شمسان بوست / الشرق الأوسط

قال مسؤول في المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة؛ لتجنب انهيار اقتصادي أعمق، بما فيها تقييم العرض النقدي الأمثل، وتوحيد سعر الصرف في جميع أنحاء البلاد.


وكشف المسؤول في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، عن أنه أجرى مناقشات بهذا الشأن في صنعاء الشهر الحالي، مشيراً إلى أن «العملة الموحدة، والقطاع المصرفي الموحد، يجلبان قوة مالية، وتحفيزاً للاقتصاد»، على حد تعبيره.

تأتي تصريحات مكتب المبعوث الأممي في وقت تحاول فيه الحكومة اليمنية (المعترف بها دولياً) السيطرة على التراجع الحاد في العملة الوطنية، وسط أوضاع اقتصادية ومعيشية متدهورة تعيشها البلاد، بعد نحو 10 سنوات من انقلاب جماعة الحوثي وسيطرتهم على العاصمة صنعاء بالقوة.


وشهدت العملة اليمنية، الخميس، انخفاضاً قياسياً في المحافظات المحررة أمام العملات الأجنبية، حيث بلغ سعر شراء الدولار مقابل الريال اليمني 2026 ريالاً، وسعر البيع 2050 ريالاً، فيما سجل سعر شراء الريال السعودي 532 ريالاً، و535 ريالاً للبيع.

ووفق خبراء اقتصاديين يمنيين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن الحكومة بحاجة إلى اتخاذ تدابير عاجلة لاستعادة ثقة المواطنين، والتحالف، والمجتمع الدولي. وأكدوا أن هذا لن يتحقق إلا من خلال تعزيز الحكومة بشخصيات اقتصادية ذات خبرة كبيرة في إدارة الأزمات.


توحيد العملة والقطاع المصرفي


كشف مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، عن أن أكثر من 70 في المائة من اليمنيين يعانون الفقر، مع تأكيده أن النساء هن الأكثر تضرراً. وفي رده على استفسارات من «الشرق الأوسط» عن جهوده مع أطراف الصراع لتوحيد العملة و«البنك المركزي» في صنعاء وعدن، أوضح مكتب غروندبرغ أن «توحيد القطاع المصرفي والعملة خطوة أساسية لضمان دفع رواتب موظفي القطاع العام، وهو أمر حيوي لملايين اليمنيين».

وأشار المسؤول في المبعوث إلى أن مكتبه يعمل منذ بداية الأزمة المصرفية في أبريل (نيسان) الماضي مع «البنك المركزي» في صنعاء وعدن على مناقشة حلول تقنية ومستدامة؛ لتجنب انهيار اقتصادي أعمق، «تشمل تقييم العرض النقدي الأمثل، وضمان استقرار سعر الصرف، وتمويل الإنفاق الحكومي بشكل مستدام».


وأكد المسؤول أن «المشاورات مستمرة بشأن هذه الخيارات وغيرها. ومؤخراً، جرت مناقشات هذا الشهر في صنعاء». وتابع: «نؤكد مجدداً أن العملة الموحدة، والقطاع المصرفي الموحد، يجلبان قوة مالية، وتحفيزاً للاقتصاد، وزيادة في القوة الشرائية لليمنيين. ولتحقيق مصلحة الشعب، يجب إبقاء هذه القضايا بعيداً عن التسييس».


معركة وقف انهيار العملة


مع استمرار انهيار العملة اليمنية، تبدو الحلول المؤقتة غير مجدية، وفق مراقبين، مما يضيّق الخيارات أمام الشرعية لمعالجة هذه الأزمة المعقدة، مما دفع برئيس الوزراء، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، إلى وصف الانخفاض «غير المبرر» في سعر صرف العملة بأنه «معركة لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية لاستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب».

وأضاف بن مبارك في تصريحات حديثة: «التقديرات المالية والنقدية تشير بوضوح إلى أن الانخفاض الحاد في أسعار الصرف غير مبرر، وغير منطقي، ولا يتناسب مع حجم الكتلة النقدية المتداولة، وهذا يؤكد أن ما حدث لم يكن عفوياً، بل يشير إلى وجود مخطط مدروس يستدعي منا التكاتف لمواجهته».


جهود رئاسية


منذ عودته إلى العاصمة المؤقتة عدن في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وجد رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، نفسه في مواجهة تداعيات اقتصادية كبيرة؛ أبرزها انهيار سعر الصرف… هذا الوضع دفع به إلى عقد سلسلة من الاجتماعات الطارئة مع قيادة «البنك المركزي» و«لجنة إدارة الأزمات الاقتصادية والإنسانية».


وكان «البنك المركزي اليمني» في عدن قد أصدر في 30 مايو (أيار) 2024 قراراً يقضي بوقف التعامل مع 6 من أكبر البنوك اليمنية العاملة في مناطق سيطرة الميليشيات؛ هي: «التضامن»، و«اليمن والكويت»، و«اليمن البحرين الشامل»، و«الأمل للتمويل الأصغر»، و«الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي»، و«اليمن الدولي».

إلا إن مجلس القيادة الرئاسي والحكومة تراجعا عن هذا القرار لاحقاً بعد أن أحدث القرار أزمة حادة مع الانقلابيين الحوثيين آنذاك، وبررت الحكومة التراجع بحسابات مرتبطة بمصلحة الشعب اليمني، والظروف الاستثنائية الصعبة التي تمر بها البلاد.


عدم التزام الحوثيين


في تعليقات حديثة، أكد الدكتور محمد باناجة ، نائب محافظ «البنك المركزي اليمني»، أن البنك استجاب بالكامل لجميع البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي؛ بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب نظام الـ«سويفت» من البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن. وأشار إلى أن الطرف الآخر لم يتخذ أي خطوات ملموسة، ولم يصدر حتى بياناً يعبر فيه عن حسن النيات.


وبشأن التقلبات الحادة في سعر الصرف، أوضح باناجة أن هذه التقلبات نتيجة حتمية لتدهور الوضع الاقتصادي في البلاد، «مما يؤثر بشكل مباشر على القطاعين المصرفي والمالي». وأكد أن إدارة «البنك المركزي» تبذل جهوداً مكثفة لتجاوز هذه التحديات عبر استخدام الأدوات المتاحة في السياسة النقدية.


أهمية اتخاذ تدابير عاجلة


يرى الخبير الاقتصادي اليمني، رشيد الآنسي، أن الحكومة بحاجة لاتخاذ سلسلة من التدابير لكسب ثقة المواطنين، والتحالف، والمجتمع الدولي. وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال الآنسي: «لن يتحقق ذلك إلا من خلال تعزيز الحكومة بكفاءات اقتصادية معروفة وذات خبرة في إدارة الاقتصاد اليمني، بالإضافة إلى وضع برنامج إصلاح اقتصادي شامل ومحدد الأطر الزمنية، يهدف إلى تعزيز المالية العامة للدولة، وتقليص النفقات، وزيادة الإيرادات غير النفطية، والضغط من أجل استئناف تصدير النفط».


وفي رده على سؤال عن احتمال اتخاذ الحكومة قرارات حازمة مشابهة لتلك التي تراجعت عنها ضد «البنك المركزي» التابع للحوثيين، استبعد الآنسي ذلك، مشيراً إلى أن الحكومة تفتقر القدرة على فعل ذلك. وأوضح: «(مجلس القيادة) لم يكتفِ بإلغاء القرارات السابقة فحسب، بل فرض أيضاً حظراً على اتخاذ قرارات مشابهة، كما أوضح (المجلس) أن قرار الإلغاء جاء خدمةً للمصلحة العامة ولمصلحة الشعب، فكيف يمكن الآن التراجع عنه؟».


يتابع رشيد الآنسي: «لا خيار أمام (البنك المركزي) أو (مجلس القيادة) سوى اللجوء إلى بدائل أخرى لا تقل تأثيراً عن قرارات نقل البنوك إلى مناطق سيطرة الشرعية (…) كما يتوجب على الحكومة إجراء تقييم سريع لأداء جميع المؤسسات الإيرادية وتعزيز كفاءتها، بالإضافة إلى التعاون مع (البنك المركزي) للعمل على تقليص تهريب العملة الأجنبية إلى مناطق سيطرة الحوثيين».

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: والقطاع المصرفی المبعوث الأممی البنک المرکزی الشرق الأوسط مجلس القیادة سعر الصرف فی صنعاء إلى أن

إقرأ أيضاً:

3.53 مليارات دولار.. انخفاض الأصول الأجنبية في القطاع المصرفي المصري

أظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري، الخميس، تراجع صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي في مصر للشهر الثاني على التوالي في آب/ أغسطس الماضي، حيث سجل انخفاضا بقيمة 3.53 مليارات دولار، بعدما بلغ أعلى مستوى له في ثلاثين شهراً في أيار/ مايو الماضي.

ووفقاً لحسابات رويترز المستندة على سعر الصرف الرسمي للبنك المركزي حينها، تراجع صافي الأصول الأجنبية إلى 473.2 مليار جنيه مصري في آب/ أغسطس الماضي، مقارنةً بـ644.8 مليار جنيه في نهاية تموز/ يوليو الماضي، وهو ما يعادل 9.72 مليارات دولار بنهاية آب/ أغسطس و13.25 مليار دولار بنهاية تموز/ يوليو.

وتستخدم مصر صافي أصولها الأجنبية، والذي يشمل الأصول الأجنبية في البنك المركزي والبنوك التجارية، لدعم عملتها منذ أيلول/ سبتمبر 2021 على الأقل. وقد تحول صافي الأصول الأجنبية إلى سالب في شباط/ فبراير 2022.



 ورغم أن الأصول الأجنبية في البنوك التجارية شهدت انخفاضًا حادًا في آب/ أغسطس الماضي، إلا أنها ارتفعت قليلاً في البنك المركزي، في حين ظلت الاستحقاقات الأجنبية مستقرة نسبيًا في كل من البنوك التجارية والبنك المركزي.

وأعادت مصر استئناف محادثاتها مع صندوق النقد الدولي لتخفيف شروط حزمة الدعم المالي التي تبلغ قيمتها ثماني مليارات دولار، والتي تم توقيعها في آذار/ مارس الماضي، بسبب التحديات الاستثنائية التي تواجهها المنطقة.

وصرح أكبر مسؤول إقليمي في الصندوق أن برنامج صندوق النقد الدولي لمصر يحقق تقدمًا، لكن أي مناقشات حول زيادة حجم البرنامج الإجمالي ما زالت سابقة لأوانها.

ويفرض صندوق النقد على مصر الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن، وهو ما يعتبره "حجر الزاوية في برنامج الإصلاح الاقتصادي". نتيجة لذلك، قام البنك المركزي بخفض قيمة الجنيه بنحو 40% منذ 6 آذار/ مارس الماضي مقابل الدولار وبقية العملات الرئيسية، مما يمثل التخفيض الرابع لقيمة العملة المحلية خلال عامين.

كما تأثرت مصر سلبًا جراء حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة، حيث تراجعت إيراداتها من قناة السويس والسياحة، مما زاد الضغوط على الجنيه المصري.

ورغم عدم تعرض قناة السويس لانقطاعات مباشرة، فإن المخاوف الجيوسياسية في المنطقة دفعت بعض الشركات للبحث عن مسارات شحن بديلة، مما أثر سلبًا على الإيرادات منذ بداية العام الحالي.


وتُعتبر قناة السويس مصدرًا رئيسيًا للعملة الأجنبية لمصر، وأي تراجع في إيراداتها يؤثر سلبًا على الاحتياطي النقدي واستقرار العملة المحلية.

كما تأثر قطاع السياحة في مصر أيضًا جراء التوترات الإقليمية، حيث تجنب السياح زيارة المنطقة خشية من تدهور الوضع الأمني. ومع اعتماد مصر على السياحة كمصدر رئيسي للدخل القومي، فإن تراجع عدد السياح قد ألحق ضررًا بالاقتصاد المصري، مما قلل من تدفق العملة الأجنبية، وزاد من تفاقم أزمة الحساب الجاري للبلاد، مما ضاعف الضغوط على العملة المصرية.

مقالات مشابهة

  • 3.53 مليارات دولار.. انخفاض الأصول الأجنبية في القطاع المصرفي المصري
  • البنك المركزي بصنعاء يوجه بإيقاف التعامل مع منشأة صرافة “الاسم”
  • البنك المركزي يطرح اليوم أذون خزانة بـ60 مليار جنيه
  • محافظ البنك المركزي:احتياطيات العملة الأجنبية تتجاوز 140% من العملة المصدرة
  • أحزاب تعز: ثورة الجياع الخيار الأمثل أمام انهيار العملة وغياب دور الحكومة
  • المجلس الانتقالي ينتقد سياسات البنك المركزي بخصوص ضخ العملة الأجنبية عبر المزادات ويطالب بإلغاء قرارا تعويم العملة
  • البنك المركزي: احتياطياتنا من العملة الأجنبية أكثر من 100 مليار دولار
  • آليات النهوض بالاقتصاد الوطني.. مدبولي يترأس اجتماع الحكومة لبحث عدد من الملفات
  • الانتقالي يهاجم سياسات البنك المركزي ويكشف تلاعب البنوك بصنعاء بسعر العملة ويدعو لهذه الإجراءات العاجلة
  • البنك المركزي يسحب فائض سيولة من القطاع المصرفي بقيمة 1.133 تريليون جنيه