الحكومة و “المجلس الرئاسي” معنيان بوقف تدهور العملة
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
التدهور المستمر في سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية يعكس تداعيات الحرب على وضع الدولة واقتصادها بالدرجة الأولى بما يشمل ذلك استنزاف الاحتياطي الأجنبي من قبل الحوثيين وما تلاه من سوء إدارة قرار نقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، بالإضافة إلى الانقسام في السياسة النقدية والمالية مع وجود بنكين وعملتين في الواقع وصولا لفرض الحوثيين سياسة أمر واقع تتمثل في منع تصدير النفط للخارج مما حرم خزينة الدولة أهم مواردها ومصادر عملتها الصعبة.
هذه أسباب عامة لها تأثير متفاوت على تدهور العملة بين الوقت والآخر ومن الصعب تجاوزها ما لم يكن هناك اتفاق بين المتمردين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليا يعالج هذه القضايا الاقتصادية التي تمثل أولوية قصوى للمواطنين وتؤثر على حياتهم أكثر من الطرفين وتحديدا الحكومة التي خسرت ستة مليار دولار جراء توقف تصدير النفط بحسب تصريحات محافظ البنك المركزي.
ومن الواضح أن التفاهم بشأن ذلك دونه تحديات كثيرة ترتبط بحسابات اللاعبين المحليين وتحديدا الحوثيين الذين يستخدمون ورقة النفط للضغط على الحكومة للحصول على مكاسب سياسية على حساب حقوق الناس، كما أنها ترتبط أيضا بحسابات اللاعبين الخارجيين وتحديدا السعودية التي ساهم تفاوضها الثنائي مع الحوثيين في وضع عائدات النفط ضمن تفاهمات بعيدا عن الحكومة التي لا تستطيع تجاوزها، ناهيك عن كونها أصلا لا تملك القدرة العسكرية لإعادة تصدير النفط بسبب عدم امتلاكها منظومة دفاع جوي ولو محدودة للتعامل مع الصواريخ والطائرات المسّيرة.
ومما يزيد الأمور تعقيدا للتوصل لاتفاق يعيد استغلال الموارد بما يعود بالنفع على حياة الناس على شكل مرتبات وخدمات ومشاريع، أن الحوثيين يطلبون حصة كبيرة يُقال إنها تصل إلى ٦٠ في المائة من العائدات بزعم أن الكثافة السكانية في مناطق سيطرتهم وأن معظم الموظفين هناك؛ وهي حجة تبدو منطقية في الواقع لكنها مجرد مزايدة باسم “حقوق المواطنين” لأن الحوثي لا يعترف لهم بأي شيء أصلا؛ فهو لا يدفع رواتب مما يأخذه من موارد كبيرة ولا يقدّم خدمات وبالتالي فهو يريد الأموال له ثم يتحكم في الرواتب بما يخدم أهدافه، هذا على افتراض أنه سيلتزم أصلا بالدفع بانتظام وهذا مشكوك فيه بالمعرفة والتجربة.
وفي هذا الواقع المعقّد، يبرز السؤال التالي: ما الخيارات المتاحة أمام الحكومة لوقف تدهور الريال ومن ثم العمل على استقراره لتخفيف المعاناة عن حياة الناس وتجنب الوصول إلى مجاعة، والجواب على ذلك عند “المجلس الرئاسي” والحكومة وليس الأخيرة فقط، فكلاهما يشكلان السلطة التنفيذية وتحسين الظروف المعيشية واستقرار العملة من واجباتهم الأساسية التي لا تحتمل المناكفات ولا تبادل الاتهامات والمسؤولية.
في الواقع؛ اتبع البنك المركزي بعدن سياسة تعويم العملة، أي تحريرها بحيث يخضع سعر الصرف للعرض والطلب وهذه السياسة أثبتت فشلها لأن البنك والحكومة معا لا يملكون الأدوات المالية للتحكم بالسوق مما يعني أن الاستمرار فيها غير مجدي، ولكن قد يكون هناك تفسير آخر لدى البنك للحفاظ عليها وهو المعني بهذا الجانب.
وعادة ما يتم المقارنة في سعر الصرف بين عدن وصنعاء لوجود فارق كبير، يرجع بشكل أساسي بحسب المختصين إلى ما يُسمّى “السعر الوهمي”، والذي يعني أن سعر الصرف غير حقيقي بدليل أن أسعار المواد الأساسية والسلع مرتفعة وهذا يناقض ادعاء الحوثيين بأن لديهم سياسة مالية ونقدية حافظت على سعر صرف حقيقي، ذلك أن التفسير الوحيد للسعر الثابت هو استخدام القوة في سوق الصرافة ومعاقبة أي مخالف للسعر المحدد حتى لو كان هناك ما يبرره اقتصاديا.
ولأن هذه المسألة تخص المختصين في الاقتصاد أكثر من غيرهم وهم من يفهمون التحليل العلمي الذي يفسّر هذه العملية، يسأل بعض العامة لماذا لا تنتهج الحكومة سياسة السعر المحدد بدلا من التعويم غير مدركين لكافة الأبعاد والإجراءات التي يتطلبها هذا الخيار؛ ومعهم حق في هذا المطلب بغض النظر عن الافتقار للمعرفة الكافية في المسألة من الناحية المالية والنقدية.
وينبغي أن تدرك الحكومة و “المجلس الرئاسي” أن وقف تدهور العملة والحفاظ على استقرارها من أولوياتهم التي لا تقبل أي تأخير وليسوا معنيين بالبحث عن أي مبررات بما في ذلك تكرار الاتهام للحوثيين بالمسؤولية العامة وهم لا يمتلكون سياسة مالية ونقدية واضحة ومرنة وتستجيب للمتغيرات في السوق.
وفي هذا السياق، من المؤسف أن الخلاف بين رئيس الحكومة ورئيس “المجلس الرئاسي”
يتفاقم للعلن ويتم التعبير عنه من خلال المحسوبين على الطرفين، والذين يتبادلون المسؤولية وراء هذا التدهور وكأنه الوحيد مما يهمّ الناس.
يحاول بعض المحسوبين على العليمي اختزال حل وقف تدهور العملة في إقالة رئيس الحكومة بزعم أنه فشل وأن هذه وظيفته لا مسؤولية المجلس أيضا، ومع أن هذا الأمر لا يشغل بال المواطنين كثيرا ولا يفرق معهم الاسم طالما وضعهم لا يتحسّن كما خبروا العديد من الوجوه، فمن المهم التذكير بأن التخلص من الرجل قد يكون حلا للطرف الآخر وليس بالضرورة للمواطنين.
ما يريده المواطنون من الحكومة و المجلس معا هو اتخاذ سياسات عملية توقف عملية تدهور العملة ضمن حزمة خيارات تغير ظروف حياتهم، ومن غير المقبول تجاهل معاناتهم ورسائلهم والاستجابة لها بطريقة مختلفة غير مجدية من قبيل الشكوى من توقف مواردهم من النفط رغم صحة ذلك، أو توجيه الاتهام للحوثيين بالتلاعب بالعملة بأي شكل وفي هذا إهانة لهم أن يكونوا ملعبا لا لاعبين مؤثرين.
مهما كانت التحديات والصعوبات المالية التي يواجهها أهل السلطة، فهم يملكون تدابير يمكن اللجوء إليها لتغيير وضع العملة وهم الذين يعرفون ذلك بحكم وجودهم في مناصبهم، وفي حال أصرّوا على الاستمرار في سياسة التجاهل أو الشكوى دون تحمّل المسؤولية، فسيكون من المشروع سؤالهم: ما جدوى البقاء في السلطة طالما أصبحتم عاجزين أو فاشلين للدرجة التي لا تستطيعون إيجاد حلول لمشكلة العملة.
مأرب الورد25 أكتوبر، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام مؤتمر صنعاء يخشى الحشد العسكري في البحر الأحمر والانقلاب على الهدنة مقالات ذات صلة مؤتمر صنعاء يخشى الحشد العسكري في البحر الأحمر والانقلاب على الهدنة 25 أكتوبر، 2024 مرصد حقوقي يوثق 16 انتهاك للحريات الإعلامية في اليمن خلال سبتمبر الماضي 25 أكتوبر، 2024 النقد الدولي: اليمن قد يستأنف نشر بيانات المالية العامة والديون قريبا 25 أكتوبر، 2024 قطر تستعد لجولة جديدة من المفاوضات بين “حماس” والاحتلال الإسرائيلي 25 أكتوبر، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الرد
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصة خطورة التفكير الثنائي مع أو ضد 18 أكتوبر، 2024 الأخبار الرئيسية الحكومة و “المجلس الرئاسي” معنيان بوقف تدهور العملة 25 أكتوبر، 2024 مؤتمر صنعاء يخشى الحشد العسكري في البحر الأحمر والانقلاب على الهدنة 25 أكتوبر، 2024 مرصد حقوقي يوثق 16 انتهاك للحريات الإعلامية في اليمن خلال سبتمبر الماضي 25 أكتوبر، 2024 النقد الدولي: اليمن قد يستأنف نشر بيانات المالية العامة والديون قريبا 25 أكتوبر، 2024 قطر تستعد لجولة جديدة من المفاوضات بين “حماس” والاحتلال الإسرائيلي 25 أكتوبر، 2024 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك خطورة التفكير الثنائي مع أو ضد 18 أكتوبر، 2024 كنزي عجزي 16 أكتوبر، 2024 أكتوبر الثورة جدوة ما زالت متقدة 13 أكتوبر، 2024 النووي الإيراني.. فصل جديد 12 أكتوبر، 2024 المنصب مغنم لا مغرم 11 أكتوبر، 2024 الطقس صنعاء أمطار خفيفة 21 ℃ 21º - 19º 49% 7.38 كيلومتر/ساعة 21℃ الجمعة 22℃ السبت 24℃ الأحد 23℃ الأثنين 23℃ الثلاثاء تصفح إيضاً الحكومة و “المجلس الرئاسي” معنيان بوقف تدهور العملة 25 أكتوبر، 2024 مؤتمر صنعاء يخشى الحشد العسكري في البحر الأحمر والانقلاب على الهدنة 25 أكتوبر، 2024 الأقسام أخبار محلية 28٬280 غير مصنف 24٬185 الأخبار الرئيسية 14٬887 اخترنا لكم 7٬057 عربي ودولي 6٬943 غزة 6 رياضة 2٬346 كأس العالم 2022 72 اقتصاد 2٬249 كتابات خاصة 2٬082 منوعات 2٬003 مجتمع 1٬838 تراجم وتحليلات 1٬789 ترجمة خاصة 70 تحليل 13 تقارير 1٬609 آراء ومواقف 1٬543 صحافة 1٬485 ميديا 1٬406 حقوق وحريات 1٬323 فكر وثقافة 899 تفاعل 814 فنون 481 الأرصاد 321 بورتريه 64 صورة وخبر 36 كاريكاتير 32 حصري 22 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2024، جميع الحقوق محفوظة | يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 4 يوليو، 2024 دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية 26 فبراير، 2024 معهد أمريكي يقدم “حلا مناسباً” لإنهاء هجمات البحر الأحمر مع فشل الولايات المتحدة في وقف الحوثيين أخر التعليقات Abdaullh Enanنور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
SALEHتم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
محمد عبدالله هزاعيا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...
.نرحو ايصال هذا الخبر...... أمين عام اللجنة الوطنية للطاقة ال...
issamعندما كانت الدول العربية تصارع الإستعمار كان هذا الأخير يمرر...
المصدر: يمن مونيتور
إقرأ أيضاً:
عضو الرئاسي اليمني طارق صالح يطالب الحوثيين تسليم السلاح
يمن مونيتور/ قسم الأخبار
دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني العميد طارق صالح، جماعة الحوثي المسلحة، إلى تسليم السلاح “والتوقف عن البطش والاستبداد”.
وأكد طارق صالح في تدوينة له على منصة التواصل الاجتماعي إكس، أن “إنقاذ اليمن من صراعاته الخارجية والداخلية يتطلب تحكيم مليشيا الحوثي لصوت الشعب وتقديم مصلحة الوطن على المذهب.
كما دعا العضو في الرئاسي اليمني المناهض للحوثيين جميع القوى إلى التكاتف لإنهاء المشاريع المذهبية والعنصرية.
دعوات طارق صالح، تأتي بالتزامن مع تحركات مكثفة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، لحشد الدعم العسكري والسياسي، وسط دعوات شعبية وسياسة للقوات الحكومة بالعمل على استعادة مؤسسات الدولة، من قبضة الحوثيين، وذلك بعد الإطاحة بالرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وقوات المدعومة من إيران.