غوبكلي تبة وسهل حرّان.. اكتشافات أثرية جنوب شرق تركيا تغير كتابة التاريخ
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
منذ حوالي 12 ألف عام قامت مجموعة مجهولة من البشر ببناء معبد من الأحجار المتراصة في شمال الجزيرة الفراتية وذروة الهلال الخصيب، وبقي هذا الهيكل مطمورا في تلة غوبكلي على أطراف مدينة أورفة جنوب شرق تركيا المعاصرة.
وأظهرت اكتشافات جديدة خلال حفريات أثرية بموقع "غوبكلي تبة" بولاية شانلي أورفة، أن الزراعة وتربية الحيوانات لم تكن سببا لاستقرار المجتمعات البشرية بل نتيجة له، وتطور مجتمعات عاشت قبل 12 ألف عام بمجالات الهندسة المعمارية والفنون.
يستعرض هذا التقرير مجموعة واسعة من البيانات بشأن حفريات أجريت بمناطق مختلفة من هضبة الأناضول، والتي كشفت عن موجودات أثرية ترجع إلى فترات أقدم مما كان متوقعا، خاصة بموقع "غوبكلي تبة" المدرج على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو".
ويقع "غوبكلي تبة" على بعد 18 كيلومترا من مركز مدينة أورفة، حيث تم اكتشافه خلال عمليات مسح سطحي عام 1963، كما يشهد منذ عام 1995 مجموعة من الحفريات الأثرية برعاية وزارة الثقافة والسياحة التركية.
وفي 2018، أدرجت اليونسكو موقع "غوبكلي تبة" على قائمتها للتراث العالمي، كما أن النتائج المستخلصة من الحفريات التي أجريت بالموقع حازت اهتمام الأوساط العلمية والتاريخية في العالم، لما قدمته من بيانات من شأنها تغيير كتابة التاريخ.
تصورات جديدة
البروفيسور نجم الدين قارول، رئيس فريق الآثاريين الأتراك في "غوبكلي تبة"، قال إن "الحفريات الأثرية بالمنطقة بدأت عام 1995 وأظهرت أن الموقع المشار إليه يحتوي على هياكل أثرية تعود للعصر الحجري الحديث".
وأضاف لوكالة الأناضول أنه "تم الكشف جزئيا عن طبقات تعكس فترة زمنية من الاستيطان البشري تمتد لحوالي 1500 عام، وتراوح بين عامي 9600 و8200 قبل الميلاد".
وأوضح قارول أن وجود هياكل معمارية عامة ذات خصائص فريدة في الموقع "ترك تأثيرا كبيرا في الأوساط الأكاديمية بمجال الآثار والتاريخ والعلوم في العالم".
وقال "احتوت الهياكل الأثرية في موقع غوبكلي تبة على دلالات كبيرة، فوجود هياكل لمساكن في الموقع يدل على أن الأماكن كانت تستخدم للسكن، وليس فقط كأماكن ذات دلالات دينية أو للطقوس".
واعتبر قارول أن هذا الموقف غيّر بشكل جذري "التصور الذي يفيد بأن المجتمعات القديمة كانت بدائية وغير متقدمة".
وأضاف قائلا عندما توسعت الأبحاث عام 2021، في مواقع العصر الحجري الحديث ضمن مشروع طاش تبة (تل الحجر)، والذي يغطي منطقة أوسع، توصلنا إلى نتائج مماثلة، وأردف البروفيسور التركي "اليوم، كشفنا عن مستوطنات حول سهل حران، تحتوي على مبان عامة ومنازل خاصة، بما في ذلك بموقع غوبكلي تبة".
وأشار قارول إلى أن النتائج التي تم التوصل إليها في إطار مشروع "طاش تبة" وفي مواقع مشابهة لغوبكلي تبة، أظهرت أن الأفكار السابقة بشأن حياة المجتمعات البشرية في ذلك العصر كانت "غير دقيقة" وأن المجتمعات التي اعتمدت على الصيد "تبنت الحياة المستقرة".
واعتبر أنه رغم تبني تلك المجتمعات للحياة المستقرة، فإنها لم تكن على دراية بالزراعة وتربية الحيوانات، إلا أن الاستقرار دفع الناس وقتها إلى استغلال الموارد الطبيعية المحيطة بهم بشكل أكثر كفاءة.
وتابع قائلا "بمراحل متقدمة من تلك الفترة، بدأنا نرى تجارب في زراعة النباتات وتدجين الحيوانات، وبذلك أصبح موقع غوبكلي تبة وأماكن مشابهة نقطة البداية لنمط الحياة المنتج الذي يشكل الأساس للنظام الاجتماعي المعاصر، ما جعل الموقع يحتل مكانة مهمة في التاريخ الأثري".
وأوضح قارول أن "المعطيات الأثرية التي تم التوصل إليها في غوبكلي تبة، أدت إلى تغيير نظرتنا بشأن الماضي، حيث كان تصورنا للمجتمعات القديمة بأنها بدائية وغير متطورة".
وأشار إلى أن المعطيات الحالية تظهر بشكل واضح أن المجتمعات التي عاشت هنا قبل 12 ألف عام كانت قادرة على بناء هياكل معمارية ضخمة، وكان لديها مجالس وأنظمة إدارة احترافية.
واستطرد قائلا "المجتمعات التي استوطنت غوبكلي تبة قبل 12 ألف عام، كانت تمتلك عددا من المهارات لا تقل أهمية عن تلك الموجودة في المجتمع المعاصر، من حيث الفن والتقنيات المعمارية، ويمكن القول إن الاكتشافات عكست لنا عدم وجود تفاوت بين قدرات الناس في الماضي والحاضر".
اكتشافات تغير التاريخوشدد قارول على أن الاكتشافات في غوبكلي تبة والمواقع المجاورة "يمكن أن تُغير كتابة التاريخ".
ورغم أن كتب التاريخ في العالم تغيرت في السنوات الأخيرة، بحسب قارول، فإن ما اكتُشف في غوبكلي تبة "أوضح بما لا يدع مجالا للشك، أن الزراعة وتربية الحيوانات لم تكن سببا للاستقرار، بل نتيجة له، مما يجعل هذه الاكتشافات من أهم الاكتشافات الأثرية التي غيرت مفاهيمنا" بشأن الماضي.
وعقب قارول قائلا "هناك تصور في الكتب مفاده أن البشر قبل 12 ألف عام كانوا يعيشون حياة محدودة تقتصر على كفاحهم من أجل البقاء على قيد الحياة، وكانوا يسكنون الكهوف ويعيشون في ظروف صعبة".
وختم بالقول "يمكننا الآن القول بكل وضوح إن موقع غوبكلي تبة أظهر بُعد هذا التصور عن الحقيقة، وأثبت مدى براعة وقدرات البشر قبل 12 ألف عام في الهندسة المعمارية والفنون".
ويعد الهيكل القديم أقدم معبد بناه البشر منذ العصر الحجري الحديث (ما قبل الفخاري)، وهو الزمن الذي اتفق علماء الآثار والتاريخ القديم على ربطه بما يسمى "الثورة الزراعية" في منطقة الشرق الأوسط، حيث شرع البشر في تدجين الحيوانات وزراعة النباتات والتحول إلى حياة الاستقرار في منطقة بلاد الشام والرافدين، وظهرت لاحقا أول المحاصيل الزراعية المستأنسة في هذه المنطقة بالتحديد، كما يقول الباحثون.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
سان جيرمان يبحث عن كتابة رقم تاريخي في سجلات الكرة الفرنسية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يسعى فريق باريس سان جيرمان، لتحقيق إنجاز لم يسبق تحقيقه عبر تاريخه الممتد إلى خمسة وخمسون عام، فى الدورى الفرنسى وأنهائه بدون هزيمة، بعدما حسم المسابقة قبل انتهائها بـ 6 جولات.
حسم الفريق الباريسى لقب الدورى فى منافسات الجولة الـ 28 من عمر المسابقة، اى قبل أنتهاء المسابقة بـ 6 جولات.
ويأمل باريس فى التتويج باللقب هذ الموسم للمرة الرابعة على التوالى والـ 13 فى تاريخه، بدون هزيمة فى حادثة لم تحدث من قبل فى تاريخة مع الدورى الفرنسى.
خاض باريس سان جيرمان حتى الآن 30 مباراة، في منافسات الدوري الفرنسي، حقق الفريق 24 فوزًا وستة تعادلات ولم يتجرع الفريق تحت قيادة المدرب الإسباني لويس إنريكي أي هزيمة بالدوري.
قوة هجومية غاشمةيفصل باريس سان جيرمان أربع مبارايات فقط عن تحقيق هذا الإنجاز، فهذا الموسم هو نتيجة لعمل جيد لأفراد المنظومة الصلبة الذي نجح في صنعها لويس إنريكي المدير الفنى للفريق.
ويمتلك الفريق الباريسى بين صفوفه عثمان ديمبلي، هداف الدوري بـ 21 هدف، وكذلك الأكثر صناعة هو اللاعب برادلي باركولا.
ويعد خط هجوم الفريق الباريسى هو الأقوى فى المسابقة برصيد 83 هدف، بفارق 21 هدف عن الفريق الأقرب له فى القوة الهجومية، وهو الوصيف مارسيليا برصيد 62 هدف.
كما يمتلك الفريق الباريسى منظومة دفاعية هى الأقوى فى الدورى هذا الموسم، استقبل خلاله 28 هدفًا فقط طوال الموسم، ففريق العاصمة الفرنسية هو أقل معدل أهداف مستقبلة في المباراة بمعدل 0.93 هدف في المباراة.
إنجازات تاريخيةهذا الإنجاز إن حٌقق فهو استكمال لفترة هيمنة وسيطرة للعملاق الباريسي حيث حقق لقب الدوري للمرة الرابعة على التوالي، والمرة الـ11 في آخر 13 عام.
ويعد الرقم القياسي بعدد مرات الفوز المتتالي بلقب الدوري الفرنسي محفوظ باسم فريق أوليمبيك ليون، الذي حقق لقب الدوري في 7 أعوام تواليًا، بدأ تلك المسيرة في موسم 2001-2002 حتى موسم 2007-2008.
وبعد أن فرض باريس سان جيرمان هيمنته وأصبح الأكثر تتويجًا بالدوري الفرنسي ووضع العملاق سانت إيتيان في وصافة المتوجين بالدوري عبر تاريخه، فقد يسعى أيضًا لأخذ هذا الإنجاز من ليون بالمحافظة على اللقب لفترة تمتد إلى 7 مواسم أو أكثر.