تعريف الغيبة وحكمها.. شروط التوبة وكيفية التحلل منها
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
يتساءل البعض عن تعريف الغيبة وحكمها؛ حيث تعد الغيبة شرعًا وصف الشخص وهو غائب عن المجلس بوصفٍ يكرهه إذا سمعه وذلك حسبما ذكرت دار الإفتاء المصرية.
تعريف الغيبة وحكمهاقال الإمام النووي في "الأذكار" (ص: 535، ط. دار ابن حزم): [الغيبة: هي ذِكرُك الإنسان بما فيه ممَّا يكره؛ سواء كان في بدنه أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خَلْقه أو خُلُقه أو ماله أو ولده أو والده أو زوجه أو خادمه أو مملوكه أو عمامته أو ثوبه أو مشيته وحركته وبشاشته وخلاعته وعبوسه وطلاقته أو غير ذلك ممَّا يتعلق به؛ سواء ذكرتَه بلفظك أو كتابك أو رمزت أو أشرت إليه بعينك أو يدك أو رأسك أو نحو ذلك] اهـ.
وهي من الذنوب المحرمة التي توافرت النصوص الشرعية في الكتاب والسنة في الدلالة على حرمتها والتنفير منها؛ ومن ذلك: قول الله تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12].
وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ». قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ، قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ» أخرجه مسلم في "الصحيح".
وذكر الإمام القرطبي المالكي أنَّه لا خلاف بين العلماء في تحريم الغيبة، قال في "الجامع لأحكام القرآن" (16/ 337، ط. دار الكتب المصرية): [لا خلاف أنَّ الغيبة من الكبائر، وأنَّ مَن اغتاب أحدًا عليه أن يتوبَ إلى الله عزَّ وجلَّ] اهـ.
تتحقق التوبة من الغيبة بشروط؛ الندم على ما صدر من غيبة، والإقلاع عنها، والاستغفار من هذا الذنب الجسيم، والإخلاص في التوبة إلى الله عزَّ وجلَّ منه، مع العزم على عدم الرجوع إليه مرة أخرى، حتى تكون التوبة توبة نصوحًا، كما يلزم الدعاء والاستغفار لِمَن وقعت عليه الغيبة، ومحاولة ذكر محاسنه ومدحه في مواطن غيبته، ولا يلزم التحلل بإعلام مَنْ اغْتِيب؛ كما هو المختار للفتوى؛ لأن إعلامه مما يُدخل الكدر والغم على قلبه، وربما أدى إلى ضرر وعداوة بينهما يترتب عليها شرٌّ أكبر من الغيبة، وهذا مما يناقض مقصود الشارع في تحقق التعاطف والتراحم والمحبة بين الناس؛ إذ اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات، فكانت المفسدة في إعلام من اغتيب بالغيبة أعظم من التحلل منها، وقد تقرر في قواعد الشرع الشريف: "دَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ".
كيفية التحلل من الغيبةلا يشترط لصحة التوبة من الغيبة تحلل المغتاب ممن اغتيب؛ كما هو مذهب الحسن البصري، ومجاهد، وأبو عبد الله الحناطي من الشافعية والحنابلة في صحيح مذهبهم، واختاره الشيخ ابن تيمية؛ لأن إعلامه مما يدخل الكدر والغم على قلبه، وربما أورث ضررًا وعداوة بينهما تولد شرًّا أكبر من الغيبة، وهذا مما يناقض مقصود الشارع في تحقق التعاطف والتراحم والمحبة بين الناس؛ إذ اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات، فكانت المفسدة في إعلام من اغتيب بالغيبة أعظم من التحلل منها، وقد تقرر في قواعد الشرع الشريف: "دَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ"؛ كما في "الأشباه والنظائر" للحافظ السيوطي (ص: 87، ط. دار الكتب العلمية).
قال ابن القيم في "مدارج السالكين" (1/ 300-301، ط. دار الكتاب العربي): [والقول الآخر: أنه لا يشترط الإعلام بما نال من عرضه وقذفه واغتيابه، بل يكفي توبته بينه وبين الله، وأن يذكر المغتاب والمقذوف في مواضع غيبته وقذفه بضد ما ذكره به من الغيبة، فيبدل غيبته بمدحه والثناء عليه، وذكر محاسنه، وقذفه بذكر عفته وإحصانه، ويستغفر له بقدر ما اغتابه، وهذا اختيار شيخنا أبي العباس ابن تيمية، قدس الله روحه. واحتج أصحاب هذه المقالة بأن إعلامه مفسدة محضة لا تتضمن مصلحة، فإنه لا يزيده إلا أذى وحنقًا وغمًّا، وقد كان مستريًحا قبل سماعه، فإذا سمعه ربما لم يصبر على حمله، وأورثته ضررًا في نفسه أو بدنه، كما قال الشاعر:
فإن الذي يؤذيك منه سماعه ... وإن الذي قالوا وراءك لم يقل
وما كان هكذا فإن الشارع لا يبيحه، فضلًا عن أن يوجبه ويأمر به. قالوا: وربما كان إعلامه به سببًا للعداوة والحرب بينه وبين القائل، فلا يصفو له أبدًا، ويورثه علمُه به عداوةً وبغضاءً مولِّدَةً لِشَرٍّ أكبر من شر الغيبة والقذف، وهذا ضد مقصود الشارع من تأليف القلوب، والتراحم والتعاطف والتحابب] اهـ.
وقال الشيخ البهوتي في "كشاف القناع" (6/ 115): [وقال) الشيخ -يعني: ابن تيمية- (وعلى الصحيح من الروايتين: لا يجب الاعتراف) للمظلوم] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الغيبة من الغیبة التحلل من
إقرأ أيضاً:
أمراض القلب والتسمم.. مخاطر المواد الكيميائية على الصحة وكيفية تجنب آثارها السلبية؟
يوجد حول الانسان العديد من المواد الكيميائية الدائمة وهي تلك المواد الغير قابلة للتدمير، حيث تتواجد بصفة مستمرة في مختلف الأماكن والأدوات التي يستخدمها الإنسان، والتي تمثل تحديًا كبيرًا أمام صحة الفرد والمجتمع.
انتقال المواد الكيميائية إلى الإنسانأشار موقع (Health) إلى أن هناك العديد من المصنوعات من حول الانسان يدخل فيها مركبات المواد الكيميائية والتي تضم حوالي 15000 مادة كيميائية مختلفة، حيث اكتشف العلماء أن تلك المواد قد تدخل إلى أجسام الإنسان من خلال التلامس المباشر أو تلوث الطعام والشراب والهواء مما يشكل خطرًا كبيرًا على صحته.
مصنوعات تحتوي على مواد كيميائيةاكتشف العلماء أن المواد الكيميائية تدخل في العديد من المصنوعات حول الإنسان مثل أواني الطهي الغير لاصقة، والبخاخات، والملابس المقاومة للماء.
مخاطر المواد الكيميائيةتربط عدد من الأبحاث بين وجود المواد الكيميائية وعدد من الحالات الصحية مثل أمراض القلب، وتسمم الحمل، وتليف الكبد، والإصابة بأمراض الكلى، وأمراض الغدة الدرقية، وأنواع معينة من السرطان.
تقليل مخاطر المواد الكيميائيةيوجد العديد من الطرق لتقليل مخاطر المواد الكيميائية على صحة الفرد وهي:
تنقية مياه الشربيجب العمل على تنقية مياه الشرب من الملوثات، وتصفيتها جيدًا وذلك باستخدام فلاتر خاصة ذات جوده عالية.
عدم استخدام أواني طهي غير لاصقةيجب الابتعاد عن استخدام أواني الطهي الغير لاصقة، واستبدالها بأواني الطهي المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ والحديد الزهر والزجاج.
مستحضرات تجميل خالية من الفلوريةالتركيز جيدًا عند شراء مستحضرات التجميل والعناية الشخصية مثل الشامبو، الكريم المرطب، وظلال العيون، وأحمر الشفاه، وطلاء الأظافر، حيث من الممكن أن تنتقل المواد الكيميائية من خلال اللمس، لذلك يجب الحرص على شراء مستحضرات التجميل والعناية الشخصية الخالية من المكونات الفلورية.
الابتعاد عن الأطعمة الغير مغلفة قدر الإمكانيتم تغليف الأطعمة والمواد الغذائية بمواد مقاومة للماء كالبلاستيك، وفي بعض الأحيان تتسرب المياه والدهون من بعض الأطعمة على المادة المٌغلفة، فتتأثر تلك المأكولات بالرطوبة.
الحد من الاعتماد على الوجبات السريعةأظهرت دراسةٌ تم نشرها في مجلة تقارير المستهلك عام ٢٠٢٢ أن المنتجات المستخدمة في مطاعم الوجبات السريعة قد تحتوي على كميات من المواد الكيميائية، مما يلزم الحد من الاعتماد على الوجبات السريعة.