بين الدولة والمقاومة.. السوداني يحذر من خرق قرار الحرب والسلم
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
25 أكتوبر، 2024
بغداد/المسلة: تتعمق الحكومة العراقية في سياستها التي تهدف إلى تأكيد أن قرار الحرب والسلم يقع ضمن الصلاحيات الحصرية للدولة ومؤسساتها الدستورية، محاولةً تجنيب العراق التهديدات المتوقعة من اسرائيل.
ويأتي هذا في ظل التصعيد الإقليمي المتزايد، حيث أعلنت «المقاومة الإسلامية في العراق» عن شن هجمات استهدفت مواقع إسرائيلية، مما أثار قلق بغداد بشأن التداعيات المحتملة على أمنها القومي وعلاقاتها الدولية.
وفي محاولة لتقديم رؤية عراقية معتدلة، أكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ضرورة الالتزام بالسياقات الدستورية، قائلاً إن “قرار الحرب والسلم تقرره الدولة بمؤسساتها الدستورية”، وحذر من أي تصرفات قد تضع العراق في دائرة استهداف محتملة، لاسيما من قِبَل إسرائيل التي لطالما استخدمت هذه الذرائع لتوسيع نطاق ضرباتها.
يؤكد هذا التوجه أيضًا أن الحكومة العراقية تسعى لتجنب الانجرار في صراع إقليمي جديد قد يعصف بجهود إعادة الاستقرار التي تعمل عليها منذ سنوات.
وفي ظل هذه التهديدات، تبدو الحكومة العراقية عازمة على تهدئة المواقف؛ فقد دعا وزير الخارجية فؤاد حسين من باريس إلى وقف النار، مشددًا على ضرورة “الاحتكام لمنطق العقل لا العدوان” ومشددًا على دعم العراق لموقف يحترم سيادة الدول ويحفظ السلم الإقليمي.
موقف أميركي وتدخل دبلوماسي
ما أضافته الحكومة العراقية على لسان فادي الشمري، المستشار الحكومي، يبرز دلالات واضحة على مدى تأثير الولايات المتحدة والتحالف الدولي على قرار العراق، حيث أشار إلى مساهمتهما في تجنيب العراق ضربات إسرائيلية محتملة.
وهذا التصريح يعكس حقيقة أخرى قد تثير تساؤلات، وهي هل يمكن للعراق، الذي لا يزال يعتمد على الدعم الأميركي في عدة مجالات، أن يتخذ قراره المستقل بعيدًا عن التأثيرات الخارجية؟ أم أن الوضع الحالي يعكس ضغوطًا أميركية تحاول الحكومة العراقية الالتزام بها ضمن توازنات لا تخل بالاستقرار الداخلي؟
وفي تناقض واضح مع توجهات الحكومة، أعلنت فصائل مسلحة على لسان قياداتها، مثل علي الأسدي رئيس المجلس السياسي لحركة «النجباء»، أنها ترى أن “قرار الحرب في الدول المحتلة مثل العراق ولبنان وفلسطين بيد المقاومة وليس الدولة”.
وجاء هذا التصريح ليكشف عن حالة التوتر التي تسيطر على المشهد السياسي العراقي، إذ إن هذه الفصائل تعتبر نفسها صاحبة القرار النهائي في توجيه السلاح وتحديد الأهداف خارج سلطة الحكومة. هنا، يبدو أن هذه القوى المسلحة تؤسس لنوع من «السيادة الموازية»، مما يضع الحكومة العراقية في مواجهة مباشرة مع تحديات صعبة تتعلق بحفظ وحدة القرار السياسي والأمني، دون الانجراف نحو صراعات داخلية قد تُستغل لصالح جهات خارجية.
ويبرز هذا الصراع عندما يتوعد زعيم النجباء أكرم الكعبي، برد انتقامي لما وصفه بـ«الثأر لقادة المقاومة في لبنان وغزة»، مما يثير مخاوف حول إمكانية تحول العراق إلى ساحة جديدة لتصفية حسابات إقليمية قد تدفع البلاد نحو دائرة عنف جديدة قد لا يكون هناك رجعة منها بسهولة.
في سياق هذه الأحداث، يبدو أن الحكومة العراقية تحاول تحقيق توازن دقيق بين سيادتها الوطنية والتزاماتها تجاه التحالفات الدولية، في ظل تهديدات متزايدة قد تدفعها لاتخاذ قرارات لا تتماشى بالضرورة مع رغبات الأطراف الداخلية كافة.
ويمكن افتراض أن الحكومة قد تلجأ، في حال تصاعد الصراع، إلى تكثيف الحوار مع هذه الفصائل من خلال “الإطار التنسيقي” الذي يضم ممثلين من الأحزاب والفصائل المسلحة، سعيًا لإقناعها بضرورة احترام التزامات الدولة مع التحالفات الدولية، خصوصًا إذا كان هناك خشية من أن يستغل الطرف الآخر هذه التصرفات كذريعة لشن هجمات تستهدف الداخل العراقي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الحکومة العراقیة قرار الحرب
إقرأ أيضاً:
صراع النفوذ.. هل تتخلى الفصائل العراقية عن سلاحها؟
بغدادـ جدل واسع شهدته الساحة العراقية بعد الإعلان عن مساعي الحكومة لإقناع الفصائل المسلحة في البلاد بـ"تسليم السلاح أو الانضمام للجيش"، وذلك بعد تصريحات وزير الخارجية فؤاد حسين التي أكد فيها ضرورة دمج هذه الفصائل في المؤسسة الأمنية.
ونقلت وكالة رويترز عن وزير الخارجية العراقي قوله -الخميس الماضي- إن الحكومة العراقية تحاول إقناع الفصائل المسلحة في البلاد بإلقاء السلاح أو الانضمام للجيش والقوات الأمنية الرسمية، مشيرا خلال زيارة رسمية إلى لندن إلى أنه "منذ عامين أو 3 أعوام كان من المستحيل مناقشة هذا الموضوع في مجتمعنا.. لكن الآن أصبح من غير المقبول وجود مجموعات مسلحة تعمل خارج إطار الدولة".
تصريحات وزير الخارجية العراقي قوبلت برفض مطلق من قبل بعض الفصائل التي اعتبرت أن التوقيت غير مناسب لمثل حوارات كهذه.
تصريحات وزير الخارجية العراقي قوبلت برفض من بعض الفصائل (رويترز) نفي وجود محادثاتالمتحدث باسم كتائب سيد الشهداء كاظم الفرطوسي نفى بشكل قاطع وجود أي محادثات بينهم وبين الحكومة بشأن نزع سلاح الفصائل.
وأكد الفرطوسي، في حديثه للجزيرة نت، أنهم لم يتلقوا أي اتصالات أو عروض بهذا الشأن، ولم يفتح أي طرف حكومي هذا الموضوع معهم بشكل رسمي، مضيفا أنهم علموا بهذه الأنباء من خلال وسائل الإعلام، وأنها قد تكون محادثات تجري مع فصائل أخرى، إلا أنهم في كتائب "سيد الشهداء" لم يُطرح لديهم هذا الموضوع مطلقا ولم يناقشوا أي تفاصيل متعلقة به.
وأشار الفرطوسي إلى أن أي مشروع يتعلق بهذا الأمر يتطلب دراسة متأنية وشاملة، وأنهم لن يقبلوا بأي مشروع يمس بسيادة العراق أو هيبته، مؤكدا أنهم يدعمون أي مبادرة تخدم مصلحة البلاد.
إعلانكذلك نفت حركة النجباء -على لسان المتحدث باسمها حسين الموسوي- بشكل قاطع وجود أي حوارات بين الحكومة العراقية والفصائل المسلحة، مؤكدا أن هذا الكلام عارٍ من الصحة ولا أساس له.
وقال الموسوي -في حديث للجزيرة نت- إن الظروف الحالية في العراق لا تسمح بإجراء مثل هذه الحوارات "بسبب حجم التحديات الكبيرة التي يواجهها البلد في ظل الانفلات الأمني والتخبط في السياسة الخارجية والصعوبات والمخاطر التي تواجه المنطقة بأسرها".
وخلص الموسوي إلى أن مثل هذه الحوارات غير واردة في الوقت الحالي، كما أن هذا الكلام غير واقعي ولا يمكن البناء أو التعويل عليه.
عقدت لقاءً مثمراً مع السيد @DavidLammy، وزير خارجية بريطانيا، حيث تباحثنا في سبل تعزيز علاقاتنا الثنائية، وتبادلنا وجهات النظر حول الأوضاع الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى التطورات السياسية في سوريا.نجدد تأكيد عزم العراق على بناء علاقات متينة مع المملكة المتحدة في مختلف المجالات. pic.twitter.com/FqqAsocDBO
— Fuad Hussein | فؤاد حسين (@Fuad_Husseein) January 15, 2025
شرط وحيدوبدوره، أكد علي الفتلاوي المقرب من الفصائل أن الفصائل المسلحة تعتبر نفسها موجودة لمواجهة أي تهديد خارجي على العراق، سواء كان من الولايات المتحدة أو غيرها.
وقال الفتلاوي -في حديث للجزيرة نت- إن الاتفاقية الإطارية الإستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة نصت على انسحاب القوات الأميركية بنهاية عام 2025، وتساءل عن دور الفصائل المسلحة في حال عدم تنفيذ هذا الاتفاق.
وأكد الفتلاوي أن الدعوات لحل هذه الفصائل تأتي في سياق الضغوط الدولية التي تسعى إلى إضعاف محور المقاومة في المنطقة، معتبرا أن حل هذه الفصائل ليس أمرا واقعيا في الوقت الحالي، خاصة في ظل استمرار التهديدات الخارجية التي تواجه العراق، مثل وجود قوات أميركية وقوات تركية في شمال العراق، ووجود تنظيم داعش.
إعلانوأوضح الفتلاوي أن الفصائل مستعدة لحل نفسها إذا زال التهديد الخارجي عن العراق، أي بعد انسحاب القوات الأميركية والتركية، والقضاء على تنظيم داعش، مشيرا إلى أن هذه الفصائل لم تشكل تهديدا على البعثات الدبلوماسية العاملة في العراق، وأن الفترة الأخيرة شهدت حالة من الهدوء النسبي.
لم تأتِ من فراغمن ناحيته، أكد الخبير في شؤون الفصائل علاء النشوع أن تصريحات وزير الخارجية العراقية الأخيرة لم تكن من فراغ أو وليدة اللحظة، بل جاءت في سياق ضغوط دولية وإقليمية متزايدة، فضلا عن تحذيرات محلية.
هذه الضغوط، كما يرى النشوع خلال حديثه للجزيرة نت، تهدف إلى حل الفصائل المسلحة وإنهاء وجودها العسكري، وذلك لما تشكله من تهديد خطير على الأمن القومي العراقي، موضحا أن الحكومة العراقية، رغم ادعائها امتلاكها للأجهزة الأمنية والعسكرية القادرة على التعامل مع هذه الفصائل، فإنها عاجزة عن حلها، سواء سياسيا أو عسكريا.
ويرجع ذلك، حسب رأيه، إلى عدة أسباب أبرزها أن هذه الفصائل تمتلك قدرات عسكرية كبيرة تفوق قدرات الجيش والشرطة الاتحادية، مما يجعل من الصعب مواجهتها وإجبارها على التخلي عن سلاحها، إضافة إلى أن أجهزة الاستخبارات العسكرية العراقية تخضع لسيطرة أمن الفصائل، مما سمح لها بتشكيل أجهزة أمنية خاصة بها قادرة على اختراق الأجهزة الأمنية الأخرى للدولة.
وأشار إلى أن إسرائيل تمارس ضغوطا كبيرة على العراق، خاصة في ظل قرب عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية، الذي يتوقع أن يكون أكثر صرامة تجاه إيران وحلفائها.
صراعات الداخل والخارجوفي السياق، قال أستاذ العلوم السياسية علي غوان إن التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية العراقي تأتي في سياق ضغوطات خارجية شديدة تمارسها الولايات المتحدة ودول أخرى، موضحا أن هذه الضغوط تهدف إلى الحد من أنشطة الجماعات المسلحة العراقية في المنطقة، خاصة تلك التي تستهدف حلفاء الولايات المتحدة.
إعلانوأشار غوان -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن هذه الضغوط ليست جديدة، بل بدأت منذ فترة من خلال رسائل ومبادرات من مبعوث الأمم المتحدة زيارات لمسؤولين أميركيين وبريطانيين، وحتى خلال الزيارات الإقليمية لرئيس الوزراء العراقي، وكل هذه الجهود تهدف إلى تهدئة التوترات الناجمة عن أنشطة هذه الجماعات.
وأكد غوان أن هناك حوارا جادا يجري حاليا لإعادة توجيه سلوك هذه الجماعات، وأن هناك قرارا داخليا بالحد من أنشطتها خارج الحدود العراقية، ومع ذلك، أشار إلى وجود تحديات كبيرة، منها التباين بين توجهات المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي وبين توجهات المرجعية الدينية الشيعية في العراق، التي تدعو إلى سيادة الدولة على السلاح.
وشدد غوان على أن الحكومة العراقية الحالية، التي تضم شخصيات من هذه الفصائل، تواجه صعوبة في اتخاذ إجراءات حاسمة لنزع سلاحها، وذلك بسبب الظروف التي تشكلت فيها الحكومة ودور هذه الفصائل في تحرير مناطق من سيطرة داعش.
وأضاف أن الحكومة تفضل في المرحلة الحالية احتواء الوضع وتجنب التصعيد، ولكنها في الوقت نفسه تدرك أن صبر الولايات المتحدة قد ينفد إذا استمرت هذه الجماعات في تهديد المصالح الأميركية وحلفائها.
وحذر غوان من أن استمرار الوضع على هذا النحو قد يؤدي إلى تكرار سيناريوهات مماثلة لما حدث في لبنان وسوريا، حيث تعرضت الجماعات المسلحة لضغوط شديدة أدت إلى تغييرات سياسية واسعة، مؤكدا أن الضغوط الأميركية على العراق تأتي في سياق محاولة تغيير التوازن السياسي في المنطقة، وتأمين مصالحها الإستراتيجية.