قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، اليوم الجمعة، إن التضخم العالمي يشهد تراجعًا ملموسًا بفضل السياسات النقدية الصارمة التي اتبعتها العديد من الدول. 

وأوضجت جورجييفا - خلال الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بواشنطن اليوم - إن معدلات التضخم انخفضت من 5.7% في الربع الرابع من العام الماضي إلى 5.

3% في الربع الحالي، مع توقعات بأن يصل إلى 3.5% بحلول الربع الأخير من عام 2025، مما يمثل أسرع انخفاض في الاقتصادات المتقدمة. 

ومع ذلك، أكدت جورجييفا أن "الوقت لا يزال مبكرًا للاحتفال"، حيث سيظل تأثير مستويات الأسعار المرتفعة مستمرًا، ما سيزيد من الضغط على الأسر حول العالم.

ولفتت إلى أن "التضخم قد ينخفض، لكن الأسعار المرتفعة التي وصلنا إليها ستظل باقية؛ مما يزيد من صعوبة الحياة اليومية للأسر التي تعاني بالفعل".

وأضافت جورجييفا أن الاقتصاد العالمي يواجه تحديات كبيرة مع مسار يتسم بالنمو البطيء والمديونية المرتفعة، وتوقعت أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمتوسط سنوي قدره 3.2% خلال السنوات الخمس المقبلة، مشيرة إلى أن هذه التوقعات تم تعديلها بشكل منخفض على مدار السنوات الماضية؛ مما يعكس صعوبة تحقيق النمو المتوقع. 

وأشارت إلى أن الديون العامة العالمية في ارتفاع مستمر، مع وجود خطر بأن تتجاوز التوقعات الأساسية بنسبة تصل إلى 20% من الناتج المحلي الإجمالي في حالة حدوث سيناريو سلبي شديد ولكنه ممكن.

وحذرت جورجييفا من تأثير هذا الارتفاع المتزايد للديون، والذي قد يؤدي إلى ارتفاع الديون الحكومية العالمية إلى تريليون دولار، مع تضخم مدفوعات الفوائد التي ستلتهم جزءًا كبيرًا من الإيرادات المالية، خاصةً في الدول ذات الدخل المنخفض والاقتصادات الناشئة. 

وشددت على أن الدول بحاجة إلى التركيز على تعزيز الإصلاحات الاقتصادية وزيادة الكفاءة المالية لتحسين مستويات النمو وتعزيز استقرارها الاقتصادي.

من جهة أخرى، أشارت جورجييفا إلى أن العالم أصبح أكثر انقسامًا، وأن التجارة العالمية لم تعد تمثل المحرك الرئيسي للنمو كما كانت في السابق. 

وقالت إن التراجع عن مفهوم التكامل الاقتصادي العالمي، الذي يعزى إلى المخاوف المرتبطة بالأمن القومي والشعور بالظلم الذي طال بعض الأطراف، أدى إلى ظهور سياسات الحماية الاقتصادية وفرض الحواجز التجارية؛ وهو ما أثر على التبادل التجاري بين الدول بشكل ملحوظ.

وأكدت جورجييفا ضرورة أن تتحرك الدول بسرعة لتكييف سياساتها المالية والنقدية وفقًا للواقع الاقتصادي الحالي، قائلة إن الأولوية يجب أن تكون لدعم النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في التكنولوجيا والمناخ، والعمل على تعزيز الشفافية في الإنفاق الحكومي. 

وأضافت أن الوقت قد حان للعمل معًا على المستوى العالمي لمواجهة التحديات المشتركة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، مشددة على أهمية التعاون المتعدد الأطراف وتوحيد الجهود لضمان تحقيق تقدم فعال ومستدام.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

تصريحات وزير المالية في الميزان الاقتصادي

في اجتماع وقع مؤخرا قال الدكتور خالد المبروك عبد الله وزير المالية بحكومة الوحدة الوطنية إن المرتبات السنوية قد تصل إلى 100 مليار دينار ليبي (ما يزيد عن 20 مليار دولار) مع نهاية العام 2025م، في تصريح أثار جدلا كبيرا، ذلك أن المرتبات وفق تقديرات الوزير سترتفع بنسبة 33% خلال العام المذكور، ومعلوم أن إجمالي باب المرتبات مع نهاية العام 2024م بلغ نحو 67 مليار دينار.

لم يعلل الوزير دوافع تصريحه ولم يفصح عن أسباب الزيادة الكبيرة جدا في المرتبات حسب تقديره، فقط ألقى بالرقم في الاجتماع الرسمي وأمام كميرات التلفزيون ليصبح حديثه محط الانظار والتقييم، وبالطبع التعجب والاستنكار، ذلك أنه وبكل المقاييس ومع الأخذ بجميع المعطيات الراهنة والفرضيات المحتملة فإن بلوغ 100 مليار دينار لبند المرتبات خلال عام واحد أمر غير ممكن.

وبحسبة بسيطة، ومع الأخذ بمتوسط مرتبات العاملين في الجهاز الحكومي والبالغ عددهم نحو 2.3 مليون، وهو رقم كبير جدا ولا يعبر عن الاحتياج الحقيقي للاقتصاد الليبي، وإنما هو نتيجة لتوجهات وسياسة خاطئة ومتعمدة تعود إلى مطلع الثمانينيات من القرن، ومتوسط المرتبات هو نحو 1900 دينار ليبي، فإن الزيادة في المرتبات تعني في احد الاحتمالات توظيف أكثر من 1.7 مليون موظف وعامل خلال العام 2025م، وهذا لا يمكن تحققه حتى لو أرادات الحكومة ذلك.

إن تبني سياسة تقشفية ثم التحول إلى استراتيجية وطنية لتنشيط الاقتصاد تغير هيكله المعتمد على قطاع واحد هو النفط لا يمكن أن تجد طريقها إلى النجاح ما لم تخرج البلاد من نفق الاستقطاب والنزاع وتشهد استقرارا سياسيا وأساسا سليما للإنطلاق بعيدا عن بؤرة التأزيم الراهنة، وسيظل البعد الإيجابي لجهود ومساعي معالجة الاختناقات الاقتصادية والمالية محدود الأثر وقصير الأجل ما لم يقع تغيير حقيقي في الواقع السياسي والأمني الحالي.الاحتمال الآخر هو أن تتحقق القفزة في قيمة المرتبات التي ذكرها الوزير من خلال الزيادة في مرتبات العاملين في القطاع العام بنسبة 33%، وهذا أيضا غير ممكن ولا مبرر، فتصريحات وزير المالية جاءت في سياق التحذير والتعبير عن القلق الشديد من الارتفاع المطرد في المرتبات، وبالتالي لن تكون سياسة الزيادة في المرتبات خيارا للحكومة.

الأهم من ذلك هو أن بند المرتبات الذي يشكل أكثر من 55% من الإنفاق العام لا يعكس الواقع، بل إن الرقم الحالي مبالغ فيه، وأن الزيادة تعود في جزء منها إلى الهدايا والمزايا التي يتمتع بها شريحة واسعة من موظفي الدولة، وقدر بعض المختصين بأن القيمة الحقيقة للباب الأول من الميزانية (المرتبات وما في حكمها) لا تتعدى 55 مليار دينار، وبالتالي فإن القول بأن المرتبات ستصل إلى 100 مليار أمر مستحيل.

والسؤال هو: لماذا أقدم وزير المالية على هذا التصريح الذي لا مسوغ علمي ولا منطقي له، مع التنبيه إلى تداعيات هكذا تصريح في هذا التوقيت وفي ظل الظروف التي يواجهها الاقتصاد الليبي والمالية العامة الليبية؟!

ذهب عديد المختصين إلى أن التصريح مجرد ردة فعل عفوية، غير مدروسة ولا منضبطة، على ارتفاع بند المرتبات في الميزانية العامة وما يشكله هذا البند من عبئ كبير على الحكومة، وبالتحديد وزارة المالية. بمعنى أن التصريح هو من باب التهويل والتخوف من عواقب استمرار الاعتماد على الخزانة العامة كمصدر رئيسي وربما وحيد لمعظم القادرين على العامل في البلاد، وهذا تفسير راجح وتدعمه شواهد عديدة سبق الإشارة إلى بعضها.

الاحتمال الآخر هو اتجاه الحكومة لتبني سياسات تقشفية عامة من بينها إيقاف التوظيف في مؤسسات الدولة، والتصريح هو بمثابة تهئية الرأي العامة لهذه السياسة، وننوه إلى أن جهاز الرقابة الإدارية أصدر قرارا يطالب المؤسسات التنفيذية بوقف التعيين، وسيكون هذا مفهوما ومقبولا إذا رافقه إجراءات صارمة حيال "ما في حكم" المرتبات من مكافأت ومزايا كثيرة تشكل رقما مهما في هذا البند، والتوسع أكثر في تبني إجراءات تحد من الهدر والفساد الذي يشكل تحديا كبيرا للاقتصاد وبابا واسعا لضياع ثروة الليبيين.

حزمة السياسات التقشفية قد تكون ملحة، إلا أن أثرها سيكون عكسيا إذا طال أمدها ولم تنته إلى خطة أو استراتيجية تعالج الاختلالات والتشوهات في بنية الاقتصاد الوطني وتركيبته، وتعيد إليه التوازن المفقود والفاعلية الغائبة، وهذا يستدعي اتجاها إلى مراكمة رأس المال واستثماره في تطوير وتحسين البنية التحتية بمفهوما الواسع والتي تمثل الأساس لتحريك عجلة الاقتصاد وتحقيق معدلات أكبر في النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعظيم دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي، واستقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية التي تتناغم ومستهدفات الاستراتيجية الوطنية.

إن تبني سياسة تقشفية ثم التحول إلى استراتيجية وطنية لتنشيط الاقتصاد تغير هيكله المعتمد على قطاع واحد هو النفط لا يمكن أن تجد طريقها إلى النجاح ما لم تخرج البلاد من نفق الاستقطاب والنزاع وتشهد استقرارا سياسيا وأساسا سليما للإنطلاق بعيدا عن بؤرة التأزيم الراهنة، وسيظل البعد الإيجابي لجهود ومساعي معالجة الاختناقات الاقتصادية والمالية محدود الأثر وقصير الأجل ما لم يقع تغيير حقيقي في الواقع السياسي والأمني الحالي.

مقالات مشابهة

  • "أومينفست" تسلط الضوء على النمو الاقتصادي العُماني بـ"المنتدى الاقتصادي العالمي"
  • تصريحات وزير المالية في الميزان الاقتصادي
  • صندوق النقد يجبر السلفادور على التخلي عن "البتكوين"
  • كاتب يوضح أهمية ترتيب المشهد الاقتصادي وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية
  • الصحة: الخدمات الإنجابية ساهمت في تحقيق انخفاض ملحوظ بمعدلات النمو السكاني
  • الصحة: السياسات الصحية والسكانية ساهمت في انخفاض معدلات النمو السكاني
  • الأمن الغذائي في ليبيا مهدد مع تصاعد الأسعار واستمرار عدم الاستقرار الاقتصادي
  • تقرير مشترك بين البنك الدولي و” GLMC”.. الشباب في الجنوب العالمي طاقة غير مستغلة للنمو الاقتصادي
  • السلفادور تنهي إلزامية قبول البيتكوين في المعاملات المالية
  • صعود هائل في سعر الدولار عالميا بعد تثبيت سعر الفائدة الأمريكية