كيف يساهم تنظيم قطاع التجارة في الجزائر برفع مكانتها عالميا؟
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
الجزائر- تعمل الجزائر على تحرير اقتصادها من التبعية لقطاع المحروقات بعدما هيمن لسنوات على عائدات البلاد، بجعله أكثر تنوعا من خلال النهوض بالقطاعات الواعدة ودعم الإنتاج المحلي، إضافة إلى تحقيق الاكتفاء في مجالات عدة وتوجيه منتجاتها نحو التصدير.
وباشرت الجزائر إصلاحات عميقة وهيكلية لتصحيح الاختلالات في المجال الاقتصادي من خلال تحسين بيئة الاستثمار وترشيد الاستيراد بالموازاة مع تطوير الصناعات الوطنية، مع إعادة رسم خريطة التجارة الخارجية للبلاد، بما تقتضيه المنفعة الداخلية والتحديات الجيوسياسية في العالم، وفق رؤية تهدف إلى تحقيق 29 مليار دولار كصادرات غير نفطية بحلول 2030.
وحقق مجال التصدير خارج المحروقات في الجزائر خلال السنوات الأخيرة أرقاما غير مسبوقة تخطت عتبة 7 مليارات دولار متوقعة هذا العام بعدما كانت صادراتها خارج المحروقات لا تتجاوز 3.8 مليارات دولار قبل سنة 2020، بمعدل نمو سنوي يتجاوز 45%.
تنظيم التجارةيعد تنظيم التجارة الخارجية أولوية من بين أولويات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ضمن إستراتيجية تهدف لرفع الصادرات غير نفطية للبلاد بحلول سنة 2030، مع الحرص على ألا تتسبب العملية في فقدان المنتجات بالأسواق المحلية.
وفي هذا السياق، أمر الرئيس الجزائري بإعداد مرسوم رئاسي ينظم التجارة الخارجية، بما فيها عمليات التصدير التي تتطلب دراسات جدوى مالية واقتصادية للسوق المحلية والدولية حتى لا يتحول التصدير إلى نقمة وسببا لندرة السلع واختلال السوق المحلية.
وأمر تبون بمواجهة ندرة السلع مهما كانت أسبابها وباتخاذ اللازم على مستوى وزارة التجارة لمحاربة تكتلات الاستيراد التي قال إنها تحاول ابتزاز الدولة، وسحب تراخيصها وسجلاتها التجارية في حال ثبوت تورطها، بحسب بيان للرئاسة الجزائرية.
وإضافة إلى مراجعة جذرية لتنظيم تسويق المنتوج الوطني إلى المواطن من خلال سن قانون يتم فيه استعمال نظام ضبط الأسعار بمراسيم عندما يتعلق الأمر بأسعار غير معقولة للمنتوجات في موسمها.
استقرار الاقتصادواعتبر المحلل الاقتصادي جلول سلامة أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الجزائرية لتنظيم التجارة قد تعود إلى تسجيلها اختلالا ناتجا عن تصدير بعض المنتجات رغم عدم اكتفاء السوق الوطنية منها، مما دفعها إلى اتخاذ إجراءات جمركية تنظيمية تدخل ضمن صلاحياتها دون إلحاق ضرر بحرية المنافسة والتجارة الخارجية.
وأكد سلامة في حديثه مع الجزيرة نت أن الجزائر تبحث من خلال هذه الإجراءات عن استقرار اقتصادي شامل من خلال الوصول إلى استقرار نقدي، خاصة الاستقرار في أسعار الصرف بين الدينار وبقية العملات الأجنبية المتداولة بين الجزائر وشركائها.
ويرى أن هذه الإجراءات تهدف من خلالها الجزائر إلى ضمان الحد من انعكاسات تذبذب الأسواق العالمية على سوقها المحلي وتأثيرها على الأسعار، وكي لا تؤثر متوسط دخل الفرد الوطني، مع الحفاظ على الميزان التجاري من خلال الموازنة بين قيمة السلع المستوردة والسلع المصدرة.
من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني أن الهدف من تنظيم السوق هو الوصول إلى الاكتفاء الذاتي وضمان تشبع السوق الوطنية بالمنتجات ثم الذهاب نحو تصديرها، لعدم خلق ما تسمى الندرة أو نزع السوق الداخلية والحفاظ على الموارد وتجنب تذبذب الأسواق الوطنية.
شراكات مفتوحةوقال سليماني في حديثه مع الجزيرة نت إن الجزائر تضع إستراتيجية وطنية للتصدير خارج المحروقات تنطلق من تشجيع الاستثمار محليا وزيادة الإنتاج ثم الذهاب للاكتفاء الذاتي.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن الكرة اليوم في ملعب المنتجين والقطاع الخاص في ظل التحفيزات المالية والضريبية والجمركية التي اتخذتها الدولة لتشجيع الإنتاج محليا والوصول إلى التوطين، إلى جانب تعزيز المنظومة القانونية المتعلقة بقانوني الاستثمار والعقار الاقتصادي.
وأكد سليماني أن باب الشراكات أصبح مفتوحا اليوم مع المستثمرين الأجانب، خاصة مع الدول الصديقة مثل تركيا وقطر والصين وإيطاليا.
وأشار إلى ضرورة البحث عن أسواق جديدة عن طريق معارض دائمة ومعارض المنتوجات الجزائرية كالتي تقام في نواكشوط والدوحة، مع تشجيع الدبلوماسية الاقتصادية على جذب شراكات وإبرام اتفاقيات متوسطة وطويلة المدى، ليضمن المنتجون والمصدرون أسواقا خارج الجزائر، مما يعني ضمان صادرات خارج المحروقات.
ويرى سليماني عدم وجود تضارب بين رقم 29 مليار دولار صادرات خارج المحروقات التي تسعى الجزائري إلى بلوغه بحلول سنة 2023 وبين إجراءات تنظيم السوق المحلية.
وأكد إمكانية تحقيقه من خلال قطاعات معينة وصلت إلى التشبع والاكتفاء مثل "قطاع الحديد والصلب والمعادن والمناجم، وكذلك الإسمنت وبعض المنتجات الصناعية والصناعات الغذائية".
من جانبه، قال علي باي ناصري نائب رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين إن بلوغ 29 مليار دولار صادرات جزائرية خارج المحروقات رهان كبير بالنظر إلى قيمة الصادرات الجزائرية التي تعد منخفضة.
وعاد ناصري في حديثه مع الجزيرة نت إلى قائمة القطاعات المصدرة التي تمتلك قدرات إنتاجية تسمح لها بالتصدير دون التأثير على السوق المحلية على غرار الأسمدة التي تمثل 60% من الصادرات خارج المحروقات، إلى جانب الحديد والصلب وقطاع والإسمنت الذي يسجل فائضا في الإنتاج يبلغ 18 مليون طن وقطاع المواد الغذائية.
واعتبر أن قطاع الأجهزة الكهرومنزلية قطاع مهم في الجزائر، لكن قيمة صادراته لا تعكس فعلا حجم قدراته، إضافة إلى القطاع الفلاحي الذي يفتقر إلى رؤية تصدير تتماشى مع إمكانياته.
وأكد ناصري على ضرورة القيام بتقييم شامل لكل القطاعات التي قد تساهم في توفير العملة الصعبة للبلاد من خلال التصدير ووضع إستراتيجيات للدفع بها تتماشى مع الأرقام المرجو بلوغها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التجارة الخارجیة خارج المحروقات ملیار دولار من خلال
إقرأ أيضاً:
الأول من نوعه عالمياً.. مسح متخصص يكشف تأثير الذكاء الاصطناعي على الرعاية الصحية
كشف المسح الأول من نوعه الذي أجرته شركة NVIDIA حول "حالة الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية والعلوم الحياتية" عن الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي التوليدي في تحسين العمليات الطبية، بدءًا من اكتشاف الأدوية ووصولًا إلى رعاية المرضى.
ووفقاً لموقع NVIDIA أظهرت النتائج أن هذه التقنيات تساعد بشكل كبير في خفض التكاليف وتوفير الوقت، ما يتيح لمقدمي الرعاية الصحية التركيز على المهام الأكثر أهمية.
أصبح للذكاء الاصطناعي تأثير واسع النطاق في جميع جوانب القطاع الصحي، حيث يُستخدم في أتمتة المهام المتكررة والمستهلكة للوقت، مثل تلخيص وإنشاء المستندات، واستخراج البيانات من التقارير الطبية، وتحليلها.
كما بات يلعب دورًا محوريًا في اكتشاف الأدوية عبر تحديد بنى بروتينية جديدة، إلى جانب توفير الدعم للمرضى من خلال روبوتات الدردشة والمساعدين الافتراضيين، ما يخفف من الأعباء الإدارية والسريرية على الطواقم الطبية.
وشمل المسح أكثر من 600 محترف ومتخصص من مختلف أنحاء العالم يعملون في مجالات الرعاية الصحية الرقمية، والأدوات والتقنيات الطبية، والصناعات الدوائية والتقنيات الحيوية، وشركات التأمين الصحي والممارسين الطبيين.
وأظهرت النتائج أن نحو ثلثي المشاركين أكدوا أن مؤسساتهم تستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل نشط. كما انعكس هذا الاعتماد المتزايد بشكل إيجابي على الأداء المالي، حيث أفاد 81% من المشاركين بأن الذكاء الاصطناعي ساهم في زيادة الإيرادات، فيما أشار 45% إلى أنهم لمسوا هذه الفوائد في غضون عام واحد من تطبيق التقنية.
وأوضحت نتائج المسح أن الغالبية العظمى من المشاركين يرون في الذكاء الاصطناعي مستقبلًا واعدًا للقطاع الصحي، حيث توقع 83% منهم أن تُحدث هذه التقنية ثورة في مجال الرعاية الصحية والعلوم الحياتية خلال السنوات الثلاث إلى الخمس القادمة.
كما أفاد 73% بأن الذكاء الاصطناعي يساعد في خفض التكاليف التشغيلية، بينما تصدر تحليل البيانات قائمة استخداماته بنسبة 58%، يليه الذكاء الاصطناعي التوليدي بنسبة 54%، ثم النماذج اللغوية الكبيرة بنسبة 53%. وفيما يخص قطاع الصناعات الدوائية والتقنيات الحيوية، اعتبر 59% من المشاركين أن استخدام الذكاء الاصطناعي في اكتشاف الأدوية وتطويرها من أهم تطبيقاته.
إلى جانب الفوائد التشغيلية، كشف المسح عن التأثير الاقتصادي المباشر للذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي. فقد أشار 41% من المشاركين إلى أن تسريع عمليات البحث والتطوير كان من أبرز فوائده، بينما أكد 36% أن الذكاء الاصطناعي منح مؤسساتهم ميزة تنافسية.
كما أكد 35% أنه ساهم في تقليص دورات المشاريع، وتحقيق رؤى بحثية وسريرية أكثر دقة، وتحسين مستوى الدقة في العمليات الطبية. هذه النتائج الإيجابية دفعت 78% من المشاركين إلى الإعلان عن نيتهم زيادة ميزانياتهم المخصصة للذكاء الاصطناعي خلال العام الحالي، بينما أشار أكثر من ثلثهم إلى أن استثماراتهم في هذا المجال ستنمو بنسبة تفوق 10%.
أخبار ذات صلة
اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات مراقبة القلب بدقة مذهلة
أما على مستوى القطاعات الفرعية في المجال الصحي، فقد أظهرت النتائج تباينًا في أولويات تطبيق الذكاء الاصطناعي. ففي قطاع التأمين الصحي والمستشفيات والخدمات السريرية، كانت المهام الإدارية وتحسين تدفقات العمل هي الاستخدام الأبرز. في حين أن قطاع الأدوات والتقنيات الطبية ركّز على التصوير الطبي والتشخيص باستخدام الذكاء الاصطناعي، مثل تحليل صور الرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية.
أما قطاع الرعاية الصحية الرقمية، فقد ركّز على دعم اتخاذ القرار السريري، بينما كان اكتشاف الأدوية وتطويرها في صدارة الاستخدامات في قطاع الصناعات الدوائية والتقنيات الحيوية.
وبالنظر إلى المستقبل، يرى الخبراء أن التطبيقات التي ستُحدث أكبر تأثير خلال السنوات الخمس المقبلة تشمل التصوير الطبي والتشخيص المتقدم، والمساعدين الصحيين الافتراضيين، والطب الدقيق، الذي يعتمد على تصميم العلاجات وفق الخصائص الفردية لكل مريض. وتشير هذه التوجهات إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على تحسين العمليات الإدارية فقط، بل يمتد ليصبح جزءًا أساسيًا من الممارسات الطبية الحديثة.
في هذا السياق، يتزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل ملحوظ، حيث كشف المسح أن 54% من المشاركين يستخدمونه في أعمالهم، منهم 63% يستخدمونه بشكل نشط، بينما 36% يختبرونه من خلال تجارب تجريبية. وكان قطاع الرعاية الصحية الرقمية هو الأكثر استخدامًا للذكاء الاصطناعي التوليدي، يليه قطاع الصناعات الدوائية والتقنيات الحيوية، ثم قطاع الأدوات الطبية، وأخيرًا قطاع التأمين الصحي والممارسين.
اقرأ أيضاً.. مايكروسوفت تُعيد تشكيل الرعاية الصحية بالذكاء الاصطناعي
أما أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، فقد شملت ترميز وتلخيص المستندات الطبية، وخاصة الملاحظات السريرية، حيث أشار 55% من المشاركين إلى أنه الاستخدام الأهم. كما جاءت روبوتات الدردشة الطبية والمساعدين الذكيين في المرتبة الثانية بنسبة 53%، تليها تحليل الأدبيات الطبية بنسبة 45%. أما في قطاع الصناعات الدوائية والتقنيات الحيوية، فكان الاستخدام الأبرز للذكاء الاصطناعي التوليدي في اكتشاف الأدوية، حيث أشار 62% من المشاركين إلى أنه يشكل أولوية لديهم.
تعكس هذه النتائج الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في إحداث تغيير جذري في قطاعي الرعاية الصحية والعلوم الحياتية، حيث يُتوقع أن يواصل هذا التطور إحداث تحولات جوهرية في كيفية تقديم الرعاية الصحية وتحسين نتائج المرضى في السنوات المقبلة.
إسلام العبادي(أبوظبي)