منذ بدء معركة "طوفان الأقصى" العام الماضي، يشن جيش الاحتلال حربا مدمرة، ويرتكب مجازر وحشية وجرائم منقطعة النظير بحق المدنيين في قطاع غزة، خلّفت أكثر من 42 ألفا و850 من الشهداء، وأكثر من 100 ألفا و544 من الإصابات، معظمها أطفال ونساء، ودمارا هائلا بالبنية التحتية وارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في القطاع، وضمن تلك الجرائم؛ الانتهاكات الصارخة والصادمة ضد الصحفيين، وبالتحديد صحفيي قناة الجزيرة الميدانيين.



لم يكن مفاجئا ما عمدت إليه المزاعم الكاذبة التي يروّج لها جيش الاحتلال من خلال استخدام وثائق مفبركة وأدلة ملفقة لإثبات التهم الواهية، بانتماء عدد من صحفيي قناة الجزيرة إلى فصائل المقاومة، هو تحريض مكشوف يُمهِّد لاستهدافهم، ضمن سياسته الفاشية التي قتلت نحو 177 صحفيا، بهدف إرهاب الصحفيين وتخويفهم ومنعهم من أداء رسالتهم، والتعتيم على ما يُرتكب من إبادة وحشية وانتهاكات فاضحة.

لم يكن مفاجئا ما عمدت إليه المزاعم الكاذبة التي يروّج لها جيش الاحتلال من خلال استخدام وثائق مفبركة وأدلة ملفقة لإثبات التهم الواهية، بانتماء عدد من صحفيي قناة الجزيرة إلى فصائل المقاومة، هو تحريض مكشوف يُمهِّد لاستهدافهم
هذه الاتهامات والفبركات ضد الصحفيين أنس الشريف، وحسام شبات، وأشرف السراج، وعلاء سلامة، وإسماعيل أبو عمرو، وطلال العروقي، تضاف إلى السجل الأسود للاحتلال واعتداءاته الممنهجة على أهالي قطاع غزة، وعلى الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، لسعيهم وتوثيق ما يتعرض له نحو مليوني مدني يعيشون ظروفا صعبة في قطاع غزة.

يواجه الصحفيون في غزة شتى أنواع الصعوبات من قتل وتهديد، بالإضافة إلى ما يعانيه باقي أهالي غزة من تطهير عرقي وتجويع وتهجير. ومنذ بدء حرب الإبادة صعّدت قوات الاحتلال من سياسة اعتقال الصحفيين وقتلهم، إذ أحصت المنظمات الدولية المعنية بحرية الصحافة أكثر من 100 جريمة قتل بحق صحفيين في غزة ارتكبتها قوات الاحتلال في العام الماضي وحده، واعتقال 98 صحافيا وصحافية على الأقل منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بهدف فرض المزيد من السيطرة والرقابة على العمل الصحافي، وفي محاولة مستمرة لسلب الصحفيين حقهم في حرية الرأي والتّعبير وممارسة مهنتهم.

فالاحتلال لم يكتفِ بتدمير العديد من مقرات الوسائل الإعلامية ضمن حربه المستمرة على قطاع غزة، وترهيب الصحفيين وتخويفهم بهدف طمس الحقيقة، ومنعهم من نقل الكلمة والصورة عما يجري داخل قطاع غزة من جرائم بشعة يرتكبها على مدار الساعة، وقناة الجزيرة وحدها تقريبا السبّاقة في نقل الأخبار التي تبث ميدانيا وتنقل جرائم الاحتلال.

ولا ننسى أيضا، خلال العامين الماضيين، عندما استهدفت قوات الاحتلال وقتلت عددا من صحفيي الجزيرة في الضفة الغربية وقطاع غزة، منهم شيرين أبو عاقلة، الصحفية الفلسطينية الأمريكية التي اغتيلت عمدا في 2022، وسامر أبو دقة، وحمزة الدحدوح، وإسماعيل الغول؛ الذين استشهدوا في غزة، ولفقت قوات الاحتلال يومها اتهامات لبعض هؤلاء الصحفيين لتبرير جرائمها بحقهم.

دماء كل الذين سقطوا على تراب غزة لا تُحصى كأرقام في سجلات، والاحتلال يدرك تمام الإدراك أن هذه الدماء تروي قصصا عميقة الأثر، لذلك يستهدف الصحفيين عن عمد لأنه يعي أن الصحافة ليست مهنة عادية بالنسبة للفلسطينيين، بل هي وسيلة وبندقية لهم لرفع صوتهم، ولكسر حواجز اللامبالاة في ظل الصمت العالمي المريب
يقوم الصحفيون بتغطية المجازر اليومية في قطاع غزة، وقد برز أنس الشريف منذ بداية العدوان في نقل الصورة المأساوية من شمال غزة، لا سيما في مخيم جباليا منذ نحو 20 يوما، فلم يعد يخفى على أحد أن الاحتلال يحاول ومنذ بداية العدوان الهمجي على قطاع غزة تقويض كل ما يشكل دعما ومساندة لفلسطين سواء كانت قناة الجزيرة أو العاملين في مجال الإعلام أو الصحفي أنس الشريف أو غيره، فالاحتلال يكره كل شيء له علاقة بالحقيقة، فهو كيان قائم على صناعة الكذب والتزوير والافتراء وتشويه وتزوير الحقائق.

إن هذه الاتهامات الملفقة ليست إلّا محاولة جديدة لإسكات صوت الحق وصوت الصحفيين القلائل الباقين في قطاع غزة، ولإخفاء حقيقة ما يُرتكب فيه من جرائم وفظائع، وهو انتهاك صارخ لنص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة عام 1948؛ أن لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير. ويتضمن هذا الحق حرية الفرد في تكوين آراء بدون تدخل أحد، والبحث عن واستقبال ونقل المعلومات والأفكار من خلال كافة وسائل الاتصال بصرف النظر عن حدود الدول، وأن القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة والدول الديمقراطية في العالم كله تكاد تجمع على أن حق الرأي والتعبير والحرية الممنوحة لوسائل الإعلام في ممارسة عملها؛ هي الركن الأساسي في كافة الحقوق الممنوحة للإنسان في المواثيق والعهود الدولية.

في الختام، إن دماء كل الذين سقطوا على تراب غزة لا تُحصى كأرقام في سجلات، والاحتلال يدرك تمام الإدراك أن هذه الدماء تروي قصصا عميقة الأثر، لذلك يستهدف الصحفيين عن عمد لأنه يعي أن الصحافة ليست مهنة عادية بالنسبة للفلسطينيين، بل هي وسيلة وبندقية لهم لرفع صوتهم، ولكسر حواجز اللامبالاة في ظل الصمت العالمي المريب والتواطؤ الواضح من القوى الكبرى، ولجذب الأنظار نحو معاناة شعب يناضل من أجل بقائه وكرامته.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال غزة الجرائم الانتهاكات الصحفيين الجزيرة غزة الجزيرة الاحتلال جرائم انتهاكات مدونات مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة تفاعلي سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الاحتلال قناة الجزیرة فی قطاع غزة أنس الشریف

إقرأ أيضاً:

منيرة تونسية تحيي مهنة المسحراتي في رمضان ..صور

خاص

تخرج منيرة في ساعات الليل حاملة طبلة قديمة تجوب الشوارع مُعلنةً عن حلول موعد السحور، ومتحدية العادات والتقاليد التي جعلت من مهنة المسحراتي شأنًا خاصًا بالرجال في بلدتها.

واجهت منيرة الكيلاني أو “منورة” كما يلقبها جيرانها، ذات الـ62 عامًا، الكثير من التحديات في عملها هذا ببلدتها بمحافظة المنستير شمال شرق تونس، ، لكنها استطاعت أن تفرض نفسها كأول امرأة في هذه المهنة.

وتعد مهنة المسحراتي أو “البوطبيلة” من أقدم المهن في تونس، وهي جزء لا يتجزأ من التقاليد الرمضانية، ولكن هذه العادة بدأت في التلاشي لتصبح مقتصرة على بعض المدن والقرى، لكن في حي منيرة، كان الحال مختلفًا، فهي إحدى القلائل اللاتي قرّرن أن يحملن طبلة المسحراتي في يديهن والحفاظ على هذا الموروث الثقافي.

تقول منيرة التي لم تتوقع يومًا أن تحمل طبلة والدها الراحل، الذي كان يُعدّ أحد أبرز “المسحراتية” في حيّهم، وتكمل مسيرته بعد وفاته منذ خمس سنوات: “كنت أستمتع وأنا صغيرة بصوت إيقاع طبلة والدي وهو يوقظ الجيران للسحور، كان الصوت يملأ الحي، وكأنّه يحمل الأمل في كل ضربة و اليوم، أريد أن يبقى هذا الصوت حاضراً، لا أريد له أن يختفي مع الزمن.”

تعمل منيرة في العادة في جمع القوارير البلاستيكية وبقايا الخبز لتقوم ببيعهم لاحقا، لكنها وجدت في مهنة بوطبيلة بعض ما يسدّ حاجيات عائلتها ووالدتها الملازمة للفراش، قائلة: “بدأت بالخروج للعمل كـ”بوطبيلة” منذ سنة 2019 فأصبحت هذه المهنة مورد رزقي الذي أساعد به عائلتي طيلة شهر الصيام”.

تحظى منيرة بالتشجيع من جيرانها وسكان حيها، فتقول: “لقد صار الساكنون يعرفونني جيدًا، كلما مررت عليهم ليلاً، يبادلونني التحية، وفي اليوم الذي لا أوقظهم فيه للسحور، يأتي أغلبهم ليطمئنوا عليّ، وقد شعروا بفقدان هذه العادة.”

وتابعت: “كل يوم أخرج على الساعة الثالثة فجرا وأنا أحمل الطبلة دون خوف لأنني وسط أهلي وجيراني وأنا أردد “يا نايم وحّد الدايم .. يا غافي وحد الله جاء رمضان يزوركم”.

ترى منيرة أن مهنة البوطبيلة تمثل جزءًا من هويتنا الثقافية التي يجب الحفاظ عليها، فحتى وإن كانت المكافآت المالية لهذه المهنة ضئيلة، إلا أن قيمة ما تقدمه من سعادة لأسرتها ولأهل الحي لا تُقدر بثمن.

واختتمت: “هذه المهنة لا تدر عليّ سوى القليل من المال، الذي يمنحني إياه الجيران بمناسبة عيد الفطر، ورغم ذلك، أنا متمسكة بها لأنها تمثل جزءًا من هويتنا الثقافية، جزءًا من تقاليدنا التي يجب أن تبقى حية”.

مقالات مشابهة

  • استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين جراء الغارات الجوية التي شنتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي على محيط مدينة درعا
  • شذى حسون: بسمة بوسيل موهوبة بس معندهاش تجربة وتصريحاتها ضد تامر حسني «عادية»
  • وزير خارجية مصر يكشف عن بدء تدريب الشرطة الفلسطينية التي ستدخل إلى غزة
  • وزارة الإعلام : نؤكّد أنّ هذا الاعتداء يُعد انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف الدولية التي تكفل حماية الصحفيين خلال أداء مهامهم، وندعو الدولة اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها في محاسبة الجناة
  • دعوى لمنع ترامب من ترحيل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين
  • منيرة تونسية تحيي مهنة المسحراتي في رمضان ..صور
  • اليوم.. انعقاد مؤتمر الإعلان عن مشروع “ذاكرة الصحافة المصرية” بـ"الصحفيين"
  • شاهيناز : الغناء ليس مهنة .. بل يجري في دمي | فيديو
  • سوق الحدادين في الكوفة.. مهنة الأجداد تصارع المستورد والجفاف (صور)
  • غدا.. "الصحفيين" تكشف سر اكتشاف مخطوط نادر يعود للقرن الـ19