الهجمات التى شنتها إسرائيل هذا الخريف على الشمال فى غزة كانت تتسم بمستويات مروعة من الانحطاط.
فى أكتوبر الماضى، طلب جيورا إيلاند هو جنرال إسرائيلى متقاعد من إسرائيل منع الآخرين من تقديم المساعدة الواضحة لغزة، وأن على السكان الفلسطينيين أن يغادروا «إما مؤقتاً أو بشكل دائم». ولم يكن إيلاند يبالغ فى هذا.
وفى الوقت نفسه تقريبًا، أكد فى عموده فى صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية على الحاجة إلى حظر دخول الوقود إلى غزة، ندد آيلاند بالحديث عن نساء غزة «الفقيرات»، على أساس أنهن «جميعهن أمهات أو أخوات أو زوجات لقتلة حماس»، وحث إسرائيل على احتضان انتشار الأوبئة لأنها «ستقرب النصر وتقلل من الخسائر بين جنود جيش الدفاع الإسرائيلى».
وفى الآونة الأخيرة، أعد آيلاند ما يسمى «خطة الجنرالات»، والتى تأمر فيها إسرائيل المدنيين بمغادرة شمال غزة المحاصر بالكامل وتعلنها منطقة عسكرية مغلقة، مع اعتبار الباقين أهدافاً مشروعة. وقد تمسك آيلاند بنصه بعناد، معلناً: «هذا لا يعنى بالضرورة أننا سنقتل كل شخص. فلن يتمكن الناس من العيش هناك. سوف تجف المياه». والواقع أن إسرائيل منعت وصول الغذاء وغيره من الضروريات الأساسية للحياة إلى أربعمائة ألف فلسطينى متبقين شمال وادى غزة.
الفلسطينيون لا يعيشون أى نوع من الحياة، إنهم يكافحون من أجل البقاء يوماً بيوم، ويفضل البعض الموت فى المنزل بدلاً من الاضطرار إلى الانتقال مرة أخرى، لأن السلامة ليست مضمونة فى أى مكان.
لا يوجد مكان آمن فى غزة، والفلسطينيون المنكسرون العاطفيون يقررون أن القتل فى الشمال أفضل من الذهاب إلى الجنوب للعيش فى خيمة، وحفر حفرة للذهاب إلى المرحاض. ففى مخيم جباليا المحاصر، يُحرم 18 ألف فلسطينى من الماء والغذاء والوصول إلى الرعاية الصحية.
الآن، تغطى أوامر التهجير القسرى ستة وثمانين فى المائة من غزة، وكما لاحظ الأمين العام للأمم المتحدة: «يُحشر مليونا فلسطينى الآن فى مساحة بحجم مطار شنغهاى الدولى». ولكن النقطة الأساسية هنا هى أن غزة بأكملها أصبحت غير صالحة للسكن، وهو ما أكده تقرير جديد للأمم المتحدة وجد أن إسرائيل «نفذت سياسة منسقة لتدمير نظام الرعاية الصحية فى غزة». ووصفت الأمم المتحدة استهداف إسرائيل المتعمد والمستمر للمرافق الصحية بأنه يشكل «جريمة ضد الإنسانية تتمثل فى الإبادة». وفى مستشفى الأقصى، احترق المرضى أحياء فى أسرّتهم، وكان بعضهم لا يزال متصلاً بالتنقيط الوريدى، فى أعقاب ضربة صاروخية إسرائيلية هذا الأسبوع.
فى العادة، تبذل الدول التى ترتكب فظائع ضد المدنيين جهوداً كبيرة للتغطية عليها. لكن الهجوم الإبادى الإسرائيلى ليس مثالاً على ذلك. ونادراً ما يتم الإعلان عن نية القتل علناً دون خجل أو اعتذار فى مناسبات عديدة. ففى كل يوم، توثق مجموعة الصحفيين الفلسطينيين الناجين، التى تتقلص أعدادها باستمرار، الفظائع البشعة، بينما ينشرها الجنود الإسرائيليون على وسائل التواصل الاجتماعى للتسلية العامة.
السؤال: كيف أصبحت الفظائع الإنسانية العظيمة فى الماضى ممكنة، سواء من خلال التواطؤ النشط أو الصمت. إنها جريمة موثقة أكثر من أى جريمة أخرى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى محمود الجنود الإسرائيليون وسائل التواصل الاجتماعي فى غزة
إقرأ أيضاً:
حظر الأونروا في إسرائيل.. أكثر من مجرد مساعدات
منذ تمرير الكنيست الإسرائيلي قانونين يحظران عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" داخل إسرائيل، الإثنين، توالت التحذيرات والإدانات للخطوة التي اعتُبرت أنها "ستؤجج الصراع" مع الفلسطينيين وتزيد معاناتهم.
أما إسرائيل، فتعتبر الوكالة الأممية "مخترقة من الفصائل الفلسطينية المسلحة"، وعلى رأسها حركة حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى)، وترى أن وجودها يمثل أزمة أمام حل المشكلة مع الفلسطينيين بشكل عام.
ودانت منظمات أممية ودول حول العالم، الخطوة الإسرائيلية بحق الأونروا، فيما قال أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني، أيمن الرقب، لموقع "الحرة"، إن قرار الكنيست "له دلالات خطيرة جدا، ويعتبر انقلابا على المجتمع الدولي، حيث تأسست الوكالة بقرار أممي عام 1949 لترتيب عودة اللاجئين الفلسطينيين".
من جانبه، وصف المحلل الإسرائيلي اليميني، مردخاي كيدار، الأونروا بأنها "مخترقة، وتهدف إلى إبقاء مشكلة اللاجئين إلى الأبد، وتمنع التوصل إلى أي حل بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
أكثر من توزيع مساعدات
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الإثنين، إن حكومته "مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي" فيما يتعلق بمسألة المساعدات الإنسانية.
وجاءت تصريحات نتانياهو بعد إقرار الكنيست بأغلبية ساحقة (92 مقابل 10)، مشروع قانون يحظر نشاط أونروا داخل إسرائيل، في سابقة تؤدي إلى حظر أنشطة الوكالة داخل البلاد.
كما تم إقرار مشروع قانون يحظر الاتصال مع الوكالة الأممية (87 مقابل 9 أعضاء معارضين).
لكن المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني،قال إن تصويت البرلمان الإسرائيلي "غير مسبوق ويشكل سابقة خطيرة، ويعارض ميثاق الأمم المتحدة، وينتهك التزامات دولة إسرائيل بموجب القانون الدولي".
The vote by the Israeli Parliament (Knesset) against @UNRWA this evening is unprecedented and sets a dangerous precedent. It opposes the UN Charter and violates the State of Israel’s obligations under international law.
This is the latest in the ongoing campaign to discredit…
وأضاف لازاريني في بيان، الإثنين، أن "هذين القانونين لن يؤديا سوى إلى تعميق معاناة الفلسطينيين، خاصة في غزة، حيث يعاني الناس هناك منذ أكثر من عام في جحيم لا يوصف". وذكر أن القانونين "سيحرمان أكثر من 650 ألف طفل وطفلة هناك من حقهم في التعليم، مما يعرض جيلا كاملا من الأطفال للخطر".
وتأسّست الأونروا عام 1949، وتقدم للاجئين الفلسطينيين في كل من غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والأردن، خدمات عديدة، من بينها التعليم والرعاية الصحية.
وأوضح الرقب أن إسرائيل "ترغب في تفكيك أونروا، لأنها تعتبرها الوجه الذي يثبت أن هناك حق عودة للفلسطينيين، وهي تريد إسقاط هذا الحق".
لكن كيدار، أشار إلى أن ما يعرف بـ"حق العودة إذا كان وُجد أصلا فهدفه إزالة دولة إسرائيل كليا"، مستطردا: "لا توجد أي إمكانيات لخلق سلام بيننا طالما وجدت أونروا وقيامها بتربية الأجيال القادمة للفلسطينيين على أن من حقهم محو الدولة اليهودية".
وما يعرف بـ"حق العودة" للفلسطينيين مكفول بقرار تبنته الأمم المتحدة في ديسمبر 1948، تقرر فيه وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم، وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات بحيث يعود الشيء إلى أصله".
وطالما أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، أنه يعارض فكرة إقامة دولة فلسطينية في أي سيناريو عقب نهاية الحرب الدائرة في غزة.
وقال في تصريحات سابقة، إن إسرائيل "تحتاج إلى السيطرة الأمنية على جميع الأراضي الواقعة غرب نهر الأردن".
قبل تصويت الكنيست.. دول تساند الأونروا حذرت الرئاسة الفلسطينية اليوم الاثنين من مخاطر التشريع الإسرائيلي ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين- الأونروا"، مشيرة إلى أنه "يشكل خرقاً للقانون الدولي، واستفزازاً للمجتمع الدولي بأسره"، بحسب بيان له أصدرته اليوم الاثنين. "خزعبلات"كان الكنيست قد وافق في يوليو الماضي، على تصنيف أونروا منظمة إرهابية، واقترح قطع العلاقات معها.
وقد اتهمت إسرائيل 12 من موظفي الأونروا بالمشاركة في هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023، وطالبت الدول المانحة بالامتناع عن تحويل الأموال إليها، وتحويلها لمنظمات أخرى تعمل في المجال الإنساني.
وبدورها، أعلنت الأمم المتحدة في الخامس من أغسطس الماضي، أن 9 موظفين في وكالة الأونروا "قد يكونوا شاركوا" في هجوم 7 أكتوبر، الذي تسبب بالحرب في غزة، موضحة أنه تم فصلهم.
من جانبه، قال الرقب لموقع الحرة، إن "حجج إسرائيل بأن الوكالة كان بين صفوفها مقاتلين انتموا لحماس وشاركوا في هجمات السابع من أكتوبر، لم يثبت بالدليل"، داعيا المجتمع الدولي إلى "اتخاذ إجراءات لمواجهة هذا الانقلاب على مؤسسات الأمم المتحدة من جانب إسرائيل".
فيما اعتبر كيدار في حديثه للحرة، أن أونروا "هي العائق الأكبر لأي عملية سلام"، مضيفًا أن تطبيق القانونين بحذافيرهما "سيجعل من غير الممكن إرسال أي شيء إلى الوكالة عبر الموانئ البرية أو البحرية أو الجوية لإسرائيل".
انتقادات لحظر الأونروا في إسرائيل.. ونتانياهو يؤكد "الاستعداد للعمل مع المجتمع الدولي" قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، إن حكومته مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي فيما يتعلق بمسألة المساعدات الإنسانية، وذلك في أعقاب تمرير قوانين تحظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في إسرائيل.ولفت إلى أنه "حان الوقت لأن يحل الفلسطينيون مشاكلهم بأنفسهم. القول بأن الأونروا أمر حيوي خزعبلات، فيمكن للأمم المتحدة اختيار مفوضية اللاجئين مثلا للتعامل مع المشكلة، ولن تعارض إسرائيل ذلك، لكن أونروا مخترقة ومن يعملون بها شاركوا في العمليات البشعة في السابع من أكتوبر".
أما الرقب فقال إن حظر أونروا له "تبعات خطيرة جدا على الخدمات المقدمة للفلسطينيين، حيث تصل احتياجات الوكالة عبر الموانئ الإسرائيلية قبل وصولها إلى غزة أو الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية".
ووصف الوكالة الأممية بأنها "الأكثر تنظيما، حيث تقدم خدمات تعليمية وصحية وغذائية، وسيتوقف كل ذلك مع الوقت في ظل استمرار الحظر".
"لا غنى عنها"لاقت الخطوة الإسرائيلية انتقادات واسعة، حيث أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن القلق البالغ إزاء اعتماد القانونين "اللذين إذا طُبقا من المرجح أن يمنعا الوكالة من مواصلة عملها الضروري" في الأرض الفلسطينية، وفق تفويض الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال الأمين غوتيريش في بيان صحفي، الإثنين، إن "تطبيق القانونين قد يكون له عواقب مدمرة على لاجئي فلسطين في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهو أمر غير مقبول".
وذكر غوتيريش في بيان، أن تطبيق القانونين "سيضر بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والسلام والأمن في المنطقة بأسرها. وشدد على أن الأونروا لا غنى عنها".
If implemented, the laws adopted today by the Knesset of Israel would likely prevent @UNRWA from continuing its essential work in the Occupied Palestinian Territory, with devastating consequences for Palestine refugees.
I call on Israel to act consistently with its obligations…
كما قالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان، الإثنين: "لا سيادة لإسرائيل على أرض دولة فلسطين بما فيها القدس، وإن عمل الأونروا مرحب به استنادا إلى الاتفاق بين السلطة الفلسطينية والمنظمة الدولية".
وأشارت إلى أن "هذه القوانين تشكل تهديداً لعمل منظمة الأونروا ودورها، وتشكل اعتداءً على الوجود الأممي، وتهدد مصير ما تقدمه الوكالة من خدمات أساسية للاجئين الفلسطينيين".
ردود فعل دولية على قانون يحظر عمل "الأونروا" داخل إسرائيل أفادت مراسلة قناة "الحرة" في الضفة الغربية، الاثنين، أن السلطات الفلسطينية أبدت موقفاً رافضاً بشأن تصويت الكنيست الإسرائيلي على حظر وكالة "الأونروا" واعتبرته "استهدافاً لها.وعبر رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، عن "قلق" بلاده البالغ إزاء ما أقره الكنيست الإسرائيلي بشأن "الأونروا".
وأصدر وزراء خارجية سبع دول وهي: أستراليا، فرنسا، ألمانيا، اليابان، كندا، كوريا الجنوبية، بريطانيا، بياناً قالوا فيه: "بدون عمل الأونروا، فإن تقديم المساعدات والخدمات، سيُعرقل إن لم يصبح مستحيلا، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الوضع الإنساني الحرج بالفعل والمتدهور بسرعة، لا سيما شمال غزة".
والثلاثاء، قالت وكالات تابعة للأمم المتحدة، إن قرار إسرائيل حظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، قد "يعرض مزيدا من الأطفال للموت، ويمثل نوعا من العقاب الجماعي" حال تطبيقه بالكامل.
وبدوره، أوضح جيمس إلدر، المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، الذي عمل عن كثب في غزة منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر 2023، في مؤتمر صحفي: "إذا لم تتمكن الأونروا من العمل، فمن المرجح أن نشهد انهيار المنظومة الإنسانية في غزة.. قرار مفاجئ مثل هذا يعني أن (إسرائيل) عثرت على طريقة جديدة لقتل الأطفال".
وفي المؤتمر ذاته، قالت وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة، إن "من المستحيل إيجاد بديل عن الأونروا".
وقال ينس لايركه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: "(الأونروا) لا غنى عنها ولا يوجد بديل عنها في الوقت الحالي"، وفق وكالة رويترز.
وتابع، ردا على سؤال عما إذا كان الحظر يمثل نوعا من "العقاب الجماعي" لسكان غزة: "أعتقد أنه وصف عادل لما قرروه هنا. فإذا طُبق، فسيزيد من أعمال العقاب الجماعي التي نشهد حدوثها في غزة".
من جانبها، قالت مديرة المنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب، إن المنظمة "لا تستطيع أن تحل محل الأونروا في غزة، لكن بإمكانها تقديم مزيد من المساعدات للمتضررين من الأزمة".
وأضافت: "هذا دور نحرص جدا على القيام به، وسنعززه بدعم من مختلف الأطراف المعنية".