عربي21:
2025-04-17@16:48:50 GMT

خجل من غزة

تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT

علق كثير من العرب أملا على حرب الطوفان أن تحررهم من عدو لم يقدروا عليه، لكن طول الحرب وقد تجاوزت سنتها الأولى ودخلت في الثانية دون علامات على نهاية قريبة أصاب هؤلاء الآملين بنوع من الخيبة.. كانوا ينتظرون أن تنتصر غزة وتحقق معجزة فيستفيدون من تحليل بنوه قبل ذلك، في وضعية المتفرج المستريح في أريكته وبناء على تحليل كسول أن سقوط الكيان وفقدانه قوة التهديد في المنطقة سيطلق سراحهم في بلدانهم فينجزون تحررهم.

فكلهم متفقون على أن كل نظام عربي في قُطره المعزول جغرافيا يعيش من دعم الكيان بما يقدمه من دور في قمع شعبه في معركة تحرر شاملة. إنها قناعة واقعية محل اتفاق منذ النكبة، وقد كُتبت فيها مجلدات تغطي قارة لكن المجلدات لم تتحول إلى فعل، بل زادت في كسل الواقعيين فانتظروا معجزة من غزة التي تقاتل وحدها.

بقي الآن قليل من المنخرطين في المعركة من خارج غزة بشكل مكتوم يجمعون مالا قليلا ويحتالون في تسريبه إلى المحاصرين، وهؤلاء هم بقية من الإسلاميين الفاقدين للقيادة والتوجيه إلا بوصلة خفية من عقيدة.

هل علينا أن نخرج من وضع المتفرج ونساعد في المحلي؟ لو كانت هناك إرادة لكان الخروج؟ ولكن لنخجل على الأقل من غزة فلا نطلب منها فوق طاقتها، ستحارب بدمها متوكلة على رب لا يحسب حسابات السياسة العربية.

الاتفاق في التحليل والعجز عن الفعل
يتفق أنصار غزة من أرائكهم مع العدو في الميدان بأن حرب الطوفان تفتح على تغيير جذري في الخرائط، وأن اندحار العدو مرة هو الاندحار النهائي وفاتحة التغيير المؤدي إلى وضع دولي جديد؛ فيه عرب أحرار ولهم دول قابلة للتطور بإمكانياتها الذاتية، عرب يمكنهم بناء الديمقراطية وإنجاز التنمية
يتفق أنصار غزة من أرائكهم مع العدو في الميدان بأن حرب الطوفان تفتح على تغيير جذري في الخرائط، وأن اندحار العدو مرة هو الاندحار النهائي وفاتحة التغيير المؤدي إلى وضع دولي جديد؛ فيه عرب أحرار ولهم دول قابلة للتطور بإمكانياتها الذاتية، عرب يمكنهم بناء الديمقراطية وإنجاز التنمية. العدو في الميدان، ومنذ إنشاء الكيان يمنع حصول هذا الاحتمال وهو يقاتل بكل قوته ليبقى الوضع على ما هو عليه. جماعة الأرائك ينظرون للمعركة بخيال يرى هذا الاحتمال يتحقق لكنهم لا يقومون إليه، فيوسعون المعركة بطريقتهم فيتسع الفتق على العدو فلا يرتقه فيسلم بوضع جديد.

الحجج كثيرة وأكثرها وقاحة تلك التي تقول إن التظاهر في الشوارع لم يعد يجدي نفعا ولا بد من السلاح. وهذه مزايدة تثير القرف، فمن لم يستطع الأدنى لن يستطيع الأقصى، فالمظاهرة التي قد تسبب جروحا واعتقالات ممكنة، أما طلب السلاح الذي لا سبيل إليه فعذر أقبح من ذنب القعود، وباستثناء أهل اليمن لا نعرف شعبا عربيا يمكنه وضع يده على قطعة سلاح.

بعض القاعدين ينتظرون نصرا من إيران ويحملونها مسؤولية أقوى من جهدها، وينجرون لذلك إلى حرب طائفية تنسيهم الموضوع الأصلي؛ فإذا هم واقفون على آثار كربلاء يدافعون عن يزيد أو يناصرون الحسين وينسون غزة، وينهي بعضهم النقاش بأن إيران يمكنها أن تحرر غزة. انتظار إيران يخفف عنهم وزر قعودهم.. كم ستدفع إيران؟ هذا سؤال ثانوي لجماعات الأرائك.

في الأثناء صورة العدو/ الأعداء تزداد ووضوحا، كل سفارات الغرب عدوة وكل تجارة مع الغرب خيانة، ويمكن التأثير فيها بموقف شعبي تقوده نخب واعية بأهمية المعركة، وليس هذا إلا من قبيل توضيح الواضحات. لكن نخب الأقطار مثل حكامها؛ يخشون المغامرة بسنوات من الصبر والمسغبة حتى يكون تحرير شامل. إن نخب الأقطار في مواقع السلطة وفي مواقع النخب المعارضة قررت البقاء في أرائكها المريحة مكتفية بالتمني، والتمني لا يحرر أحدا لكنه يرسخ القعود الأزلي.

غزة احتمال مهدر في الأقطار

يوجد يوم تال في غزة وستخوضه وحدها مثلما خاضت حربها وحدها.. اليوم التالي في الأقطار سيكون فرح قوم بنصر لم يبذلوا فيها قطرة عرق واحدة ولا نقول قطرة دم، وسيكثر المزايدون لكن سيغلب على الأقطار السكون والانتظار.

لن يكون بإمكان الذين تخلوا عن المعركة في سعيرها أن يستغلوا انهيار الكيان وارتخاء قبضته على أقطارهم؛ لأن خذلان غزة كان ضمن خطة قعود ممنهجة وليس فقط انتظار نصر يحققه غيرهم. لم يؤمنوا بانهيار الكيان وهذا جوهر قعودهم، لكنه ينهار وهذه حقيقة المعركة ولو ارتفع فيها الثمن البشري.

بعد عام من الطوفان نجد أن أثر الطوفان في العرب سيكون محدودا، فالذين خافوا من نصر غزة نافقوه بالشفقة على ضحايا المعركة ولم يؤمنوا به، لذلك فإن أثر الطوفان يخيفهم لأنه يهدد وضعهم الكسول الذين بنوه بموالاة أنظمة يكتبون ضدها مطولات ثورية ثم يخضعون لها طواعية وسيدافعون عنها ضد مد محتمل يأتي من غزة
نعود من قعودهم عن غزة إلى قعودهم عن الديمقراطية، لم يؤمنوا بالديمقراطية ولم يسعوا في الحرية إلا بقليل من كلام نخب في صالونات لا تخرج إلى هجير الشوارع، والذين تخلوا عن الحرية في أقطارهم ليس لهم خيال يرى ما بعد انهيار الكيان، إنهم مبرمجون على الهزيمة واتباع السبل الآمنة المؤدية إلى الذل.

كنا نظن بناء على تنظيرات قديمة فُرضت علينا من أصحاب الأرائك أن العرب سيحررون أقطارهم من الأنظمة العميلة للغرب وللكيان، ثم يوجهون بنادقهم للكيان فيحررون فلسطين. في حرب الطوفان ظهر لنا أن التحرير يأتي من الأرض المحتلة ليصل إلى الأقطار. بعد عام من الطوفان نجد أن أثر الطوفان في العرب سيكون محدودا، فالذين خافوا من نصر غزة نافقوه بالشفقة على ضحايا المعركة ولم يؤمنوا به، لذلك فإن أثر الطوفان يخيفهم لأنه يهدد وضعهم الكسول الذين بنوه بموالاة أنظمة يكتبون ضدها مطولات ثورية ثم يخضعون لها طواعية وسيدافعون عنها ضد مد محتمل يأتي من غزة.

لكن سيبقى هناك أمل في أفق زمني بعيد، فالأجيال التي رأت نخب الآباء تتخلى عن الحرية في الأقطار بدأت تتحرر من هيمنة التنظيرات الكسولة، ونتوقع أنها ستفهم بعقولها الناشئة أثر الطوفان وستنخرط فيه بصفته معركة حرية في القُطري والمحلي. لقد نسف الطوفان كل المجلدات الكسولة ودفن كتّابها المرفهين، وهذا نصر صامت سيكون له ضجيج.

لقد خيضت المعركة بصمت، القاعدون عن الحريات قعدوا عن غزة وقعدوا عن مستقبلهم، وهذا خروج مخجل لكنه يحرر الطريق أمام الطوفان. لن نطلب من غزة أن ترفع وتيرة المعركة لكي يصل الطوفان، بعيدا هذا عيب أخلاقي في حق غزة.

نحن نُظهر الآن لغزة كل الاحترام، ومنه أن نخجل من دمها ودموعها ولا نصمت عن القاعدين الراضين بالذل.. الخجل من غزة شرف صغير ندّعيه، لعله يشفع لنا عند أطفالها المنتصرين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الطوفان غزة الديمقراطية نصر غزة ديمقراطية نصر طوفان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة تفاعلي سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرب الطوفان من غزة

إقرأ أيضاً:

العليي: يقترح تسمية المعركة القادمة بـ”حق العودة”

شمسان بوست / خاص:

اقترح الكاتب والصحافي اليمني همدان العليي إطلاق اسم “حق العودة” على أي عملية عسكرية برية قادمة ينفذها الجيش اليمني لتحرير صنعاء والحديدة وصعدة من قبضة جماعة الحوثي، مؤكدًا أن المعركة القادمة يجب أن تُخاض بروح وطنية وإنسانية، وليست لأهداف سياسية أو انتقامية.

وأوضح العليي، في منشور له على منصة “أكس”، أن معظم المقاتلين في صفوف الجيش اليمني ينتمون أصلاً إلى مناطق تسيطر عليها جماعة الحوثي، وقد تعرضوا للتهجير القسري خلال السنوات الماضية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وقال:
“إنها معركة العودة إلى الديار، وليست معركة نفوذ أو سلطة.”

وأكد أن المعركة المقبلة ليست من أجل الحكم أو خدمة أجندات خارجية، بل هي معركة وجودية عادلة تهدف إلى إعادة ملايين اليمنيين إلى منازلهم التي أُجبروا على مغادرتها قسرًا، واستعادة الحقوق المغتصبة، في ظل ما وصفه بـ”نظام عنصري وطائفي فرضه الحوثيون على اليمنيين”.

وأضاف العليي أن هذه العملية تمثل صراعًا من أجل المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وفي مقدمتها الكرامة والمساواة، مشيرًا إلى أن جماعة الحوثي فرضت فكرها الطائفي بالقوة، وكرّست التمييز الطبقي، واستغلت الجوع والترهيب لبسط سيطرتها، خاصة في المدارس والمجتمع.

وأشار إلى أن عملية “حق العودة” ستكون بمثابة رسالة قوية وواضحة للمجتمعين المحلي والدولي، بأن هذه المعركة ليست مجرد مواجهة عسكرية، بل معركة تحرر وكرامة وعدالة، لا يمكن التهاون فيها أو إيقافها، لا سيما بعد الانتهاكات المستمرة التي وصفها بـ”القبيحة واللصوصية والمتعجرفة”.

واختتم العليي حديثه بالتأكيد على أن الجيش اليمني المنتشر في مأرب، والمخا، والضالع، وتعز، وشبوة، وصعدة، وحجة لا يتحرك بدافع الانتقام أو لفرض أيديولوجيات معينة، وإنما من أجل استعادة الدولة اليمنية وإعادة اليمن إلى مساره الجمهوري قبل سقوطه بيد جماعة الحوثي.

وشدد على أن الخطاب الوطني العقلاني والمتزن هو ما يجب أن يتصدر المشهد إذا ما انطلقت عملية التحرير المنتظرة، داعيًا إلى توحيد الصفوف خلف هدف واحد: استعادة الوطن والكرامة وحق العودة.

مقالات مشابهة

  • نزع سلاح المقاومة الفلسطينية: المعركة الأخيرة للمحتل
  • أحمد موسى: المعركة الحالية هي حرب تجارية بامتياز بين الصين وأمريكا
  • حتمية الزوال لكيان العدوّ.. تآكُــلٌ متسارع من الداخل
  • الأمم المتحدة: الكيان الإسرائيلي قتل نحو 71 مدنيا في لبنان منذ وقف إطلاق النار في نوفمبر الماضي
  • الكيان يقر بفشله في التصدي للهجمات من اليمن
  • العليي: يقترح تسمية المعركة القادمة بـ”حق العودة”
  • تفاصيل المعركة بين هارفارد وترامب
  • لبحث التعاون المشترك.. وزير البترول يستقبل الأمين العام لمنظمة الأقطار العربية أوابك
  • اتساع نطاق الاحتجاجات داخل الكيان ورئيس أركان العدو يحذر حكومة نتنياهو من وجود نقص كبير في الجيش
  • اليمن في قلب المعركة.. موقف لا يتزحزح في نصرة غزة