عربي21:
2025-04-17@22:14:43 GMT

القدوة في واقع التخلف.. المنقذ (2-2)

تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT

قدوة النهضة:

من مشاكل المصلحين في احتلال مكان القدوة الكلام المباشر والصدق في تقديم الأفكار، ونظرتهم إلى الحقيقة وتفصيل الأفهام وشرحها، ورغبتهم بأن ترتقي الأمة إلى حيث يكونون جزءا من نهضتها لكن بيئة منظومة تنمية التخلف ستسفه وتقتل هؤلاء الأمل كأمر لا تتوقع غيره، فالجهل ليس عدم العلم وإنما رفض التعلم والقناعة بما يملك من الانطباعات والخوف من انكشاف الجهل.



نهضة الأمة كانت بالرسالة، ورأينا النموذج الأقرب للوصف والفهم في سلوك الرسول، فلم تك حياة الرسول في الخوارق وإنما كانت حياة إنسان وأسرة كأي أسرة في عصرها، والله جعل حياة الرسول كذلك ليكون درسا لأمة من عيشه في حصار وعزوف قومه عن الاستجابة فالهجرتين، علاقته مع أزواجه وحبه الذي يجعل خديجة رضي الله عنها قدوة لسلوك النساء وتفانيها لتبقى تسكن فكر الرسول ووفائه، إلى القيادة ومعناها والتعامل الإيجابي مع أصحابه وزعماء المسلمين.. هذه المحطات التي كُتب فيها وقيل الكثير تعرف القدوة، فحياة الرسول تمثل نموذجَ اليقظة في دعوته والنهضة في قيادته، وتحتاج أن تُفهم ليس كتاريخ وإنما كسيرة قدوة تنظف ما ترسب علينا كأمة بعدما رُفع عن الأمة تكليف الاختيار لحاكمها، وأضحى الحكام نموذجا للملوك يُخشى بطشهم وشرهم مع الزمن إلى أن وصلت الأمة إلى وضعنا في زاوية نظر أخرى لما وصفنا في الجزء الأول.

الأمة والمنقذ:

الناس يميلون إلى مداراة عجزهم بالخوارق والمسلمون كغيرهم من الأديان (جميعا) نقلوا الأحاديث التي تتحدث عن ظهور المخلّص وإن اختلفوا في ماهيته وظرفه. ري ابن خلدون متقدم كثيرا لفهمه الإسلام وبُعده عن هذه النظرة، فالإسلام يرتكز على الإنسان وجهده وتفكيره وليس فكرة الخلاص بأنواعه.

هذه الأحاديث والفكرة لا توافق جوهر الإسلام وفكرته في أن الإنسان له فطرة سليمة مهدية للنجدين، وأن الإنسان له أهلية ومنظومة عقلية هي من تمتلك القرار في ماهية خلقها يحاسب الإنسان لمخرجاتها وأن للكون سننا يسير وفقها بذكائه فإن خالفها خسر، فمجيء المخلص استلاب لهذه المنظومة العقلية وتشويه للغايات والذهاب إلى عبادة فكرة وجعلها محور الحياة ومهمة الإنسان في عمارة الأرض. يظهر حاكم في الشرق أو الغرب فيقولون هذا المنقذ ويبنون في أذهانهم صورة له وطاعته، فإن أخفق بخطأ تنقلب تلك الأُمنية إلى انتقام وكأنه خدعهم ولم يخدعوا هم أنفسهم. إن النفوس المهزومة الفاقدة للعقلية السوية هي نفوس محبطة، وعندما يريد الإحباط بطلا فإنه يصف ذهنيا إنسانا خارقا منزها، يسد عجزه وكسله وكل المشاعر السلبية فيه، فإن لم يحقق هذا البطل المزعوم ما يفكر به المحبَط فإنه يتحول إلى أسوأ الناس وصفا ويعد عارا بعد فخر.

تمجيد الفرد القائد وتنزيهه ليس درسا من الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته، والناس يعملون لبلدانهم، فمن استثمر وهم الناس به لصالح بلده لم يخن عهده مع الناس لأنهم من وضعوه في صورة رسمها مرضهم، ووعود تنقذهم من هزيمتهم وانكسارهم هو لم ينطق بها أصلا.

المنقذ هو الفهم:

في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم إفهام للناس أن يتكلوا إلى فهم واقعهم ويتعاملوا معه، وإلا لأزال الله أية عقبة تظهر أمام الرسول وصحبه فلا تكون عمليا نموذج قدوة، وعندها سنقول إن ما نواجهه يحتاج معجزة ونبي والظرف أقوى منا، ونستسلم مضحين بإرادتنا وأهليتنا إلى الأبد، لقد جعل الله جل وعلا من سيرة الرسولe نموذجا لمسائل مهمة يتعامل معها الناس:

حمل القضية: فهم الرسول للرسالة، ومعناها أنها تدعم أهلية الإنسان وما تنتجه المنظومة العقلية، يوضحه مدحه لخلف الفضول في الجاهلية وأخذه بأسهل الأمور الصحيحة، كما أن أي باحث عن الحقيقة سواء كان مسلما أو غيره، يحمل فكرا دينيا أو علمانيا أو غيره، سيأتي بأفكار تخالف ما هو موجود لأن فكره بمشكلة مجتمعه قاده لهذا فهو سيواجه الانتقاد والتسفيه وربما التخوين والتكفير، وقد يتعرض للاضطهاد وأصحابه وهذا ما حصل لرسول الله، ويمكن أن يحصل لأي منا فنصبر ونصرّ على الاستمرار لحين تحقيق النصر أو تتبدل القناعات بالمراجعة والاختلاط.

التعامل مع العامة: التنظير وحده لن يخلق الثقة وإنما ما يوافق عقلية الجمهور من الظهور والشهرة وما يخاطب انطباعاتها وغرائزها كل في اتجاه اهتمامه وتكرار البسيط إلى الأبسط، فالأبسط مما يستثير الغريزة ليشعرها بالاكتفاء لاحقا بدعاء أو رجاء أو عرض الأمل من خلال تفصيل الحدث بعاطفية لا بعقلانية؛ لأن العقل للأمور وطرحها دوما هو ضد العقلية الغوغائية التي لديها هدف ما يدور حول العيش والاستقرار واستحصال الأشياء بلا جهد، لهذا فالقدوة ليس بالضرورة له أوصاف الانطباعات عند الجمهور، بل إن حيرتهم عندما حصل خلط الأوراق فيما يسم ى الربيع العربي، ما جعلهم ينادون برأس من أنقذهم ليسومهم فراعنة سوء العذاب، وهذا التيه في البحث عن المنقذ وإحباط من يقومون بالثورات يجعلهم يأكلون بعضهم كما حدث في الثورة الفرنسية، لتنتقل إلى دورات حياة متعددة في مرحلة إعادتها إلى الملكية بعد أن لم يك مانعا عند إمبراطور كنابليون أن يفكر بتوريث حكمه دون وجود هالة الحق الإلهي التي سادت أوروبا الملكية، لكن أسقطته الملكية التي تحولت للدستورية لتعود الجمهورية بنابليون الثالث الذي كأي عسكري يتوجه للحرب فيخسر في ألمانيا.

القدوة هو في المتميز في كل عمل لكن هذا ليس دائما في منظومة تنمية التخلف، إذ عادة ما يزاح المتميز من قبل أناس تحركهم غرائزهم، ولا يجد من يعينه لكل ما ذكرنا في متن المقال، فهو ليس المنقذ دائما في نظر الناس، لكن المنقذ غالبا ما يكون حلما فإن أرادوا تحقيق أوهامهم فإن أحدا ما أو مغامرا يتصدى وسيرون كوابيس خيارهم في الواقع، وهذا لا يحتاج إلى مثال للناظر في عالمنا اليوم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات القدوة التخلف الانسان القدوة التخلف مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات صحافة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة تفاعلي سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

أيهما أولى بالحج الأم أم الزوجة؟.. أمين الفتوى يوضح

أجاب الدكتور أحمد عبد العظيم، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال عبير من محافظة بني سويف، تسأل فيه عن أولوية أداء العمرة، بعدما وعدها زوجها بأن يرافقها، لكنه في الوقت نفسه يرغب في أخذ والدته التي لم تؤدِ العمرة من قبل، كما طرحت عبير سؤالاً آخر حول مدى وجوب برّها لأهل زوجها، خاصة في ظل وجود توتر في العلاقة؟.

وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، بحلقة برامج فتاوى الناس، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس: إذا كانت والدة الزوج لم تؤدِ العمرة من قبل، فإن الأولوية في هذه الحالة أن يصحبها هي، ويُعدّ ذلك من برّه بها، وهو مقدم شرعًا على وعده لزوجته، لأن بر الأم أعظم أجرًا ومكانة عند الله، مشيرًا إلى أن الزوجة الصالحة تُؤجر إذا أعانت زوجها على بر والدته.

وأضاف: نوصي الزوجة بأن تُسعد بذلك وتساعد زوجها على هذا البر، ووعد الله لها بالعوض لا يتخلف، فقد يُجبر الله خاطرها بحجة في المستقبل، أو بفرصة أفضل، إن شاء الله، مؤكدًا أن اعتراض الزوجة على بر زوجها لأمه أو وضع نفسها في مقارنة معها لا يليق بالمؤمنة الصالحة.

وحول ما إذا كانت الزوجة ملزمة شرعًا ببر أهل زوجها، قال الدكتور عبد العظيم: الزوجة غير ملزَمة شرعًا ببر أهل زوجها على وجه الإلزام، لكنها ملزَمة بألا تهجرهم أو تتسبب في خصام معهم، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.

وأوضح أن الحد الأدنى المطلوب من الزوجة هو تجنّب القطيعة، ولو من خلال التواصل في المناسبات، والمعاملة بالحسنى، مضيفًا: البر الحقيقي ليس إلزامًا، لكنه من باب الفضل، ومن حسن العشرة، والصبر على الأذى البسيط من أهل الزوج يُؤجر عليه العبد يوم القيامة.

وتابع: المؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير من الذي لا يُخالطهم ولا يصبر، كما قال النبي ﷺ. فإذا كانت العلاقة ممكنة وفيها قدر من الاحتمال، فلتصبر الزوجة ابتغاء مرضاة الله، وسيكون لها أجر عظيم.

مقالات مشابهة

  • أحمد الطلحي يُوضح سنن وآداب زيارة المسجد النبوي وقبر الرسول
  • «الطلحي» يروي قصة أعرابي استغفر عند قبر الرسول فبشره بمغفرة الله
  • أيهما أولى بالحج الأم أم الزوجة؟.. أمين الفتوى يوضح
  • تأملات قرآنية
  • هل يسامح الله من تاب عن أذية الناس؟.. أمين الإفتاء يجيب
  • جواهر الجمال
  • مراسل سانا: أهلي حلب يفوز على أمية بأربعة أهداف مقابل هدف واحد في نهاية المباراة التي جمعتهما على أرض ملعب الفيحاء بدمشق ضمن بطولة المستقبل لكرة القدم
  • ملتقى الأزهر: الانصراف عن منهج الله بات ظاهرة بين بعض الشباب
  • خبيرة طاقة: القلم والورقة من أعظم الطاقات التي يمتلكها الإنسان.. فيديو
  • رابطة علماء اليمن تنظم لقاءًا بعنوان “لا عذر للجميع أمام الله في القعود عن نصرة غزة وفلسطين”