أشهر شوارع بيروت يصبح ملاذاً للنازحين
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
داخل ما كان ذات يوم واحداً من أقدم وأشهر دور السينما في بيروت، يقضي العشرات من اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين النازحين بسبب الحرب بين إسرائيل وحزب الله وقتهم في متابعة الأخبار على هواتفهم، والطبخ، والدردشة، والتجول لتمضية الوقت.
وكتب باسم مروة في وكالة الأسوشيتدبرس الأمريكية، أنه في شارع الحمرا، الذي كان مركزاً اقتصادياً مزدهراً، تمتلئ الأرصفة بالنازحين، وتكتظ الفنادق والشقق بالباحثين عن مأوى، بينما تزدحم والمقاهي والمطاعم.
وفي بعض النواحي، أعطى النزوح الجماعي لمئات الآلاف من الأشخاص من جنوب لبنان وسهل البقاع الشرقي والضواحي الجنوبية لبيروت، دفعة قوية لهذه المنطقة التجارية بعد سنوات من التراجع نتيجة الأزمة الاقتصادية في لبنان.
لكنها ليست هذه هي النهضة التي كان الكثيرون يأملون فيها.
وقال مدير فندق أربع نجوم في الشارع، طلب عدم الكشف عن هويته للتحدث بصراحة عن المشاكل التي سببها النزوح للشارع: "لقد أعاد النزوح إحياء (شارع) الحمرا بطريقة خاطئة". فوضى
وعلى مدى ثلاثة أسابيع بعد اشتداد الحرب في منتصف سبتمبر (أيلول)، ظل فندقه ممتلئاً بالكامل. واليوم، تبلغ نسبة الإشغال 65% – وهو بمثابة أمر جيد هذا الوقت من العام – بعدما غادر البعض إلى شقق ذات إيجار أرخص.
لكنه لفت إلى إن تدفق النازحين جلب الفوضى أيضاً، وبات الازدحام المروري وصفوف السيارات المزدوجة وانتشار الدراجات النارية على الأرصفة هو القاعدة، مما يجعل من الصعب على المارة التحرك، وأضاف أن التوترات تندلع بانتظام بين النازحين وسكان المنطقة.
مركز للسياسات المضطربةولطالما كان شارع الحمرا بمثابة مركز للسياسات المضطربة في لبنان، خلال ذروة الازدهار الذي شهده لبنان في الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي، كان يمثل كل ما هو ساحر، وكان مليئاً بأفضل دور السينما والمسارح في لبنان، فضلاً عن المقاهي التي يرتادها المثقفون والفنانون، إلى المتاجر الفاخرة.
على مدى العقود الماضية، شهد الشارع صعوداً وهبوطاً اعتماداً على الوضع في الدولة الصغيرة الواقعة على البحر الأبيض المتوسط والتي شهدت نوبات متكررة من عدم الاستقرار، بما في ذلك حرب أهلية استمرت 15 عاماً وانتهت عام 1990.
وفي عام 1982، غزت الدبابات الإسرائيلية شارع الحمرا بعد اجتياح البلاد، وصولاً إلى بيروت الغربية.
وفي السنوات الأخيرة، تغيرت المنطقة بسبب تدفق اللاجئين السوريين الفارين من الحرب في الدولة المجاورة، وتضررت الشركات بسبب الانهيار المالي للبلاد، الذي بدأ عام 2019.
وصعّدت إسرائيل بشكل كبير هجماتها على أجزاء من لبنان في 23 سبتمبر (أيلول)، مما أسفر عن مقتل نحو 500 شخص وإصابة 1600 آخرين في يوم واحد بعد ما يقرب من عام من المناوشات على طول الحدود اللبنانية- الإسرائيلية بين القوات الإسرائيلية وحزب الله.
وأدت الهجمات المكثفة إلى نزوح جماعي للأشخاص الفارين من القصف، بما في ذلك العديد ممن ناموا في الساحات العامة أو على الشواطئ أو الأرصفة حول بيروت.
وقُتل أكثر من 2574 شخصاً في لبنان وجُرح أكثر من 12000 آخرين من جراء الحرب، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية، ونزح نحو 1.2 مليون شخص.
وازدحمت منطقة الحمرا، وهي منطقة عالمية ومتنوعة، حيث انتقل البعض للعيش مع أقاربهم أو أصدقائهم وتوجه آخرون إلى الفنادق والمدارس التي تحولت إلى ملاجئ.
أعمال عنف ومواجهاتوفي الأيام الأخيرة، اقتحم النازحون العديد من المباني الفارغة، قبل أن تجبرهم قوات الأمن على المغادرة بعد مواجهات تحولت في بعض الأحيان إلى أعمال عنف.
وقال عضو جمعية تجار الحمرا محمد الريس، إنه قبل تدفق النازحين، كانت بعض المحال تخطط لإغلاق أبوابها بسبب الصعوبات المالية.
وتحدث عن تدفق النازحين الذي عزز التجارة في الحمرا بطرق لم تشهدها منذ سنوات قائلاً: "إنه شيء لا يمكن تصوره". ولفت إلى أن بعض التجار ضاعفوا الأسعار بسبب الزيادة في الطلب.
وفي أحد متاجر الهواتف الخلوية، قال فاروق فهمي إن مبيعاته زادت خلال الأسبوعين الأولين بنسبة 70%، حيث قام معظم الأشخاص الذين فروا من منازلهم بشراء أجهزة الشحن وبيانات الإنترنت لمتابعة الأخبار. وقال: "السوق تعاني من الركود مرة أخرى الآن".
وبما أن الكثيرين فروا من منازلهم ومعهم القليل من متعلقاتهم، زادت مبيعات الملابس الداخلية والبيجامات للرجال والنساء بنسبة 300% في متجر صغير يملكه هاني، الذي رفض الكشف عن اسمه الكامل لأسباب تتعلق بالسلامة.
دار السينما "لو كوليزيه"وكانت دار السينما "لو كوليزيه" التي تعود إلى 60 عاماً، وهي معلم بارز في شارع الحمرا، مغلقة منذ أكثر من عقدين حتى وقت سابق من هذا العام عندما تولى الممثل اللبناني قاسم اسطنبولي، مؤسس المسرح الوطني اللبناني، تجديدها. ومع موجة النزوح الهائلة، حوّلها إلى مأوى للعائلات التي فرت من منازلها في جنوب لبنان.
وهذا الأسبوع، جلس النازحون في دار السينما في بيروت على حصرٍ رقيقة فوق سجادتها الحمراء، يتفحصون هواتفهم ويقرأون.
وكان بعضهم يساعد في أعمال تجديد المسرح.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله شارع الحمرا فی لبنان
إقرأ أيضاً:
الموتى ينتظرون… قصة الجثامين المنسية في شوارع أم درمان
واستعرضت حلقة 2025/3/7 من برنامج "عمران" الوضع المأساوي في حي أبروف العريق بمدينة أم درمان، حيث لا تزال جثامين ضحايا الحرب متناثرة في الشوارع والمنازل بعد مرور أكثر من عام ونصف على اندلاع النزاع المسلح في البلاد.
وأظهرت الحلقة مشاهد صادمة لمنازل تحتوي على جثامين متحللة تعود لأشخاص فقدوا حياتهم خلال المعارك التي شهدها الحي، الذي يعد من أعرق أحياء مدينة أم درمان وأكثرها تأثرًا بالحرب الدائرة في السودان.
وتناولت الحلقة نبذة تاريخية عن حي أبروف الذي سمي نسبة إلى الأمير أبروف، أحد أمراء المهدية، حيث قام الإمام المهدي بتوزيع أحياء أم درمان على عدد من الأمراء بعد نقل العاصمة من الخرطوم إليها.
ويعتبر حي أبروف من أبرز معالم مدينة أم درمان الثقافية والتاريخية، إذ خرجت منه أول جمعية ثقافية ناهضت الاستعمار، كما أنه أنجب شخصيات بارزة في مجالات الفنون والرياضة والأدب.
شهادات مؤثرة
وتضمنت الحلقة شهادات مؤثرة من سكان الحي الذين عايشوا فصول المأساة، حيث قال أحدهم: "البيوت المواجهة للبحر دي كلها كانت هدفا للأعداء، وتأثرت الواجهة القديمة دي كلها بأضرار كبيرة جدا، وعدد كبير من الناس تضرروا ومرقوا من أبروف".
إعلانوأضاف آخر "في داخل البيوت هناك أعداد كبيرة من الناس المتوفين"، ونقل البرنامج صورا مؤلمة لجثامين ما زالت موجودة في المنازل المهجورة.
وأشار أحد السكان إلى أن "أسرا كتيرة جدا ما قدرت ترجع إلى بيوتها، لأنه اللصوص لم يتركوا فيها شيئا".
وكشفت الحلقة عن لقاء مع مسؤول في هيئة الطب العدلي، أكد أن المشكلة الرئيسية التي تواجه عملية رفع الجثامين ودفنها هي نقص التمويل، وليست الإجراءات القانونية كما كان يعتقد البعض.
رفع الجثامين
وأوضح المسؤول أن "في أبروف فقط يمكن فيها حوالي 30 جثة"، مشيرا إلى أنه "تقريبا فيه قريب من 1500 إلى ألفين جثة في الميادين والشوارع"، مؤكدا أن "الإجراءات القانونية تمت لأغلبها، لكن واقفين على التمويل المادي".
وبين المسؤول أن الإجراءات المتبعة لرفع الجثامين تبدأ بفتح بلاغ في النيابة العامة، ثم تحويله للطب العدلي، ليقوم الطبيب بمعاينة الجثث، قبل استكمال إجراءات النبش والدفن.
وفي خطوة إنسانية، أطلق القائمون على البرنامج مبادرة لدفن عدد من الجثامين التي عاينوها خلال الحلقة، حيث قال مقدم البرنامج "بادرنا بالتعاون مع هيئة الطب العدلي بأن نبدأ بعدد من الجثامين التي عايشناها، وكذلك بعض ممن لم نعايشها، لكي تكون بداية الخير الذي يخرج خيرا إلى ما لا نهاية".
وأظهرت الحلقة مشاهد لعملية رفع الجثامين ونقلها ودفنها، حيث تم نقل 3 جثامين، واحد منها تم دفنه في مقابر أحمد شرفي بناء على طلب أسرته، واثنان مجهولا الهوية تم دفنهما في المقابر المخصصة للجثامين مجهولة الهوية.
وفي ختام التقرير، أقيمت صلاة الجنازة على الجثامين، في مشهد إنساني مؤثر عبر فيه المشاركون عن أملهم في أن تكون هذه المبادرة بداية لحل مشكلة الجثامين المتناثرة في أنحاء السودان، وإعادة الكرامة للضحايا الذين ظلوا منسيين وسط أتون الحرب.
إعلان 8/3/2025-|آخر تحديث: 8/3/202510:30 م (توقيت مكة)