المرج الشعبي سوق الفقراء ومتنفس النازحين اللبنانيين والسوريين
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
البقاع- وسط السوق الشعبي في بلدة المرج البقاعية، انهمكت اللبنانية زهرة عمر باختيار ثياب مناسبة لأبنائها من الملابس المستعملة (البالة). وهي واحدة من مئات آلاف النازحين بفعل العدوان الإسرائيلي على مناطق الجنوب.
تقول زهرة للجزيرة نت، إن "أوضاعنا الاقتصادية باتت منهارة بفعل أزمات متلاحقة، وفاقم من حدّتها اعتداءات إسرائيلية دفعت بنا إلى النزوح نحو مناطق أكثر أمنا هنا بين البقاعَين الأوسط والغربي".
في ناحية أخرى من السوق، يقول علي ضاهر، وهو نازح من النبطية "معاناتنا قاسية جدا تحاكي معاناة أهلنا في غزة، خرجنا من بيوتنا كي نحمي عائلاتنا من جحيم النار الإسرائيلية، وها نحن اليوم، وفي ظل التهجير القسري، نقصد الأسواق الشعبية في البقاع لرخص المعروض فيها من مواد غذائية وثياب، ولأنها تناسب وضعنا الاقتصادي المزري بكل المقاييس".
وتشكّل الأسواق الشعبية في البقاع متنفَّسا اقتصاديا مهما للمجتمع المحلي، ولآلاف النازحين الجنوبيين الفارّين من جحيم الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، وهي تستقطب أكثر من نصف مليون نازح سوري لجؤوا إلى البقاع منذ عقد ونيف بفعل الأزمة السورية وتداعياتها أيضا.
والأسر الوافدة حديثا، خاصة من الجنوب ومناطق جنوب البقاع الغربي، خرجت من منازلها وقراها تحت ضغط القصف الجوي والبري الدامي، فمنهم من وصل دون أن يتمكن من حزم حقيبة ثيابه، وآخرون تركوا أوراقهم ومستنداتهم الثبوتية، وكثيرون خلفوا وراءهم جنى العمر من أموال ومَصوغ يمكن أن يعينهم على مواجهة الأعباء الطارئة.
هذا الواقع فرض أعباء كبيرة وقاسية على مئات الأسر النازحة، فاحتضانهم ورعايتهم من المجتمع المضيف والجمعيات الأهلية والدولية، لم تكن كافية لتلبية حاجاتهم اليومية من لباس وغذاء ودواء ومستلزمات السكن المؤقت وغيرها.
الجراح يوضح أن شهرة سوق المرج تعود لأسعاره الزهيدة المناسبة لكل اللبنانيين والنازحين (الجزيرة) ملاذ اقتصادييقول رئيس بلدية المرج منور الجراح، إن المجتمع المحلي والنازحين -لبنانيين وسوريين- يعيشون أوضاعا اقتصادية صعبة جدا، وإن أهل الجنوب وجنوب البقاع الغربي يمرون أكثر من غيرهم بظروف استثنائية على كل المستويات كتأمين السكن واللباس والغذاء والدواء.
وأضاف أنهم وجدوا في الأسواق الشعبية ملاذا مقبولا يساعدهم على ابتياع حاجياتهم الأساسية بأسعار تنافس الأسواق التقليدية والمحال والمتاجر، وتتناسب مع مدخولهم في ظل أزمة اقتصادية عارمة يمر بها لبنان، وغلاء أسعار السلع والمواد الغذائية والخضار.
وفي حديث للجزيرة نت، أوضح الجراح أن سوق المرج الشعبي يُعتبر من أقدم وأعرق وأغنى الأسواق الشعبية في لبنان. ويرجع تاريخ تأسيسه إلى مطلع القرن الماضي.
السوق الشعبي في المرج يستقطب كل شرائح المجتمع اللبناني (الجزيرة)ووفقا له، يستقطب السوق كل الشرائح من أنحاء البلاد لأنه شكّل متنفسا ومنقذا لعشرات آلاف اللبنانيين، مقيمين ونازحين، خاصة من الجنوب، لكون حاجياتهم من مواد غذائية وخضراوات وثياب وأثاث منزلي معروضة بأسعار تشجيعية ومناسبة لظروفهم الاقتصادية الاستثنائية.
وينتظم السوق -حسب الجراح- يوم الاثنين من كل أسبوع من الخامسة صباحا حتى منتصف الليل، ويتولى المجلس البلدي تنظيم حركة المرور، كما تعتني شرطة بلدية المرج بإجراءات ميدانية حفاظا على سلامة العارضين والزوار.
ويُقدّر عدد زائريه بنحو 10 آلاف من مختلف الشرائح في الظروف العادية، و"تضاعف الرقم منذ بداية الاعتداءات الإسرائيلية ليقارب 20 ألفا" حسب رئيس بلدية المرج.
هيثم صالح: سوق المرج الشعبي يشهد إقبالا غير مسبوق منذ العدوان الإسرائيلي (الجزيرة) إقبال كبيروالإقبال غير المسبوق على السوق ارتبط خلال الشهرين الماضيين بنزوح آلاف الجنوبيين من جهة، وبدمار أسواق شعبية عريقة من جهة ثانية.
يقول هيثم قاسم صالح، وهو مستثمر في سوق المرج، إن الاعتداءات الإسرائيلية "الدموية" على الضاحية الجنوبية وبعض بيروت والجنوب والبقاع، أدت إلى دمار وتضرر بعض الأسواق الشعبية جزئيا أو كليا في محافظة النبطية، وسوق الخان في حاصبيا، والسوق الشعبي ببعلبك، وسوق الأحد ببيروت، فضلا عن أسواق "متواضعة" في مناطق تتعرض يوميا لاستهدافات إسرائيلية.
ويلفت صالح، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن أعدادا "مهولة" من نازحي بعلبك والهرمل ورياق وتمنين والجنوب ومشغرة، تقصد السوق الشعبي لاقتناء حاجياتها المختلفة بأسعار أقل من تلك الرائجة في المحال الكبرى. وتوقع ازديادا في الأعداد مع كل أسبوع في ظل توسع حركة النزوح بفعل توسيع الاحتلال الإسرائيلي لرقعة اعتداءاته التي باتت "تطال كل المناطق اللبنانية".
وختم صالح "قلوبنا على أهلنا النازحين، قراهم وممتلكاتهم، شهدائهم وجرحاهم، وكلنا أمل أن ينزاح هذا الكابوس عنهم وعن كل الشعب اللبناني، وعن أهلنا في فلسطين".
الشموري أكد أهمية السوق للزائرين من حيث أسعاره المنخفضة والمناسبة (الجزيرة) أهميةبدوره، يؤكد زهير الشموري (زائر) على أهمية السوق في هذه الأيام العصيبة؛ "فنحن نحصل على السلعة التي نريد بسعر أقل بـ50% من الأسعار خارجه. هو سوبر ماركت الفقراء بحق. فنحن نعيش ظروفا بائسة اقتصاديا وماديا".
ولفت إلى أن الجمعيات والمنظمات العاملة في مجال الإغاثة "لم تستطع حتى اليوم تلبية حاجات الكم الهائل من النازحين، الأمر الذي دفع -ولا يزال- الآلاف منهم إلى سد بعض النقص الحاصل من هذا السوق الشعبي".
سوق المرج يعرض كل أنواع الخضراوات والسلع الأخرى (الجزيرة)ومثالا على أصناف سلع تشهد إقبالا غير مسبوق، قال الشموري "إلى جانب الحاجيات التقليدية من مواد غذائية وخضراوات وزيوت، سُجل إقبال كثيف على شراء ثياب وأحذية للشتاء، وفرش، وبطانيات، وسجاد شعبي، ومدافئ تشتغل بالمازوت…".
من جانبه، يقول فارس العراقي، وهو صاحب بسطة، إن أعداد الزوار وحركة البيع في تزايد مستمر منذ أسابيع، ويربط ذلك بنزوح أهل الجنوب والبقاع الشمالي إلى منطقتهم التي أصبحت جغرافيا في الوسط تنعم بقسط من الأمان، آملا أن "ينزاح هذا الكابوس في أقرب وقت ممكن".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الأسواق الشعبیة السوق الشعبی
إقرأ أيضاً:
حلول للطلاب اللبنانيين في سوريا لا تشمل الجامعيين
كتبت" الاخبار": خيارات متنوّعة تراود الطلاب الجامعيين اللبنانيين العائدين من سوريا حيال متابعة مسيرتهم التعليمية. من هؤلاء من يفضّل الحصول على "حصانات" أمنية، كما يسمّونها، لإنهاء الدراسة في سوريا والتخرّج من الجامعة التي درس وتعب فيها لسنوات، ولا سيما أن من بين هؤلاء من بقي على تخرّجه شهر أو اثنان. ومنهم من قرّر الهجرة إلى الخارج بعد أن ينال المعادلة لشهادته في لبنان، مراهناً على دور للحكومة اللبنانية في مساعدته في سحب "أوراقه" من كليته في سوريا. كما أن منهم من لا يريد العودة إلى الجامعة السورية سواء في حمص أو دمشق، ويطلب مساعدته للتسجيل في جامعة في لبنان. وكل هؤلاء الطلاب الذين يدرسون اختصاصات الطب والصيدلة والهندسة، يواجهون مشكلة الحصول على وثائقهم ومستنداتهم وشهاداتهم التعليمية التي خرجوا، بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، من دونها، وينتظرون إيجاد حلول جماعية تضمن لهم مستقبلهم الدراسي.
حتى الآن، لم تُطرح الحلول للمرحلة الجامعية، وعلى ما يبدو، فإن متابعة الدراسة في الجامعات اللبنانية تحتاج إلى نقاش، لصعوبة استيعاب الطلاب، بالدرجة الأولى، من دون شهادات ومستندات تبرز تسلسلهم الدراسي. وإذا كانت الحلول متاحة في الاختصاصات المختلفة، فالمشكلة الأساسية تبرز في اختصاص الطب الذي يتطلّب ربما حواراً تديره الحكومة اللبنانية مع الجانب السوري المعني لسحب الوثائق التي تخوّل الطلاب متابعة دراستهم هنا. كما أن دخول مثل هؤلاء الجامعة اللبنانية، على وجه التحديد، واجه في أوقات سابقة مشابهة، في أيام النزوح الأول في عام 2011 مثلاً، الكثير من التحديات نظراً إلى اختلاف المعايير الأكاديمية بين البلدين.
في ما عدا المرحلة الجامعية، أعطى مجلس الوزراء، في جلسته أولَ أمس، الضوء الأخضر لوزارة التربية بتسجيل جميع التلامذة اللبنانيين النازحين من سوريا في المدارس الرسمية، ووافق أن يعامل التلامذة السوريون على غرار أقرانهم النازحين في مراحل سابقة. وتبلّغ وزير التربية عباس الحلبي، خلال الجلسة، بالحصول على مبالغ مالية لمتابعة الاحتياجات التعليمية للنازحين الجدد.
وبناءً على توجيهات الحكومة، يمكن وزارة التربية أن تستند، في تسجيل الطلاب، إلى التعميم الرقم 8 الصادر عام 2002 والمتعلّق بإعفاء التلامذة من الروضة حتى السادس الأساسي من تقديم وثائق وأوراق ثبوتية وشرط الحصول على المعادلات، على أن يجري إحصاء لأعداد التلامذة من الصف السادس الأساسي وما فوق لإيجاد الحلول المناسبة لهم. وعلمت «الأخبار» أن لجنة متابعة قضية اللبنانيين والسوريين العائدين تعكف على إجراء مسح ميداني شامل عبر استمارة صمّمتها للغاية، وسيجري على أساسها إحصاء أعداد التلامذة في التعليم ما قبل الجامعي.