التعليم وتأخر سن الزواج لا يضمنان الوظيفة للمرأة العربية.. ما الحل؟
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
تخلفت المنطقة العربية عن دعم سوق العمل للنساء، ومواكبة النمو العالمي النسبي منذ عام 2005، وفق تقرير منظمة العمل الدولية المحدث لشهر سبتمبر/أيلول 2024.
بلغت الفجوات بين الجنسين في معدلات البطالة والتهميش والتدريب أعلى مستوياتها في الدول العربية بنسبة 25% للعام الجاري، تليها منطقة آسيا والمحيط الهادي، كذلك لم تتجاوز نسبة دخل العمل للنساء مقارنة بالرجال في الدول العربية 12.
نالت منان جمال درجة الماجستير في السياسة والمجتمع في الشرق الأوسط، من قسم العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة، عن دراستها بعنوان "تأنيث قوة العمل المتدهورة في مصر: 1990-2024". أشارت "جمال" إلى ارتفاع كبير في مستوى التحصيل العلمي بين الإناث في العقود الثلاثة، مع ذلك، تراجعت مشاركة الإناث في القوة العاملة، بينما ارتفعت في سوق العمل غير الرسمية، براتب زهيد وظروف عمل مضطربة، ومهن لا تستغل مهاراتهن.
فسرت منان، في أطروحتها، تلك المفارقة بعدم مراعاة النوع الاجتماعي في المؤسسات التعليمية في مصر وسياسات التعليم العالي والتقني والمهني غير الشاملة للجنسين، مما أدى إلى حالة من عدم التوافق بين التعليم والمهنة، فضلًا عن التفاوت بين الجنسين في التدريب المهني، لذلك فشلت زيادة تعليم الإناث في تحقيق تكامل هادف في سوق العمل.
انتشرت البطالة والعمالة المؤقتة بين النساء العربيات، فقدرت منظمة العمل الدولية أن شابة عربية واحدة عملت في عام 2023، من كل 10 شابات، وهناك 4 وظائف غير رسمية، أي مؤقتة وغير محمية اجتماعيا وقانونيا، من بين كل 5 وظائف تشغلها النساء العربيات، مقابل وظيفتين من كل 3 وظائف للرجال.
وبلغت نسبة مشاركة القوى العاملة النسائية في الجزائر 19.4%، ومصر 18.6%، وليبيا 35.8%، والمغرب 25.7%، والسودان 30.1%، وتونس 28.3%، في تقرير البنك الدولي لعام 2023، لتسجل دول شمال أفريقيا أدنى مستوى عالمي. وفي حين يتفوق سوق العمل النسائي في دول مجلس التعاون الخليجي على شمال أفريقيا، لنموها الاقتصادي، واستقرار القطاع العام، لكنهما يتفقان على تفاوت نسب تعليم الفتيات مع تمثيلهن في سوق العمل، لتدني فرص العمل المتاحة، والتمييز، ونقص الدافع، وتحتاج العمالة بين الشابات الخليجيات زيادة 6 أضعاف، و5 أضعاف في شمال أفريقيا للوصول إلى حالة المساواة الإقليمية والجنسانية.
أسباب وحلول مجتمعيةشهدت سوق العمل في مصر والأردن وتونس والمغرب والسودان أشد أزماته خلال جائحة "كوفيد-19″، وسرعان ما شهدت مصر والأردن استقرارا نسبيا في سوق العمل في عام 2022، لكن أضرت تحديات قائمة مسبقا بسوق العمل النسائي -المصري تحديدا- خلال تلك الفترة. وضع راجي أسعد، أستاذ التخطيط والشؤون العامة بجامعة مينيسوتا، المتخصص في تحليل سوق العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ضعف شبكة الأمان الاجتماعي على رأسها. وأشار أسعد في أوراق بحثية لـ "مفارقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، من زيادة التحصيل التعليمي للإناث وركود مشاركتهن في سوق العمل، وخص بها الجزائر ومصر والأردن وتونس.
تحدثت "الجزيرة نت" مع أسعد لفهم الأسباب الجذرية وراء استمرار هشاشة سوق العمل النسائي في الدول العربية النامية، وتمثيلها أدنى معدلات مشاركة الإناث في العالم، بعد تراجع الخصوبة وسن الزواج وارتفاع تحصيلهن العلمي.
رأى أسعد في النظرة الثقافية لدور الرجل والمرأة أول عقبة أمام الراغبات في العمل، فما زالت إعالة الأسرة ماديا دور الرجل، في حين ترعاها المرأة، مما يضع حملا إضافيا على النساء المضطرات إلى العمل.
تتسرب النساء من العمل بالقطاع الخاص فور زواجهن، ويرى أصحاب العمل في ذلك مبررا لإهمال تدريبهن، وفق حديث أسعد، وتزداد حاجتهن العمل الرسمي في القطاع الخاص، للانتفاع من تلك المميزات، بعد اضطرار مصر، والمغرب، وتونس تقليص الوظائف الحكومية، التي هيمنت عليها النساء سابقا، لاستقرارها، ودعمها الاجتماعي للأم العاملة وطفلها، وأضر ذلك التقليص بالمصريات، وزاد من بطالة التونسيات المنهكات من ضعف النمو الاقتصادي منذ الثورة، وكانت المغربيات أقل تضررا لوفرة وظائف في مجال التصدير إلى أوروبا.
لحل تلك العقبات، اقترح أسعد توفير مرونة في مواعيد العمل بالقطاع الخاص، وإمكانية العمل من المنزل، وإتاحة رياض أطفال بمؤسسات العمل، وتحسين رواتب النساء، وتقديم إجازات مدفوعة الأجر. كما نوه أسعد إلى ضرورة تأمين النساء في بيئة العمل والأماكن العامة، ليست خطورتهما، بل مجرد احتمالية وجود خطر يراه الجيران والأقارب من شأنه الإضرار بسمعة النساء العربيات الشابات.
ويعتقد أسعد في أهمية دعم مجالين مناسبين لعمل المرأة، أولهما مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بعد نجاح المصريات في الاستفادة من مرونة وظائف الرد على المكالمات وإدخال البيانات، واقتراب نسب مشاركة الجنسين من التساوي في الوظائف الهندسية المتخصصة، فنمت المشاركة النسائية به بمعدل مركب قدره 6.4% سنويا، مقارنة بانخفاض بنسبة 1% سنويا للمجالات الأخرى، وثانيهما مجالات الرعاية والتعليم والصحة، لتوفير فرص عمل آمنة خارج المنزل، وتخفيف مهام رعاية الأطفال وكبار السن عن المرأة العاملة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی سوق العمل سوق العمل فی مصر والأردن الإناث فی فی مصر
إقرأ أيضاً:
البوعيشي: اقتحام العمل السياسي تحدٍ أمام الليبييات
قالت خديجة البوعيشي الخبيرة القانونية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدى ليبيا، إن النساء في ليبيا لعبن دوراً حاسماً في إعادة بناء مجتمعاتهن وفي مفاوضات السلام والمساهمة في الاقتصاد، وغالبًا بطرق لا يتم الاعتراف بها.
أضافت في مقال بموقع البرنامج الأممي، “بمرور اليوم العالمي للمرأة 2025، لكن الدعوة إلى تسريع العمل لا تزال أقوى من أي وقت مضى، ففي ليبيا مثلاً، لا تنتظر المرأة – فهي تقود جهود بناء السلام، وتدفع التحول الاقتصادي، وتدخل في مجالات السياسة وصنع القرار، المساواة ليست عملًا بنية حسنة فحسب – بل إنها واجبناـ إنه الأساس الذي تبني عليه الدول نحو التعافي والسلام والازدهار الاقتصادي، وفي ليبيا حيث تستمر النساء في تحدي الصعاب، فإن مشاركتهن ضرورية”.
وتابعت “في اللجان المحلية لبناء السلام والتنمية، تشكل النساء الآن 40% من عدد الأعضاء، ويضطلعن بدور نشط في حل النزاعات والحوكمة المجتمعيةـ في الأماكن التي كان يهيمن عليها الرجال، يغيرون لهجة المناقشات، ويؤثرون على السياسات، ويقودون جهود المصالحة”.
وأوضحت أنه لا تزال المساحات السياسية من بين أصعب المساحات التي على النساء اقتحامها، ومع ذلك، فهن مستمرات في السعي لذلك، إذ تعمل النساء في جميع أنحاء ليبيا على تعزيز المشاركة الديمقراطية، سواء من خلال تثقيف الناخبين أو الدعوة أو القيادة، تعمل سفيرات التوعية النسائية على ضمان فهم المرأة لحقوقها الانتخابية وقيمة أصواتهن، مما يسهم في الدفع من أجلتمثيل سياسي أقوى على جميع المستويات.
وأشارت إلى أن تشجيع المزيد من النساء ليس فقط على التصويت لكن أيضًا على المشاركة في تشكيل السياسات والأدوار القيادية أمر ضروري لدفع التقدم نحو المساواة.