بالرغم من أن القيمة الإنتاجية السنوية للحوم الحمراء في الجزائر تقدر بنحو 3.6 مليار دولار سنويا (إحصائيات 2021)، أي ما يمثل 7 بالمئة من قيمة الإنتاج الفلاحي، فإن ذلك لم يلب احتياجات السوق الداخلية، حيث ما زالت الحكومة تستورد جزءا كبيرا منها لكبح جماح الأسعار.

والأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الفلاحة ووزارة التجارة في بيان مشترك، عن مواصلة استيراد اللحوم الحمراء والبيضاء خلال سنة 2025، مع الإبقاء على نفس الامتيازات الجمركية والضريبية الخاصة بالعمل، وذلك بغرض "تموين السوق وحماية القدرة الشرائية للمواطن".

الثروة الحيوانية في الجزائر

وكانت إحصائيات قد أظهرت أن عدد المواشي في الجزائر بلغ نحو 29 مليون رأس، إلا أن الرئيس عبد المجيد تبون، أعلن في فبراير 2023 أن الرقم "غير دقيق"، مشيرا خلال الجلسات الوطنية حول الفلاحة، إلى أن العدد الحقيقي "لا يتجاوز 19 مليون رأس"، وذلك عقب رقمنة إحصاءاتها.

سوق للماشية غرب الجزائر

وعليه لا يزال ملف اللحوم الحمراء في الجزائر يطرح تساؤلات بشأن الأسباب الكامنة وراء عدم قدرة الحكومة على ضبط أسعار اللحوم المحلية والتحكم فيها، رغم عمليات الاستيراد التي لم تتوقف، وتسقيف أسعار اللحوم المستوردة وتشديد الرقابة عليها بغية الدفع بأثمان الإنتاج المحلي للانخفاض إلا أن الاستقرار لم يحدث.

سوق للمواشي في الجزائر

فمن يتحكم في أسعار اللحوم الحمراء بالجزائر؟ ولماذا لم تتراجع بعد عمليات الاستيراد؟ وهي الحلول لضبط سوق اللحوم التي تذر أموالا طائلة؟

اللحوم الحمراء في الجزائر بالأرقام

ارتفع إنتاج اللحوم الحمراء في الجزائر سنة 2022 إلى 5.7 مليون قنطار، بعد أن سجل سنة 2021 إنتاجا يقدر بنحو 3.4 مليون قنطار، وأشار بيان السياسة العامة للحكومة العام الماضي إلى أنها تسعى لإنتاج 6.5 مليون قنطار في سنة 2025.

وتسجل الجزائر عجزا سنويا في انتاج اللحوم الحمراء يقدر بنحو 2 مليون قنطار، حيث تتجاوز الاحتياجات 6 مليون قنطار سنويا، بينما لا يتعدى الإنتاج المحلي 4 مليون ùقنطار، وفق تقرير لصحيفة الشعب الحكومية نشرته هذا الشهر حول قانون المالية للسنة القادمة.

Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.

وتشهد أسعار اللحوم الحمراء خلال الفترة الحالية ارتفاعا غير مسبوق، وقد وصل سعر الكلغ الواحد من لحم الضأن 3400 دينار (25 دولار)، بينما قارب سعر لحم البقر 2000 دينار للكلغ الواحد (15 دولار)، ولم تتوصل الحكومة إلى إحداث استقرار لأسعارها عند حدود 800 دينار 
(6 دولارات)، وهو السعر لذي كان متداولا سنة 2019، مثلما وعد به وزير التجارة السابق كمال رزيق المواطنين في فبراير 2020.

الأسعار والجفاف

لا تختلف أثمان المواشي هذه الأيام عما كانت عليه خلال عيد الأضحى الأخير، وفي سوق الماشية بجنوب تلمسان (غرب الجزائر) تتراوح أسعار الكباش ما بين 60 ألف دينار (450 دولار)، و120 ألف دينار (900 دولار).

يتجول مولاي أحمد (سمسار) في أسواق المنطقة لإعادة شراء الكباش من المربيين (أصحاب الماشية)، وقد جلب هذه المرة قطيعا منها، لكن سعر أكبرهم تجاوز كل الأثمان المتداولة في هذا السوق، فقد قال إنه "لا يقل عن 150 ألف دينار (1100 دولار)، بينما عرض عليه بعض المتسوقين مبلغ 120 ألف دينار"، وهو ما أثار حفيظته، رافضا عرضهم.

Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.

ورغم وجود وسطاء كثر في أسواق المواشي فإن مولاي أحمد ينفي وهو يتحدث 
لـ"أصوات مغاربية" أن تكون سلسلة إعادة البيع التي يقوم بها سماسرة، سببا في ارتفاع الأثمان، مضيفا أن المواشي "عرفت خلال الفترة الأخيرة نقصا كبيرا في أعدادها"، مرجعا ذلك إلى "موجة الجفاف التي تجتاح البلاد منذ سنوات".

وهو ما يتطابق مع ما قاله عبد القادر (مربي مواشي، 69 سنة) لـ"أصوات مغاربية"، الذي ذكر أن الجفاف "دفع بالمربيين إلى بيع الخروفة التي يمنع القانون تسويقها (حفاظا على التكاثر)، لكثرة الطلب عليها، وذلك لتغطية نفقات الأعلاف التي ارتفع سعرها من 2500 دينار للقنطار إلى 8000 دينار"، وهذا أثر برأيه على أعدادها لأنها مصدر التكاثر.

الوسطاء (السماسرة)

وفي أسواق الماشية "تظهر بصمات الوسطاء جلية، من خلال احتكار أعداد كبيرة من المواشي لبيعها بدلا من أصحابها"، وهو ما يعترف به إدريس البالغ من العمر 45 سنة الذي يبحث في السوق الأسبوعي جنوب تلمسان، عن صفقة من هذا النوع تضمن له هامشا معتبرا من الربح.

ولا يملك إدريس قطيع مواشي لكنه مهتم بشراء كباش وخرفان من مربيها، وإعادة بيعها في نفس السوق، لكنه يرفض القول أن الوساطة بين مربي الماشية والمشتري تتسبب في ارتفاع الأسعار، مشيرا لـ"أصوات مغاربية" أن هذه عمليات بسيطة لا ترقى لأن تؤثر في أسعار الماشية بالجزائر.

إلا أن رئيس الجمعية الوطنية "أمان" لحماية المستهلك لمنور حسان، يحمل السماسرة والوسطاء مسؤولية "الارتفاع غير المبرر ولا المقبول لأثمان المواشي وبالتالي اللحوم الحمراء".

ويرى حسان أن استهلاك اللحوم الحمراء في الجزائر "لم يصل لدرجة التأثير في أسعارها"، مضيفا أن المعدل السنوي للفرد الواحد من الاستهلاك لا يتجاوز 14 كلغ، مع احتساب أن هذه الكمية "تتضمن المطاعم الجماعية في الجامعات والمستشفيات والمدارس".

ويخلص المتحدث إلى التأكيد على أن السوق الوطنية للمواشي واللحوم "بيد سماسرة يتحكمون في أثمانها في الأسواق وفي المذابح وفي توزيعها وتسويقها".

جنون "أسعار البقر"

ولم تستثن موجة الغلاء أسعار البقر في الأسواق الجزائرية، ويذكر عبد الحميد، وهو تاجر أبقار، أن "معدل ثمنها قفز من 150 ألف دينار (1100 دولار) للرأس الواحدة إلى 500 ألف دينار
(3700 دولار) بوزن 3 قناطير".

ويؤكد عبد الحميد أن المضاربة في أسواق البقر ضاعفت من ثمنه، رغم تراجع الأعلاف مقارنة عما كانت عليه خلال السنتين الماضيتين.

كما انتقد المتحدث اللجوء إلى ذبح البقرة عوضا عن الثور، معتبرا أن ذلك ساهم في الإخلال بتكاثر الأبقار، وقلص من الثروة الحيوانية، وزاد من دور السماسرة في المضاربة"، وحسب عبد الحميد فإن "استقرار سعر لحوم الأبقار المحلية سيؤدي إلى استقرار سعر لحوم الضأن والكباش".

لكنه في المقابل يستبعد أن يحدث ذلك في "المنظور القريب بسبب استمرار المضاربة في أسواق البقر، وإعادة البيع المتكررة التي تزيد من ارتفاع الأثمان"، واصفا ما يحدث في الأسواق بـ "جنون البقر".

ما الحل؟

يطرح المهنيون حلولا عدة من أجل استقرار أسعار اللحوم الحمراء والمواشي بصفة عامة، وفي هذا الصدد يقترح عضو المكتب الوطني للجمعية الجزائرية لمربي المواشي، حاكم ميلودي، قيام الحكومة بتمويل دعم مستمر لأسعار الأعلاف على مدار السنة للمربين بواسطة عقد رسمي بين الطرفين".

عبد الحميد تاجر مواشي في الجزائر

ويوضح حاكم ميلودي لـ"أصوات مغاربية" أن العملية تتم مقابل التزام المربين ببيع اللحوم الحمراء للشركة العمومية التابعة لوزارة الفلاحة"، مشددا على أن هذا الحل "يؤدي لا محالة إلى تراجع الأسعار والتحكم وضبط السوق".

حاكم ميلودي عضو المكتب الوطني للجمعية الجزائرية لمربي المواشي

وتتولى الشركة الجزائرية للحوم الحمراء التي تأسست سنة 2006، تسويق هذه المادة بأسعار مدعمة من الخزينة العمومية، كما تتولي شراء اللحوم من الموالين ضمن عقود مسبقة بين الطرفين.

المصدر: أصوات مغاربية

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: أسعار اللحوم ملیون قنطار عبد الحمید ألف دینار فی أسواق

إقرأ أيضاً:

دولة عربية تعتزم استثمار 500 مليار دولار بقطاع السياحة

الاقتصاد نيوز — متابعة

أكد وزير السياحة في السعودية أحمد الخطيب، أن المملكة ستصل إلى المرتبة السابعة عالميا في أعداد السياح الوافدين إليها بحلول العام 2030، مشيرا إلى أن السعودية تخطط لضخ استثمارات تتجاوز 500 مليار دولار في القطاع السياحي خلال السنوات الـ15 المقبلة..

وأشار الخطيب على هامش "منتدى المحتوى المحلي" في الرياض إلى أن الوزارة تنسق مع جميع الوزارات في المملكة للتأكد أن البنى التحتية جاهزة في جميع المناطق.

وأكد الخطيب أن مجلس التنمية السياحي يضم مختلف الوزارات القادرة على توطين قطاع السياحة، مضيفا: "عززنا مطالبنا من القائمين على المشاريع بزيادة المحتوى المحلي"

وتابع: عام 2023 شهد وجود فائض بالميزان التجاري للقطاع السياحي بالسعودية للمرة الأولى.

وانطلقت اليوم في الرياض النسخة الثانية من منتدى المحتوى المحلي تحت شعار "شراكات لتنمية مستدامة"، بمشاركة العديد من الجهات الحكومية والقطاع الخاص.

مقالات مشابهة

  • هذه أسعار الذهب في الجزائر اليوم
  • تسجيل إنخفاض تدريجي في أسعار اللحوم الحمراء بعد وصول الشحنات المستوردة
  • سجن متهميْن سرقا 11 مليون دينار خلال نقلها لمصرفين في جادو في 2019
  • محكمة جنايات طرابلس تقضي بسجن فردين من تشكيل عصابي سرقا 11 مليون دينار
  • السعودية تعتزم ضخ 500 مليار دولار بقطاع السياحة خلال 15 سنة
  • دولة عربية تعتزم استثمار 500 مليار دولار بقطاع السياحة
  • شركة الاستثمارات الوطنية تنفذ بنجاح عملية تخارج جزئي بقيمة 13.3 مليون دينار كويتي من أسهم شركة بورصة الكويت لصالح مستثمرين عالميين
  • اغلاق مطعم في أربيل يبيع وجبة طعام بـ130 مليون دينار
  • أسعار الصرف تُسجل 151500 دينار لكل 100 دولار
  • أسامة زرعي: موجة تراجع الأسعار صحية والتضخم الورقة الرابحة