” الأمراض النفسية في المجتمع .. بين التشخيص الطبي وسلوكيات “خالف تُعرَف”
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
بقلم : سمير السعد ..
في مجتمعاتنا، لا يخفى على أحد أن الاضطرابات النفسية تؤثر على العديد من الأفراد بدرجات مختلفة. هذه الاضطرابات قد تتطور إلى عقد نفسية تؤثر سلباً على سلوك الشخص، مما يجعله يتصرف بعدوانية أو انعزالية. وللأسف، غالباً ما يتم تجاهل هذه الحالات أو إساءة تفسيرها، ما يفاقم من المشكلة بدل من معالجتها.
الأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض النفسية يمرون بأزمات تحتاج إلى رعاية طبية متخصصة. إلا أن التحدي الأكبر يكمن في الوصمة المجتمعية المحيطة بالصحة النفسية، حيث يُنظر إلى المرض النفسي على أنه ضعف أو عار، في حين أن الحقيقة العلمية تشير إلى أن هذه الأمراض، شأنها شأن الأمراض الجسدية، تحتاج إلى علاج ورعاية صحية. العيادات النفسية المتاحة في العديد من الدول تقدم الدعم اللازم للأفراد، ولا يجب أن يُنظر إلى مراجعة الطبيب النفسي على أنها ضعف، بل خطوة نحو الشفاء.
ما يزيد الأمر تعقيداً هو ظهور سلوكيات في المجتمع ترتكز على مبدأ “خالف تُعرَف”، حيث يقوم بعض الأفراد بتبني مواقف عدوانية أو غير مألوفة للفت الانتباه أو لخلق نوع من التميّز الشخصي. هنا، قد يكون السؤال: هل هؤلاء الأفراد يعانون من اضطرابات نفسية حقيقية أم أن دوافعهم نفسية اجتماعية تتمحور حول جذب الانتباه وتحقيق شهرة مؤقتة؟ الحقيقة أنه في كثير من الأحيان يكون المزج بين الأمرين، مما يزيد من تعقيد الصورة.
إذن، كيف يمكن للمجتمع أن يتعامل مع هذه الظواهر؟ العلاج النفسي هو جزء من الحل، لكن يجب أن يبدأ المجتمع أولاً بتثقيف نفسه حول أهمية الصحة النفسية والتعامل مع المرضى النفسيين بإنسانية وتفهم. لا يمكن إغفال دور الأطباء النفسيين في تقديم الدعم والعلاج المناسب، لكن يجب أيضاً أن يتحمل المجتمع جزءاً من المسؤولية في خلق بيئة تعزز من تقبل الآخر وتفهم حاجاته النفسية.
ببساطة، الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من رفاه الفرد والمجتمع، ومراجعة الطبيب النفسي ليست ضعفاً بل خطوة نحو حياة أكثر توازناً.
الأمراض النفسية لا تتعلق فقط بالشخص المصاب، بل تتجاوز ذلك لتؤثر على العائلة والمجتمع ككل. فالشخص الذي يعاني من اضطراب نفسي قد لا يكون قادراً على التعبير عن مشاعره وأفكاره بشكل صحي، مما يؤدي إلى انعزاله أو تفاعله مع الآخرين بطرق مؤذية. هذا التفاعل قد يتطور ليشمل سلوكيات عدوانية، سواء كانت لفظية أو جسدية، مما يعمق الهوة بينه وبين محيطه.
من هنا تأتي الحاجة الملحة للتوعية حول الأمراض النفسية وفهم أن العلاج ليس رفاهية أو خياراً ثانوياً، بل ضرورة لتحقيق التوازن النفسي والاجتماعي. الدول المتقدمة وضعت أنظمة دعم نفسي متكاملة تشمل عيادات نفسية ومستشفيات متخصصة تقدم العلاجات اللازمة، بما في ذلك العلاج السلوكي، الدوائي، وحتى العلاج الجماعي الذي يتيح للمريض التفاعل مع الآخرين ممن يمرون بتجارب مشابهة.
ولكن السؤال المهم هنا هو: كيف يمكن للمجتمعات التقليدية التي قد تعتبر الاضطرابات النفسية “ضعفاً” أو “عاراً” أن تتجاوز هذه الفكرة المغلوطة؟ الإجابة تكمن في التعليم والتوعية. يجب أن تبدأ المدارس، أماكن العمل، وحتى وسائل الإعلام، بتبني خطابات صحية حول الأمراض النفسية. الأفراد بحاجة إلى فهم أن المرض النفسي ليس اختياراً، بل هو حالة تتطلب دعماً وعلاجاً، تماماً مثل أي مرض جسدي آخر.
كما أن دعم العائلة والأصدقاء للمريض يلعب دوراً حيوياً في تحسين حالته النفسية. عندما يشعر الشخص بأنه محاط بحب وتفهم، يكون أكثر استعداداً لطلب المساعدة والتعاون في خطة العلاج. ولكن في حالة العكس، قد يغلق المريض على نفسه ويصبح عدوانياً، مما يزيد من تفاقم حالته.
على مستوى السياسات العامة، يجب أن تعمل الحكومات على زيادة عدد العيادات النفسية المتاحة، وتشجيع الناس على الاستفادة من هذه الخدمات. توفير جلسات مجانية أو بأسعار معقولة للأشخاص ذوي الدخل المحدود سيكون خطوة هامة. كذلك، يجب تسهيل الوصول إلى الأطباء النفسيين دون الشعور بالخجل أو الخوف من الوصمة المجتمعية.
وفي النهاية، يبقى أن الحل الأمثل للتعامل مع الأمراض النفسية في المجتمع هو التعاون بين الأطباء، العائلة، والمجتمع بشكل عام. إدراك أن كل فرد يمر بتجربة نفسية قد تكون خفية هو أول خطوة نحو مجتمع أكثر صحة نفسية وإنسانية.
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الأمراض النفسیة یجب أن
إقرأ أيضاً:
تعاون بين “معا” و “ديليفرو” لتوفير وجبات رمضانية مدعومة
أعلنت “ديليفرو” تعاونها مع هيئة المساهمات المجتمعية – “معا” خلال شهر رمضان المبارك، بهدف دعم مبادرة “فود إيه تي إم” التي أطلقتها عائشة خان بدعمٍ من الهيئة.
وتأتي المبادرة في إطار حملة “حياة متكاملة” الحالية التي أطلقتها “ديليفرو” لدعم الأمن الغذائي وتوفير طريقة سهلة للعملاء تتيح لهم رد الجميل للمجتمع خلال الشهر الفضيل.
وتوفر “ديليفرو” من خلال صفحة مخصصة ضمن تطبيقها طريقة سهلة وبسيطة لتقديم المساهمات المساهمات وتوفير وجبات مدعومة للفئات المحتاجة.
وأكدت “ديليفرو” على مضاعفة المساهمات المقدمة عبر تطبيقها، لتسهم بذلك في تعزيز الأثر الإيجابي للمبادرة وزيادة الدعم المقدم لتلك الفئات في جميع أنحاء أبوظبي.
وقالت تغريد عريبي، رئيسة قسم التواصل في “ديليفرو في الشرق الأوسط”: “نلتزم من خلال حملة “حياة متكاملة” المستمرة بدعم المجتمعات التي نقدم خدماتنا فيها، لا سيما خلال شهر رمضان المبارك الذي يمثل الوقت الأمثل لتعزيز التضافر ضمن المجتمع ورد الجميل له. ويتيح لنا التعاون مع هيئة معاً الفرصة لتوفير طريقة مريحة لعملائنا للمساهمة في هذه المبادرة الملهمة في أبوظبي”.
وتشجع هيئة معاً أفراد المجتمع على دعم طبقة العمال في دولة الإمارات بما ينسجم مع المعاني السامية للشهر الفضيل، وذلك من خلال رفد الجهود الاجتماعية الإيجابية وإرساء ثقافة العطاء ضمن مجتمع أبوظبي.
وقالت آمنة الزعابي، مدير إدارة المساهمات ــ قسم جمع المساهمات المالية في هيئة المساهمات المجتمعية- “معاً”: “تجسد هذه الشراكة مع “ديليفرو” جوهر المسؤولية الاجتماعية، حيث تتضافر من خلالها جهود القطاع الخاص والمجتمع لمعالجة إحدى أهم الأولويات الاجتماعية المتمثلة في دعم الأمن الغذائي خلال شهر رمضان المبارك. وتوفر الشراكة منصة للمجتمع للمساهمة بشكل مباشر في مساعدة الفئات المحتاجة، مما يتيح لأفراد المجتمع رد الجميل والقيام بدور فاعل في دعم بعضهم. وتعكس هذه المبادرة التزام هيئة المساهمات المجتمعية – “معاً” بتوطيد النسيج الاجتماعي في أبوظبي وغرس روح المسؤولية المشتركة. وستواصل الهيئة جهودها لتعزيز المشاركة المجتمعية من خلال المساهمات والتعاون، بما يتماشى مع إعلان عام 2025 عام المجتمع في دولة الإمارات”.
وتتوفر صفحة المساهمات المخصصة طيلة شهر رمضان الكريم للعملاء في مختلف أنحاء دولة الإمارات. ويجدر بالذكر بأن جميع المساهمات، بصرف النظر عن حجمها، تسهم في توفير وجباتٍ للفئات المحتاجة، مما يجسد قيم السخاء والتعاطف التي تمثل جوهر الشهر الفضيل.