لجريدة عمان:
2024-12-22@02:09:19 GMT

علاقات ملتبسة

تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT

لا تذهب الصورة هنا إلى التشكيك في كل العلاقات القائمة بين الناس فيما بينهم، ولا إلى العلاقات القائمة بين الأطراف التي يمثل أحدها الأفراد، ويمثل أحدها الآخر في مستويات «مؤسسة» مهما كان نوع هذه المؤسسة، وقيمتها المعنوية، ولا العلاقة القائمة بين المؤسسات فيما بينها، فهذه العلاقات كلها محكومة بكثير من النظم والقوانين، والآليات الاجتماعية، في حالة علاقات الناس بعضهم ببعض، والآليات الإدارية في حالة العلاقات الأفراد بالمؤسسة، أو المؤسسات فيما بينها، إذن: ما الذي يخرج عن ذلك كله، ليتلبس بشيء من عدم الاطمئنان، أو ينتابه شيء من التشكيك؟ قد يحضر الجواب هنا إلى غياب شيء من الحقيقة، حيث لا حقيقة مطلقة يمكن الجزم بها، وقد يحضر هنا شيء من مستويات النسبية في مختلف هذه العلاقات، حيث لا يمكن الحصول على الصورة الكاملة للجزم بها، وقد يحضر هنا مستويات الثقة بين مختلف هذه العلاقات القائمة بين مختلف هؤلاء الأطراف، عولجت هذه المسألة في ما يعرف بـ «الآليات» في الشأن الإداري، ومع ذلك لا تزال هناك ما يسمى بالثغرات، فلا توجد نصوص قانون موضوعة لا تخفي فيما بين سطورها شيئا من الثغرات، وهذه الثغرات هي التي تتيح الفرص الكثيرة للوصول إلى كثير مما لا يمكن الوصول إليه بصورة مباشرة، ولذلك يدور حول هذه الآليات الكثير من الالتباس، والالتباس هنا يذهب إلى معنى منع حق لفرد، وإتاحته لفرد آخر، وقس على ذلك أمثلة كثيرة.

قد يتم التسليم هنا في شأن الآليات الإدارية، ولكن كيف يمكن قياس ذلك فيما يخص الآليات الاجتماعية، حتى تدخل في متون الالتباس؟ هنا: يمكن القول إن المسألة مرتبطة بقناعات الفرد نفسه، دون أن يخضع لأي قيمة اجتماعية متعارف عليها بين أبناء المجتمع، وهذه إشكالية موضوعية في مسألة الالتباس، فيما أكنه لفلان من الناس من ود، أو كره، وكلا الشعورين لا يمكن أن يطلع عليهما أحد من خلق الله إلا بقدر إفصاحي له، ومن خلال هذين الشعورين يمكنني أن أوزع هبات الود لمن أريد، ومآسي الكره لمن أريد، وكلا هذين اللذين يتلقيان النقيض لا يستطيعان تحييدي أنا لأن أكون منصفا عندهما معا، ومن هنا يأخذ الالتباس مجراه لكلا الطرفين؛ لأن كليهما يظنان بي خيرا، وإن صدقت نية الأول، وخابت نية الثاني، فقد اتخذ قرارا آخر فأبدل الهبات، والمآسي لكليهما انعكاسا لمستجدات في هذه العلاقة، فما بين عشية وضحاها يصبح العدو صديقا، ويصبح الصديق عدوا، ولا يمكن الجزم بديمومية العلاقات بين الناس، فالإنسان، كما هو معروف عنه، «حمال أوجه» أي أنه لا يستقر على حال، ولذلك جاء في الحديث، عن أبي موسى عبدالله بن قيس الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها» - رواه مسلم، حسب المصدر -.

وهل الالتباس يعد ضعفا في مجمل العلاقات؟ شخصيا، لا أنزله منزلة الضعف، لأنه حقيقة، ولا أحد ينكرها، وهو يعكس الحالة غير المطلقة في فهم العلاقات، ولذلك تأتي المكاتبات، والتدوينات، والتوثيق تحاشيا للضرر المرتقب من هذا الالتباس، ولا أقول في حالة حدوثه، فهو حادث بالفعل، وإنما يتوارى عن الأنظار في ظروف آنية، ويستل سيفه في لحظات فارقة، واللحظات الفارقة هنا، هي تلك التي قد يشعر أحد طرفي العلاقة أنه إن لم يتخذ قراره المصيري في ذات الأمر سيفوّت الفرصة النادرة له لتحقيق ما تصبو إليه نفسه، دون أي اعتبار لمستوى الضرر الذي قد يصيب الطرف الآخر في هذه العلاقة أو تلك.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القائمة بین فیما بین لا یمکن

إقرأ أيضاً:

أين ثروة الأسد وعائلته وهل يمكن للشعب السوري استرجاعها؟

#سواليف

بعد هروب الرئيس #بشار_الأسد، طرحت جملة من الأسئلة لعل أبرزها كيفية استعادة #الأموال والممتلكات غير الشرعية للدكتاتور السوري السابق، لكن قبل ذلك، وجب تحديد قيمة #الثروة التي جمعها آل الأسد طيلة أكثر من 50 عاما من حكم سوريا.

يوجد جزء من ثروة بشار الأسد في #روسيا. إلا أن آل الأسد أخفوا جزءا من أملاكهم في #ملاذات_ضريبة.

منذ هروب الرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا في 8 كانون الأول ديسمبر، تكثفت الجهود لتحديد مكان #اختفاء_الثروة الكبيرة لآل الأسد، وفق تحقيق لصحيفة وول ستريت جورنال نشر الأحد 15 كانون الأول ديسمبر.

مقالات ذات صلة التزاما بمذكرات الجنائية الدولية.. بولندا: سنعتقل نتنياهو إذا دخل أراضينا 2024/12/21

“ستكون هناك جهود عالمية للعثور على الثروة التي تمتلكها عائلة الأسد، وأعضاء النظام الذي كان أمامهم متسع من الوقت لإخفاء الممتلكات” وفق تصريح أندرو تابلر المتخصص في العقوبات ضد النظام السوري في معهد واشنطن.

أطنان من الأوراق النقدية

البحث عن ثروة آل الأسد، انطلق على الأقل عبر تحقيقات لوسائل إعلام. وقال موقع ذي بايبر البريطاني إن الأسد وأقاربه يملكون 55 مليون جنيه إسترليني (66 مليون يورو) في حساب ببنك إتش إس بي سي في لندن. فيما طلب سياسيون بريطانيون من بينهم النائب المحافظ لاين دونكان من الحكومة التحرك “حتى يتم استخدام هذه الأموال التي جمعتها عائلة بطريقة غير مشروعة لإعادة إعمار” سوريا.

من جهتها، كشفت صحيفة فاينانشل تايمز أن بشار الأسد نجح في الالتفاف على العقوبات الدولية لنقل نحو 250 مليون دولار إلى حسابات بنكية في روسيا بين عامي 2018 و2019. وللتهرب من المراقبة الدولية، نقل الاسد في تلك الفترة نحو طنين من الأوراق النقدية من فئة 100 و500 دولار إلى موسكو، وفق وثيقة اطلعت عليها الصحيفة البريطانية.

وليس ذلك سوى غيض من فيض ثروة بشار الأسد التي هربها إلى خارج سوريا. فيما يعد تحديد دقيق لأملاك الدكتاتور السابق مهمة شبه مستحيلة.

”يجب أولا التفريق بين ما كان بشار يمتلكه عندما كان يحكم سوريا وثروة آل الأسد مجتمعة” وفق سكوت لوكاس المتخصص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جامعة بيرمنغهام البريطانية. وبالفعل، تشير بعض التقديرات إلى ثورة ضخمة لآل الأسد تتراوح بين 12 و16 مليار دولار. إلا أن “هذه التقديرات لا تأخذ في الحسبان كل الممتلكات على غرار أطنان من السبائك الذهبية التي لم يتمكن بشار على الأسد من نقلها إلى خارج البلاد عند هروبه” يقول سكوت لوكاس.

ثروة بملياري دولار.. على الأقل

هذه هو الرقم الذي حددته الحكومة الأمريكية في 2022 لثورة الأسد، على الرغم من إقرار واشنطن نفسها أن هذه الأرقام قد لا تكون دقيقة.

نجح آل الأسد في ملء خزائنهم خصوصا من خلال “السيطرة على قطاعات اقتصادية بالكامل مثل الاتصالات والمقاولات والبنوك والتجارة منذ استحواذ حافظ الأسد على السلطة في 1970” وفق لاين وبليس المحامي البريطاني في مكاتب “لايتيمر بارنتنرز” التي كانت أول طرف قانوني حاول تقدير ثروة الأسد في سنة 2012.

وبالنسبة إلى ويليس، فإن العقوبات التي أرخت بثقلها على سوريا لم تؤثر بالضرورة في دوائر السلطة العليا. “بل أنها ساهمت في إثراء المسؤولين لأن كل المعاملات التجارية التي لحقتها العقوبات أصبحت تمر بالضرورة عبر قنوات تسيطر عليها العائلة الحاكمة”.

نفس الشيء لاحظته السلطات الأمريكية التي كشفت عن المال الذي كدسته أسماء الأسد زوجة بشار. ووجهت لها اتهامات بأنها حولت وجهة ملايين الدولارات المخصصة للدعم الإنساني التي ضختها المنظمات الدولية على مدى سنوات لأعمال خيرية في سوريا، تسيطر أسماء الأسد على جزء منها.

مليارات الكبتاغون
استغل بشار الأسد أيضا ثمار تجارة المخدرات وأساسا أقراص الكبتاغون التي كانت تحت إشراف شقيقه ماهر الأسد. وكسب النظام السوري من تجارة الكبتاغون مليارات الدولارات ما جعل النظام السوري أشبه “بدولة مخدرات”.

بالنسبة للسلطات الأمريكية، ما هي إلا بضع أمثلة لكيفية اغتناء الأسد ومحيطه، والذي زاد من ثروته على حساب الاقتصاد المنهك من اندلاع الحرب الأهلية في 2011.

“تقديرات السلطات الأمريكية عليها تحفظات. والسبب في ذلك أنه من الصعب حصر أملاك الدائرة الأولى لبشار الأسد والعائلة الموسعة مثل أبناء العم الذين استفادوا من النظام السابق الذي قام بكل ما في وسعه لعدم معرفة من وماذا يملك” وفق قراءة لاين ويليس.

“التعقيد يعود إلى طريقة توزيع هذه الأملاك. في الحالة الفرنسية التي اشتغلنا عليها، تعلق الأمر بممتلكات لشركات قابضة في ملاذات ضريبية مختلفة من الصعب جدا تحديدا مالكيها بسبب عدم وجود تنسيق قضائي مع البلدان التي تقع فيها هكذا ملاذات” يلخص منسوس شانيز المسؤول عن النزاعات والشكاوى في منظمة “شيربا” غير الحكومية التي حققت انتصارا قضائيا في أيلول سبتمبر 2022 على رفعت الأسد، عم بشار، في قضية أملاك غير مشروعة.

أما في روسيا، تملك عائلة الأسد 18 شقة فخمة في أكبر ناطحات السحاب في القارة الأوروبية، ولكن ذلك ليس إلا الجزء الظاهر من الجبل الجليدي. إذ توجد شبهات بأن بشار الأسد يملك عدة حسابات بنكية في البلد الذي لجأ إليه. وهي “أصول من المرجح أنه يستحيل استرجاعها لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار” وفق سكوت لوكاس. باعتبار أن فلاديمير بوتين يقدم الحماية لصديقه الحاكم السابق في سوريا.

كما أن بشار الأسد لم يضع “بيض ثروته” في سلة واحدة. وقام بتوزيع ممتلكاته على عدة وجهات “انطلاقا من روسيا التي تواجه عقوبات دولية، إذ أنه يملك أصولا في دبي ودول خليجية أخرى إضافة إلى بلدان في أوروبا وآسيا”. وفق المحامي لاين ويليس. توجد أيضا شبهات بامتلاك بشار حسابات بنكية في هونغ كونغ كما يملك رفعت الأسد بناية في قلب لندن تصل قيمتها إلى أكثر من 31 مليون يورو.

استرجاع مستحيل لهذه الأصول؟

“ستكون مهمة حصر ممتلكات آل الأسد معقدة جدا، إضافة إلى صعوبة فتح ملفات قضائية وتنظيم التنسيق الدولي، ومن ثم إيجاد وسيلة مثلى لكي يستفيد الشعب السوري منها. ليس الأمر بالمستحيل، لكنه سيتطلب وقتا طويلا فيما تحتاج سوريا للمال بشكل عاجل” يقول سكوت لوكاس.

المثال الفرنسي يؤكد في كل الأحوال بأن أصول آل الأسد ليست في مأمن. حيث حكم على رفعت الأسد بإعادة ما قيمته 90 مليون يورو من الأملاك غير المشروعة في سابقة “ستشكل اختبارا أول لمعرفة كيف سيتم إرجاع هذه الأصول إلى سوريا” يقول منسوس شانيز. وهي مهمة شاقة وطويلة للمنظمات غير الحكومية ومنها “شيربا” التي ساهمت في سنة 2021 في إقرار قانون يسهل استرجاع الأموال غير المشروعة. إلا أن هذه العملية طويلة جدا وقد تستمر لعدة أعوام.

“هل سينعم بشار الأسد بحياة هادئة في موسكو؟ ليس الأمر بهذه السهولة وفق سكوت لوكاس الذي يخلص إلى القول: “الأمر مرتبط بموقف فلاديمير بوتين، هل سيسمح لبشار بالتواصل مع محاميه والوصول إلى حساباته، ستحصل عائلة الأسد على سكن وغذاء جيد، إلا أنها لن تحصل في المطلق على كل ما تريده”.

مقالات مشابهة

  • الأزهر يوضح أحكام سجود السهو.. كيف يمكن أن يصليها المسلم؟
  • شخبوط بن نهيان يبحث تعزيز العلاقات مع رئيس جنوب أفريقيا
  • البدري: العلاقات الليبية السورية مرشحة للتطور رغم التحديات
  • أين ثروة الأسد وعائلته وهل يمكن للشعب السوري استرجاعها؟
  • العرفي: يمكن البناء على “مبادرة خوري”
  • شخبوط بن نهيان يبحث مع رئيس بوتسوانا تعزيز العلاقات
  • خبير عسكري يكشف هدف إسرائيل الاستراتيجي فيما يحدث بسوريا
  • ما حجم النفط الذي يمكن أن يضخَّه ترامب؟
  • علاقات اقتصادية وسياسية متعددة بين مصر ومجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية
  • كيف يمكن زيادة الطول عند الأطفال ؟