اليوم 24:
2025-01-30@20:18:11 GMT

الصورة والأسطورة في مواجهة الموت

تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT

(1)
انتشرت بعد استشهاد يحيى السنوار مُقارناتٌ متعلقةٌ بصناعة الأسطورة انطلاقاً من صورة نهاية المقاتل. ومن الطبيعي أن أول ما يخطر ببال كُتّابٍ ذوي أصول يسارية المقارنة بين صورتين: صورة فعل المقاومة الأخير للسنوار، وصورة تشي غيفارا بعد إعدامه حين عُرِضَ أمام الصحافة مسجّىً محاطاً بضباط الجيش والمخابرات.


لا يقاوم الجلادون إغراء عرض الصور للعموم تباهياً بإنجازهم بعد أن دأبوا على صنع أسطورة الخصم المستهدف (المطلوب حياً أو ميتاً)، التي تؤصّل الشر في فردٍ، وتُنسب إليه صفاتٌ من نسج خيالهم وعلى قياس مخاوف جمهورهم. وبعدما يشخْصِنون الشر/ القضية يقعون في الشرك الذي نصبته دعايتهم. فما دام الأمر متعلقّاً بشخص، لا بد من عرض نهايته على يدهم، واستعراض تجسيدهم قدَرَ أعدائهم المحتوم. يُعميهم هذا الإغراء عن رؤية ما بينته التجارب بشأن المخاطرة في نشر الصورة، فقد تصنع الأسطورة المضادّة. ولذلك، لم تكتف إسرائيل بما سرّبه الجنود وأفسد الدراما التي تاق بنيامين نتنياهو إلى أن يكون بطلها، وأصدرت رسميّاً الشريط الذي سجلته الطائرة المسيّرة، فألهبت بذلك حماسة ضحايا المظلومين على طول المنطقة وعرضها.
يصنع الأساطيرَ الساسةُ وكُتّاب التراجم والأخبار والأدباء والإعلاميون، ولا تُقصّر الثقافة الشعبية كذلك في صنعها، ويفكّكها المؤرّخون. أما المؤرّخ الذي يسهم في صنعها، فأصبح في عصرنا يعد خائناً لمهنته. بيد أن مصدر الأساطير، موضوع هذا المقال، ليس تزييف الوقائع، ولا غايتها تفسير الظواهر بحكايةٍ حتى يأتي المؤرّخ فيجلو الزيف ويُصحِّح المغالطات، بل يعود إلى تأويل الصورة. هكذا أوَّلَ الناقد الأدبي البريطاني جون بيرغر الصورة الفوتوغرافية الأخيرة لتشي غيفارا بتشبيهها بلوحتين؛ إحداهما لوحة لرامبرانت بعنوان « درس في التشريح للدكتور نيكولاس تولب »، والثانية لأندريا مانتينا بعنوان « بكاء حول جثمان المسيح ». وكما هو معلوم، أُعدِم غيفارا بإطلاق تسع رصاصات على مواضع مختلفة في جسمه؛ لتمويه إعدامه من دون محاكمة، وكي يبدو كأنه قُتل في معركة. لكن الكذبة لم تعمّر أياماً، وانتشرت واقعة الإعدام بأمرٍ من الرئيس البوليفي يوم 9 أكتوبر 1967.
وظهرت صورة السنوار يرمي الطائرة المُسيّرة بعصا، بعد أن استخدم ما في جعبته من رصاص وقنابل يدوية في اشتباكٍ مع جنود لم يخطر ببالهم أنهم يواجهون من يخيفون باسمه أطفالَهم. كانت هذه صورة الملثم المنهك والجريح الذي يواجه مع رفيقيه مصيره المعروف سلفاً، مقاتلاً في منزل هجَّر الاحتلال أصحابه مثل جيرانهم وأهل مدينتهم. نسف ما نقلته الصورة كلَّ ما دأب الاحتلال على ترويجه عن القيادي الذي يمضي الحرب مختبئاً في الأنفاق، راهناً حياته بحياة الرهائن. وأطلقت المواجهة الأخيرة واستقبال الموت برباطة جأش العنان لخيال الناس، وربما سوف يركّبون على الأسطورة أساطير. صحيح أنهم شهدوا خلال عام كامل مواجهة مئات المقاومين الموت بشجاعة، ولكنهم شهدوا هذه المرة ما يشاهده العالم بأسره معهم، وجدوا رمزاً مضاداً لروايات الاحتلال ولمخاوفهم هم أيضاً منتصبَ القامة في زمن دوس آلة الحرب الإسرائيلية على كل ما يرتفع عن الأرض، وفي ظل محاولات إسرائيل ومعها حلفاؤها الدوليون والإقليميون تركيع المعنويات أيضاً. لقد ضاعفت إسرائيل رمزية السنوار بتركيز حقدها عليه.
فيما عدا تأويل صورة المقاوم في نهاية طريقه بالأسطورة، لا تتقاطع طرق الرجلين ولا تتشابه. انتمى غيفارا، الأرجنتيني الأصل، إلى عائلة ميسورة الحال، تعود إلى أصول إسبانية وإيرلندية. درس الطب وتبنّى الفكر الماركسي. عندما تقرأ سيرته الملحمية تستغرب من عدد الهوايات الرياضية التي مارسها شابّاً، وتنوّع اهتمامات طالب الطب بالفن والأدب والفلسفة وغيرها. ابن طبقة برجوازية اختار جانب المظلومين أخلاقيّاً، لكنه بالتأكيد لم يكن منهم. استنتج من جولته على درّاجة نارية في أرجاء أميركا الجنوبية أن مصدر الظلم فيها واحد، وأن الثورة يجب أن تكون واحدة، وأنها تواجه عدوّاً واحداً هو الإمبريالية الأميركية (وشركاتها الكبرى مثل يونايتد فروتس)، التي عدّها أساس الظلم والتخلّف في هذه القارّة. انضمّ غيفارا إلى الثورة الكوبية، وأصبح، بعد إطاحة رئيس كوبا فولغنسيو باتيستا في عام 1959، وزيراً ومحافظاً للبنك المركزي ومبعوثاً لكوبا إلى دول عديدة. لكن سعيه إلى خلق البؤر الثورية في أميركا الجنوبية وأفريقيا انتهى به معزولاً مع بضع عشرات من المقاتلين في جبال بوليفيا النائية وسط فلاحين لم يتقبّلوا أفكاره ولا خطابه. ولم يتمكّن من التفاهم حتى مع الجماعات المسلّحة الأخرى. أما أسطورته، أسطورة تحدّي الظلم في أي مكان وفي أسوأ الظروف، ومقولته إن مهمّة الثوري أن يصنع ثورة، فراجتا في أوساط الشباب اليساريين الذين حملوا صورَه الأيقونية خلال حراك الشباب والطلاب في أوروبا الغربية والولايات المتحدة في عام 1968 وحتى النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي. أصبح غيفارا رمزاً من رموز الثورة الثقافية والثقافة المضادّة للمؤسّسة الحاكمة؛ ثقافة أهلهم في الحقيقة. أما أثره في استراتيجيات النضال ضد الإمبريالية والدكتاتوريات والتغيير الفعلي فظل محدوداً. وقلّد بعض الشباب مظهره من دون أن يتّبعوا خياره في الكفاح الأممي ضد الإمبريالية الأميركية وشركاتها متعدّدة الجنسيات. وما لبثت الديمقراطيات الغربية أن احتوت صورته بوصفها جزءاً من ثقافة البوب في الفن والأدب والسينما. ومن هناك سلكت الدرب المألوف إلى المجمعات التجارية؛ حتى أصبحت صورته تُطبع على أكواب القهوة وقمصان « التيشيرت ».
واستشهد السنوار وهو يحارب الاحتلال في وطنه وليس في بلد آخر. إنه سليل عائلةٍ من اللاجئين الفلسطينيين، ابن الفئات الفقيرة المظلومة التي تشاركت العيش وتقاسمت الضيم في قطاع غزّة. لم تسنح له فرصة ممارسة الهوايات، ولا أن يجوب الوطن العربي؛ فالظلم كله الذي يريد متمرّدٌ أخلاقيٌّ باحثٌ عن هوية ذاتية أن يستكشفه، كان يحيط به من كل جانب حيث يعيش. دخل السجن في عمر مُبكِّر. كان السجن مدرسته، وأصبحت أخويّة نزلاء السجن أسرته. وخرج منه بعد عشرين عاماً إلى قطاع غزة المحاصر، حيث مارست حركته السلطة. لم يسأم السلطة ويغادرها لكي يصنع ثورة في مكان آخر؛ فاحتلال فلسطين مزمنٌ ومديد. صحيحٌ أنه أصبح جزءاً من السلطة التي تدير قطاع غزّة، لكنه لم يُغادر مزاج مقاومة الاحتلال وخطابها. لم يغادر فلسطين إلّا مرة واحدة إلى مصر. لم يتبنّ السنوار فكراً أمميّاً أو يسارياً أو خطاب ثورة عالمية، وأقصى ما بلغه فكره المصالحة بين إسلاميّته ووطنيته؛ فقد كان إسلامياً وطنياً ينشد الوحدة الوطنية. أصبحت هذه المحلية، هذه الحياة العريضة في مكان ضيق، طريقه إلى العالمية. وعاش حياة قصيرة بما يكفي ليطبق صيته الآفاق.
(2)
بعد السابع من أكتوبر 2023، تشكلت جوقة عالمية بقيادة إسرائيلية، وأرسلت العنان للدعاية التي تحمّل حركة حماس، والسنوار شخصيّاً، ليس مسؤولية ما ارتُكب في ذلك اليوم بحق مدنيين إسرائيليين فحسب، بل تُلقي عليهما أيضاً وزر ما ترتكبه إسرائيل في حربها الممتدّة على غزّة، بحجّة أن ما تقوم به من إبادة سببها عملية طوفان الأقصى التي رُبطت به. إنها فرية الدم في مراتع الكذب. تخترع خطيئة أولى غير الاحتلال، فتُذنَّب الضحية، ويُبرَّأ المجرم خلال ارتكابه الجرم المشهود. وقد نسج بعض العرب على منوالها واحتذوا بمثالها؛ فهؤلاء على ما عهدناهم مظنّة الكذب ومطية الهذر، لا يُعتبَرُ لهم مقالٌ، بتعابير ابن خلدون. نقول هذا على الرغم من موقف مشرّدين عديدين بلا مأوى في غزّة نفسها منذ ذلك اليوم الذي فتح عليهم أبواب جهنم. في هذه الحالة أيضاً، لا يصحّ لوم ضحايا حرب الإبادة الذين فقدوا كل شيء، الهائمين بين الركام والخراب، حاملين ما تبقّى من عالمهم في أكياس بلاستيكية، وهم لا يؤمنون بأسطورة السنوار ولا بأسطورة غيره. لا تكمن المشكلة هنا، بل في الذين لم يدفعوا أي ثمن، ويتحالفون مع من يرتكب الفظائع، ويشمتون بضحاياها، ويحمّلون المقاومة المسؤولية عن فظائع الاحتلال.
نُصاب بالدهشة لتكرار اسمه على ألسنة زعماء الدول الغربية الكبرى الذين ظهروا في الإعلام بعد استشهاده. يجهلونه، ويردّدون أسطورة إسرائيل عنه؛ فيعدّونه العائق أمام وقف إطلاق النار، ويستقبلون العائق الفعلي (نتنياهو) وكأنه أحد قادة العالم المتحضّر، حتى بعد ما تعامل معه الادّعاء في محكمة الجنايات الدولية بوصفه مجرم حرب.
ذهب « العائق » المزعوم، واستمرّت الحرب، وتواصل الكذب بعد أن بان. ورئيس الوزراء الإسرائيلي – الذي يمارس أفظع الفظائع، قصف المدارس والمستشفيات، ولا تردعه أشلاء الأطفال، والذي يُجسّد أحط اجتماع لصفاتٍ بشرية، ألا وهو اجتماع الجبن مع القسوة السادية، والخسّة مع الغرور، والوضاعة مع الاستعراضية، والشغف بالمظاهر – يصافحه زعماء في الغرب، ويقف له برلمان أعظم دولة في العالم لتحيته. إنهم يتنفسون الصعداء لمقتل الفقير ابن الفقير الذي لم تطأ قدماه بلادهم ولا بلاد غيرهم، ولم يحتلّ أرضاً لأحد.
يتعذّر احتواء الرأسمالية الاستهلاكية الغربية صورة المُلثّم المجاهد ضمن هوامش التعددية الثقافية وتنوّع المشهديات، خلافاً لصورة غيفارا؛ فهي صورة كأداء صعبة الاحتواء، وذلك على عكس استيعابها السلس اليسير من المظلومين عموماً في بلداننا. فيمكنك أن تلتقي نموذج السنوار في أي مخيّم لاجئين، أو قرية أو حارة فلسطينية: ما من زي خاص به، ولا حتى محاولة للتميّز. خطواته القصيرة والسريعة وجسمُه المشدود، والغضب البادي على ملامح وجهه، وهو الغضب الذي قد تنفرج عقدُه بسرعة عن ابتسامة لدى مقابلة الأطفال والشباب والأسرى السابقين، العفوية التي تعني أيضاً عدم اصطناع التواضع بلا سبب، الثقافة المحدودة التي يوسع الذكاء وسرعة البديهة حدودها، الانتقال السريع من البراغماتية والنزعة العملية جداً إلى التصلّب الحاد، كما في خيبة الأمل من عدم تجاوب « العالم » مع مسيرات العودة السلمية الغزيرة الضحايا لرفع الحصار عن القطاع. انتمى إلى حركة سياسية مثل عشرات الآلاف من الشباب الفلسطيني، ولكنه وجد ذراعاً مُسلحاً فيها يرفعه إلى القيادة السياسية. وكان ممكناً أن يواصل نضاله ضمن صفوف التنظيم مثل أي مناضل آخر. لإسرائيل مشكلة حقيقية مع نموذج السنوار، فهو أكثر انتشاراً مما يتصوره مستعربوها جميعاً.
عند استشهاده، شعر الفلسطينيون والمصريون والأردنيون وغيرهم من العرب والمسلمين في مشرق الأرض ومغربها بأنه واحد منهم. ولأنه منهم، اختلط الحزن بالكبرياء وسط الكارثة. تعاطفوا مع الملثم الجالس على أريكة في المبنى المهجور؛ فقد حملت الصورة دلالة عزلة الفلسطيني المقاوم في هذا الإقليم، ومنحتهم صور مقاومته الشعور بالكبرياء بسبب كلية حضور الكرامة في مقابل فقدانها من جانب أنظمة عربية وإعلامها. يصعب أن يستوعب الساسة والإعلاميون الغربيون هذه الواقعة.
أمضينا سنواتٍ في دحض نظريات تنافر الثقافات، ولكن ذلك لا يُفترض أن يعمينا عن رؤية التناقض بين أسطورتي المقاومة والشرّ. لقد بات هذا التنافر فيصلاً بين من يقفون مع كيان استعماري ويتفهمون « دفاعه عن نفسه » بإبادة شعبنا ومن يقفون في معسكر ضحايا الاحتلال والظلم، سواء يختلفون مع السنوار ويرفضون خياراته أم يتفقون معه ومع حركته.(عن العربي الجديد)

المصدر: اليوم 24

إقرأ أيضاً:

من هو الأسير المحرر الذي أشعل التواصل الاجتماعي؟.. تعرّف على زكريا الزبيدي

تفاعل رواد مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الخميس، مع مشاهد الاحتفاء بالإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين، بينهم أحد أبرز قيادات حركة "فتح" وقائد "كتائب شهداء الأقصى" التابعة للحركة بالضفة الغربية، زكريا الزبيدي، أحد أبرز الأسماء الفلسطينية ممّن قضوا سنوات من العمر داخل السجون الإسرائيلية. 

وضمن الدفعة الثالثة من المرحلة الأولى لصفقة وقف إطلاق النار على قطاع غزة وتبادل الأسرى مع حركة "حماس"، تم الإفراج عن الزبيدي، إضافة إلى 109 أسرى فلسطينيين آخرين، في مقابل أسيرتين إسرائيليتين هما: أربيل يهود وآجام بيرغر وأسير ثالث وهو غادي موزيس، وذلك بحسب متحدث "كتائب القسام" الجناح العسكري لـ"حماس" أبو عبيدة، مساء الأربعاء.

زكريا الزبيدي حرا#نفق_الحرية pic.twitter.com/mIQeVMlMpU — Tamer Almisshal | تامر المسحال (@TamerMisshal) January 30, 2025 لحظة وصول الأسير "زكريا الزبيدي" أحد ستة أسرى التحرر من نفق جلبوع إلى رام الله ضمن قافلة الأسرى المحررين اليوم pic.twitter.com/fE7Frzgmab — الحرب العالمية الثالثة (@WWIIIAR) January 30, 2025
من يكون؟ 
ولد زكريا الزبيدي ذو 49 ربيعا، بمخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، وله 7 إخوة، تربى يتيم الأب، وفي 2002 استشهدت والدته سميرة وشقيقه طه، بقصف من الاحتلال الإسرائيلي.

وفي عمر 13 عاما، أصيب زكريا، بالرصاصو خلال مشاركته في رجم قوات الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة، حيث اعتقل للمرة الأولى بعمر 15 عاما، وسجن 6 أشهر. بعدها اعتقل بتهمة إلقاء عبوات حارقة على قوات الاحتلال، وحكم بالسجن 4 سنوات ونصف سنة.

وبات الزبيدي قائدا عسكريا لـ"كتائب شهداء الأقصى" آنذاك، في 2001، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى (2000 ـ 2005). 



قاد الزبيدي المجموعات المسلحة، وقيل عنه في وسائل الإعلام العبرية، إنه "الحاكم الفعلي لجنين"؛ وخلال عام 2002، وإبان إعادة جيش الاحتلال الإسرائيلي احتلال الضفة الغربية، شنّ معركة ضارية في مخيم جنين، أسفرت عن استشهاد 52 فلسطينيا، ومقتل 23 جنديا، وخلفت المعركة دمارا كبيرا في منازل الفلسطينيين.

إثر ذلك، انتخب الزبيدي عضوا للمجلس الثوري لحركة "فتح"، في دورته السابعة، وهو ما يعتبر ثاني أهم مؤسسات الحركة بعد اللجنة المركزية.

في خضمّ حياة المطاردة والمقاومة والاعتقال، حصل الزبيدي على الثانوية العامة، ودرجة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية؛ وحضّر لرسالة ماجستير في جامعة بيرزيت الفلسطينية، تحت عنوان "الصياد والتنين.. المطاردة في التجربة الفلسطينية من عام 1968-2018".


"التنين والصياد"
نجى الزبيدي من 4 محاولات اغتيال، أبرزها كانت في 2004، حيث استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي 5 فلسطينيين، بينهم طفل (14 عاما)، بعد استهداف مركبة كان يُعتقد أن الزبيدي فيها.

وخلال العام نفسه، اقتحمت قوة خاصة للاحتلال الاسرائيلي، لمخيم جنين لتصفية الزبيدي، لكنها اشتبكت مع مقاومين، ما أدى إلى استشهاد 9 فلسطينيين، وتمكّن زكريا من الفرار.

عام 2005، كُشف كمين لقوات خاصة  للاحتلال  قرب منزل تحصن فيه الزبيدي، وفي 2006، حاول الاحتلال اعتقاله غير أنه فشل، حيق تمكن زكريا من الفرار.

خلال عام 2007 سلّم الزبيدي إضافة إلى مجموعة فلسطينيين سلاحه للسلطة الفلسطينية، وذلك بموجب اتفاق مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وحصل على "عفو إسرائيلي. عقب أن هدم الاحتلال منزله 3 مرات.

عقب ذلك عمل الزبيدي في "المسرح"، وانشغل في إعداد دراسة ماجستير في العلوم السياسية، حملت عنوان "التنين والصياد"، تصف علاقته مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وبخصوص ذلك قال الزبيدي خلال مقابلة تلفزيونية، آنذاك: "هم (الإسرائيليون) يعلمون أنني أوقفت العمل المسلح بناء على قرار لإعطاء فرصة للعمل السياسي لذلك حصلت على العفو".

وبعد 4 سنوات، أعلن الاحتلال الإسرائيلي، بتاريخ 29 كانون الأول/ ديسمبر/2011، عن إلغاء العفو عن الزبيدي، رغم تأكيده أنه لم ينتهك أيا من شروطه. ليظل الزبيدي، عقب ذلك بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، وهي مقر القيادة الفلسطينية، حتى اعتقاله بتاريخ 27 يناير/ كانون الثاني 2019.



"التنين الذي يهزم الصياد"
فضّل تسمية نفسه بـ"التنين الذي يهزم الصياد"، خلال مناقشة أطروحته للماجستير؛ وتم اعتقاله في عام 2019؛ فيما وصفه الضابط السابق في "الشاباك" الإسرائيلي، يتسحاق إيلان بـ"قط الشوارع الذي وقع أخيرا في المصيدة". وظل بالمعتقل دون أن يصدر بحكم أي حكم.

وفي هذا الشأن، يقول صديقه جمال حويل: "زكريا كأنه خطط للهرب من السجن قبل دخوله، عبر وصف رحلة الهجرة النبوية بواقع الحال الفلسطيني للخروج من مأزقه"، في إشارة إلى أنه قد تطرق في أطروحة الماجستير، إلى رحلة هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وربطها بالواقع الفلسطيني.

وبتاريخ 6 أيلول/ سبتمبر 2021 ؛ كان قد نجح الفرار من زنزانته، من سجن جلبوع شديد التحصين عبر نفق حفروه، رفقة 5 من رفاقه في الأسر، غير أنه أعيد اعتقالهم بعد أيام، ووصف المراقبون، آنذاك، عملية الهروب بـ"الأسطوري".


جرّاء ذلك، صدر ضد الزبيدي حكم بالسجن 5 سنوات، بسبب هروبه عبر النفق، أما بقية التهم ومنها إطلاق نار على مواقع إسرائيلية لم يصدر أحكام ضده بشأنها.

وفي 15 مايو/ أيار الماضي، استشهد نجل زكريا، داوود في مستشفى "رمبام" في حيفا شمال الاحتلال الإسرائيلي، متأثرا بجراح أصيب بها في اشتباكات مسلحة مع الجيش الإسرائيلي في جنين. وفي سبتمبر/ أيلول 2024 استشهد محمد زكريا الزبيدي (نجل زكريا) مع عدد من الفلسطينيين في غارة جوية بمدينة طوباس شمال الضفة.

مقالات مشابهة

  • «عمال مصر»: نشر صورة الرئيس السيسي مع نظيره الإيراني الراحل لن يغير موقفنا
  • من هو الأسير المحرر الذي أشعل التواصل الاجتماعي؟.. تعرّف على زكريا الزبيدي
  • أعلام فلسطين ترفرف بجانب «الخريطة الكاملة».. 10 رسائل من «الصامدين في غزة» إلى إسرائيل
  • حماس تسلم أسيرة من بين ركام جباليا واستعدادات لتسليم الرهائن أمام منزل السنوار
  • الصليب الأحمر يصل إلى بيت لاهيا لإطلاق سراح الدفعة الثالثة ضمن اتفاق وقف النار
  • صامدو شمال غزة تحدّوا الموت وأفشلوا مخطط التهجير
  • زوجة أحمد الشرع في أول ظهور علني: ما الذي قاله عنها؟ (صورة)
  • صورة لأسماء الأسد.. بريطانية تروي تفاصيل لقطة "سيدة الجحيم"
  • الخارجية الفلسطينية جرائم الهدم في الضفة نسخة متدحرجة من صورة الدمار الذي ارتكبه العدو في قطاع غزة
  • وقف إطلاق النار يفتح صفحة جديدة لأطفال غزة بعد عام من الحرب (فيديو)