هجوم أنقرة الإرهابي.. سياقات ودلالات
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
بينما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، قال وزير الداخلية التركي إن النتائج الأولية تشير إلى أن مليشيا حزب العمال الكردستاني الإرهابية هي من قامت بالهجوم الذي استهدف المنشأة الرئيسة لشركة الصناعات الجوية والفضائية التركية (TAI) في العاصمة أنقرة بعد ظهر الأربعاء، ما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة 22 آخرون، اثنين منهم في حالة حرجة.
ويبدو أن أنقرة أصبحت منطقة رخوة، بل ومغرية للعناصر الإرهابية من حزب العمال الكردستاني، فمنذ عام، ويزيد عليه بأيام، وتحديدا في السادس عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، نفذ إرهابيان اثنان هجوما بالقنابل على مديرية الأمن العام في الولاية، وتزامنت العملية مع بداية الدورة البرلمانية في ذلك العام.
فإن كانت عملية العام الماضي وتوقيتها له دلالات، تتمثل في رغبة حزب العمال الكردستاني في ضرب رمزية الدولة وسيادتها، نظرا لأن الموقع يحتوي على مبانٍ حكومية مهمة بما في ذلك البرلمان ووزارة الداخلية، والتوقيت كان له رسالة أخرى، سواء من ناحية بداية البرلمان جلساته، وإلقاء الرئيس كلمته أمامه، أو إثبات أن الحزب لا يزال قويا رغم الضربات الموجعة التي وجهتها له الدولة خلال السنوات الأخيرة.. فإن عملية الأربعاء لها دلالات أخرى يجب الوقوف عندها مليا، سواء المكان المستهدف، وهو شركة الصناعات الجوية والفضائية التي تنتج طائرات من دون طيار تشكل رمز قوة تركيا في الأعوام الأخيرة وأثبتت جدارة، وكانت عامل حسم في حرب الدولة ضد الإرهاب في جنوب البلاد أو خارجها في سوريا وجبال قنديل في العراق، وكذا في حروب الدول الصديقة في ليبيا وأذربيجان، حتى باتت محط طلب كل جيوش العالم.
عملية الأربعاء لها دلالات أخرى يجب الوقوف عندها مليا، سواء المكان المستهدف، وهو شركة الصناعات الجوية والفضائية التي تنتج طائرات من دون طيار تشكل رمز قوة تركيا في الأعوام الأخيرة وأثبتت جدارة
ورمزية استهداف هذه الشركة المهمة، تكمن في أن هذه العملية، فيما يبدو، نفذت بسواعد عناصر حب العمال الكردستاني، كما صرح وزير الداخلية، لكنها برعاية دول يهمها ضرب هذه الصناعة المهمة لتركيا من خلال تحييد أكبر عدد ممكن من العقول في هذه الصناعة، كما حدث مع المهندس حسن سيد الذي قتل في ماليزيا عام 2013 في ظروف مريبة، والمهندس جميل شينيل، مهندس البرمجيات في شركة أسلسان، عام 2017 ، وعلى الرغم من اعتبار مقتله رسميا عملية انتحار، إلا أن وفاته جاءت في أعقاب سلسلة من الوفيات المشبوهة لمهندسي أسلسان الآخرين على مر السنين.
وليس ببعيد عن هذه الجرائم، مقتل نجيب هابيميت أوغلو، فمع أنه لم يكن جزءا مباشرا من المجمع الصناعي العسكري التركي، إلا أنه مؤرخ أجرى أبحاثا عن حركة فتح الله غولن والتدخل الأجنبي في الشؤون التركية، وربط الكثيرون بين مقتله وبين من يريدون إنهاك الصناعة التركية العسكرية الواعدة.
والحديث عن هابيميت أوغلو، وكشفه عن تدخلات جماعة فتح الله جولن، المتوفى حديثا، يربط خيوط الشبكة التي يعمل حزب العمال لصالحها، أو على الأقل يستفيد منها، سواء على المستوى الإقليمي أو على المستوى الغربي، كالسويد التي حُيِّدت مساعيها بصفقة دخول حلف "ناتو" ومن ورائها واشنطن التي تسعى جاهدة لإجهاض أي محاولة لدولة تركية كبيرة في المنطقة، وإن كان حلم أنقرة أكبر من ذلك بكثير.
غير مستبعد أن يشارك الكيان المحتل لفلسطين في هذه العملية، فارتباطه وثيق بالمليشيا الكردية الانفصالية، والضربات المخابراتية التركية خلال العام الماضي لمخابراته كانت موجعة، لا شك، وكان عليه أن يرد الصفعات من خلال عملاء لهم باع طويل وتاريخ أطول في الإيغال في الدم التركي، وعملياته خلال ثمانينيات القرن الماضي وما بعدها شاهد على ذلك.
إن دعوة رئيس حزب الحركة القومية، وحليف حزب العدالة والتنمية الحاكم، دولت بهتشلي، التي رآها البعض تحولا غير متوقع، حيث دعا بهتشلي السماح لعبد الله أوجلان، زعيم مليشيا حزب العمال الكردستاني المسجون، بمخاطبة البرلمان التركي، وهي دعوة لأوجلان لحل لمليشيا حزب العمال وإلقاء السلاح، لكي يعم السلام في تركيا.. هي دعوة لا يمكن أن يرفضها عاقل.
عملية أنقرة الأربعاء إنما هي رد على دعوة بهتشلي التي لاقت قبولا من أغلب الأحزاب في البرلمان، ولعل الرجل، حليف أردوغان، قد تشاور مع الرئيس على إطلاق الدعوة، لرغبة الرئيس في تهدئة الجبهة الداخلية
عملية أنقرة الأربعاء إنما هي رد على دعوة بهتشلي التي لاقت قبولا من أغلب الأحزاب في البرلمان، ولعل الرجل، حليف أردوغان، قد تشاور مع الرئيس على إطلاق الدعوة، لرغبة الرئيس في تهدئة الجبهة الداخلية، لا سيما بعد خطابه الأخير وحديثه عن الأخطار التي تواجه الدولة التركية من التمدد "الإسرائيلي" في لبنان ومخاوفه من التحرك باتجاه سوريا، ومن ثم تهديد أمن بلاده بشكل مباشر، وهي المخاوف التي تستند إلى رؤية غربية بتشكيل شرق أوسط جديد.
يهدف اقتراح بهتشلي إلى حل المسألة الكردية في تركيا من خلال الوسائل الديمقراطية، وقد ألقى الرجل بالكرة في ملعب حزب العمال الكردستاني، وإن كان أوجلان قد أصبح تاريخيا رمزا للقضية، ويشهد على ذلك الاتفاق الذي أبرمته حكومة حزب العدالة والتنمية مع الرجل ونقضته قيادات العمال الكردستاني، بعد وعود غربية، وحالة السيولة التي شهدتها المنطقة سواء في العراق، مقر العمال الكردستاني، أو في سوريا بعد الثورة الشعبية التي تحولت إلى مسلحة.
وإن كان الهدف من دعوة زعيم حزب الحركة القومية، هو تفريغ الحاضنة الشعبية الكردية؛ وفضها من حول حزب العمال الكردستاني، أو على الأقل هز شبه الإجماع الكردي على سياسته، فإن عملية أنقرة هدفها من وجهة نظر حزب العمال الكردستاني هو الرد على هذه المبادرة، والتأكيد على مواصلة الخط الذي اختاره الحزب، وإرضاء الموتورين داخل الحزب وأنصاره في الخارج، وإرضاء من يحرك هذه المليشيا الإرهابية وتأمين المزيد من الدعم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العمال الكردستاني الإرهابية تركيا تركيا الإرهاب العمال الكردستاني اوجلان سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة تفاعلي سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العمال الکردستانی
إقرأ أيضاً:
موسكو تعلن إسقاط 5 مسيّرات أوكرانية .. ومقتل 4 أشخاص في هجوم شرق أوكرانيا
عواصم "وكالات ": أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن أن أنظمة الدفاع الجوي التابعة لها دمرت خلال الليلة الماضية، 5 طائرات مسيّرة أوكرانية، فوق الأراضي الروسية. وقالت الدفاع الروسية في بيان: "تم خلال الليلة الماضية تدمير خمس طائرات مسيّرة أوكرانية، إذ تم إسقاط ثلاث منها فوق أراضي مقاطعة بيلغورود، واثنتان فوق أراضي مقاطعة بريانسك". وتستهدف القوّات المسلحة الأوكرانية بشكل شبه يومي، المناطق الحدودية الروسية في جمهورية القرم ومقاطعات بيلغورود وبريانسك وكورسك وفورونيج، بالطائرات المسيّرة والصواريخ، لزرع الرعب في صفوف المدنيين. وتتبادل روسيا وأوكرانيا بشكل شبه يومي، الإعلان عن إسقاط بعض المسيّرات دون إمكانية التحقق من ذلك، نظرًا لظروف الحرب المستمرة منذ فبراير 2022.
مقتل 4 شرق أوكرانيا
قُتل أربعة أشخاص على الأقل في هجوم بمسيّرات روسية استهدف مدنا في أنحاء أوكرانيا وطال مجمعا سكنيا من الحقبة السوفياتية بمدينة سومي الواقعة شرقا، حسبما أعلنت وزارة الداخلية.
وتقصف موسكو مدنا أوكرانية بعشرات المسيرات أو الصواريخ بشكل شبه يومي منذ غزوها هذا البلد مطلع 2022.
وأظهرت مشاهد نشرتها خدمات الطوارئ فجوة كبيرة في جانب المبنى فيما كان عناصر الإنقاذ يبحثون عن ناجين بين الأنقاض مستخدمين مصابيح مثبتة على رؤوسهم.
وكتب الرئيس فولوديمير زيلينسكي على منصات التواصل الاجتماعي "إنها مأساة مروعة، جريمة روسية مروعة. من المهم جدا ألا يتوقف العالم عن ممارسة ضغط على روسيا بسبب هذا الرعب".
وقال أمين المظالم لحقوق الإنسان دميتري لوبينتس إن أربعة أشخاص قُتلوا وجُرح تسعة آخرون بينهم طفل في سومي.
وتقع المدينة على الحدود مع روسيا في شمال شرق أوكرانيا، وقد استهدفت بشكل متكرر في هجمات جوية روسية. وكان حوالى 255672 شخصا يقيمون فيها قبل الحرب.
وأعلن سلاح الجو الأوكراني أن موسكو شنت هجوما بـ 81 مسّيرة من بينها مسيرات من طراز شاهد الإيرانية التصميم.
وأسقطت وحدات الدفاع الجوي 37 من تلك المسيّرات في مناطق مختلفة من بينها سومي وقرب العاصمة كييف.
وفي منطقة أوديسا الجنوبية الواقعة على البحر الأسود، قال مسؤولون إن مسيّرات روسية استهدفت مدينة إزمايل الساحلية، أحد مراكز التصدير الأوكرانية المهمة.
خلاف حول مساعدات
أدى خلاف الأحزاب الألمانية حول تقديم مساعدات مالية إضافية لأوكرانيا إلى إنهاء جلسة في البرلمان الاتحادي (بوندستاج) الليلة الماضية قبل موعدها..
وانتهت عملية التصويت على اقتراح من الحزب الديمقراطي الحر، والذي دعا فيه الديمقراطيون الأحرار إلى إنفاق ثلاثة مليارات يورو غير مجدولة في الميزانية على المساعدات الأوكرانية، في حوالي الساعة 30ر12 صباح اليوم حيث لم يعد البرلمان يتمتع بالنصاب القانوني.
وكان حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، الذي يعارض الدعم العسكري لأوكرانيا، قد شكك في وقت سابق في اكتمال النصاب القانوني في البوندستاج، أي حضور أكثر من نصف أعضاء البرلمان البالغ عددهم 733 عضوا الجلسة، وهو ما لا يحدث في الواقع أبدا أثناء الليل.
ولم يوجد خلال عملية التصويت على اقتراح الحزب الديمقراطي الحر بشأن أوكرانيا سوى 320 نائبا، وهو أقل من النسبة المطلوبة البالغة 50%. واختتمت نائبة رئيس البرلمان، كاترين جورينج-إيكارت الجلسة، على الرغم من أن المناقشة حول سعر الانبعاثات الكربونية كانت لا تزال على جدول الأعمال.
تجدر الإشارة إلى أن هناك خلافا بين الأحزاب الألمانية حول كيفية تمويل ثلاثة مليارات يورو إضافية لأوكرانيا، التي تعرضت لغزو من روسيا. ويريد المستشار الألماني أولاف شولتس، المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، تعليق نظام كبح الديون لهذا الغرض. في المقابل، يريد التحالف المسيحي والحزب الديمقراطي الحر وكذلك حزب الخضر تمويل عمليات توريد أسلحة لأوكرانيا من خلال إنفاق غير مجدول في الميزانية.
توتر دبلوماسي
تعمقت الهوة الدبلوماسية بين براتيسلافا وكييف على خلفية قرار أوكرانيا قطع عبور الغاز الروسي عبر سلوفاكيا، والاتهامات المتبادلة بشأن سياسات الطاقة بين البلدين.
وقالت وزارة الخارجية السلوفاكية الأربعاء إنها استدعت السفير الأوكراني ميوروسلاف كاستران لنقل احتجاج قوي على التصريحات التي أدلى بها مسؤولون أوكرانيون.
وأدانت الوزارة هذه التصريحات، واصفة إياها بأنها "تدخل في الشؤون الداخلية لجمهورية سلوفاكيا"، وفقا لبيان اطلعت عليه وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ).
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي انتقد مؤخرا رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو، متهما إياه بتفضيل روسيا على الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من خلال رفضه شراء الغاز الأمريكي.
وفي وقت سابق، انتقد فيكو زيلينسكي بسبب قراره وقف عبور الغاز الروسي عبر سلوفاكيا في بداية العام، وهو القرار الذي قال إنه سبب أضرارا اقتصادية كبيرة لسلوفاكيا.
وانتقدت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان نشر على موقعها الإلكتروني، الثلاثاء، فيكو، مشيرة إلى أن "فيكو، في ظل تدهور الثقة في المجتمع السلوفاكي والاحتجاجات ضد سياساته المؤيدة لروسيا، لجأ إلى البحث عن أعداء ووجدهم في أوكرانيا".
وأضاف البيان أن فيكو والقادة البرلمانيين في سلوفاكيا "مسمومون بالدعاية الروسية".
وأشار البيان أيضا إلى الشكوك التي عبر عنها فيكو حول وجود شبكات متصلة بالمعارضة السلوفاكية والدوائر الأوكرانية التي كانت تعد لـ "زعزعة استقرار" سلوفاكيا.
وادعى فيكو أن هذه محاولة للإطاحة بحكومته المنتخبة ديمقراطيا، مستندا إلى تقرير من جهاز الاستخبارات.
وتعتمد سلوفاكيا، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، على الغاز الروسي أكثر من أي دولة أخرى تقريبا في أوروبا.