#التاريخ_عبرة د. #هاشم_غرايبه
في قصة الجاسوسة المصرية (هبه سليم ) التي بكت عليها رئيسة الكيان اللقيط “جولدا مائير” عندما سمعت بنبأ إعدامها، ووصفتها بأنها (قدمت لإسرائيل أكثر مما قدم زعماءها)، عبرة لأولي الألباب وخاصة فئة (المتنورين) المبهورين بحضارة الغرب ويدعون للالتحاق بها.
نشأت “هبه” في بيئة علمانية (منفتحة)، فقد كانت ابنة وكيل وزارة التربية والتعليم، وتقطن في حي المهندسين الراقي، ومندمجة في الوسط الشبابي بنادي الجزيرة، الذي لا يشغل اهتمامهم سوى أحاديث الموضة والمغامرات، وعندما حصلت على الثانوية العامة، ولأنها كانت تدرس الفرنسية في المدرسة، ألحت على والدها للسفر إلى باريس لإكمال تعليمها الجامعي.
وبسبب من آرائها بحبها للسلام، وجرأتها على تجاوز التقاليد والمفاهيم العربية، فقد رأى فيها زملاؤها اليهود صيداً سهلاً، فالتف حولها شلة أقنعوها بأن (إسرائيل) لا تقهر، وأنه من العبث محاربتها فهاهي قد هزمت الدول العربية مجتمعة وهزمتها في ستة أيام، وهي تمثل البؤرة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
تجاوبت الفتاة بسهولة، خاصة وأنها لا تملك رصيدا ثقافيا مضادا لتلك الإدعاءات، وغير محصنة بعقيدة دينية تحميها من الإنزلاق نحو الإغراءات ومتع الحياة، وعندما وصلت الى المرحلة التي أصبحت تنظر الى قومها على أنهم متخلفون ولا يمكن أن يصلوا الى درجة الأمم المتحضرة، دخل على المسرح ضابط موساد وسيم رتبت له أن يلتقيها في إحدى السهرات الماجنة (صدفة)، فالتقطها ثمرة ناضجة وأكمل إقناعها بتحضر (الإسرائيليين) وقوة كيانهم والذي يستحيل أن تسمح أمريكا بالقضاء عليه، فوافقت على خدمة هذا الكيان (المتحضر) وحمايته من العرب (المتخلفين)، فطلب منها أن ترسل ما تستطيع جمعه من معلومات عسكرية عن طريق مصادقة ضباط مصريين.
تذكرت ضابطا شابا اسمه “فاروق الفقي” كان من شلة النادي وكان يلاحقها طالبا الزواج، فعادت الى القاهرة حيث بحثت عنه وأخبرته بموافقتها، وتم الزواج بسرعة وبدأت تدريجياً تسأله عن بعض المعلومات والأسرار الحربية، وبالذات مواقع الصواريخ الجديدة التي وصلت من روسيا، فكان يتباهى أمامها بأهميته ويتكلم في أدق الأسرار العسكرية، ويجيء بها بالخرائط زيادة في شرح التفاصيل، وأرسلت “هبه” على الفور بعدة خطابات إلى باريس بما لديها من معلومات، ولما تبينت إسرائيل خطورة وصحة ما تبلغه هذه الفتاة لهم اهتموا بها اهتماماً فوق الوصف، ووجهوها إلى التقصي عن الأهم في تسليح ومواقع القوات المسلحة، وبالذات قواعد الصواريخ والخطط المستقبلية لإقامتها، وسافرت هبة إلى باريس مرة ثانية تحمل بحقيبتها عدة صفحات، دونت بها معلومات غاية في السرية والأهمية للدرجة التي أبهرت المخابرات الإسرائيلية.
تمكنت أخيرا من تجنيده عميلا آخر للموساد، وباشر بتسريب وثائق وخرائط عسكرية موضحاً عليها منصات الصواريخ “سام 6″ المضادة للطائرات التي كانت القوات المسلحة تسعى ليلى نهار لنصبها لحماية مصر من غارات العمق الإسرائيلية، تمهيدا لحرب عام 73 .
لاحظت القيادة العامة للقوات المسلحة أن مواقع الصواريخ الجديد تدمر أولاً بأول بواسطة الطيران الإسرائيلي حتى قبل أن يجف الأسمنت المسلح بها، فاستدلوا على وجود اختراق تجسسي، بعد المراقبة الدقيقة اكتشف الجاسوسان، أما الضابط فحوكم وأعدم، وأما “هبة” التي كانت تقيم في ضيافة “غولدا مائير”، فتم استدراجها الى ليبيا بمساعدة والدها المقيم هناك الذي صدم بخيانة ابنته، وألقي القبض عليها وأعدمت، وكان هذا الخبر هو الذي أبكى “غولدا مائير”، التي نادرا ما تبكي.
من أراد أن يأخذ العبرة من هذه الحالة، عليه أن يدرك لماذا يجتهد عملاء الغرب بيننا الذين دسهم في المؤسسات التعليمية في فك ارتباط الأجيال الناشئة بعقيدتهم وقيمهم الدينية والوطنية، تحت مسمى تطوير المناهج وتنقيتها من (الكراهية والإرهاب)، وذلك بهدف سلخهم تدريجيا عن أمتهم، وجعلهم لقمة سائغة للعدو، لكي يحولهم الى أعداء لأمتهم، بدل أن يكونوا جندها الذين يحمونها.
فقد ثبت أن ما يحصن المرء من الاستدراج الى فخ خيانة الوطن، هو العقيدة الإيمانية، فكل من تجندوا لخدمة العدو كانوا دائما من تلك الفئة التي لا تؤمن بالله واليوم الآخر، لأن أفراغ نفوسهم من العقيدة هدم الحصن الوحيد للنفس من الإغراءات والانسياق وراء الشهوات.
وأما الركون الى القناعات الوطنية فقط، فلا يكفي لممانعة المصالح الشخصية النفعية.
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
بسبب برنامج الصواريخ الباليستية.. عقوبات أمريكية إضافية على باكستان
قالت الولايات المتحدة الأربعاء إنها فرضت عقوبات جديدة تتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية بعيدة المدى في باكستان، الدولة المسلحة نوويا، بما في ذلك على الوكالة الحكومية التي تشرف على البرنامج.
وقال ماثيو ميلر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيان إن الإجراءات التي تفرض على مجمع التنمية الوطنية وثلاث شركات، تأتي بموجب أمر تنفيذي يستهدف "منتجي أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها".
وتجمد العقوبات أي ممتلكات في الولايات المتحدة خاصة بالكيانات المستهدفة كما تمنع الأمريكيين من إجراء أعمال تجارية معها.
وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان إن الإجراء الأمريكي "مؤسف ومنحاز" وسيضر بالاستقرار الإقليمي من خلال "السعي إلى إبراز التفاوت العسكري"، في إشارة واضحة إلى التنافس بين البلاد والهند المسلحة نوويا، وفق ما نقلت "رويترز".
وذكرت ورقة حقائق صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية أن مجمع التنمية الوطنية الذي يقع مقره في إسلام اباد سعى إلى الحصول على مكونات لبرنامج الصواريخ الباليستية بعيدة المدى ومعدات اختبار الصواريخ.
وجاء في الورقة أن مجمع التنمية الوطنية مسؤول عن تطوير صواريخ باكستان الباليستية، بما في ذلك صواريخ "شاهين".
وتقول منظمة "نشرة علماء الذرة" إن صواريخ شاهين قادرة على حمل أسلحة نووية.
وأجرت باكستان أول اختبار للأسلحة النووية عام 1998، لتصبح سابع دولة تقوم بذلك، وتقدر منظمة "نشرة علماء الذرة" أن ترسانة باكستان تحتوي على حوالي 170 رأسا حربيا.
ورفضت إسلام اباد التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي، وهي حجر الزاوية في النظام الدولي المصمم لمنع انتشار الأسلحة النووية.