بوابة الوفد:
2024-11-01@07:29:25 GMT

عودة الروح لحركة البناء والعمران فى مصر

تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT

تشغيل المصانع بكامل طاقتها وعودة العمالة أبرز الإيجابيات
خبراء: الشروط الملغاة مجحفة وتسببت فى إيقاف تراخيص البناء لسنوات
السماح بالبناء على 100% من مساحة الأرض وتخصيص اﻟﺪورﻳﻦ الأرضى والأول للتجارى والإدارى مزايا للمواطنين

 

منذ أسابيع أعلنت وزارة التنمية المحلية عن موافقة رئيس الجمهورية على الدراسة المشتركة التى أعدتها الوزارة بالتعاون مع وزارة الإسكان بإلغاء الاشتراطات البنائية والتخطيطية المعمول بها حاليا فى المدن، والتى صدرت فى مارس ٢٠٢١، مع العودة إلى العمل بأحكام قانون البناء رقم ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ ولائحته التنفيذية بما يسهم فى تبسيط الاشتراطات، خصوصا التى تعوق إصدار تراخيص البناء.


بعدها أعلن المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، شروط تراخيص البناء الجديدة، مؤكدا ضرورة الالتزام بالارتفاعات المحددة وفق الاشتراطات الواردة فى المخططات الاستراتيجية والتفصيلية، وكذلك ضوابط التقسيم المعتمدة وخطوط التنظيم.
وقد أثنى الخبراء ورجال الصناعة على أهمية هذا القرار، مؤكدين أنه سيعيد الروح إلى حركة البناء والعمران فى مصر، وسيؤدى إلى زيادة إنتاجية مصانع مواد البناء، وتشغيل ملايين العمال فى المهن المرتبطة بالقطاع العقاري، متوقعين انخفاض أسعار العقارات نسبيا بعد ارتفاع العرض خلال الفترة المقبلة. 
وبالعودة إلى اشتراطات البناء التى صدرت فى مارس 2021 نجد أنها كانت تتمثل فى السماح للمواطن بالبناء على قطعة الأرض التى تبلغ مساحتها نحو 175 مترًا بنسبة 100%، مع الالتزام بالارتفاعات وحقوق الارتفاق، وعدم السماح بالبناء فى الأماكن ذات كثافة  ارتفاع، والسماح جزئيا بالبناء فى الأماكن ذات كثافة ارتفاع متوسطة.
وكذلك إنشاء جراج للسيارات كشرط أساسى للبناء، وتقديم شهادة صلاحية، والاستعانة بمكتب هندسى أو مهندس لتقديم رسم هندسى وتقديم كل الشهادات المطلوبة، فضلا عن أن عرض الشارع هو ما يحدد ارتفاع المبنى، وفقًا لطبيعة كل منطقة أو محافظة، مع ضرورة طلاء الواجهات كشرط أساسي.
أما عن خطوات الحصول على الترخيص فكانت تتمثل فى أن يتقدم المواطن إلى المركز التكنولوجى للمدينة أو الحى الواقع به العقار للحصول على رخصة بناء وفقًا للنموذج المعد لذلك بالمركز التكنولوجي.
ويرفق بالنموذج صورة من العقد المشهر وصورة من تحقيق الشخصية وصورة بيان الصلاحية، على أن يطلع المسؤول بالمركز التكنولوجى على أصل العقد المشهر، وأن يحصل المواطن على النماذج النمطية للواجهات للاختيار منها، ويتعاقد مع استشارى هندسى أو مهندس أو نقابة المهندسين لتولى إعداد الملف.
ويكون المهندس المتعاقد معه مسؤولا أمام الجهات المختصة، ويتولى إعداد الرسومات الهندسية والملف، ثم يتم تسليم الملف مرفقا به كل المستندات، ويفحص مسؤولو المركز التكنولوجى الطلبات، وبعد 20 يوما يتم إخطار المواطن لاستلام رخصته بعد دفع الرسوم.
أما بعد إلغاء هذه الاشتراطات والعودة إلى قانون 119 لسنة 2008، فإن إجراءات وشروط الحصول على تراخيص البناء وفقا لوزارة الإسكان أصبحت تتمثل فى تقديم طلب صلاحية بناء إلى المركز التكنولوجى المحلي، مرفقًا بصورة الرقم القومى وكروكى للموقع.
وأن يتم رفع مساحة البناء بعد سداد الرسوم المطلوبة من الجهات المعنية مثل إدارة المساحة العسكرية أو مديرية المساحة، وذلك فى مدة أقصاها 15 يومًا، وبعد استيفاء الشروط تصدر الجهة الإدارية المختصة بيان صلاحية الموقع خلال 5 أيام.
وبعد الحصول على بيان الصلاحية يتم تقديم طلب استخراج ترخيص بناء مرفقًا بتعاقد مع مهندس نقابى معتمد، بالإضافة إلى الرسومات والتصميمات الهندسية، ويتم مراجعة ملف الترخيص من قبل المركز التكنولوجى والإدارة المختصة فى غضون 14 يومًا.
كما يجب على المواطن التعاقد مع مهندس للإشراف ومقاول لتنفيذ المشروع، مع تسليم صورة التعاقدات للمركز التكنولوجي، ويتم تشكيل لجنة فحص من الوحدة المحلية لمراجعة ملف الترخيص وتحديد الرسوم المطلوبة، على أن يسلم محضر اللجنة للمركز التكنولوجى خلال 10 أيام. 
وبعد سداد الرسوم، يتم إصدار الترخيص معتمدًا من رئيس الوحدة وممهورًا بخاتم الجهة الإدارية خلال يومين.
وبذلك فإن إعلان هذه الاشتراطات الجديدة، يتضمن تحقيق عدة مكاسب للمواطن أهمها التحرر من شرط قيد البناء على 70% من المساحة الكلية للأرض، والسماح بالنشاط التجارى والإدارى فى الدورين الأرضى والأول بالمبانى السكنية الواقعة على الطرق التى يزيد عرضها على 10 أمتار، مع تبسيط إجراءات الترخيص بعدم اشتراط وجود العقد المشهر من الشهر العقاري، وعدم طلاء الواجهات كشرط أساسى للبناء، ما يمهد الطريق لحركة عمرانية نشطة خلال الفترة المقبلة. 
من جهته، قال أحمد عبدالحميد، رئيس غرفة صناعة مواد البناء باتحاد الصناعات، إن إلغاء اشتراطات البناء سوف يكون له تأثير إيجابى على حركة البناء فى مصر. 
وأضاف عبدالحميد، أن عودة حركة البناء ليست فقط تشغيلا للمصانع الخاصة بمواد البناء، وإنما يرتبط به عمالة يومية بالملايين، لا تعمل فى المشروعات القومية الكبرى التى يقوم بتنفيذها شركات المقاولات، وبالتالى سيكون هناك رواجا للأجر اليومى للعاملين بالقطاع. 
وأشار رئيس غرفة صناعات مواد البناء باتحاد الصناعات، إلى أن القرار سوف يؤدى إلى رفع الطاقة الإنتاجية فى مصانع مواد البناء التى تصل حاليا إلى أقل من 50% فقط، وستؤثر بشكل إيجابى على تكاليف الإنتاج، بحيث تنخفض نسبيا لأن حجم الإنتاج سيرتفع. 
اشتراطات مجحفة
وقال أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء فى اتحاد الغرف التجارية، إن قانون 119 لسنة 2008 هو القانون الذى كان يحكم حركة البناء  لسنوات طويلة، وكان المواطنون يتقدمون للحصول على التراخيص بناء على شروطه حتى عام 2021، الذى صدرت فيه الشروط الجديدة التى تم إلغاؤها مؤخرا. 
وأضاف الزيني، أن هذه الاشتراطات كانت مجحفة، بحيث لم يكن يستطيع المواطن البناء إلا على 70% من مساحة الأرض، مع قيود فى الارتفاعات، وأن يكون للأرض عقد موثق فى الشهر العقاري، لتسليمه فى الحى التابع له، ثم إرساله للمحافظة، التى تقوم هى الأخرى بإرسال الترخيص إلى إحدى كليات الهندسة الموجودة فيها، وبالتالى هذه الإجراءات كانت سببا فى توقف حركة البناء فى مختلف محافظات الجمهورية، وعدد قليل فقط من التراخيص صدر فى ظل هذه الاشتراطات. 
وأوضح رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، أن هذه الاشتراطات أدت إلى تعطيل العمالة وخروج عدد من تجار مواد البناء من السوق خاصة فى المحافظات، مشيرا إلى أن إلغاء هذه الشروط والعودة للعمل بقانون 119 لسنة 2008، أمر جيد جدا، لأنه سيعيد تشغيل مصانع مواد البناء بكامل طاقتها خاصة الأسمنت التى طلبت من جهاز حماية المنافسة الموافقة على تخفيض الإنتاج منذ 3 سنوات، وبالتالى لا يجب الموافقة على هذا الطلب مرة أخرى، لأن الطلب على الأسمنت سوف يرتفع وستعود المصانع إلى العمل بجزء كبير من طاقتها مرة أخرى. 
وتابع، «الأمر الأهم أيضا هو أن هناك نحو مليون عامل وحرفى فى المحافظات كانوا عاطلين عن العمل بسبب الاشتراطات التى تم إلغاؤها، وبالتالى جزء كبير من هذه العمالة سيعود إلى العمل من جديد بعد عودة حركة البناء»، كما أن الحصول على الترخيص فى الشروط الملغاة كان يستغرق وقتا يصل إلى 6 أشهر، وهذا الوقت كان طويلا بينما الشروط الجديدة تختصره إلى مدة أقل. 
ولفت الزيني، إلى أن عودة العمل بقانون البناء الموحد سوف يؤثر على القطاع العقارى وأسعار العقارات فى المحافظات، وستنخفض خلال الفترة المقبلة، لأن المعروض من العقارات سوف يزيد، وبالتالى تنخفض الأسعار، خاصة وأن البناء على 100% من مساحة الأرض أفضل بكثير من البناء على 70% فقط من مساحتها كما كان فى الاشتراطات التى تم إلغاءها، لأن البناء على كامل المساحة يؤدى إلى خفض تكلفة البناء، بالإضافة إلى إمكانية تخصيص الدور الأرضى والأول للنشاط الإدارى والتجاري، ما يؤدى إلى زيادة أرباح صاحب الأرض وانخفاض التكلفة عليه فى النهاية.
مرحبًا بالإلغاء 
فيما أكد المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ، وعضو الهيئة العليا لحزب الوفد، على ترحيبه بإلغاء الاشتراطات البنائية والتخطيطية التى كان معمولًا بها فى المدن المصرية، موضحًا أن إلغاءها يساهم فى تبسيط الاشتراطات التى تعيق إصدار تراخيص البناء، والتى كانت سببا فى تعطيل المواطنين الراغبين فى البناء خلال الفترة الماضية.
وأشار عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إلى أن القرار يأتى تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، باستكمال الجهود المبذولة التى قامت وزارة التنمية المحلية بالتنسيق والتعاون مع بعض الوزارات المعنية وجهات الدولة ذات الاختصاص بمنظومة وتراخيص البناء والاشتراطات البنائية والتخطيطية، لتسهيل وتيسير إجراءات البناء على المواطنين، حيث تم اختصار إجراءات استخراج رخصة البناء فى المدن لتصبح 8 إجراءات بدلا من 15.
ولفت عضو مجلس الشيوخ، إلى أن القرار سيساهم فى تخفيف العبء على المواطنين ويسهل الإجراءات الخاصة باستخراج تراخيص البناء، بالإضافة إلى تشجيع منظومة العمران التى ترتبط بالعديد من المهن الخاصة بصناعة البناء، فضلا عن  توفير المزيد من فرص العمل للعاملين فى هذا المجال وإتاحة المزيد من فرص العمل التجارية وتنمية الاقتصاد المحلى بمختلف المحافظات. 
وشدد الجندي، على ضرورة إدخال القرار حيز التنفيذ مع الالتزام بالارتفاعات المحددة بالاشتراطات الواردة بالمخططات الاستراتيجية والتفصيلية، وضوابط واشتراطات التقاسيم، وخطوط التنظيم المعتمدة، مع التأكيد على الالتزام بتنفيذ المبانى والمنشآت وفقاً للأكواد المصرية.
وأكد الجندي، على ضرورة الإسراع فى اتخاذ الاستعدادات والإجراءات اللازمة فى هذا الشأن بناء على القرارات الجديدة والتوجيهات الرئاسية الخاصة بمنظومة البناء واصدار التراخيص، فضلا عن تفعيل دور المراكز التكنولوجية بالمحافظات ومكاتب خدمة المواطنين للرد  على أى استفسارات للمواطنين فيما يخص هذا الملف ، لافتا إلى حرص الحكومة على تخفيف العبء على المواطنين، والتيسير عليهم فيما يخص كافة القوانين والقرارات المعمول بها فى الإدارة المحلية لتحقيق رضا المواطنين.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: وزارة التنمية المحلية وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رئيس الجمهورية وزارة الإسكان ارتفاع المبنى ورجال الصناعة المرکز التکنولوجى هذه الاشتراطات تراخیص البناء حرکة البناء مواد البناء خلال الفترة على المواطن الحصول على البناء على البناء فى بناء على إلى أن

إقرأ أيضاً:

لقمة العيش.. بطعم العذاب

سواعد لا تعرف للراحة طريقا، شيدت مبانى وأنارت شوارع ومدنا ومهدت الطرق، أصحابها يرتقون المرتفعات لأداء عملهم، ومنهم من يحفرون الأرض لكسب لقمة العيش.

أجساد أنهكتها سنوات الشقاء التى رسمت ملامح وجوههم الشاحبة، يقدمون أعمارهم فداء لغيرهم، ورغم ذلك يتقاضون جنيهات قليلة دون مظلة اجتماعية تحميهم.

ووسط موجة الغلاء الناتجة عن ارتفاع أسعار المحروقات، ووسط الظروف الصعبة التى أفسدت حياة ملايين المصريين، ما زال هناك أناس يواصلون كفاحهم دون ملل، يشعرون بشرف لقمة العيش حتى لو كانت بطعم العذاب.

ورغم خطورة العمل الذين يقومون به إلا أن قلوبهم المليئة بالإيمان تدفعهم لخوض مغامرات يومية، تتطلب قدرات بدنية عالية و«قلوب ميتة» فتجد بعضهم يصعدون لمرتفعات عالية لتشييد المبانى، أو تنظيف زجاجها أو للقيام بأعمال الإنارة، تجدهم صامدين بين السماء والأرض، يعملون بجد، منهم من كتب عليه القدر فقدان أحد أطرافه أو فقدان حياته نتيجة لعدم توافر وسائل الأمان، إلا أن الباقين ما زالوا يعملون بجد بحثا عما يسد رمقهم ورمق أسرهم فى ظل موجة الغلاء الفاحش التى يعانى منها الجميع.

«سعيد» ماسح زجاج المبانى: «حياتى بين السما والأرض»

على ارتفاعات شاهقة تجده معلقًا فى الهواء، حياته ومستقبل أسرته مرتبطة جميعا ببعضها، تحمله بعض الحبال المشدودة على خصره النحيل، يقضى قرابة 10 ساعات بين السماء والأرض ويستمد العزيمة من ترتيل آيات القرآن الكريم.

«سعيد» يحمل فى قلبه إيمانًا قويًا وثقة لا تلين.. يتحدى الصعاب ويتغلب عليها بجرأة وإصرار.. لا يبالى الارتفاعات الشاهقة فى سبيل تأدية عمله، ويقول: «حياتى كلها بين السما والأرض».

الشاب الثلاثينى الذى امتهن المهنة عن والده بعد وفاته منذ 10 سنوات، وتعلم منه كيف يحمل نفسه قدر المستطاع لمواصلة العمل، يقول: «العمر أقدار.. بس إحنا لازم ناخد بالأسباب».

يشير الشاب إلى أنّ والده توفى وأصبح هو عائل الأسرة دون معاش أو دعم أو حماية اجتماعية، ويخشى أن يحدث له حادث يعجزه عن العمل ويصبح «عالة» على أسرته، وتابع: «أحسن لى إنى أموت ولا إنى أتكسر وأعيش عاجز».

يصمت الشاب للحظات متذكرا أنه ذات يوم كاد الحبل أن ينقطع لولا رعاية الله له، واستطاع أن ينقذ نفسه قبل أن يسقط على الأرض، وتابع: «كنت بنظف برج من 15 دور وكنت فى الدور الـ13 وفوجئت بانقطاع الحبل».

«قبل ما بطلع أمارس عملى بتأكد من سلامة الحبل أولا».. لكن ما حدث فى هذا اليوم كان مفاجأة، استغاث باحدى الشركات التى تقع بالدور العاشر واستطاع موظفوها أن يدخلوه من النافذة قبل أن ينقطع الحبل.

يومية ماسح الزجاج لا تتعدى 150 جنيهًا، ومع ارتفاع أسعار السلع الأساسية أصبحت الحياة عبئًا كبيرًا عليه، ويقول: «البيت عايز 300 جنيه يوميًا على الأقل ولكن بقول يا رب».

تدمع عيناه بشكل لا إرادى ويتذكر حكاية صديق عمره الذى سقط من الطابق التاسع، وتوفى على الفور، وقال إنّ الموت يأتى فى لحظة ويخطف من يعاونه على الشقاء، وتابع: «مرة واحدة مالقتوش جنبى.. وسمعت صريخ الناس فى الشارع».

لا يتمالك «سعيد» نفسه من البكاء، ويقول إن حياته قد تنتهى مثل صديقه الذى ترك طفلين ووالدتهما التى تسعى الآن للعمل فى المنازل كعاملة نظافة لكى تستطيع أن تسد احتياجاتها هى وأطفالها، وتابع: «نفسنا فى معاش اجتماعى.. والحكومة تبص علينا بنظرة شفقة».

«ناصر» الكهربائى: «لقمة العيش على جثتى»

بين أسلاك كهرباء أعمدة الضغط العالى تجده صامدًا، لا يهاب الموت، يتعامل مع كابلات الشحنات العالية باتزان شديد، لا يبالى ما حدث مع غيره من زملائه فى المهنة، والذين توفى بعضهم متفحمًا على ارتفاعات عالية، بينما تم بتر عضو من أعضاء بعضهم الآخر إثر تعرضهم لصعقات كهربائية.

قضى «ناصر» الرجل الأربعينى، قرابة 20 عامًا بين أعمدة الإنارة، ويقول: «الكهرباء مالهاش كبير والموت قد يأتى فى أى لحظة»، ويشير إلى أنّ المشكلة الكبيرة التى تواجهه هى المصاريف اليومية التى تفاقمت عليه، بحيث أصبح يعمل نهارًا وليلًا حتى يستطيع أن يسد احتياجات أسرته المكونة من 4 أبناء وزوجته، وتابع: «بدل ما أخفف ساعات العمل علشان أقلل نسبة الخطورة أصبحت أعمل لفترة أطول وبالتالى زادت الخطورة ولكن ما باليد حيلة».

«لقمة العيش بقت على جثتى».. يستكمل «ناصر» حديثه قائلاً: بحاول أن أحمى نفسى أثناء التعامل مع الكهرباء بارتداء القفازات الخاصة لعزل الكهرباء عن جسدى، ولكن القدر قد يقول كلمته فى أى وقت.

«ناصر» يظهر كمثال حى على الشجاعة والإصرار والإقدام على الموت يوميًا، ويضيف: «مش مهم أعيش قد ما مهم أوفر لقمة كريمة لعيالى ولو مت أبقى ميت بطل ومكفى بيتى».

يستكمل «ناصر» حديثه مشيرا إلى أنّ مفك الاختبار لا يفارقه قط، يختبر عمود الضغط قبل صعوده، والأسلاك قبل لمسها، والقفازات الخاصة التى تحميه من تآكل أصابعه بسبب التيار سواء الضعيف أو العالى.

«عبدالعال» البنا: «بنسى حرقة الأسمنت بنظرة من عيالى»

يرتدى قبعة من القماش، و«بوت» من البلاستيك يصل إلى ركبته، ملابس رثة تخفى عضلات رجل خمسينى مَنَّ الله عز وجل عليه بقوة تمكنه من مواصلة شقاء حياته لسد احتياجات أسرته المكونة من 4 أبناء فى مراحل التعليم المختلفة.

على ارتفاعات شاهقة تجده يضع قوالب الطوب كأنها لوحة يرسمها بإبداع، يقف على حمالة من الخشب ومن أسفله الموت فى أى لحظة، يقضى قرابة 10 ساعات من العمل الشاق، ويقول: «شغلانتى عايزة مخ وعضلات وتركيز».

لا تتعدى يومية «عبدالعال» الـ200 جنيه، ويحرص على عدم تناول الطعام خارج المنزل لتوفير المال، ويعتمد فقط على ما يوفره صاحب العمل له وللعمال من طعام، وتابع: «اللى ربنا بيرزق بيه باكله وبحمد ربنا علشان الـ200 جنيه يبقوا فى جيبى».

«عبدالعال» عامل البناء الذى يواصل رحلته مع الحياة، اتخذ من حرفة والده نشاطًا له، ورفض أن يورثها لأبنائه وقال: «عايز عيالى يبقوا أحسن منى بكتير».

يرتدى «عبدالعال» ملابس بسيطة ورثها عن والده، بينما يحمل فى قلبه رغبة قوية فى توفير حياة أفضل لأبنائه.

وعلى الرغم من ظروفه المادية الصعبة، ووسط صرخات المواطنين من نار الأسعار، إلا أنه يسعى جاهدا لتوفير احتياجات عائلته، مؤكدا قدرته على تحمل مسئولية أسرته، ولكنه يؤكد أن هناك تحديا جديدا يواجه العاملين فى مهنة البناء وهى ظهور المعدات الجديدة التى تهدد كثيرا من البيوت بالخراب ».. مشيرا إلى أن الكثير من المقاولين يفضلون استخدام الآلات الجديدة لرفع الأسمنت وتحضير الخرسانة، والاعتماد فقط فى البناء على بناء الطوب، وتابع: «تحضير الأسمنت ورفعه دى حاجات كنا بناخد عليها فلوس زيادة لكن بطلت من ساعة المعدات ما ظهرت، ولكن ربنا هو الرزاق».

«عيد» عامل البالوعات: «أنزل ولا أضمن الطلوع»

عيد عبدالملك خليل، عامل تسليك البالوعات، يعمل بجد داخل شركة المياه والصرف الصحى، ويعتبر من الجنود المجهولين الذين يبذلون جهودًا كبيرة فى صمت لخدمة المجتمع. يُعرف بلقب «صاحب المهام الصعبة» نظرًا لتفانيه فى أداء عمله الذى يتطلب الشجاعة وتحمل الظروف الصعبة.

عندما تدق عقارب الساعة الخامسة صباحًا، يكون «عيد» قد بدأ يومه بالفعل. يستيقظ مُسرعا ويتناول وجبة الإفطار فى عجالة ليكون جاهزًا لبدء يومه الطويل، يخرج من منزله متجها نحو مقر عمله داخل شركة المياه، ليكون فى انتظار بلاغ للطوارئ من أحد المواطنين بوجود بالوعة مغلقة تسببت فى فيضان من المياه وسط الشارع.

رغم أن «عيد» يقضى معظم وقته فى الشوارع، إلا أنّ ابتسامته التى لا تغيب مألوفة للجميع، فما أن تقترب منه حتى يقول «الدنيا لسه بخير».

«التعب للناس وقضاء الحوائج ليه ثوابه والرزق بيزيد».. قالها عامل التسليك وهو يشعر بالفخر لما يقوم به فى خدمة المواطنين، لا يبالى بالضغوط التى يتعرض لها من البعض، ويقول: «فيه ناس عاوزين كن فيكون، ومرتبى مايعديش 3 آلاف جنيه وعندى 4 عيال».

استكمل الرجل الأربعينى حديثه وقال إن هناك أياما يخرج فيها طوارئ لأكثر من 8 مرات وفى كل مرة يشعر بالتعب الشديد، وتابع: «الساعة اللى باخرج فيها أيام الشتاء تعبها يقارب تعب أسبوع كامل فى الأيام العادية.. لكن الجنيه اللى بكسبه بيشيل التعب».

عامل البالوعات كثيرًا ما يحرص على تلاوة القرآن الكريم بعد أن يذهب إلى الجامع ويؤدى صلاة العصر. يمسك بمصحفه ثم يقرأ القرآن ويقول: «أحاول استغلال أى وقت بكون فاضى فيه علشان الموت ممكن ييجى فى أى وقت».

«الحياة بيكون فيها بركة لما براعى ربنا فى شغلى وبحرص على التقرب إلى الله».. يستكمل «عيد» حديثه ويشير إلى أن راتبه ضعيف جدا مقابل أهوال الحياة ومتطلباتها ولكن «البركة» التى تحل عليه وعلى أسرته جعلته يستطيع أن يسد احتياجاته، وتابع: «اللى بيتعب بيلاقى ولما براعى ربنا فى لقمة عيشى ربنا بيبارك فى قرشى».

يستكمل عامل البالوعات حديثه، ويقول إنه يحاول أن يمرن جسده على التنفس تحت ضغط شديد، بالشهيق والزفير بشكل مستمر لساعات طويلة، كما يرتدى كمامة بها بعض العطور لكى تعاونه على التغلب على رائحة البالوعات، وتابع: «الخوف والرعب كله لو مية الصرف كانت قريبة من أسلاك الكهرباء القديمة الواصلة من مبانى قديمة ومتهالكة».

مقالات مشابهة

  • قانون العمل يحظر توقيع جزاء على العامل إلا بعد إبلاغه كتابة
  • اتحاد مقاولي البناء: زيادة الصادرات 14% في 2024.. والأسمنت الأعلى نموا
  • ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 31 أكتوبر 2024 في سوق مواد البناء
  • لقمة العيش.. بطعم العذاب
  • ترامب: سأجعل بلادنا أقوى من أي وقت مضى وأبعث الروح في الحلم الأمريكي
  • استبدال النقاط الأمنية بدوريات متحركة.. تسهيل لحركة المواطنين وتحسين للجاهزية الأمنية
  • برلماني: مواد وتعريفات مؤجل التوافق عليها بمشروع قانون العمل
  • ورشات البناء في الواجهة.. CNAS تسجل 939 حادث عمل
  • مدير الجامع الأزهر: لابد من عودة الشباب إلى التحلي بالأخلاق الحميدة
  • أسعار مواد البناء.. هبوط الحديد وارتفاع الأسمنت