يرتبط البرنامج النووي العراقي في الأذهان باسم الرئيس العراقي الراحل "صدام حسين"، وخاصة أن ذريعة الولايات المتحدة لإسقاط نظامه عام 2003 كانت امتلاكه أسلحة دمار شامل، وهي ادعاءات استندت إلى تقارير مضللة روجتها إدارة جورج دبليو بوش عمدا واتضح كذبها في النهاية. لكن الحقيقة التي تُغفَل غالبا هي أن برنامج العراق النووي بدأ فعليا قبل زمان صدام، وحتى قبل تأسيس الجمهورية العراقية، والمفارقة أنه، مثل نظيره الإيراني، بدأ بمساعدة بسيطة من الولايات المتحدة.

 

ففي عام 1956، اتفقت الولايات المتحدة مع العراق على تقديم مفاعل تجريبي صغير لأغراض علمية، بالإضافة إلى مكتبة نووية مليئة بالأبحاث المتطورة نسبيا في ذلك الوقت، ومنها أبحاث تخص القنبلة النووية الأميركية الأولى ضمن برنامج "الذرة من أجل السلام" الذي دُشِّن في عهد الرئيس الأميركي "دوايت أيزنهاور"، ومنحت بموجبه الولايات المتحدة معلومات القنبلة النووية لحلفائها بعد تفجير الاتحاد السوفيتي قنبلة هيدروجينية عام 1952.

 

وصلت المكتبة إلى العراق، لكن المفاعل لم يصل بسبب وقوع انقلاب 14 يوليو/تموز عام 1958 بقيادة "عبد الكريم قاسم" و"عبد السلام عارف"، وما تلاه من إعلان العراق جمهورية ودولة اشتراكية. في البداية، حاول العراقيون استئناف مشروعهم النووي مع السوفييت، لكن ذلك التوجه تغير مع صعود صدام حسين، الذي فضَّل، للمفارقة مرة أخرى، مباشرة مشروعه النووي مع دولتين غربيتين هما فرنسا وإيطاليا.

 

استقدم المشروع العلماء العرب النابغين من سوريا وفلسطين ومصر، الذين أبلوا بلاء حسنا وأظهروا قدرة على إدارة المفاعل والعمليات النووية فيه، لكن سرعان ما لفت المشروع انتباه دولة الاحتلال الإسرائيلي التي كانت تظن أن صدام ينوي صناعة قنبلة نووية تغير موازين القوى في المنطقة. وقد شملت جهود إسرائيل المضادة للمشروع العراقي الضغوط الدبلوماسية والاختراقات الاستخباراتية وحتى الاغتيالات، لكن ذلك لم يكن كافيا، حيث قررت دولة الاحتلال في النهاية، في 7 يونيو/حزيران 1981، استهداف المفاعل النووي العراقي تموز 1 بضربة عسكرية قبل يوم واحد من افتتاحه رسميا، في عملية عُدَّت الأولى من نوعها ضد أي منشأة نووية في التاريخ.

أعادت الضربة الإسرائيلية البرنامج النووي العراقي سنوات إلى الوراء، لكن المفارقة أنها حوَّلته من برنامج سِلمي خاضع تماما للإشراف الغربي إلى برنامج سري يهدف إلى صناعة القنبلة. يسلط الفيديو المرفق من "ميدان" الضوء على مسار هذا البرنامج النووي العراقي، وإلى أي مدى كان عراق صدام قريبا حقا من تحقيق هدفه. كما يوضح كيف تسبب جنون القوة لصدام بغزوه الكويت في وأد طموحاته النووية في مهدها، وأخيرا يكشف النقاب عن منظومة الأكاذيب التي روجتها الولايات المتحدة قبيل الغزو حول امتلاك عراق صدام لأسلحة دمار شامل، وهو ادعاء لم يكن قريبا من الصحة بأي حال.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

السودان.. أمريكا تُعاقب البرهان وفردا آخر وشركة لتوريد أسلحة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان الخميس، فرض عقوبات على قائد القوات المسلحة السودانية، عبدالفتاح البرهان، وعلى شركة وفرد متورطين في توريد الأسلحة.

وورد في البيان: "حددت في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2023 ارتكاب أفراد من القوات المسلحة السودانية جرائم حرب، وقد واصلت تلك القوات ارتكاب الفظائع مذاك الحين بقيادة البرهان، بما في ذلك من خلال استهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية وإعدام المدنيين. لقد انتهكت القوات المسلحة السودانية القانون الإنساني الدولي وتجاهلت التزاماتها بموجب إعلان جدة للعام 2023 والخاص بالالتزام بحماية المدنيين في السودان. لقد استخدمت القوات المسلحة السودانية الحرمان من الغذاء كتكتيك حرب وتعمدت عرقلة التدفق الحر للمساعدات الإنسانية الطارئة إلى ملايين السودانيين الذين بأمس الحاجة إليها، مما ساهم في أكبر أزمة إنسانية في العالم وخلف أكثر من 25 مليون سوداني يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد وأكثر من 600 ألف يعانون من المجاعة".

وأضاف البيان: "عرقل البرهان أيضا جهود تعزيز السلام، بما في ذلك من خلال رفض المشاركة في المحادثات الدولية من أجل وقف إطلاق النار في سويسرا في شهر آب/أغسطس 2024. وقد عرقل البرهان مرارا عملية الانتقال السياسي إلى حكومة مدنية".

وتابع: "تأتي الإجراءات التي نتخذها اليوم عقب إدراج قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو موسى المعروف باسم حميدتي على قوائم العقوبات يوم 7 كانون الثاني/يناير 2025. وتؤكد عمليتا الإدراج هاتان على وجهة نظر الولايات المتحدة القائلة إن الاثنين غير مؤهلين لحكم السودان الذي ينعم بالسلام في المستقبل. وتبقى الولايات المتحدة ملتزمة بمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب الفظائع في السوان وبدعم عملية انتقال ديمقراطي ومدني.."

مقالات مشابهة

  • الأمن النيابية: تخصيصات مالية للدفاع لشراء أسلحة فرنسية وكورية جنوبية
  • عودة النازحين إلى مخيم جباليا تكشف عن دمار هائل (شاهد)
  • العراق يبلغ الولايات المتحدة بتطلعه لتعزيز التعاون مع أمريكا في عهد ترامب
  • الحكومة الأمريكية تنشر صور دمار شامل في ولاية سودانية
  • الأمن الوطني العراقي: أحبطنا العديد من الهجمات الإرهابية في دول أوروبية
  • السودان.. أمريكا تُعاقب البرهان وفردا آخر وشركة لتوريد أسلحة
  • وزير الخارجية العراقي: نحاول إقناع فصائل مسلحة بالتخلي عن السلاح
  • بالأرقام.. دمار هائل في غزة وهذه أبرز الإحصائيات
  • وزير الخارجية العراقي: بغداد مستعدة للمساعدة في تهدئة التوترات بين واشنطن وطهران
  • دائرة الطاقة في أبوظبي تطلق المرحلة الثانية من مشروع الاستجابة للطلب