ناشد الرئيس القائد عبدالفتاح السيسى المصريين، فى أكثر من مناسبة، ضرورة السيطرة على معدل الإنجاب للحد من النمو السكانى، كونه «يشكل عبئاً كبيراً جداً على الدولة». وقال الرئيس: «النمو السكانى فوق طاقة البلد، وسيترتب عليه ممارسات وسلوكيات، وسيؤدى إلى تدمير الدولة أو كاد أن يؤدى إلى تدمير الدولة فى عام 2011».

وقد أظهرت الساعة السكانية، التابعة للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وصول عدد سكان مصر بالداخل أول الشهر الماضى (سبتمبر)، إلى 106 ملايين و750 ألف نسمة، مسجلاً مولوداً إضافياً كل 15.4 ثانية.

وتؤدى مستويات الإنجاب الحالية، حال ثباتها على (2.76) طفل لكل سيدة، إلى وصول عدد السكان إلى 117 مليون نسمة عام 2030، و157 مليون نسمة عام 2050، وهذا يعنى أن هذه المعدلات بأعداد المواليد الحالية تستنزف موارد الدولة وتلتهم جهود التنمية، وتمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان للفئات الأولى بالرعاية، وضغطاً على خدمات الدولة. ويرفض الرئيس السيسى صراحة ما سماها «الحرية المطلقة للإنجاب»، مؤكداً أن تلك الحرية بالنسبة إلى بعض المواطنين ممن ليس لديهم الوعى الكافى تمثل مشكلة كبيرة. بينما يصل عدد السكان إلى 116 مليون نسمة عـام 2030، و144 مليون نسمة عام 2050، إذا انخفضت مستويات الإنجاب لتصل إلى 2.1 طفل لكل سيدة بحلول عام 2042، أى بفارق مليون نسمة عام 2030، و13 مليون نسمة عام 2050. يقول الرئيس السيسى إن «أكبر خطرين يواجهان مصر فى تاريخها هما الإرهاب والزيادة السكانية»، وإننى ومن واقع المسئولية الوطنية أدعو إلى وضع «استراتيجية السكان» التى أُعلنت فى 2023 قيد التنفيذ الآن، وأن تخضع للتقييم والمساءلة بشكل دورى، ومعرفة سبب التعثر والتأخير، حتى تلقى آذاناً صاغية لدى قطاعات واسعة من المجتمع، فقبل عقود كان هناك برنامج لتنظيم الأسرة، بدعم من الولايات المتحدة، وانخفض معدل الإنجاب من 5.6 طفل عام 1976 إلى 3 أطفال فى 2008، وارتفع استخدام وسائل منع الحمل من 18.8% إلى 60.3%. وتقوم «استراتيجية السكان» على 7 محاور: ضمان الحقوق الإنجابية، والاستثمار فى الطاقة البشرية، وتدعيم دور المرأة وتمكينها، وتطوير فرص التعليم، وتفعيل الإعلام فى مسار التنمية، وتلافى التغيرات المناخية، وحوكمة الملف السكانى.

وتنص المادة (41) من الدستور على: «تلتزم الدولة بوضع برنامج سكانى يهدف إلى تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكانى والموارد المتاحة، وتعظيم الاستثمار فى الطاقة البشرية، وتحسين خصائصها فى إطار تحقيق التنمية المستدامة». وقد أطلقت الدولة العديد من المبادرات فى مقدمتها «2 كفاية»، وتم ربطها ببرامج «تكافل وكرامة»، حيث بدأت بالمناطق الأكثر فقراً، والتى تهدف إلى توعية الأمهات المستفيدات بأهمية الاكتفاء بإنجاب طفلين فقط. يجب العمل على تغيير ثقافة الكثير من الناس التى تربط الإنجاب بالجاه والعزوة الاجتماعية، واعتقاد الكثيرين بأن المولود يأتى ورزقه معه، وأن الأطفال سيدرّون عوائد مالية فى المستقبل بالتحاقهم بسوق العمل الحكومى. وحتى نكون أمناء مع أنفسنا، وحتى لا يدفن البعض رأسه فى الرمال، مصر تواجه تحديات كبيرة بسبب تفاقم الزيادة السكانية، مما أدى إلى تراجع نصيب الفرد من الإنفاق على التعليم والصحة والإسكان والنقل والمواصلات، وكذلك تراجع نصيب الفرد من المياه والطاقة والأرض الزراعية، وتزايد التحديات البيئية فيما يتعلق بالصرف الصحى والتلوث بما ينعكس على الحالة الصحية للمواطن، وهو أمر فى منتهى الخطورة، مما يستلزم إعادة النظر فى قضية الزيادة السكانية. لو استمرت الزيادة السكانية على ما هى عليه الآن -حيث كان تعدادنا عام 1850 نحو 5 ملايين، وفى عام 1900 نحو 9 ملايين، وأصبحنا الآن 106 ملايين- فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن يشعر المواطن بأى تحسن فى أحواله المعيشية على الرغم من الجهود الخارقة التى تبذلها الدولة، إذ ستأكل الزيادة السكانية الأخضر واليابس. وفى مواجهة تلك الكارثة يجب أن تكون هناك إجراءات عقابية حقيقية، منها منع الزواج لمن لم يُكمل التعليم أو شهادة محو الأمية، وضع عقوبات على من يتجاوز إنجابه ثلاثة أطفال، منها تحمُّل نفقات التعليم والصحة وأى خدمات أخرى تدعمها الدولة. وإننى أدعو إلى دور أكبر للإعلام للتعريف بالمشكلة السكانية والدعوة لتنظيم الأسرة وتبنى نمط الأسرة الصغيرة، لتوفير حياة كريمة من الناحية الصحية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية، وتعريف المواطنين بأن الزيادة السكانية تُجهض التنمية المستدامة وتزيد الفقر والبطالة.

وعلى هامش قنبلة الزيادة السكانية تأتى قضية اللاجئين فى مصر، وكانت الحكومة قد أعلنت، فى 8 يناير الماضى، بدء تدقيق أعداد اللاجئين والمهاجرين، وتكلفة ما تتحمله الدولة من مساهمات لرعاية ضيوفها من مختلف الجنسيات، واستند وزير الصحة والسكان إلى ما جاء فى تقرير المنظمة الدولية للهجرة أغسطس 2023، الذى «أكد حصول المهاجرين واللاجئين وطالبى اللجوء لمصر على الخدمات الوطنية فى قطاعى التعليم والصحة بالمساواة مع المصريين، وذلك على الرغم من التحديات التى يواجهها هذان القطاعان والتكاليف الاقتصادية الباهظة»، ويقدر عددهم بنحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ يعيشون فى مصر من نحو 133 دولة، وفى مايو الماضى، كشف الرئيس السيسى عن أن «التكلفة المباشرة لاستضافة اللاجئين والمهاجرين والمقيمين الأجانب داخل مصر تصل إلى 10 مليارات دولار سنوياً». إن الأعداد الكبيرة للاجئين فى مصر تزيد من أعباء ميزانيات التعليم والصحة والنقل وغيرها، ولا بد أن يكون للمجتمع الدولى دور كبير فى تقاسم الأعباء والتخفيف عن كاهل الحكومة المصرية، لحين عودة اللاجئين لبلادهم.

* رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الزيادة السكانية معدل الإنجاب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الرئيس السيسى الزیادة السکانیة التعلیم والصحة ملیون نسمة عام

إقرأ أيضاً:

(المليشيا وتقدم).. المحاكمة غيابيا!!

التحدي القانوني يكمن في تنفيذ الأحكام..
(الميليشيـــــــــا وتقـــــــدم).. المحــــاكمة غيابيــــــًا!!
قرار النائب العام يُظهر جديةً الحكومة فى التعامل مع مظالم المواطنين
المواطن ينتظر محاكماتٍ عادلة تنهي حصانة المسلحين والسياسيين..
هاني: المحاكمة الغيابية تستند على قواعد قانونية مفادها عدم الإفلات من العقاب
بخاري: القرار موفق وجاء بعد رصدٍ وإحصاءٍ دقيق لكافة جرائم الميليشيا..
تقرير: محمد جمال قندول- الكرامة
ضمن مساعي الدولة لتفعيل مبدأ القانون فى التعامل مع ميليشيا الدعم السريع الإجرامية المتمردة ، صدق النائب العام لجمهورية السودان مولانا الفاتح طيفور ببداية المحاكمات الغيابية لقيادات الميليشيا وجناحها السياسي.
مراقبون اعتبروا الخطوة مهمة جدًا في إطار إدانة التمرد ومن ناصره بعد اقترافه لانتهاكاتٍ غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
محاكمة عادلة
الخبير والمحلل السياسي إبراهيم عثمان بدأ حديثه قائلًا : ان الاتهامات الموجهة من النيابة لقادة التمرد وأعوانهم تبدو لكثيرين كإجراءٍ شكليٍ لا تأخذه الدولة مأخذ الجد، ويقابله المتهمون بالسخرية، وبالتمادي في ارتكاب الجرائم موضوع الاتهامات، في انتظار تسوية ما تأتي بالمتهمين إلى قيادة الدولة وتضعهم في موقع محاسبة الآخرين، لكن قرار النائب العام يُظهر جديةً في الأمر، فالمظالم على المواطنين كبيرة ومستمرة، وتنفي فرضية الاستهداف السياسي، ولا تحتمل تأجيل النظر فيها بواسطة القضاء، لافتًا أن ما ينتظره المواطنين هو محاكماتٍ عادلة تعاقب المدان وتبرئ البريء، وتنهي حصانة المسلحين والسياسيين التي اكتسبوها بالصوت العالي وبالابتزاز وبالدعم الخارجي.
بدوره، اعتبر الخبير القانوني والمحامي د. هاني تاج السر أنّ فلسفة المحاكمة الغيابية تستند على قواعد قانونية مفادها عدم الإفلات من العقاب، وأن هروب المتهم لا يشكل عائقًا دون محاكمته غيابيًا بعد استعراض البيانات المقدمة.
غير أنّ مولانا هاني أشار إلى أنّ التحدي القانوني يكمن في تنفيذ الأحكام، لافتًا أنّ هناك اتفاقية الرياض للتعاون القضائي لسنة 1983 ومدى التزام الدول بالتعاون القضائي في تنفيذ الأحكام القضائية.
شركاء
بدوره، قال رئيس تحرير صحيفة “الانتباهة” الكاتب الصحفي بخاري بشير إنّ النائب العام مولانا الفاتح طيفور رئيس لجنة انتهاكات ميليشيا الدعم السريع المتمردة أكد في تصريحاتٍ سابقة أن النيابة العامة دونت بلاغاتٍ في مواجهة قيادات من ميليشيا الدعم السريع، ومن الجناح السياسي الداعم للميليشيا ممثلًا في مجموعتي “صمود” و”الميثاق التأسيسي”، أو ما عرف في السابق بجبهة (تقـــدم)، والقرار الأخير لمحكمة الإرهاب ببورتسودان والخاص بمثول 16 من قيادات الميليشيا يتقدمهم حميدتي وشقيقيه عبد الرحيم والقوني أمام المحكمة في بورتسودان، وتابع بشير: أنّ الخطوة تعتبر أولى الخطوات في ملاحقة الميليشيا وجناحها السياسي وحصارهما قانونيًا لإدانتهم بالانتهاكات الواسعة التي جرت نتيجة تمردهم على الدولة السودانية في يوم الغدر المشؤوم 15 أبريل 2023.
وبحسب بخاري، فإنّ القرار موفق وجاء بعد رصدٍ وإحصاءٍ دقيق لكافة جرائم الميليشيا، والتي اعتبر بعضها تهمًا تحت طائلة الحرب ضد الدولة وتقويض نظامها الدستوري، إضافة لجرائم الحرب والانتهاكات الموثقة ضدها.
وبحسب قرار محكمة بورتسودان، فإن الجريمة المعلنة ضد قيادات الميليشيا هي جريمة بقتل آلاف المدنيين في الجنينة يتبعون لقبيلة المساليت ودفن بعضهم أحياءً، إضافة إلى جريمة قتل والي غرب دارفور خميس أبكر والتمثيل بجثته أمام الكاميرات، وهي الجريمة التي وثقتها أيادي الميليشيا نفسها، وباتت من أشهر القضايا دوليًا في محكمة العدل الدولية، والتي رفعها في فترة سابقة السلطات سعد بحر الدين سلطان دار مساليت.
وزاد محدّثي أنّ القرار موفق، ليس لجهة تطبيقه حرفيًا بمعنى مثول هؤلاء المجرمين أمام المحكمة، لأنّ ذلك ربما كان أشبه بالمستحيل، ولكن لجهة أن يحاكموا غيابيًا، ويتم تسجيل ذلك للعالم أجمع، بأن القضاء السوداني قد نظر في هذه الجرائم، وبعدها يمكن للقضاء الدولي أن يحذو حذو القضاء السوداني ويعاقب هؤلاء المجرمين، مشيرًا إلى أنّ هذه القضية هي مقدمة لما ستقوم به المحاكم السودانية مستقبلًا بتوجيه الاتهام المباشر لقياداتٍ سياسية يعتبرون شركاء أصليون في جرائم الميليشيا، ما لم يعلنوا صراحةً إدانتهم لجرائم الميليشيا وتبرؤهم منها. وهنا نقول كما قال النائب العام نفسه إنّ هذه المحاكمات ستقود إلى استصدار أوامر قبض في مواجهة قيادات مجموعة “تقدم” بفصيليها الاثنين، والسبب في اعتقادي يعود إلى ديسمبر من العام 2023، عندما وقعت جبهة “تقدم” اتفاقية مشتركة مع ميليشيا الدعم السريع في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ولم يصدر حتى الآن عن مجموعة “تقدم” برئاسة حمدوك أن تنصلت من تلك الاتفاقية، أو أنها أعلنت صراحةً إدانتها لجرائم الميليشيا.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • برلماني: استئناف إطلاق النار على غزة انتهاك صارخ وتحدي للجهود الدولية
  • علاء عابد: استئناف إطلاق النار في غزة انتهاك صارخ وتحدي للجهود الدولية لإحلال السلام
  • إنذار بالشطب النهائي.. اتحاد الطائرة يغرم لاعب الزمالك ربع مليون جنيه
  • منير أديب يكتب: دستور مؤقت أم أسلمة دائمة؟ إعلان دستوري يكرس الصلاحيات في يد الرئيس ويستثني المكونات السورية من معادلة الحكم
  • التضامن الاجتماعي: عدد أبناء أسر تكافل في مراحل التعليم المختلفة 5.5 مليون
  • بعد تعرضه لوعكة صحية.. محافظ كفر الشيخ يزور وكيل وزارة التعليم | صور
  • وزيرة التضامن: 5.5 مليون طالب من أسر تكافل في مراحل التعليم المختلفة
  • وزيرة التضامن: عدد أبناء أسر تكافل فى مراحل التعليم المختلفة بلغ 5.5 مليون
  • (المليشيا وتقدم).. المحاكمة غيابيا!!
  • اقتراح برلماني لـ"وزير التعليم" بشأن التسرب من التعليم