنهجة وفتح صفحة جديدة كليًا من تاريخ السودان الحديث.
???? عمر محمد عثمان
٢٥ أكتوبر ٢٠٢٤م
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع أبریل 2023
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يوسع هجومه على قوات الدعم السريع في وسط الخرطوم
السودان – يخوض الجيش السوداني مواجهات عنيفة مع ضد قوات الدعم السريع في وسط الخرطوم، إلى جانب تنفيذه قصفا مكثفا في محيط القصر الجمهوري، الذي فقد السيطرة عليه منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
وبحسب شهود عيان، استهدف الجيش السوداني تجمعات قوات الدعم السريع في الخرطوم بحري بقصف عنيف، حيث سمع السكان انفجارات قوية، أعقبها تصاعد أعمدة الدخان من محيط القصر المطل على الضفة الجنوبية للنيل الأزرق.
وأشار الشهود إلى أن القصف نُفذ بواسطة طائرات مسيرة.
في الوقت ذاته، شنّ الجيش السوداني قصفًا مدفعيًا مكثفًا على مواقع الدعم السريع في محيط السوق العربي، حيث دارت مواجهات عنيفة بين الجانبين قرب القصر الرئاسي.
كما استهدف الجيش قناصة تابعين لقوات الدعم السريع داخل مستشفى الزيتونة في شارع السيد عبد الرحمن، وذلك انطلاقًا من مقر القيادة العامة للجيش.
وفي أم درمان، أفاد سكان محليون بسماع أصوات اشتباكات عنيفة استخدمت فيها أسلحة ثقيلة وخفيفة، إلى جانب دوي انفجارات قوية مصدرها وسط الخرطوم.
كما نفّذ الجيش السوداني قصفًا مدفعيًا من مواقعه في أم درمان باتجاه معاقل قوات الدعم السريع في الخرطوم وشرق النيل.
ووفقًا لشهود عيان، تصاعدت أعمدة الدخان بالتزامن مع القصف المدفعي في محيط جسر سوبا، الذي يربط بين الخرطوم ومنطقة شرق النيل.
ويعمل الجيش السوداني على التقدم نحو القصر الجمهوري من محاور “جياد” جنوب الخرطوم، و”سوبا”سوبا شرقي العاصمة، ومحور “الجيش” المنطلق من سلاح المدرعات جنوب غرب الخرطوم وصولًا إلى المنطقة الصناعية والمقرن.
كما تحوّل مقر القيادة العامة للجيش إلى نقطة اشتباك رئيسية، مدعومة بعمليات من سلاح الإشارة في الخرطوم بحري، وسلاح الأسلحة في الكدرو شمال الخرطوم بحري، إلى جانب قاعدة وادي سيدنا العسكرية شمالي أم درمان.
في غضون ذلك، شنت قوات الدعم السريع السودانية هجومًا عنيفًا على مخيم زمزم للنازحين.
وأكد سكان محليون وعاملون في القطاع الطبي أن الهجوم تسبب في سقوط سبعة قتلى على الأقل، وفقًا لمنظمة أطباء بلا حدود، بينما أفاد شهود عيان بأن عدد الضحايا قد يكون بالعشرات.
ويقع مخيم زمزم على مقربة من مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تعد آخر معاقل الجيش السوداني في الإقليم.
وتسعى قوات الدعم السريع إلى إحكام قبضتها على المنطقة.
من جهتها، قالت القوات المشتركة، وهي تحالف من جماعات متمردة سابقة تقاتل الآن بجانب الجيش السوداني، إنها لم تكن داخل المخيم أثناء الهجوم. كما أعلنت الحكومة السودانية أن الجيش والقوات المشتركة والمتطوعين تمكنوا يوم الأربعاء من صد قوات الدعم السريع داخل مخيم زمزم، في مؤشر على استمرار القتال العنيف في المنطقة.
المصدر: سودان تربيون + رويترز