المليشيات تشن حملات دهم وإغلاق لمراكز دينية تخالفها مذهبياً في 3 محافظات
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
عادت جماعة الحوثي الارهابية لاستهداف مراكز العلوم الدينية المختلفة مذهبياً في المناطق تحت سيطرتها، من خلال شنها حملات دهم وإغلاق ضد ما تبقى منها لتحويلها مراكزَ للتعبئة ونشر الطائفية.
وشملت حملات الجماعة في الأيام الأخيرة 3 مراكز علوم شرعية ودور تحفيظ تابعة لجماعتي «السلفيين» و«الدعوة والتبليغ» في محافظات إب والحديدة وعمران؛ بعد رفض القائمين عليها التوجيهات التي تُجبِرُهُم على نشر التعبئة وتدريس «الملازم الخمينية».
وتمثل آخر الاستهدافات باقتحام مجاميع حوثية مسلحة مركز «الشافعي» للعلوم الشرعية التابع لـ«جماعة السلفيين» بمنطقة ماتر في ريف محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء).
ونقلت صحيفة«الشرق الأوسط»عن مصادر محلية قولها بأن الاقتحام والاستيلاء تمّا بناءً على توجيهات القيادي الحوثي أحمد العصري المعين من قبل الجماعة مديراً لمكتب الإرشاد.
وباشر المسلحون الحوثيون، في أثناء عملية الدهم، طرد نحو 85 طالباً كانوا يتلقون العلوم الشرعية، ويدرسون في حلقات القرآن، قبل أن يغلقوا المركز نهائياً تمهيداً لتحويله وبقية ملحقاته إلى أماكن للتحريض على العنف وبث الكراهية.
واستنكر مدرسون وطلاب استهداف الحوثيين لمركزهم ومبانٍ أخرى تابعة له. وأفاد بعضهم «الشرق الأوسط» بأن الجماعة تسعى لاستكمال فرض السيطرة على ما تبقى من المراكز ودور القرآن في إب وبقية مدن سيطرتها؛ بغية تحويلها مراكز ترويج لأفكارها الدخيلة على اليمنيين.
دهم في الحديدة وعمران
سبق ذلك، تعرّض المركز الرئيسي التابع لجماعة «الدعوة والتبليغ» في محافظة الحديدة (غرب) للدهم والإغلاق وطرد 500 من طلابه، وإحلال أتباع الجماعة الحوثية الذين استُقدموا من مناطق أخرى مكانهم.
وذكرت مصادر محلية بـ أن الاقتحام الحوثي للمركز، الذي يحوي أقسام تحفيظ القرآن وتدريس العلوم الشرعية، رافقه قيام الجماعة بنهب كافة محتوياته.
ويُعرف عن جماعة «الدعوة والتبليغ» في اليمن عدم تدخلها في السياسة أو الصراعات الاجتماعية، وينشط أتباعها في الدعوة وإقامة الدروس الدينية عقب الصلوات في المساجد بمدن وقرى يقومون بزيارتها.
إلى ذلك، اقتحم مسلحو الجماعة الحوثية مركزاً لتدريس العلوم الشرعية وأغلقوا مسجداً آخر يتبع «جماعة التبليغ» بمنطقتي مسور وخمر بمحافظة عمران، كما اختطفوا عشرات من الطلبة والمدرسين، لإرغامهم على ترك العمل الدعوي.
وأبدت الجماعة الحوثية موافقتها، وفق المصادر، على إطلاق سراح المحتجزين والسماح لهم بمواصلة عملهم شريطة الالتزام بالترويج لأفكارها ومساعدتها على التعبئة والتحشيد للجبهات، إلا أن ذلك قُوبل بالرفض المطلق من قبلهم.
وأدان ناشطون حقوقيون انتهاكات الحوثيين ضد مراكز العلوم الشرعية والقائمين عليها في مختلف المناطق تحت سيطرة الجماعة، ووصفوا ما قامت به الجماعة بأنه «جرائم وتعسفات لا تسقط بالتقادم».
وسبق للانقلابيين الحوثيين أن شنوا على مدى الأعوام المنصرمة حرباً شعواء ضد المراكز الدينية المختلفة مذهبياً ودور التحفيظ؛ بهدف تحويلها مراكز للتعبئة ونشر الدروس ذات المنحى الطائفي.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
للتاريخ وللسياسة وللممكن!
يوسف عوض العازمي
@alzmi1969
"نحن في حاجة إلى رؤية للقوة، تكون أشمل من الرؤية التقليدية التي تركز على القدرة على كسب الحرب" يورغ سورنسن.
***
عندما تتفكر فيما يحدث من تطورات في تمكن والتزام ومسببات ومقتضيات ومتحركات السياسة الدولية تجد التطور هو الثابت الأكثر تحركا بها، تطورت حوادث الحياة السياسية المعاصرة بحسب وجود السيد الأقوى على سدة القرار، وهنا القصد بالسيد الأقوى من يملك إمكانات تخطيط وتنظيم وصنع وتنفيذ القرار السياسي، وعلى أثر ذلك ستلاحظ بما يتدثر به من مبادئ وقيم، وأخلاق ووفاء، ومعاهدات واتفاقيات، وهل تصب في صالح النظام العام أم متسقة فقط مع نظامه الأحادي، وهل يتغير رئيس وتبدل نظام تذهب مبادئ وتأتي أخرى؟
التاريخ وبصفحاته وضح كل شيء، ومن لا يقرأ التاريخ ليس تكون خطواته على ورود، بل سيكون الشوك عنوانها، القوة إن لم تقودها العقلانية والمصلحية العامة وسط إطار يضع المصالح بجانب القيم التي تعبئ مصالحها بمبادئ القوة المتمكنة من تحقيق الأهداف بإمكانات فعالة قد تفضي إلى تحقيق هدف وأكثر لكنها لن تستطيع الصمود لفترات طويلة، ولن تتحمل الضغط العالي لإن الأساس أصبح هشا، فهل هناك من يستطيع بناء الدور الثالث من مبنى دون بناء أساسات ودور أرضي؟
لنرجع قليلا إلى ماض قريب عندما كف ميخائيل غورباتشيف عن مساندة الديكتاتوريات الشيوعية في أوروبا الشرقية، فتساقطت واحدة بعد الأخرى، وفي بلده هو انتهت سياستا غلاسنوست glasnost وبيريسترويكا perestroika إلى انهيار الاتحاد السوفييتي (1)، هنا يتبين دور القوة المساندة في تحديد مسارات الإطار العام للسياسات المنظمة بين الدول؛ فالدول التي تضع اعتماديتها الكاملة أو الشبه كاملة في يد دول أخرى فدرب ابتزازها وطريق طلب فواتير سياسية واقتصادية باهظة كونها لا تتحكم في كل خيوط اللعبة، الأقوى هومن يملك تحريك الخيوط وقيادتها وإيقافها كذلك، تصور لولم تجمع الأقوى مصالح مع طالبي المساندة، فكيف سيكون الوضع ؟
في العلاقات الدولية قواعد أخلاقية لعملية اتخاذ القرارات الخاصة بالسياسة الخارجية للدول أهمها قاعدتين: على الدول الوفاء بالتزاماتها وعهودها + للدول الحق في الدفاع عن نفسها ضد الاعتداء الخارجي (2)، ومن الصعب على أية وحدة سياسية الصمود وسط تيارات المتغيرات السياسية الدولية دونما وجود أساس متين تتكأ عليه من استقرار سياسي وقوة عسكرية، ونهضة اقتصادية، زائد تحالفات مع دول موثوقة تملك قيما ومبادئ مشتركة، وربط هذه التحالفات بشبكة مصالح طويلة المدى كمصالح اقتصادية مثلا.
في دول الديمقراطيات العريقة قد يتبدل فكر إدارة الدولة بمن توصله صناديق الاقتراع، وهنا على الحلفاء مراقبة أوضاع المتنافسين وخلفياتهم السياسية والقيم التي بسببها قد يصلون لسدة القرار، ودراسة هذه القيم ومدى مناسبتها للقيم المطلوبة، وكيف التعامل معها ومواجهتها بما يحقق الصالح العام، وهذا يتطلب وجود مستشارين على درجة عالية من التبصر في مراقبة ما يحدث، ويملكون بصيرة معرفة التاريخ، ومكر أهل السياسة، وتبدل أحوال الدول .
من أهم أسباب جودة السياسة لأي وحدة سياسية (دولة) هي وجود حدود ثابتة لا غبار حولها، وقيادة سياسية مستقرة، وأمن داخلي وخارجي راسخ، واقتصاد لدبه مرونة القدرة للتطور، وانخفاض نسبة البطالة، وأنظمة صحية وتعليمية تحقق حد جيد من الإطار العام المطلوب، وتعزيز ذلك بشبكة تحالفات إقليمية ودولية موثوقة قائمة على مصالح مشتركة طويلة المدى، هنا سيكون الوضع معقولا إلى حد ما، في عالم تتقاذفه العواصف من كل جانب، ولا بقاء به إلا للأقوى والأدهى!
للتحليلات السياسية مناهج ومخرجات وأنواع منها: تقييم حالة، وتقدير موقف، وتنبيه سياسي، واستشراف سياسي (3)، ولكل منهج نظرية وتفاعل وأسلوب، والجدل حول التحليل السياسي لأي لم ولن يتوقف وهذه طبيعة الأمر، في العلوم الإنسانية يعتبر الجدل عاملا مهما للوصول لقناعة ما، وهذا فارق العلوم العقلية عن النقلية، العلوم التي يلعب بها الفكر دورا مهما قد تتبدل أفكارها من حين لآخر مع بقاء ثوابتها. في السياسة- التي هي جزء من العلوم الإنسانية- قد تتبدل قيم وتتغير مبادئ بحسب المصلحة، والمصلحة هي تعبر عن طبيعة الإنسان الناظرة للأعلى وللأكثر وللأقوى، وطبيعة النفس البشرية قد تحدد أحيانا ماهي السياسة القادمة للدولة "س" عندما يأتي الرئيس فلان، وكيف تواجه سياستها الدولة "ص"؟
السياسة بحر غبه عميق جدا لا يجيد السباحة فيه سوى الماهر ومن يلبس على ظهره أوكسجين يكفي في حال الغوص إلى غب المحيط!
قال تعالى: "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُو اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ" (الأنفال: 60).
**************
بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، أتقدم لكم بخالص التهنئة، ومبارك عليكم الشهر، وعساكم من عواده. وأسأل الله أن يعيننا على صيامه وقيامه وأن يجعلنا فيه من المقبولين.
مراجع:
كتاب: "إعادة النظر في النظام الدولي الجديد"، تأليف يورغ سورنسن، ترجمة أسامة الغزولي، الفصل الخامس، ص 147 و148، سلسلة عالم المعرفة 480 يناير 2020م. المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، دولة الكويت. كتاب: "قواعد اللعبة". الكتاب الرائد في العلاقات الدولية، تأليف مارك أمستيوز. الفصل الثامن، ص 296 و297، الطبعة الثانية، دار الفاروق للاستثمارات الثقافية، جمهورية مصر العربية. كتاب: "أصول التحليل السياسي" تأليف د. فوزي حسن الزبيدي. المبحث الثالث ص 31، طبعة أولى 2018م. دار ثقافة للنشر والتوزيع. أبوظبي، بيروت. رابط مختصر