مصر والأمم المتحدة: أسس راسخة فى الماضى... ورؤية ثاقبة نحو المستقبل
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
** مشاركة مصر فى قمة المستقبل أكدت التزام البلاد الراسخ من أجل خلق نظام دولى أكثر مساواة وشمولًا
** شراكة القاهرة مع المنظمة الدولية طويلة الأمد تلعب دورًا حيويًا فى تنفيذ أهداف التنمية المستدامة
** نؤكد حق جميع الشعوب فى تحقيق مصيرها من خلال تسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية
انعقدت، فى سبتمبر الماضى، بمشاركة مصر، قمة المستقبل في نيويورك، والتي ننظر إليها جميعًا كفرصة لإعادة بناء الثقة في النظام الدولي متعدد الأطراف، وفي القلب منه الأمم المتحدة، ونثق في أن الوثائق الثلاث الرائدة، التي اعتمدتها القمة، وهي «ميثاق المستقبل»، و«الميثاق الرقمي العالمي»، و«إعلان الأجيال المُقبلة»، هي ركائز مهمة لتحقيق ذلك الهدف.
لقد كانت المشاركة الفاعلة لمصر في القمة تعبيرًا عن قيادتها ورؤيتها بشأن جملة من القضايا العالمية الأساسية، كما ترجمت التزام مصر الراسخ؛ من أجل خلق نظام دولي أكثر مساواة وشمولًا، باعتبارها داعمًا قويًا للتنمية المستدامة والتمويل من أجل التنمية، والسلام والأمن الدوليين، والعلم والتكنولوجيا، والابتكار والتعاون الرقمي، والشباب والأجيال المقبلة، وتعزيز المشاركة الفعالة في الحوكمة العالمية، كان صوت مصر حاسمًا في صياغة مُخرجات القمة، التي كان هدفها وضع الأساس لعقد عالمي جديد.
في قمة المستقبل، اغتنمت مصر هذه الفرصة للإعلان عن «الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل»، الأولى من نوعها في المنطقة العربية، كخطوة إضافية نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز المرونة الاقتصادية. كذلك، كانت جهود مصر لدمج الذكاء الاصطناعي عبر مجموعة متنوعة من القطاعات الأساسية اتساقًا مع أهداف التنمية المستدامة في بؤرة الضوء خلال القمة، ومع هذه الجهود التنموية الوطنية، كانت المطالبات بضرورة خلق البيئة الدولية المواتية لذلك، من خلال إصلاح البناء الاقتصادى متعدد الأطراف. فبينما يواجه الاقتصاد العالمي صدمات متعددة تهدد مسار التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة، وتفقد الدول النامية العديد مما أحرزته بمشقة من مكاسب تنموية ملموسة، نُذكِّر بخطة الأمين العام التحفيزية لأهداف التنمية المستدامة، التي أعلنتها الأمم المتحدة في 2023، بهدف تقديم الدعم الكافي من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال ضخ السيولة وتعزيز تمويل التنمية، ومعالجة أعباء الديون السيادية، وخفض تكلفة الإقراض للدول النامية.
وفي العام الجاري، عقدت مصر «منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين»، وهو المبادرة الرائدة، التي أتاحت منصة حيوية وفريدة من نوعها ضمت طيفًا واسعًا من أصحاب المصلحة الأفارقة، من ممثلين حكوميين، ورواد القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، فضلًا عن مُمثلي الشباب. وهَدُفَ المنتدى إلى إعادة تصور الحوكمة العالمية وإيصال صوت الأولويات الأفريقية حول السلم والأمن والتنمية في اتجاه إصلاح النظام متعدد الأطراف وتعزيز الأجندة العالمية لمنع الصراعات وبناء السلام.
إن الشراكة بين الأمم المتحدة ومصر هي بمثابة شهادة حية على ما يُمكن تحقيقه عندما يُقابل الأهداف العالمية التزام وطني؛ إذ يُسلط «تقرير النتائج السنوية لفريق الأمم المتحدة القطري في جمهورية مصر العربية» لعام 2023، الضوء على إنجازاتنا المشتركة، التي تمتد عبر مختلف القطاعات اتساقًا مع الأولويات الوطنية لمصر، إنها شراكة طويلة الأمد تلعب دورًا حيويًا في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. فمعًا، نقوم بتعزيز الأولويات الوطنية المتوافقة مع تلك الأهداف، بما في ذلك جهودنا المشتركة لضمان تعزيز رأس المال البشري، مع التركيز على الأطفال والشباب، والتنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة بيئيًا، عبر مختلف المجالات التي يشملها إطار الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة (UNSDCF) 2023- 2027.
خلال أسابيع قليلة، تحديدًا في شهر نوفمبر المقبل، سنشهد أيضًا استضافة مصر النسخة الثانية عشرة من المنتدى الحضري العالمي «WUF12»، وهي فرصة لتطوير حلول جماعية لجعل المدن أكثر شمولًا ومرونة واستدامة. إن كل هذه المبادرات تُفسح مجالًا أوسع لنا لنعمل معًا نحو تحقيق مستقبل أكثر مساواة واستدامة، وإنه من خلال مثل هذه الروح والعمل الجماعيين نستطيع التصدي للقضايا العالمية المُعقدة، وأن نضمن ألا يتخلف أحد عن الركب، وهذا بالضبط هو هدف ثمر تعاوننا في المشروعات والمبادرات التنموية المحلية، فعلى مر السنوات، نعمل سويًا على تحقيق مكاسب ملموسة لملايين الأشخاص، من معالجة الفقر والتكيف المناخي، إلى تعزيز تمكين المرأة، وصولًا إلى فرص العمل للشباب.
لا يسعنا هنا إلا أن نؤكد ضرورة تحقيق مبادئ ومقاصد الأمم المتحدة، خاصة بالنسبة لحق جميع الشعوب في تحقيق مصيرها، ومن خلال تسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية. وفي العالم العربى ومنطقة الشرق الأوسط والقارة الأفريقية، نحن في أمس الحاجة إلى تنفيذ جميع قرارات الأمم المتحدة، التي هي قرارات الشرعية الدولية، ونستند في ذلك إلى قواعد القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى واجبة الاحترام في كل مكان من جميع الأطراف.
فلنعمل في يوم الأمم المتحدة «الذى يوافق 24 أكتوبر من كل عام»، لتوحيد جهودنا معًا بروح تعددية الأطراف. إن مستقبلنا المشترك يعتمد على قدرتنا على التعاون والابتكار والعمل سريعًا. أمامنا تحديات هائلة، لكن لدينا إمكانات واعدة وعزيمة صلبة، فبالعمل معًا، نستطيع تحقيق السلام والازدهار والكرامة التي نسعى إليها جميعًا. ستستمر الأمم المتحدة في أداء دورها كمنارة للتضامن في شتى أنحاء المعمورة، وكصوت لمن لا صوت له، وكمحفز للتقدم، وستستمر مصر دولة رائدة في أعمالها، قائدة لمجموعاتها، فمعًا يُمكننا بناء عالم أفضل وأكثر مساواة للجميع. مستقبلنا المشترك يعتمد على كل امرأة ورجل منا.
** إلينا بانوفا، المُنسقة المُقيمة للأمم المتحدة فى مصر
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أهداف التنمیة المستدامة متعدد الأطراف الأمم المتحدة قمة المستقبل من خلال من أجل جمیع ا
إقرأ أيضاً:
طقوس العيد.. تقاليد راسخة
خولة علي (أبوظبي)
استقبلت الأسر في الإمارات عيد الفطر بكل حفاوة وترحاب، حيث تجمع هذه المناسبة بين الأجواء العائلية والفرحة التي تعم المكان، وحرصت الأسر الإماراتية على الطقوس التقليدية الراسخة في هذه المناسبة السعيدة، مثل تجهيز مجالس المنازل، لتكون في أبهى صورة لاستقبال المهنئين والضيوف، حيث تفوح الروائح الزكية للعود والبخور.
بيئة مضيافة
تولي النساء الإماراتيات اهتماماً خاصاً بالعيد، فهن يحرصن على تجديد أدوات الضيافة والعناية بكل التفاصيل التي تجعل المناسبة مميزة، وعن ذلك تقول نريمان الزرعوني، (مهندسة تصميم داخلي): شهدت الأسواق على اختلاف أنواعها ازدحاماً ملحوظاً قبل حلول العيد، فالنساء تسابقن لشراء الأواني والأطباق الأنيقة التي تستخدم لتقديم الأطعمة والحلويات والأطباق الشعبية، إلى جانب فناجين القهوة العربية التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الطقوس، هذه التحضيرات تضفي أجواءً من الفخامة والكرم على المائدة وتجسّد عادات وتقاليد البيوت الإماراتية، إضافة إلى شراء الفواكه وتنسيقها بشكل أنيق وجذاب، كما انتشرت الإضاءات في المساحات الخارجية للمنازل التي تجعل من ليالي العيد أكثر بهجة، في أجواء مفعمة بالترحيب والمحبة والكرم.
تقاليد متوارثة
وأوضحت موزة عبد الله، (باحثة في التراث)، أن طقوس للعيد تمثل إرثاً متجذراً في ثقافة الإمارات، فلطالما كان استقبال العيد يتطلب تجهيز المجالس بأفضل الوسائد، وتحضير أطباق الطعام التي تقدم للضيوف طوال اليوم، ومن بين أهم طقوس الضيافة التي لا تزال قائمة حتى اليوم تقديم القهوة العربية والتمر، وكانت تستخدم رمزاً للترحيب، حيث تستقبل «الدلال» الضيوف خلال الزيارة، كما كانت المجالس في السابق تحتفظ دائماً بسفرة مفتوحة لاستقبال الزوار في أي وقت. ولا تقتصر التحضيرات على الزينة فقط، بل تشمل أيضاً تجهيز الأدوات اللازمة لإعداد الطعام، حيث يتم شراء الأواني الخاصة، مثل القدور الكبيرة لتحضير العيش واللحم والهريس، إلى جانب تحضير أواني حفظ الطعام لضمان تقديمه بشكل طازج ودافئ طوال اليوم، وأحياناً يتم تبادلها مع الأقارب والجيران، فضلاً عن حضور الحلويات العصرية والشعبية، ومنها الحلوى العُمانية لاستقبال الزوار مع فنجان من القهوة.
نقوش الحناء
تعتبر الحناء جزءاً أساسياً من فرحة العيد، حيث تشير شيخة النقبي (ربة منزل) إلى أن الحناء من أهم التقاليد التي تحرص عليها في كل عيد، قائلة: «لا يكتمل العيد من دون الحناء، فنجتمع مع قريباتنا ونختار نقوشاً جميلة للفتيات والنساء، هذا التقليد يجعل العيد أكثر تميزاً، ويعزز من ارتباطهن بالتراث الإماراتي».
وتؤكد النقبي أهمية شراء الملابس الجديدة، وتجهيز العطور والبخور التي تمنح المنازل طابعاً احتفالياً مميزاً، وتوفير مستلزمات الأكلات الشعبية التي لا غنى عنها بفوالة العيد، عدا عن تحميص القهوة وطحنها وحفظها جيداً، استعداداً لتحضيرها برائحة الهيل والزعفران.
الفرحة بالعيدية
تقول مريم المزروعي، (باحثة في التاريخ والتراث)، حرصت العائلات الإماراتية على تجهيز المستلزمات الخاصة بهذه المناسبة، حيث تكتسي المنازل بطابع خاص يعكس التقدير للضيوف والزوار، مع تحضير الملابس الجديدة التي يرتديها الجميع خلال أيام العيد، إلى جانب تزيين المنازل بالأضواء والألوان التي ترسم البهجة على الوجوه، كما يتم تجهيز العيدية وتقديمها بشكل مميز للصغار الذين ينتظرونها بلهفة وبهجة، باعتبارها الوسيلة التي تدخل السرور والفرح إلى قلوبهم. وتؤكد المزروعي أن طقوس العيد في الإمارات هي مزيج من المحافظة على التقاليد الراسخة، مع الابتكار في ممارسة الطقوس وإقامة الاحتفالات، مما يجعلها مناسبة غنية بالذكريات الجميلة والترابط الأسري.