بعد إجلاء إسرائيليين من الشمال.. 70% منهم لا يفكرون بالعودة
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
القدس المحتلة- في الوقت الذي يروج فيه الجيش الإسرائيلي أن العملية العسكرية الواسعة في لبنان تهدف إلى إعادة الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم منذ اندلاع الحرب على الجبهة الشمالية في أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى البلدات الحدودية والجليل الأعلى يتضح أن الكثير منهم لا يبدون رغبة بالعودة إلى مسقط رأسهم بعد انتهاء الحرب.
وعلى الرغم من مرور عام ونيف على معركة طوفان الأقصى التي شنتها حركة حماس على مستوطنات "غلاف غزة" وبلدات إسرائيلية في الجنوب فإن نحو 120 ألف إسرائيلي لم يعودوا -ومنهم 70 ألفا من الجليل الأعلى وبلدات حدودية مع لبنان- إلى منازلهم بعد إجلائهم منها بسبب الحرب.
وبالنسبة للكثير منهم فإن العودة إلى منازلهم ليست موجودة بالأفق رغم تصريحات قادة الجيش الإسرائيلي بأنه سيكون بإمكان سكان المناطق الشمالية العودة في غضون الأسابيع المقبلة، إذ إن لإخلاء البلدات الحدودية دلالات ومعنى اقتصاديا واجتماعيا وعائليا صعبا، وفق ما أفاد تقرير الملحق الاقتصادي في صحيفة "يديعوت أحرونوت".
أفق مظلمواستعرضت الصحيفة في تقرير لها تجربة عيدو أدلر، وهو أحد الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من بلدة كريات شمونة، وأب لـ4 بنات، أكبرهن تبلغ 14 عاما والصغرى 7 أعوام، وكان لديه متجر لمستلزمات الهواتف الخلوية في المدينة، وقد أُغلق خلال أشهر الحرب.
وفي الوقت الحالي، تعيش العائلة في شقة مستأجرة في مستوطنة رمات يشاي قرب بيسان، وبدأت الفتيات في الالتحاق بالمدارس في المستوطنة، لكن عيدو لا يرى في الأفق العودة إلى المدينة المقصوفة.
وقال عيدو "خلال الشهرين الأولين من الحرب كنت لا أزال أعمل في متجري في كريات شمونة، وفي الشهر الثالث كنت أقدّم أكبر قدر ممكن من المساعدة لجنود الاحتياط، ولم أكن أعمل حقا، ثم أدركت أنه لم يكن مربحا بالنسبة لي أن أبقي المتجر مفتوحا، لأنه لا يوجد أشخاص في المدينة، ومنذ ذلك الحين لم أعمل".
وأوضح أنه من الصعب عليه العودة إلى كريات شمونة التي سكنها لمدة 10 سنوات وأسس عائلة وأقام مصلحة تجارية فيها، قائلا "في الحقيقة من أصعب الأمور التي حدثت لي أنني فقدت كل ما أسسته، علي أن أعيد تأسيس نفسي وتأهيل عائلتي من جديد والاندماج في المكان الجديد وإيجاد عمل".
وتكشفت هذه الانطباعات من خلال استطلاع للرأي أجراه معهد "مأجار موحوت" بأوساط 500 شخص تم إجلاؤهم من منازلهم في الشمال والجنوب، إذ اتضح أن 50% من الأشخاص يمثلون عائلات ممن تم إجلاؤها من "غلاف غزة" لا يفكرون في العودة إلى مستوطناتهم.
وأظهر الاستطلاع أيضا أنه من بين الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الجليل الأعلى والبلدات الحدودية مع لبنان لا ينوي 70% العودة إلى المستوطنات التي تم إجلاؤهم منها حتى لو انتهت الحرب، كونهم لا يشعرون بالأمن والأمان لعائلاتهم.
وادعى معظم الأشخاص الذين تم إجلاؤهم في الاستطلاع أنهم لم يتلقوا مساعدة توظيف وتشغيل كافية من الحكومة الإسرائيلية، ويمنحون الحكومة درجة سيئة إلى سيئة جدا في التعامل مع العائلات التي تم إجلاؤها من منازلها وفي معالجة احتياجاتهم الاجتماعية والاقتصادية وكذلك وضعهم الوظيفي.
وتشير الأرقام إلى أن من بين سكان الشمال الذين تم إجلاؤهم كان 67% منهم موظفين بدوام كامل، و20% بدوام جزئي، و13% يعملون لحسابهم الخاص، في حين تدهور وضعهم الوظيفي والتشغيلي بشكل كبير.
وفي الوقت الحالي يعمل 39% فقط من هؤلاء السكان عمالا بدوام كامل، و17% يعملون موظفين بدوام جزئي، و10% منهم يعملون لحسابهم الخاص، في حين 32% من سكان الشمال لا يعملون حاليا.
عسكري وسياسيوتأتي نتائج الاستطلاع خلافا لموقف الجيش الإسرائيلي الذي يعتقد أن سكان الشمال الذين تم إجلاؤهم من منازلهم سيتمكنون من العودة إليها تدريجيا خلال أسابيع قليلة بعد إعلان انتهاء العملية البرية، والتي يقدر أنها ستستمر بناء على توجيهات المستوى السياسي الإسرائيلي بضعة أسابيع أخرى.
وبحسب صحيفة "هآرتس"، فإن من المتوقع أن يعلن الجيش الإسرائيلي زوال التهديد للمستوطنات في الشمال، وتدمير قدرات حزب الله على التوغل البري، وأنه غير قادر على العمل كمنظمة عسكرية منظمة بسبب تعرضه لأضرار جسيمة، إذ يقدر الجيش أن نحو ثلثي قدرات الحزب الصاروخية تضررت في بداية العملية العسكرية قبل قرابة 3 أسابيع.
لكن يانيف كوبويتش المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس" يقدر أن التوغل البري للجيش في جنوب لبنان لا يمكن أن ينتهي بعملية عسكرية فقط، مشيرا إلى أن العمليات العسكرية يجب أن تكون مصحوبة بمسار سياسي حتى يكون من الممكن التوصل إلى تسوية مع لبنان، وهو ما من شأنه أن يمكن العائلات الإسرائيلية من العودة إلى بيوتها.
ترميم الضررلكن مع استمرار العملية العسكرية لا تعتقد أبناء أغلبية كبيرة من العائلات التي تم إجلاؤها -سواء من الشمال أو الجنوب- أن الإجراءات المختلفة التي تتخذها الوزارات الحكومية ستساعدهم في مجال التوظيف وإيجاد فرص عمل، بحسب المحامية تالي نير الرئيسة التنفيذية لـ"جمعية 121″ التي تقود شراكة تضم 50 منظمة تجارية واجتماعية تعمل على الاستثمار في تنمية فرص العمل للأشخاص الذين تم إجلاؤهم.
ونقل الموقع الإلكتروني "والا" عن المحامية نير قولها إن "إسرائيل تواجه أزمة توظيف حادة بين الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، ومعظمهم من الشمال، إذ أفاد 32% بأنهم لا يعملون على الإطلاق، وأن مهاراتهم المهنية تتآكل، وهذا يشكل خطرا حقيقيا على الاقتصاد والصحة العقلية لهؤلاء الأشخاص، وأن هذا سينعكس سلبا على سوق العمل والمجتمع الإسرائيلي".
ومن وجهة نظر المحامية الإسرائيلية، فإن الأزمة هي أيضا فرصة، وتقول "من المهم الاستفادة من هذه الفترة لدعم أولئك الذين لا يعملون، وتمكينهم من دراسة دورة مهنية وتأهيل والحصول على دعم نفسي ووظيفي، ولكنهم يحتاجون إلى تمويل من الحكومة لذلك".
وتعتقد أن الاستخدام السليم لهذه الفترة سيسمح بالنمو الاقتصادي والتأهيل الاجتماعي السريع بعد الحرب، قائلة إن "هذه ليست أزمة شخصية فقط بالنسبة لهذه العائلات، ولكنها أيضا قضية اقتصادية وطنية أساسية ستؤثر على الاقتصاد في إسرائيل لعقود قادمة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات الذین تم إجلاؤهم من الجیش الإسرائیلی العودة إلى
إقرأ أيضاً:
مشروع التوسع الإسرائيلي يهدد أمن العالم
عندما «اقترح» الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على سكان غزّة تركها علّل ذلك بأنه يسعى لإحلال السلام في الشرق الأوسط. بينما رآه الكثيرون خطوة على طريق يؤدّي لإفراغ القطاع من سكانه تمهيدا لاقتطاعه من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
وقال ترامب أنه يريد من مصر والأردن استقبال الفلسطينيين من القطاع. «نتحدث عن مليون ونصف مليون شخص لتطهير المنطقة برمتها. كما تعلمون، على مر القرون شهدت هذه المنطقة نزاعات عديدة». هذا الحماس الأمريكي للتوسع الإسرائيلي ستكون له تبعاته الإقليمية والدولية. فبرغم ما يدّعيه الغربيون من تماسكهم إزاء التحديات الأمنية التي تتحداهم من خارج عالمهم، فإن قضية فلسطين بقيت، على مدى ثلاثة أرباع القرن، شاهدة على عجزهم وتراجعهم الإنساني والأخلاقي.
فالمشاهد التي اكتظت بها شاشات التلفزيون في الشهور الأخيرة التي تظهر التوحش الإسرائيلي وعقلية التدمير غير المحدودة وما يمثله ذلك من تحد لأبسط قواعد الاشتباك التي يفترض أن الغربيين قد أقرّوها بعد الحرب العالمية الثانية، قلّصت من احترام العالم للسياسة الغربية. فما حدث لا يعكس قوّة حقيقية بقدر ما يعمّق الشعور بهيمنة المشاعر الشيطانية بالغلبة المادّيّة على حساب الالتزام الأخلاقي.
وهذه الحقيقة تضعف ثقة المواطن الغربي نفسه في مدى ما يمكن أن يتمتع به من أمن مستقبلي. فالحريق الذي يشب في حظيرة الجيران يمكن أن يعبر السواتر والحدود، فمن يضمن عدم تكرار مشاهد غزّة في مدن غربية أخرى فيما لو نشب نزاع مع حكام «إسرائيل» مستقبلا؟ فالنزعات الشيطانية المختزنة في عقولهم لا تختلف عن عقلية هتلر التي عاثت في أوروبا دمارا.
لقد أصبح واضحا أن الحرب الشرسة التي شنّتها قوات الاحتلال الإسرائيلية على القطاع منذ عام ونصف كانت تهدف لتحويله إلى منطقة دمار شامل لا يمكن إعادة بنائه. وما أكثر ما ردّد السياسيون الغربيون القول باستحالة إعادة إعمار غزّة. بل ادّعى بعضهم أن ذلك يحتاج لثلاثين عاما.
ولكن سرعان ما طرحت مقولات أخرى تؤكد أن إعادة البناء لن تستغرق أكثر من ثلاث سنوات، وقالت تقارير عن بعض أطراف الأمم المتحدة أن الركام ملوث بمادة الأسبستوس.
ومن المعروف أن بعض مخيمات اللاجئين التي دُمرت أثناء الحرب قد بُنيت بهذه المادة. ومن المحتمل أن يكون الحطام محتويا على أشلاء بشرية لأن الدمار الذي أحدثته «إسرائيل» شامل وغير مسبوق، ولا تنحصر أهدافه بالانتقام والقتل فحسب، بل أن من خطّط للعدوان كان يهدف لجعل المنطقة مستعصية على إعادة البناء والتأهيل للاستخدام البشري. ومع التكاليف الباهظة لذلك والفترة الزمنية التي يحتاجها إعادة الإعمار، وتشجيع أكثر من مليون ونصف من سكان غزة على النزوح إلى مناطق وبلدان أخرى، يصبح مشروع إخلاء المنطقة من السكان أمرا ممكنا، في نظر المحتلّين وداعميهم.
ليس معلوما بعد أبعاد الخطّة التي تعتبر استكمالا لما حدث في 1948 و 1967 من احتلال الأرض وإقصاء أهلها. ولكن يبدو أن تصريحات الرئيس الأمريكي ساهمت في إفشالها. فما أن أطلق تصريحاته حتى ارتفعت أصوات الشجب والاستنكار من حكومات كثيرة ومنظمات حقوقية وإنسانية عديدة. ومع أن ترامب شخص عنيد يصرّ على موقفه ولا يتنازل عادة، ولكن يبدو أنه لم يتوقع حدوث ردّة فعل بالحجم الذي حدث.
ولا شك أن صمته خلال العدوان الإسرائيلي، وربما مشاركة القوات الأمريكية في القصف والتدمير يوحي بوجود خطة معدّة سلفا لإكمال مشروع الاحتلال. هذا المشروع انطلق بالتدمير الشامل لقطاع غزة بشكل فاق ما حدث في الحرب العالمية الثانية من دمار، بحيث تبدو الدعوة لإخلائه من الفلسطينيين أمرا مقبولا، بل ربما يوحي باهتمام إنساني يتجاوز الأطماع السياسية.
برغم ما يدّعيه الغربيون من تماسكهم إزاء التحديات الأمنية التي تتحداهم من خارج عالمهم، فإن قضية فلسطين بقيت، على مدى ثلاثة أرباع القرن، شاهدة على عجزهم وتراجعهم الإنساني والأخلاقي
ويبدو كذلك أن المشروع حظي بقبول عام لدى الأوساط الغربية، ولكنه كان من البشاعة بمكان بحيث دفع الحكومات العربية لرفضه جملة وتفصيلا لأنه كان فاقعا، نضح بدماء أكثر من 46 ألفا من سكان القطاع.
كما حدث إدراك مهم بأن الانصياع للخطة الأمريكية ـ الإسرائيلية ستمهّد لتطورات أخطر، وأن الأردن سيكون المحطة الأخرى التي يتضمنها مشروع توسيع الاحتلال الإسرائيلي. كما اتضح للكثيرين أن خطّة احتلال غزة بداية لتنفيذ مشروع «إسرائيل الكبرى» الذي سوف يزداد توسعا ويشمل بلدانا عربية أخرى وحدودا تصل إلى العراق.
برغم ما قيل، ليس هناك ما يؤكد توقف المشروع الاستيطاني الجديد عند هذا الحد، وأن المحتلّين سوف يستمرون في استهداف المناطق التي يسعون لضمها لمشروع التوسع والاستيطان الإسرائيلي.
وليس من المنطقي كذلك افتراض ان الضخّ الأمريكي والأوروبي لكيان الاحتلال سوف يتوقف في المستقبل المنظور. ولكن السؤال: ما مصلحة الغربيين من توسع «إسرائيل» بلا حدود؟ ما مصلحة الغربيين من انتشار القوات الإسرائيلية داخل الحدود السوريّة لتدمير كافة ما لدى ذلك البلد من إمكانات عسكرية وتحويلها إلى بلد منزوع السلاح؟ لقد أصبحت القوات الإسرائيلية تسيطر على مساحات واسعة وأصبحت على مقربة من دمشق. فهل هذا يخدم الأمن والسلم الدوليين؟ وماذا عن روسيا؟ لا شك أنها فقدت قدرا كبيرا من نفوذها في الشرق الأوسط بسقوط بشار الأسد، فما الذي بقي لديها من نفوذ بعد العراق وسوريا؟ الواضح أن روسيا في العقود الأخيرة لم تعد الاتحاد السوفياتي الذي كان في حالة توازن مع الناتو في ذروة الحرب الباردة.
ومع تطور العلاقات الشخصية بين ترامب وبوتين تراجعت حدّة التنافس بين الشرق والغرب، حتى أن أزمة أوكرانيا التي كان بالإمكان أن تتحول إلى حرب عالمية ثالثة، تراجعت كثيرا، ولم تعد أمريكا متحمسة لدعمها من أجل التخلص من النفوذ الروسي. إنها واحدة من حوادث القدر على صعيد التوازن الدولي حيث لم تعد هناك أجواء منافسة ساخنة، خصوصا مع توسع نفوذ لاعبين آخرين، واستمرار أمريكا في رفع نفقات التسلح برغم تراجع نفوذها الاقتصادي في مقابل توسع النفوذ الاقتصادي الصيني.
وهكذا أصبح شبح الحرب أمرا مقلقا يسعى الجميع لمنع وقوعه نظرا لما لذلك من مخاطر غير محسوبة. بل أن أمريكا نفسها، برغم الضوضاء السياسية حول إيران وإرسال طائرات بي 2 إلى الشرق الأوسط، هرعت لتبريد نقطة التماس الوشيكة مع إيران، وبدأت حوارا استراتيجيا مع طهران في العاصمة العمانية، مسقط. فمع ما يبدو من تصاعد احتمالات الحرب بدأ الحوار مع ترسخ قناعة الغربيين بأمرين: أولهما استحالة وقف المشروع النووي الإيراني، وثانيهما عدم وجود ما يؤكد توجه إيران لإنتاج أسلحة نووية.
لا شك أن فسيفساء التوازنات السياسية والعسكرية في المنطقة تزداد تعقيدا، ولكن يخفف من مخاطر ذلك التنوع شعور الأطراف جميعا بضرورة منع وقوع الحروب خصوصا في ضوء عجز العالم عن احتواء الأزمة الأوكرانية من جهة، أو احتواء مخاطر التوتر المتواصل في الشرق الأوسط من جهة أخرى. كما أن العجز عن احتواء أزمة السودان التي أصبحت تتحدى البشرية مع انتشار بوادر مجاعة كبرى تضيف بعدا آخر لتراجع الإرادة السياسية لدى زعماء «العالم الحر» وتداعي حماسهم للتعاطي مع تحديات من هذا النوع. هذا يظهر أن إشعال الحروب والخلافات خيار سهل، ولكن إنهاءها ليس متيسرا، بل أن القضايا الكبرى بقيت عالقة منذ أن بدأت.
وتزداد الأمور تعقيدا بتهميش دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. فأمريكا التي تسعى لإضعاف العمل الدولي المشترك لم تثبت قدرتها على التصدّي بقدر من الحياد للقضايا الكبرى، بل كثيرا ما كانت طرفا مباشرا فيها. ولم تسفر تدخلاتها في الصراعات عن حلول ناجعة، الأمر الذي يستدعي ضرورة بروز جهة دولية فاعلة لسد الفراغ القيادي الذي أحدثه تهميش الأمم المتحدة.
ربما يعتقد بعض زعماء الغرب أن البلطجة الإسرائيلية تساهم في كبح جماح القوى الإقليمية التي قد تحتضن نزعات للتمرد على الهيمنة الغربية. ولكنهم مخطئون في ذلك. فهم بذلك يخلقون عفريتا آخر ويكررون قصة «فرانكشتاين» المرعبة. أما المنطق الأقرب للحكمة والواقع فيدعوهم لانتهاج سياسات أخرى أكثر توازنا وعدلا، وأقل عداء للعرب والمسلمين. وبدون ذلك التغيير في النهج السياسي الغربي وتجاهل حقوق البشر في بلدان مثل فلسطين والسودان والعراق، سيصبح العالم متوجها نحو مصير مجهول يتداخل فيه سيل الدماء مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والأخلاقية.