تعتمد قوات الاحتلال سياسة تعطيل الخدمات الصحية بالكامل في مناطق شمال قطاع غزة، ضمن خطتها الرامية إلى تهجير السكان نحو المناطق الجنبية، على وقع مجازر مروعة وعمليات قصف وحشية ما زالت تنفذها منذ ما يزيد عن 20 يوما.

وتعيش محافظة شمال قطاع غزة واقعا صحيا وإنسانيا كارثيا، مع توقف المؤسسات الطبية والإسعافية الطارئة عن تقديم خدماتها بعدما أخرجها جيش الاحتلال عن الخدمة تحت التهديد والاستهداف المتكرر وتشديد الحصار والإمعان بجريمة الإبادة الجماعية لليوم الـ21 تواليا.



وخلال الساعات الماضية، صعد الاحتلال عملياته ضد طواقم الإسعاف والدفاع المدني والمستشفيات في محافظة شمال غزة، مهددا المركبات التابعة لهذه المؤسسات "بالاستهداف" في حال تحركت بالشوارع.

توقف هذه الخدمات يتزامن مع معاناة الفلسطينيين الذين رفضوا الاستجابة لأوامر التهجير القسري الإسرائيلية شمال غزة والنزوح جنوبا، جراء منع إسرائيل وصول إمدادات المياه والغذاء والأدوية والمساعدات الإغاثية للمحافظة، في إطار حصار مطبق تفرضه منذ 3 أسابيع.


ولليوم الـ21 على التوالي يواصل الاحتلال القصف الجوي والمدفعي المكثف وإطلاق النار شمال قطاع غزة، وخاصة مخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا في مشاهد إبادة جماعية يشاهدها العالم على الهواء مباشرة.

يأتي ذلك في ظل تواصل السياسات الإسرائيلية التي فاقمت كارثة المجاعة والعطش جراء منع دخول إمدادات المياه والغذاء والوقود للمنطقة، وسط تصاعد الاتهامات الفلسطينية شعبيا ورسميا بالإصرار على تهجير المواطنين واحتلال الشمال وتحويله إلى منطقة عازلة.

وقف إمدادات الحياة
يقول الفلسطيني محمود نصار الذي ما زال في منطقة مشروع بيت لاهيا مع عائلته: "الاحتلال الإسرائيلي يحاول بكل الطرق دفعنا للنزوح وترك منازلنا حتى يستفرد بالأرض ويحولها مستقبلا لمستوطنات".

وتابع للأناضول: "الجيش الإسرائيلي بدأ حصاره بقطع إمدادات الماء والغذاء عن محافظة الشمال، وكثف عمليات النسف والقصف والحرق وأخيرا حيّد الخدمات الطبية والصحية في محاولة لإفراغ الشمال من كل سكانه".

وأشار إلى توقف مركبات الإسعاف عن انتشال المصابين والقتلى جراء الاستهدافات الإسرائيلية، لافتا إلى أن هذه المهمة باتت ملقاة على عاتق المواطنين.

وبين أن مناطق "بيت لاهيا ومخيم جباليا وتل الزعتر والعلمي في محافظة الشمال، ما زالت تكتظ بالمواطنين الذين هم بحاجة حقيقية إلى خدمات طبية وإسعافية على مدار الساعة".

وطالب نصار "الصليب الأحمر ومؤسسات الإغاثة بالتدخل العاجل لوقف المذبحة التي يرتكبها الاحتلال بحق الأهالي في شمال القطاع".

وختم حديثه بتأكيد أن "آلاف الفلسطينيين حتى اللحظة صامدون ويرفضون فكرة النزوح إلى أي مكان آخر غير منازلهم أو المناطق القريبة منها".


محاولة لإفراغ الشمال
من جهته، يقول الشاب عاهد المصري المحاصر في بلدة بيت لاهيا، إن "حياة الفلسطينيين هناك باتت مهددة بشكل كبير بسبب الإبادة الإسرائيلية، ما يفاقم خطر توقف عمل مركبات الإسعاف والمستشفيات".

وعدّ المصري توقف "الخدمات الطبية والإسعافية المشكلة الكبرى التي تواجه أهالي بيت لاهيا الذين يتحدون الجوع والعطش منذ اليوم الأول من الهجوم الإسرائيلي البري".

وعن المساعي الإسرائيلية، قال المصري إن الجيش "يحاول من خلال جرائم الإبادة هذه إفراغ الشمال من سكانه وهو ما لا يقدر عليه وهو يعلم ذلك".

وشدد خلال حديثه على أن "كثيرا من الفلسطينيين صامدون حتى النهاية"، لافتا إلى أنه من المستحيل "قبولهم فكرة النزوح وترك أرضهم والانتقال إلى مكان آخر".

واستطرد الشاب الفلسطيني في حديثه عن النزوح مؤكدا أن "ما رفضناه بداية هذه الحرب لا يمكن أن نقبله اليوم".

استهدافات مباشرة
بدوره، قال متحدث جهاز الدفاع المدني الفلسطيني في غزة محمود بصل، إنهم "توقفوا عن تقديم الخدمة بشكل كامل في شمال القطاع منذ مساء الأربعاء بعدما اعتقل الجيش الإسرائيلي 5 عناصر وأصاب 3 آخرين في حادثين منفصلين".

وأضاف بصل للأناضول: "آنذاك أرسل الجيش الإسرائيلي طائرة مسيرة صوب مقر الإسعاف والدفاع المدني في مشروع بيت لاهيا وعبر مكبر صوت أنذر الطواقم بإخلاء المكان".

وأوضح أن الجيش أنذرهم أيضا بعدم التحرك بالمركبات في شوارع المنطقة، مهددا إياهم بـ"الاستهداف في حال استخدامها".

وتابع: "بعد دقائق (من الإنذار)، قصفت طائرة إسرائيلية طواقم الدفاع المدني فأصيب 3 عناصر، فيما تم لاحقا إحراق مركبة الإطفاء الوحيدة التي تعمل في شمال غزة".

وحذر من كارثة في شمال غزة الذي يضم آلاف المواطنين وذلك مع توقف خدمة الدفاع المدني، لافتا إلى أن "أي فلسطيني يصاب برصاص إسرائيلي أو شظية ناجمة عن انفجار صاروخ سيبقى ينزف حتى الموت لعدم وجود أي جهة تنقذه".

وأشار بصل إلى "وجود بعض من طواقم الدفاع المدني في محافظة الشمال لكن الاتصال بهم شبه معدوم بسبب قطع الاحتلال الإسرائيلي الاتصالات بالمنطقة منذ أسبوع".

ودعا المتحدث الفلسطيني المجتمع الدولي إلى "تمكين طواقم الدفاع المدني والإسعاف والمستشفيات من العمل بشكل حر في شمال القطاع لحاجة المواطنين هناك للخدمات الصحية والطارئة".


وضع كارثي
منذ بدء هجومها البري المتزامن مع آخر جوي عنيف، استهدفت قوات الاحتلال بالقصف وإطلاق النيران والحصار المستشفيات الثلاثة العاملة في محافظة الشمال، وهي "الإندونيسي وكمال عدوان (حكوميان) والعودة (أهلي)"، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدة أشخاص في أروقتها.

كما تعاني تلك المستشفيات نفاد "الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود ما تسبب في توقف مولداتها الرئيسية البديلة للتيار الكهربائي عن العمل منذ عدة أيام".

إلى جانب ذلك، فإن أفراد الطواقم الطبية يعيشون حالة من الخوف والرعب في ظل الاستهداف الإسرائيلي لأي حركة خارج مقرات ومباني المستشفيات.

وأعلنت وزارة الصحة بغزة الجمعة، أن جيش الاحتلال اقتحم "كمال عدوان" واحتجز مئات المرضى والطواقم الطبية والنازحين داخله، فيما قالت منظمة الصحة العالمية إنها فقدت الاتصال مع المستشفى.

وفي الخامس من الشهر الجاري، شرع جيش الاحتلال في قصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة في شمال القطاع، واجتاحها في اليوم التالي بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية الاحتلال تعطيل شمال غزة الفلسطينيين التهجير الصحة فلسطين الاحتلال الصحة تعطيل التهجير المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی شمال القطاع محافظة الشمال الدفاع المدنی شمال قطاع غزة فی محافظة بیت لاهیا شمال غزة

إقرأ أيضاً:

العدو الصهيوني يُواصل استهداف منظومة صحة شمال غزة

يمانيون../
بشكل يومي وتحت أنظار العالم، يواصل العدو الصهيوني عدوانه على مستشفيات شمال قطاع غزة في استهداف واضح للمنظومة الصحية في القطاع المدمر، وهو ما يسفر عن شهداء وجرحى بين المرضى وأفراد الطواقم الطبية، بالإضافة إلى إلحاق أضرار كبيرة بالمستشفيات.

وواصلت قوات العدو الصهيوني، الثلاثاء، استهداف مستشفى “كمال عدوان” في شمال قطاع غزة المحاصر، مما أدى إلى إصابة عدد من المرضى والجرحى.

وأفادت مصادر طبية فلسطينية بأن قوات العدو الصهيوني أجبرت الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الإندونيسي شمال القطاع، سيراً على الأقدام، وسط قصف مدفعي وجوي مكثّف طال أقسام المستشفى ومحيطه.

وأشارت المصادر الطبية إلى إصابة نحو 20 شخصاً في مستشفى كمال عدوان، إثر عمليات النسف المستمرة في ساحاته، وسط دعوات فلسطينية بتحرك دولي عاجل لحماية المنظومة الصحية ومستشفيات قطاع غزة من العدوان الصهيوني.

وصرح مدير عام وزارة الصحة في قطاع غزة منير البرش مساء السبت، أن جيش العدو الصهيوني بدأ هجوماً شاملاً على مستشفى “كمال عدوان” شمال القطاع.

وقال البرش: “قوات العدو تطلب من الطواقم إخلاء مستشفى كمال عدوان فوراً، مهددة حياة 80 مريضا”.

وأضاف: “العدو قصف المستشفى أثناء زيارة وفد من منظمة الصحة العالمية، واعتقل مصابا من بين أيدي وفد منظمة الصحة العالمية”.

وشدد على أن “العالم أصبح يتعامل بلا مبالاة مع الفظائع التي يرتكبها الاحتلال بحق الطواقم الطبية والمرضى”.

ولفت مدير مستشفى “كمال عدوان” حسام أبو صفية إلى أن جيش العدو الصهيوني يشن “قصفاً مكثفاً وعنيفاً جداً على المستشفى، بطريقة غير مسبوقة وبدون أي سابق إنذار على قسم الرعاية والحضانة”.

وتابع قائلاً: “يتم القصف بالقنابل والمتفجرات ونيران الدبابات، مستهدفا إيانا مباشرة بينما نحن متواجدون داخل أقسام المستشفى”.

وحمل أبو صفية العالم المسؤولية عما يحدث لهم.. مُطالباً إياهم بتحمّل مسؤولياتهم تجاه معاناتهم التي من غير المقبول أن يبقى العالم صامتا وغير قادر على حماية المنظومة الصحية.

وقال: “نحن نتعرض للهجوم أمام أعين الجميع، بينما يشاهد العالم بأسره، ومع ذلك لا يتدخل أحد في مواجهة هذه الهمجية”.

وفي بداية حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة، وقعت مجزرة مستشفى المعمداني التي لاقت حملة تنديد عربية ودولية واسعة، إلى درجة أن العدو الصهيوني نفى مسؤوليته عن قصف المستشفى، متهمًا المقاومة بالقيام بذلك، ثم جاء بعدها الدور على مستشفى الشفاء، وكانت ذرائع الكيان الغاصب بأن حماس تتخذه مقرًا لها.

وعلى الرغم من القوانين الدولية التي تجرم استهداف المستشفيات، وتصنفها جريمة حرب، وأنها منشآت تخضع للحصانة، لكن عدم تطبيق هذه القوانين، دفع الكيان الغاصب إلى تكرار الفعل ذاته.

ومع مرور 446 يوما على بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، أصبح استهداف المستشفيات في القطاع أمرًا روتينيًا أمام أعين العالم، دون الحاجة إلى ذرائع للتبرير، وبدا واضحًا أن تدمير المستشفيات، يأتي ضمن سياسة تدمير البيوت والبنية التحتية في غزة، للقضاء على مظاهر الحياة.

ولم يستهدف العدو الصهيوني مستشفى واحدًا بغزة، بل يقصف مستشفيات عدة في الوقت نفسه، فبينما كان ينسف ويفجر المباني في محيط مستشفى كمال عدوان في مشروع بيت لاهيا، يحاصر المستشفى الإندونيسي ويجبر من بداخله على إخلائه، هذا في حين يقصف مستشفى العودة بقذيفة مدفعية شمال قطاع غزة.

وكان مدير مستشفى كمال عدوان، حسام أبو صفية، قد أصيب قبل شهر نتيجة القصف الصهيوني على المستشفى، ونشر مقطعًا مصورًا لآلية صهيونية تضع صندوقًا خشبيًا كبيرًا، قال: إنها “روبوتات” تقوم بوضع صناديق لمتفجرات على بوابات المستشفى.

ويحصل كل هذا وسط حصار بالنيران، يفرضه جيش العدو منذ أسابيع على المستشفى، بينما تقدمت الآليات العسكرية تجاهه قبل أربعة أيام.

ولا يختلف الحال كثيرًا في المستشفى الإندونيسي شرق جباليا، فقد أجبر العدو الصهيوني في الفترة الماضية من بداخله، من طواقم طبية ومرضى ونازحين، على الإخلاء الفوري والتوجه لمدينة غزة، وسط إطلاق كثيف للنيران صوب بوابته وقصف على محيطه.

ويشار الى أن المستشفيات الثلاثة، مستشفى كمال عدوان، والعودة، والإندونيسي تعرضت للاستهداف والحصار، ومستشفى كمال عدوان هو الوحيد المتبقي من مستشفيات شمال قطاع غزة الذي يقدم بعض الخدمات الطبية للمرضى والجرحى.

وقد تسببت العملية الأخيرة شمال غزة في خروج المنظومة الصحية عن الخدمة، وتوقف عمل جهاز الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني، وسط نقص حاد في الدواء.

وبدعم أمريكي، يواصل العدو الصهيوني عدوانه على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد 45,338 مواطنا فلسطينيا، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 107,764 آخرين، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.

السياسية – عبدالعزيز الحزي

مقالات مشابهة

  • ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 45399 شهيدًا في غزة
  • العدو الصهيوني يُواصل استهداف منظومة صحة شمال غزة
  • الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة لـ 45361 شهيدًا
  • باحث: نتنياهو يستغل المفاوضات لتنفيذ مخططاته في قطاع غزة
  • جيش الاحتلال يجبر المرضى على إخلاء مستشفى بشمال غزة سيرا على الأقدام
  • الاحتلال الإسرائيلي يحاصر المستشفيات للقضاء على الحياة في غزة
  • غزة.. إسرائيل تجبر المرضى على إخلاء مستشفى بشمال غزة
  • الصحة الفلسطينية: الجيش الإسرائيلي يكثف اعتداءاته على المستشفيات شمال غزة
  • الصحة الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي يواصل استهداف المنظومة الصحية في شمال غزة
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تجبر المرضى على إخلاء المستشفى الإندونيسي شمال غزة