الجزائر- تعمل الجزائر على تحرير اقتصادها من التبعية لقطاع المحروقات بعدما هيمن لسنوات على عائدات البلاد، بجعله أكثر تنوعا من خلال النهوض بالقطاعات الواعدة ودعم الإنتاج المحلي، إضافة إلى تحقيق الاكتفاء في مجالات عدة وتوجيه منتجاتها نحو التصدير.

وباشرت الجزائر إصلاحات عميقة وهيكلية لتصحيح الاختلالات في المجال الاقتصادي من خلال تحسين بيئة الاستثمار وترشيد الاستيراد بالموازاة مع تطوير الصناعات الوطنية، مع إعادة رسم خريطة التجارة الخارجية للبلاد، بما تقتضيه المنفعة الداخلية والتحديات الجيوسياسية في العالم، وفق رؤية تهدف إلى تحقيق 29 مليار دولار كصادرات غير نفطية بحلول 2030.

وحقق مجال التصدير خارج المحروقات في الجزائر خلال السنوات الأخيرة أرقاما غير مسبوقة تخطت عتبة 7 مليارات دولار متوقعة هذا العام بعدما كانت صادراتها خارج المحروقات لا تتجاوز 3.8 مليارات دولار قبل سنة 2020، بمعدل نمو سنوي يتجاوز 45%.

تنظيم التجارة

يعد تنظيم التجارة الخارجية أولوية من بين أولويات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ضمن إستراتيجية تهدف لرفع الصادرات غير نفطية للبلاد بحلول سنة 2030، مع الحرص على ألا تتسبب العملية في فقدان المنتجات بالأسواق المحلية.

قطاع الصناعات الغذائية ضمن أهم القطاعات في لائحة التصدير (الجزيرة)

وفي هذا السياق، أمر الرئيس الجزائري بإعداد مرسوم رئاسي ينظم التجارة الخارجية، بما فيها عمليات التصدير التي تتطلب دراسات جدوى مالية واقتصادية للسوق المحلية والدولية حتى لا يتحول التصدير إلى نقمة وسببا لندرة السلع واختلال السوق المحلية.

وأمر تبون بمواجهة ندرة السلع مهما كانت أسبابها وباتخاذ اللازم على مستوى وزارة التجارة لمحاربة تكتلات الاستيراد التي قال إنها تحاول ابتزاز الدولة، وسحب تراخيصها وسجلاتها التجارية في حال ثبوت تورطها، بحسب بيان للرئاسة الجزائرية.

وإضافة إلى مراجعة جذرية لتنظيم تسويق المنتوج الوطني إلى المواطن من خلال سن قانون يتم فيه استعمال نظام ضبط الأسعار بمراسيم عندما يتعلق الأمر بأسعار غير معقولة للمنتوجات في موسمها.

استقرار الاقتصاد

واعتبر المحلل الاقتصادي جلول سلامة أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الجزائرية لتنظيم التجارة قد تعود إلى تسجيلها اختلالا ناتجا عن تصدير بعض المنتجات رغم عدم اكتفاء السوق الوطنية منها، مما دفعها إلى اتخاذ إجراءات جمركية تنظيمية تدخل ضمن صلاحياتها دون إلحاق ضرر بحرية المنافسة والتجارة الخارجية.

وأكد سلامة في حديثه مع الجزيرة نت أن الجزائر تبحث من خلال هذه الإجراءات عن استقرار اقتصادي شامل من خلال الوصول إلى استقرار نقدي، خاصة الاستقرار في أسعار الصرف بين الدينار وبقية العملات الأجنبية المتداولة بين الجزائر وشركائها.

ويرى أن هذه الإجراءات تهدف من خلالها الجزائر إلى ضمان الحد من انعكاسات تذبذب الأسواق العالمية على سوقها المحلي وتأثيرها على الأسعار، وكي لا تؤثر متوسط دخل الفرد الوطني، مع الحفاظ على الميزان التجاري من خلال الموازنة بين قيمة السلع المستوردة والسلع المصدرة.

من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني أن الهدف من تنظيم السوق هو الوصول إلى الاكتفاء الذاتي وضمان تشبع السوق الوطنية بالمنتجات ثم الذهاب نحو تصديرها، لعدم خلق ما تسمى الندرة أو نزع السوق الداخلية والحفاظ على الموارد وتجنب تذبذب الأسواق الوطنية.

شراكات مفتوحة

وقال سليماني في حديثه مع الجزيرة نت إن الجزائر تضع إستراتيجية وطنية للتصدير خارج المحروقات تنطلق من تشجيع الاستثمار محليا وزيادة الإنتاج ثم الذهاب للاكتفاء الذاتي.

واعتبر الخبير الاقتصادي أن الكرة اليوم في ملعب المنتجين والقطاع الخاص في ظل التحفيزات المالية والضريبية والجمركية التي اتخذتها الدولة لتشجيع الإنتاج محليا والوصول إلى التوطين، إلى جانب تعزيز المنظومة القانونية المتعلقة بقانوني الاستثمار والعقار الاقتصادي.

وأكد سليماني أن باب الشراكات أصبح مفتوحا اليوم مع المستثمرين الأجانب، خاصة مع الدول الصديقة مثل تركيا وقطر والصين وإيطاليا.

وأشار إلى ضرورة البحث عن أسواق جديدة عن طريق معارض دائمة ومعارض المنتوجات الجزائرية كالتي تقام في نواكشوط والدوحة، مع تشجيع الدبلوماسية الاقتصادية على جذب شراكات وإبرام اتفاقيات متوسطة وطويلة المدى، ليضمن المنتجون والمصدرون أسواقا خارج الجزائر، مما يعني ضمان صادرات خارج المحروقات.

الجزائر تهدف إلى تحقيق 29 مليار دولار كصادرات غير نفطية بحلول 2030 (وزارة التجارة) قطاعات الاكتفاء الذاتي

ويرى سليماني عدم وجود تضارب بين رقم 29 مليار دولار صادرات خارج المحروقات التي تسعى الجزائري إلى بلوغه بحلول سنة 2023 وبين إجراءات تنظيم السوق المحلية.

وأكد إمكانية تحقيقه من خلال قطاعات معينة وصلت إلى التشبع والاكتفاء مثل "قطاع الحديد والصلب والمعادن والمناجم، وكذلك الإسمنت وبعض المنتجات الصناعية والصناعات الغذائية".

من جانبه، قال علي باي ناصري نائب رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين إن بلوغ 29 مليار دولار صادرات جزائرية خارج المحروقات رهان كبير بالنظر إلى قيمة الصادرات الجزائرية التي تعد منخفضة.

وعاد ناصري في حديثه مع الجزيرة نت إلى قائمة القطاعات المصدرة التي تمتلك قدرات إنتاجية تسمح لها بالتصدير دون التأثير على السوق المحلية على غرار الأسمدة التي تمثل 60% من الصادرات خارج المحروقات، إلى جانب الحديد والصلب وقطاع والإسمنت الذي يسجل فائضا في الإنتاج يبلغ 18 مليون طن وقطاع المواد الغذائية.

واعتبر أن قطاع الأجهزة الكهرومنزلية قطاع مهم في الجزائر، لكن قيمة صادراته لا تعكس فعلا حجم قدراته، إضافة إلى القطاع الفلاحي الذي يفتقر إلى رؤية تصدير تتماشى مع إمكانياته.

وأكد ناصري على ضرورة القيام بتقييم شامل لكل القطاعات التي قد تساهم في توفير العملة الصعبة للبلاد من خلال التصدير ووضع إستراتيجيات للدفع بها تتماشى مع الأرقام المرجو بلوغها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات التجارة الخارجیة خارج المحروقات ملیار دولار من خلال

إقرأ أيضاً:

سيرا على الأقدام.. محافظ قنا يجري جولة ميدانية لمتابعة تنفيذ قرارات تنظيم الأسواق ومد ساعات العمل بالمحال التجارية

أجرى الدكتور خالد عبد الحليم، محافظ قنا، مساء اليوم، جولة ميدانية موسّعة سيرًا على الأقدام بعدد من المناطق الحيوية داخل مدينة قنا، شملت ميدان الساعة، وشارع الجمهورية، وميدان المحطة، وذلك لمتابعة الأوضاع الميدانية عن قرب، والتعرف على آراء المواطنين وأصحاب المحال التجارية عقب بدء تطبيق قرار مد ساعات العمل حتى الثانية عشرة منتصف الليل.

رافق المحافظ خلال جولته كل من الدكتور حازم عمر، نائب المحافظ، واللواء حسام حمودة، السكرتير العام للمحافظة، و محمد حلمي، رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة قنا.

وخلال الجولة، التقى المحافظ عددًا من المواطنين وأصحاب المحال التجارية الذين أعربوا عن سعادتهم البالغة بالقرار، مؤكدين أن مد مواعيد الإغلاق يسهم في تنشيط الحركة التجارية وزيادة معدلات البيع، خاصة في المناطق الحيوية والأسواق المفتوحة، كما عبروا عن امتنانهم لتواصل المحافظ المباشر معهم وحرصه على الاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم على أرض الواقع.

وفي ذات السياق، وجه المحافظ رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة قنا، بسرعة رفع كفاءة الأرصفة بالشوارع التي شملتها الجولة، وزيادة إنارة أعمدة الكهرباء، لضمان السلامة العامة خصوصا خلال ساعات الليل.

كما استمع إلى عدد من شكاوى المواطنين المتعلقة بالخدمات اليومية، وكلف مسؤولي الوحدة المحلية بالتعامل الفوري معها، في إطار توجه الدولة لتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

وفي إطار جهود المحافظة لتنظيم الأسواق وتوفير بيئة تجارية آمنة ومنضبطة، تفقد محافظ قنا، السوق الحضاري الجديد بمحيط مجمع المواقف، للوقوف على آخر تطورات عملية نقل الباعة الجائلين إلى داخل السوق، والتأكد من رفع جميع الإشغالات التي كانت تعيق حركة المرور وتشوه المظهر الحضاري للمنطقة.

وكان المحافظ قد أصدر تعليماته في وقت سابق برفع كافة الإشغالات بمحيط السوق الحضاري بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية المختصة، عقب الانتهاء من أعمال التجهيز، مع التأكيد على دعم الباعة الجائلين من خلال تخصيص وحدات تجارية لهم داخل السوق، وإعفائهم من القيمة الإيجارية لمدة ثلاثة أشهر، فضلًا عن التعاقد معهم بأسعار رمزية بنظام الاتفاق المباشر، مراعاة للبعد الاجتماعي والإنساني لهم ولأسرهم.

وقد بدأت اليوم بالفعل أعمال تسكين الباعة الجائلين داخل السوق الحضاري، حيث تم رفع الإشغالات بالكامل، وتسكين الباعة المتعاقدين على الوحدات. وفي هذا الإطار، ناشد المحافظ الباعة الذين لم يتقدموا بعد للتعاقد، بسرعة التوجه إلى الوحدة المحلية لاستكمال الإجراءات، والاستفادة من المزايا التي توفرها المحافظة لهم.

وأكد محافظ قنا، على أهمية المتابعة اليومية داخل السوق الحضاري ومحيطه، من قِبل مسؤولي الوحدة المحلية، لضمان الحفاظ على الانضباط، وتحقيق السيولة المرورية، وصون المظهر الحضاري للمنطقة، بما يخدم المواطنين والتجار على حد سواء.

وفي ختام جولته، توجه المحافظ بالشكر والتقدير للأجهزة الأمنية على جهودها الكبيرة، وتعاونها المثمر مع الوحدة المحلية في تنفيذ خطة رفع الإشغالات وتسكين الباعة الجائلين، مؤكدًا أن هذا الإنجاز يُعد نموذجًا ناجحًا لتكامل الجهود بين الأجهزة التنفيذية والأمنية لخدمة المواطن وتحقيق الصالح العام.

مقالات مشابهة

  • سفير باكستان: 10.9 مليار دولار حجم التجارة مع الإمارات في 2023-2024
  • ضبط متهم بغسل أموال بقيمة 120 مليون جنيه حصيلة الاتجار في العملات خارج السوق المصرفي
  • نائبة: زيادة المحروقات مخالفة للقانون ومستهترة بالأبعاد الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها المواطن
  • بيان عاجل بشأن قرار الحكومة برفع أسعار المحروقات
  • تفاصيل التحقيقات مع متهمين بالإتجار غير المشروع فى العملة
  • «إكسبو الشارقة» يستعرض أجندة معارضه في منتدى الأعمال العالمي بفرنسا
  • قضايا قيمتها 10 ملايين جنيه في 24 ساعة.. ضربات مستمرة ضد تجار العملات الأجنبية
  • الخطة جاهزة لمواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية… إليكم خارطة الطريق التي ستحقق لتركيا أكبر المكاسب!
  • سيرا على الأقدام.. محافظ قنا يجري جولة ميدانية لمتابعة تنفيذ قرارات تنظيم الأسواق ومد ساعات العمل بالمحال التجارية
  • العراق ثالث أعلى الدول التي نفذت فيها مشاريع من قبل مقاولين أتراك