شهد قصر ثقافة بورسعيد، لقاء أدبيا نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، احتفاء بمسيرة الشاعر والمؤرخ الكبير محمد عبد القادر، ضمن برنامج "العودة إلى الجذور"، وفي سياق خطط وزارة الثقافة للاحتفاء برموز الأدب والفكر الذين قدموا عطاءات مهمة في حقلي الثقافة والإبداع.

حضر اللقاء الشاعر د. مسعود شومان، رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، ولفيف من الشعراء والأدباء والمثقفين بالباسلة، بمشاركة كل من الناقد والأديب عبد الفتاح البيه، والناقد أسامة المصري، والأديب أسامة كمال.

استهلت الفعاليات بكلمة الشاعر عادل الشربيني الذي أدار اللقاء، موجها الشكر للقائمين على تنفيذ برنامج العودة إلى الجذور، ومقدما نبذة مختصرة للسيرة الذاتية للشاعر الكبير وتجربته الإبداعية، فضلا عن دوره الكبير في إثراء الحياة الثقافية، من خلال أعماله الأدبية المتميزة.

وأعرب الشاعر مسعود شومان عن سعادته البالغة لتواجده وسط نخبة من القامات الأدبية، مشيرا إلى أنه أعد دراسة مطولة العام الماضي، حول أعمال الشاعر المحتفى به بعنوان "استلهام عناصر التراث والموروث الشعبي في شعر محمد عبد القادر" تطرق خلالها لتعريف الفرق بين التراث وهو ما تبقى من الماضي، والمأثور وهو ما أخذ عن الأقدمين وما زال مستمرا.. هذا بجانب مناقشة ديوان "طرح البحر" الذي يتناول فيه الشاعر الكثير من العادات والتقاليد الموروثة، والأحداث التاريخية التى مرت بها المدينة الباسلة من خلال مفردات مستوحاة من اللهجة البورسعيدية تكفي كتابة مقدمة لمعجم.

وواصل "شومان" اللقاء بحديث عن الخصائص الشعرية في  الديوان الثاني لعبد القادر الذي يحمل عنوان "وشوش" ويتناول فيه ملامح الشخصية البورسعيدية، وأثنى على أعماله قائلاً: "إذا تأملنا شعر "عبد القادر" سنجد شكل القصيدة التقليدية والموال والرباعية والأغنية وغيرها من الأشكال، فهو بمثابة كنز أدبي كبير يجب دعمه وإعادة طبع الأعمال القديمة حفاظا عليها".

واختتم حديثه موضحا علاقته الوطيدة بالشاعر الكبير، والتي امتدت لما يقرب من 40 عاما، واصفا إياها بأنها علاقة محبة وإخاء.

من ناحيته، توجه الناقد أسامة المصرى، بالشكر للقائمين على برنامج "العودة إلى الجذور" الذي يقدم نماذج عظيمة في الواقع المعاصر، كأيقونة شعر العامية الشاعر محمد عبد القادر، الذي يعد أحد فرسان الدفاع عن الهوية البورسعيدية.

وطرح تساؤلا حول إمكانية تدريس أعمال قامات شعر العامية بالمدارس، خاصة أن مصر غنية بالشعراء العباقرة الحاصلين على جوائز قومية كبيرم التونسي، فؤاد حداد، صلاح شاهين، وسيد حجاب، وغيرهم.

وأشار إلى أهمية إعداد قاموس أنثروبولوجي عن الحياة في بورسعيد منذ نشأتها عام 1868 وحتى عام 1969، وأيضا بحث اجتماعي خاص بفترة التهجير، منذ عام 1969 وحتى عام 1974، من أجل الحفاظ على هوية المدينة.

وتناول الشاعر أسامة كمال، مشروع "عبد القادر" الشعري الذي أضفى الكثير من الجماليات والتفاصيل على مدينة البحر (بورسعيد) التي اكتملت ملامحها بعد الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أن الديوان الأول (طرح البحر) جاء معبرا عن المكان بكل ما يحمله من فرادة وخصوصية، أما ديوانه الثاني (وشوش) فجاء بسحر خاص وعبق بديع لما يتناوله من أحوال البشر.

أما الناقد والسيناريست عبد الفتاح البيه، تحدث عن إبداعات "عبد القادر" قائلا : "إنه شاعر الجغرافيا والتاريخ والإنسان، الذي استطاع أن يقدم أعماله التراثية بوعي وعمق فلسفي راقٍ، من خلال الجمع بين شخصية المكان والإنسان في التاريخ المعاصر، أنه بالفعل شاعر له صوت خاص، آخي مدينته حتى النخاع، فسلمته مفاتيح أسرارها، وفتحت له أبواب شذاها العبقري".

وفي كلمته تحدث الشاعر محمد عبد القادر عن علاقته القوية بجيل الشعراء الشباب من أبرزهم الشاعر عادل الشربيني رئيس نادي أدب قصر ثقافة بورسعيد، كما تحدث أيضا عن تفاصيل رحلته مع رفيق دربه الأديب عبد الفتاح البيه.

أعقب ذلك إلقاء عدد من قصائده الشعرية التي أمتعت الحضور، واختتم حديثه موجها الشكر لوزارة الثقافة وهيئة قصور الثقافة لحرصهما على تكريم المثقفين والمبدعين، وذلك عقب تكريمه بمنحه شهادة تقدير، ودرع من الهيئة العامة لقصور الثقافة، نظرا لعطائه الغزير في المجال الأدبي ووفاء لمسيرته، بحضور نخبة من النقاد والأدباء ومحبيه.

محمد عبد القادر أحد أشهر شعراء العامية بالباسلة، ولد عام ١٩٤٩ بحي المناخ، تخرج من معهد المعلمين عام ١٩٧٠، وشغل منصب رئيس مجلس إدارة جمعية فناني وأدباء بورسعيد، شارك في عضوية الأمانة العامة لمؤتمر أدباء الأقاليم، بجانب عدة مؤتمرات ومهرجانات دولية تابعة لوزارة الثقافة.

بدأ في الكتابة منذ دراسته، وتأثر في كتابته بالشعراء: ابن عروس، بيرم التونسي، فؤاد حجاج، وصلاح جاهين.

عمل مع الكثير من الفنانين والمسرحيين والشعراء منذ عام ١٩٧٥ بقصر ثقافة بورسعيد، وقام بتأليف عدد من الأغاني للسينما وبعض المطربين من أبرزهم علي الحجار ومحمد منير، بالإضافة إلى كتابة الأعمال الغنائية لمسرحية "المصوراتي".

شارك بالعديد من الأعمال في الدراما التليفزيونية و المسرحية منها مسلسل " الفنار "، و "أولاد الليل"، وحاز على المركز الأول بالعديد من المسابقات المسرحية، خلال عمله في المدارس.

صدر ديوانه الأول بعنوان طرح البحر" عام 1986 وتناول خلاله تاريخ مدينة بورسعيد، وأعيدت طباعته في مكتبة الأسرة عام 2001، وحصل عن ديوانه الثاني "وشوش" على جائزة الدولة التقديرية.

برنامج "العودة إلى الجذور" أطلقته الإدارة المركزية للشئون الثقافية، ويهدف البرنامج إلى إلقاء الضوء على سيرة ومسيرة كبار الأدباء، وتقديم شهادات حول علاقة تجاربهم الإبداعية بالمكان وتراثه عبر العودة إلى جذورهم، وقام  بتنفيذ الفعالية الإدارة العامة للثقافة العامة، برئاسة الشاعر عبده الزراع، بالتعاون مع إقليم القناة وسيناء الثقافي، برئاسة أمل عبد الله، وفرع ثقافة بورسعيد.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: قصر ثقافة بورسعيد الهيئة العامة لقصور الثقافة الكاتب محمد ناصف محمد عبد القادر العودة إلى الجذور وزارة الثقافة العودة إلى الجذور محمد عبد القادر ثقافة بورسعید

إقرأ أيضاً:

د. عصام محمد عبد القادر يكتب: احترام حقوق الإنسان تسهم في بناء الكيان

بداية نذعن بأن دستور بلادنا أكد بشكل صريح على احترام حقوق الإنسان في مادته (93)، والتي نصت على أن (تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً للأوضاع المقررة)، وتفعيلًا وإعمالًا لما جاءت به الفقرة من بيان وإلزام شاركت الدولة عبر مؤسساتها المعنية في تطوير القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ومن منطلق الإيمان بأن بناء الإنسان يقوم على غرس قيم الكرامة والعزة وتعضيد الهوية، وتعظيم مقومات الوطنية، والحفاظ على النفس والذات من كل ما قد يؤثر سلبًا على وجدان الفرد ويؤدي إلى إحباطه؛ فمن يمتلك حقوقه يصبح قادرًا على العطاء والتنمية وتقديم كل ما يمتلك من خبرات لرفعة ونهضة وطنه؛ لذا شاركت الدولة في صياغة الإعلان العالمي والعهدين الدوليين لحقوق الإنسان، وجميع المشاورات والأعمال التحضيرية لصياغة الاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان.


والاهتمام بملف حقوق الإنسان لم يقتصر على المؤسسات المعنية به فقط على أرض الوطن، بل كان اهتمام الرئيس بنفسه؛ حيث يتابع سيادته عن كثب ما يتم وما تم من جهود من أجل العمل الجاد والممنهج الذي يمتخض عن نتائج ملموسة تسهم في تعزيز واحترام الإنسان المصري، كما أكد سيادته بصورة واضحة على أهمية تنفيذ ما جاء بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.


وتعالوا بنا نطالع أحوال من سلبت منهم حقوقهم وهدمت مقومات الحرية في بلادهم؛ فصاروا في حالة يرثى لها، من حيث الثبات والاستقرار، وأصبحت التنمية في سقوط تلو سقوط، وهذا أمر طبيعي لمن أحبطت معنوياته، وأهدرت طاقاته، وشعر بأنه بات غربيًا في بلاده وتحت سماء وطنه؛ ومن ثم لا يراعي مسئولياته ولا يعبأ ببناء وطنه، ولا يحرص على استقراره ونهضته.


إننا نعيش على أرض الحرية المسئولية والبناء المستدام ونعبر أنفاق التحدي ونتفوق على مخططات المغرضين ونسير دون توقف أو التفات للخلف لما يقال ويكاد؛ فلدينا مسيرة محفوفة بالأمل ومدعومة بالإصرار والتحدي، نسابق الزمن من أجل بلوغ الغاية ورفع الراية والازدهار والوصول للريادة والتنافسية التي تؤكد بالحق مكانتنا وتعيد أمجاد التاريخ العريق الزاخر ببطولات وإنجازات يصعب حصرها.


إن جمهوريتنا الجديدة ماضية نحو النهضة بإنسان قادر على العمل والعطاء والتحدي؛ لديه مقومات البناء والرغبة في الإعمار، يعي أن مصلحة الوطن العليا مقدمة فوق الجميع، ويتمتع بديمقراطية الاختيار وبقيم المواطنة التي تحثه على الولاء والانتماء وتوجه حريته لما يخدم تماسك النسيج ويمنع كل محاولات التفكيك والنيل من لحمة هذا المجتمع الأصيل؛ فجميع المصريين أمام القانون والتشريع سواء بلا تمييز ولا تفريد.


ونحن على توافق بأن مصر دولة مؤسسات؛ حيث تمنح الفرد حرية التقاضي، وحرية المطالبة بكافة حقوقه المشروعة، ولا تمنعه من كل ما أقره الدستور، وفسرته التشريعات؛ فهناك السلطة القضائية، التي يصفها القاصي والداني، بالنزاهة والشفافية، ويوسمها الجميع بالاستقلالية؛ حيث إن قدرتها على إنفاذ القانون غير محدودة أو مغلولة؛ ومن ثم فهي الضامن لحقوق الإنسان؛ فعبر أحكامها المستقلة تقطع الشك باليقين.


إن ما نتطلع إليه عبر بوابة حقوق الإنسان أن تسهم في بناء الكيان؛ فمن خلال الحرية المسئولة والتعبير المنضبط بالقنوات المشروعة وحرية الإعلام وفق مدونة السلوك المهني التي يعمل في ضوئها نؤكد على أمر جلل؛ ألا وهو مراعاة قيمنا وأعرافنا وأخلاقنا الحميدة التي تربينا عليها، ووعينا تجاه ما يكال ويكاد لنا لنقطع في براثن النزاع والصراع.


نحن شعب يعشق الأمن والاستقرار ويرغب في النهضة والإعمار، ويسعى إلى تعضيد البيئة الآمنة التي من خلالها يقوم بواجباته ويحيا حياة تملؤها الأمل والتفاؤل، كما إننا شعب تتمزق وجدانه إذا ما استشعر الخطر على وطنه ورأي بأم عينه من يحاول النيل منه أو من مقدراته أو المساس بترابه؛ فلا مكان ولا مكانة لنداءات ودعوات خبيثة تستهدف هتك النسيج وتفتيت الشمل؛ فكل مواطن مصري مخلص مقاتل من موقعه ومصطف خلف وطنه ومؤسساته دون مواربة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

مقالات مشابهة

  • قصور الثقافة فى أسبوع..انطلاق عروض نوادي المسرح وانعقاد مؤتمر المشهد الثقافي بالإسماعيلية
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: احترام حقوق الإنسان تسهم في بناء الكيان
  • قصور الثقافة تصدر ديوان "قبضة ضغط الدم والعصافير اللي هناك" للشاعر محمد على عزب
  • قصور الثقافة تفتتح مهرجان فنون القناطر الخيرية
  • محافظ القليوبية ونائب رئيس قصور الثقافة يفتتحان مهرجان فنون القناطر الخيرية
  • تحت رعاية عبدالله بن زايد.. وزارة الثقافة تكرم الفائزين بجائزة البردة العالمية 2024
  • قصور الثقافة تحتفل بيوم ذوي الهمم في حديقة السيدة زينب
  • وزارة الثقافة الإماراتية تكرم الفائزين في "البردة"
  • الثقافة تكرم الفائزين بجائزة البردة العالمية 2024
  • وزارة الثقافة تكرم الفائزين بجائزة البردة العالمية 2024