أزمة لبنان وإسرائيل.. تحرك أميركي مكثف في توقيت معقد
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
تتفق دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية على أن الحل الدبلوماسي هو السبيل الوحيد لمنع لبنان من الوقوع في كارثة إذا انزلق الوضع وتطور إلى حرب شاملة في المنطقة.
وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إن هناك شعورا حقيقيا بالإلحاح للتوصل إلى حل دبلوماسي في لبنان في أعقاب العمليات العسكرية الإسرائيلية في البلاد.
وأكد بلينكن خلال لقاء مع رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، الجمعة في لندن، على ضرورة التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701، بحيث يمكن أن يكون هناك أمن حقيقي على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان.
فما نتيجة جولة بلينكن على الشرق الأوسط ؟ وهل تنجح الجهود الأميركية في فرض حل دبلوماسي في لبنان ؟ وإلى أي مدى ستتمكن واشنطن من الإسهام في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701؟
يقول، أرون ديفيد ميلر، المستشار الحكومي السابق في مفاوضات الشرق الأوسط، وهو كبير الباحثين في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن الوزير بلينكن أجرى هذه الزيارة "في خضم أوقات يصعب فيها إحراز تقدم ملموس لأن الانتخابات الأميركية تجري بعد أيام. من ناحية أخرى، قبل الانتخابات الأميركية ستطلق إسرائيل ضربة على إيران، ولذا لا يمكن إجراز تقدم".
وأضاف في حديث لقناة "الحرة" أنه "لا يمكن أن نعرف كيف سترد إيران، وحزب الله وحماس لن يتخذا أي قرارات قبل التأكد من تداعيات الضربة الإسرائيلية على إيران. سينتظران إذا ما كانت هذه الضربة ستأخذ المنطقة لحرب شاملة وتتدخل الولايات المتحدة".
وكان بلينكن أجرى جولة إقليمية بدأها، الثلاثاء، في إسرائيل حيث التقى مسؤولين أبرزهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، قبل أن يتوجه الأربعاء الى الرياض التي غادرها الخميس متوجها إلى العاصمة القطرية للحصول على تقييم لموقف حماس من الهدنة.
بعدها توجه بلينكن للندن حيث التقى بمسؤولين عرب كبار، بينهم رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ووزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان.
وهذه هي الجولة الحادية عشرة لبلينكن إلى المنطقة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس عقب شن الأخيرة هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023. وتأتي بعد فشل كافة مساعيه السابقة لإنهاء الحرب المدمرة في القطاع.
وأعلن وزير الخارجية الأميركي خلال الزيارة تقديم 135 مليون دولار إضافية من المساعدات الأميركية للفلسطينيين، مشيرا إلى أن ذلك يرفع إجمالي المساعدات الأميركية إلى 1,2 مليار دولار منذ السابع من أكتوبر 2023.
وتقول إسرائيل إنها لم تفرض أي قيود على وصول المساعدات إلى غزة، وتلقي باللوم على الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية في الفشل في توزيع المساعدات التي تصل إلى القطاع. كما تقول إن حماس تنهب قوافل المساعدات، وهو الاتهام الذي تنفيه الحركة.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
تجميد المساعدات الأميركية يهدد جهود مكافحة الإيدز في أفريقيا
تبدو "مولي" البالغة من العمر 39 عاما مفعمة بالحيوية والطاقة، بحيث لا يمكن أن يلحظ أحد أنها مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (إتش آي في) الذي يسبب مرض الإيدز، لكن بعد قرار الحكومة الأميركية بتجميد أموال المساعدات لمدة 90 يوما، أصبحت هذه الأم العزباء التي تعيل طفلين، في قلق شديد.
تقول مولي "عندما سمعت ذلك، بكيت وقلت: ليكن الله في عوننا". وتضيف "ما زلت أبكي، لأنني كنت أعتقد أنني سأعيش لفترة أطول. الآن لم أعد متأكدة من ذلك".
تم تشخيص إصابة مولي بفيروس نقص المناعة البشرية قبل 8 سنوات. ومنذ ذلك الحين، صارت تتلقى العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية (إيه آر في)، مما يساعد في السيطرة على الفيروس والحفاظ على استقرار حالتها الصحية.
حتى الآن، لم تظهر عليها أعراض المرض. تعيل مولي نفسها وطفليها عن طريق بيع الموز المقلي في شوارع قريتها في أوغندا. يكفي هذا العمل لتوفير حياة متواضعة، لكنه لا يكفي لشراء الأدوية بشكل خاص إذا توقفت المساعدات.
يواجه قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوقف هذه المساعدات انتقادات على الصعيد القانوني في الولايات المتحدة. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الأموال ستخفّض على المدى الطويل أو ستلغى بالكامل.
إعلانفي أوغندا وحدها، هناك مئات الآلاف من المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. ويعد المرض منتشرا بشكل خاص في جنوب وشرق أفريقيا. وبينما كانت الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية في التسعينيات تعد بمثابة حكم بالإعدام، فإنه بات اليوم في مقدور المرضى في العديد من البلدان الأفريقية التعايش مع المرض بفضل تلقيهم العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية.
الخوفلكن الخوف واليأس يتفاقمان الآن. ففي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية قال نيلسون موسوبا، مدير مفوضية الإيدز الأوغندية "هناك حالة من الخوف والذعر، سواء بين المسؤولين أو بين المرضى. هناك قلق من نفاد أدوية العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية. أيّ انقطاع في العلاج يمكن أن يؤدي إلى مشاكل خطيرة".
حتى جين فرانسيس كانيانجي، البالغة من العمر 70 عاما، تتساءل عن المدة التي يمكن أن تصمد فيها بدون الأدوية. فقد تم تشخيص إصابتها بفيروس نقص المناعة البشرية في أواخر التسعينيات، لكنها لم تحصل على العلاج إلا بعد وفاة زوجها بسبب الإيدز عام 2002.
ساعدتها الأدوية على البقاء على قيد الحياة، لكنها اليوم منهكة ومصابة بكثير من الأمراض بسبب ضعف جهازها المناعي.
تروي كانيانجي "بعد إعلان ترامب، اتصل بي طبيبي وسألني عما إذا كان لدي ما يكفي من الأدوية. قال لي إن العيادة التي أذهب إليها دائما، ستغلق. عندما سمعت ذلك، فقدت وعيي".
تهديد قصة النجاحمن جانبه، يخشى مدير مفوضية الإيدز الأوغندية، موسوبا، أن يؤدي توقف المساعدات الأميركية إلى تهديد قصة النجاح التي حققتها أوغندا، الواقعة شرقي أفريقيا في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز. ففي التسعينيات، كانت نسبة الإصابة في أوغندا 30%، لكن بفضل برنامج طموح، انخفضت الآن إلى 5% فقط.
وبينما توفي 53 ألف شخص في أوغندا بسبب مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) ومضاعفاته في عام 2010، فإن عدد هذه الوفيات انخفض في عام 2023 ليصل إلى 20 ألف حالة فقط. يعيش في أوغندا ما يقرب من 1.5 مليون شخص حاملين للفيروس، منهم حوالي 1.3 مليون شخص يتلقون العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية.
إعلان"هناك خطر أن تمحى هذه الإنجازات"، وفقا لما يؤكد موسوبا، مشيرا إلى أن هذا الأمر ينطبق أيضا على عودة الوصم الاجتماعي للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.
يذكر أنه حتى الآن، كان يتم تمويل 70% من برنامج مكافحة الإيدز في أوغندا، والذي تبلغ ميزانيته السنوية 500 مليون دولار، عن طريق أموال المساعدات الأميركية. ووفقا لمفوضية الإيدز الأوغندية، فإن برنامج "بيبفار" الأميركي لم يوفر أدوية مضادات الفيروسات القهقرية وأجهزة اختبار فيروس نقص المناعة البشرية وحسب، بل قام أيضا بتمويل رواتب أكثر من 4300 موظف في العيادات الأوغندية و16 ألف معاون صحي في المجتمعات المحلية.
أصبح العديد من العاملين في قطاع الصحة الآن في حيرة وعجز تام، تماما مثل مرضاهم. يقول ماثيو نسيما موكاما الذي يعمل في عيادة متخصصة بفيروس نقص المناعة البشرية بالقرب من مطار عنتيبي، إنه يتلقى يوميا أسئلة من مرضاه حول ما إذا كانوا سيحصلون على أدويتهم في المستقبل، وقال إن "الناس أصبحوا في حالة ذعر، فهم يأتون قبل موعدهم ويطرحون الكثير من الأسئلة عن الوضع"، وأضاف "نحن قلقون أيضا، لأنه قد يأتي الوقت الذي لا تتوفر فيه الأدوية".
برنامج "بيبفار"وقال طبيب شاب كان يعمل في معهد الأمراض المعدية في كامبالا، والذي كان يعتمد أيضا بشكل كبير على تمويل برنامج "بيبفار" لدفع رواتب موظفيه، إنه وجد نفسه عاطلا عن العمل بعد إعلان ترامب. وأضاف أن "الإعلان كان قرارا صادما للغاية. أنا الآن في إجازة غير مدفوعة الأجر لمدة 90 يوما. بدون راتب، لا أعرف كيف سأتمكن من إعالة أسرتي وأطفالي".
لا تعد أوغندا حالة فردية، إذ قالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن العديد من المرافق الصحية في جنوب أفريقيا قد أغلقت، حيث كانت تقدم برامج لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية بتمويل من برنامج "بيبفار". وفي موزمبيق، اضطرت إحدى أهم المنظمات الشريكة لـ"أطباء بلا حدود"، والتي كانت تقدم برامج شاملة لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية، إلى وقف أنشطتها بالكامل.
إعلانأما في زيمبابوي، فقد أوقفت معظم المنظمات التي تقدم برامج لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية عملها أيضا، لأن هذه المنظمات لم تعد تضمن توافر التمويل وشراء الأدوية بشكل كاف. ولا يمكن للجهات المانحة الأخرى سد هذه الفجوات بالسرعة المطلوبة.
من جانبها، تقول آفريل بينوا، المديرة التنفيذية لـ"أطباء بلا حدود" في الولايات المتحدة إنه رغم وجود استثناء محدود من قرار تجميد أموال المساعدات، يغطي بعض الأنشطة، "فإن فرقنا ترى في العديد من البلدان أن الناس فقدوا بالفعل إمكانية الوصول إلى الرعاية الطبية المنقذة للحياة، ولا يعرفون ما إذا كانت علاجاتهم ستستمر أو متى يمكن أن تستأنف. هذه الانقطاعات ستتسبب في إزهاق أرواح وستدمر سنوات من التقدم في مكافحة الفيروس".