يعتبر الهجوم الإرهابي الذي أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 22 آخرين بالقرب من أنقرة يوم الأربعاء أحدث نقطة اشتعال في حرب أهلية شرسة بين تركيا وحزب العمال الكردستاني.

في السجن، غير أوجلان آراءه السياسية

جاء بعد تكهنات واسعة النطاق حول إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار بين الجانبين.

وتذكر صحيفة "التايمز" البريطانية أن مثل هذه الهجمات أفسدت فرص التقارب بين تركيا والحزب الذي تصنفه إرهابياً.

 

Was Ankara attack a PKK attempt to derail Turkey peace talks? https://t.co/xAcGLxJvwx

— The Times and The Sunday Times (@thetimes) October 25, 2024

ووفرت سلسلة من عمليات إعادة التنظيم في السياسة التركية وفي الشرق الأوسط حافزاً لتسوية هذا النزاع الطويل الأمد.

ويستمر الصراع بين حزب العمال الكردستاني وأنقرة لأكثر من أربعة عقود، ففي الثمانينيات، تم تصوير الأمر دولياً على أنه معركة بين الماركسيين الثوريين في حزب العمال الكردستاني الذين يسعون إلى الحكم الذاتي في دولة مدعومة من الولايات المتحدة.

وقد تبنى المثقفون اليساريون القضية الكردية في جميع أنحاء العالم، حتى أن الكاتب هارولد بينتر كتب مسرحية قصيرة بعنوان "لغة الجبل" مستوحاة من هذه القضية.

لكن التعاطف الغربي تغير مع حدثين رئيسيين. الأول كان انهيار الاتحاد السوفييتي وما نتج عنه من تشويه سمعة الإيديولوجية الماركسية، بالإضافة إلى رد الفعل العالمي ضد الإرهاب ونشاط حرب العصابات الثورية بشكل عام.

وحالياً، يصنف حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية.

وفي الشرق الأوسط، حدثت سلسلة غير عادية من الأحداث التي دفعت حافظ الأسد، الرئيس السوري السابق، إلى طرد حزب العمال الكردستاني من مقره، بما في ذلك زعيمه عبد الله أوجلان.

وبعد جولة انتصار قصيرة في أوروبا، اختطف أوجلان على يد عملاء المخابرات التركية في كينيا، وتم تهريبه إلى إسطنبول وحكم عليه بالإعدام، قبل أن يتم تخفيف الحكم إلى السجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط. 

???? Terror in #Türkiye ????????⤵️

???? Yesterday a presumed splinter-group of the PKK attacked the Turkish aerospace company TUSAS (Turkish Aerospace Industries) in Ankara killing 5 and injuring over 22 people.

???? The attack comes in the midst of a historic decision by MHP [Türkiye’s… pic.twitter.com/VxTp4gYOdO

— Samuel Doveri Vesterbye (@SamuelJsdv) October 24, 2024

وفي السجن، غير أوجلان آراءه السياسية، وأصبح من أتباع المنظر الأمريكي موراي بوكتشين.

وفي الوقت نفسه، كانت تركيا نفسها تمر بتحول أيديولوجي، حيث انتخبت رجب طيب أردوغان أولاً كرئيس للوزراء، ثم كرئيس. في عام 2013، أعقب ذلك وقف إطلاق النار.

الحرب السورية

ومع ذلك، حدث تحول كبير ثانٍ نتيجة للحرب الأهلية السورية، إذ استغل أنصار حزب العمال الكردستاني المتبقون في سوريا فرصة انهيار النظام لإنشاء دولة مستقلة في الشمال الشرقي.
ومع انسحاب حزب العمال الكردستاني إلى المنطقة الكردية في شمال العراق، شعرت تركيا بالتهديد، وخاصة عندما حققت الأحزاب الكردية أداءً جيداً في الانتخابات العامة التركية عام 2015.

كما دعمت أنقرة المعارضين السوريين، وكثير منهم إسلاميون، والذين اشتبكوا مراراً مع القوات الكردية في شمال سوريا، مما أدى لانهيار وقف إطلاق النار  والانجرار لصراع دموي.

لكن هذه المرة، كان السياق الدولي مختلفاً تماماً، إذ حددت الولايات المتحدة فرع حزب العمال الكردستاني السوري "وحدات حماية الشعب"، كأفضل شريك محلي لها في الحرب ضد "داعش".

وكانت تركيا ملتزمة أيضاً الحرب ضد داعش، لتجد واشنطن نفسها في موقف غير مريح لكونها متحالفة مع الجانبين، حيث تواصل تركيا النظر إلى وحدات حماية الشعب باعتبارها منظمة إرهابية.

حرب أوكرانيا

ولفترة من الوقت، بدا  أن علاقات تركيا مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على وشك الانهيار، إذ أقام أردوغان علاقة شخصية وثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، العدو التقليدي لتركيا في المنطقة، لكن حرب أوكرانيا وسلسلة من الصراعات الأخرى المشتعلة، ولا سيما ليبيا، حيث وجدت موسكو وأنقرة نفسيهما على جانبين متعارضين، ذكّرت أردوغان بانتماءات تركيا.

وتقول الصحيفة إن أردوغان يتقدم في السن، وقد يرى مرة أخرى أن السلام مع الأكراد قضية إرث، كما فعل من قبل، كما تدرك تركيا أن أوجلان نفسه أصبح في السبعينيات من عمره، ورغم أن سنواته في الحبس الانفرادي جعلت وضعه الدقيق غير واضح، بات يعتقد أنه قوة معتدلة مقارنة بالتطرف الكردي.
وربما كان هجوم أنقرة محاولة جذرية من داخل حزب العمال الكردستاني أو أحد فصائله المنشقة الأكثر تطرفاً لمنع استمرار المحادثات.
ويبدو أن قرار السماح لأوجلان برؤية أفراد أسرته لأول مرة منذ ثلاث سنوات قبل ذلك ببضع ساعات كان مصادفة. ولكن ما إذا كان أردوغان سيدفع قدما بعملية المحادثات، أو يواصل الضربات الجوية الانتقامية التي شهدناها ليلة الأربعاء، هو السؤال الرئيسي الآن.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية تركيا حزب العمال الكردستاني حزب العمال الکردستانی

إقرأ أيضاً:

أردوغان عن الاتحاد الأوروبي: لن يتمكن من عكس تراجع نفوذه دون عضوية تركيا

شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على عدم إمكانية وضع حد لتراجع نفوذ الاتحاد الأوروبي دون العضوية الكاملة لبلادها في التكتل، موضحا أن أنقرة تتمتع بمكانة لا غنى عنها في مستقبل البنية الأمنية الأوروبية.

وقال أردوغان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك بالمجمع الرئاسي في أنقرة، الأربعاء، "أود أن أؤكد مجددا اليوم، إذا أراد الاتحاد الأوروبي منع أو حتى عكس تراجع نفوذه ومكانته، فلن يتمكن من تحقيق ذلك إلا من خلال العضوية الكاملة لتركيا".

وأضاف "نُبلغ باستمرار محاورينا برغبتنا في تعزيز تعاوننا مع الاتحاد الأوروبي على أساس المنفعة والاحترام المتبادلين"، مؤكدا أن العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي هدف استراتيجي لتركيا، حسب وكالة الأناضول.


ومنذ أواخر الشهر الماضي، لوح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أكثر من مناسبة برغبة بلاده بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، معتبرا أن تركيا الوحيدة القادرة على إنقاذ التكتل من المأزق الذي وقع فيه بدءا من الاقتصاد والدفاع وصولا إلى السياسة والسمعة الدولية.

وبحسب أردوغان، فإن "تركيا، وعضويتها الكاملة، هي التي ستمنح الحياة لأوروبا، التي يعاني اقتصادها وبنيتها الديموغرافية من الشيخوخة السريعة".

وشدد الرئيس التركي في وقت سابق على أنه "كلما أسرع الاتحاد الأوروبي في مواجهة هذه الحقائق، كان ذلك أفضل له"، مشيرا إلى رغبة بلاده في "المضي قدما في مسار عضويتها، كما كان الحال دائما، من خلال نهج بنّاء يقوم على المنفعة والاحترام المتبادلين".

والأسبوع الماضي، شدد أردوغان على عدم إمكانية تصور أمن أوروبا دون تركيا، لافتا إلى أنه "أصبح من الصعب على أوروبا أن تستمر كفاعل عالمي دون أن تمنح تركيا مكانتها التي تستحقها".


تجدر الإشارة إلى أن تركيا تسعى منذ عقود إلى الحصول على العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي، إلا أن هذه المساعي التركية واجهت العديد من العقبات ما دفع أنقرة في كثير من الأحيان للعمل على بناء شراكات مع الشرق بهدف بناء تحالفات جديدة بعيدا عن حلفائها الغربيين التقليديين.

وعام 2023، لوح الرئيس التركي بضرورة إعادة إحياء مسار انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أن مساعي تركيا الممتدة منذ نحو نصف قرن لعبور بوابة التكتل الأوروبي، اصطدمت بتقرير الاتحاد عن "تركيا 2022"، الذي وجه انتقادات لاذعة إلى أنقرة على صعيد الحريات والديمقراطية واستقلال القضاء وملف المثليين ومزدوجي الميول الجنسية وغير ذلك.

وأقر البرلمان الأوروبي التقرير، الذي خلص من خلاله إلى نتيجة مفادها أنه "لا يمكن إحياء مسار مفاوضات عضوية تركيا للاتحاد الأوروبي في الظروف الموجودة"، بأغلبية 434 صوتا مقابل 18 فيما امتنع 152 نائبا عن التصويت.

مقالات مشابهة

  • فيدان: نحن مستعدون لجميع السيناريوهات مع العمال الكردستاني
  • تركيا تصرّ: حل حزب العمال وتسليم سلاحه فورًا!
  • العمال الكردستاني يؤكد "استحالة" حل الحزب في الوقت الحالي
  • أردوغان يكرم الطيار السوري المحرّر من “صيدنايا” بعد اعتقال 43 عامًا
  • أردوغان يؤكد اقتراب بلاده من هدفها المتمثل في تركيا خالية من الإرهاب
  • بلومبيرج: أردوغان يستغل قوة تركيا في الناتو مع التراجع الأمريكي
  • نداء أوجلان.. توقعات مرتفعة ومسار سياسي ينقصه الوضوح
  • صحفية: العمال الكردستاني يعلن إلقاء السلاح في أبريل القادم
  • أردوغان عن الاتحاد الأوروبي: لن يتمكن من عكس تراجع نفوذه دون عضوية تركيا
  • ‏لجنة الإعتصام: زيارة الزبيدي للمهرة تصعيدا يهدف لتقويض السلم الاجتماعي