إيران بين السلام.. ومشروع الهيمنة!
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
الواضح جداً مع أحداث غزة ولبنان أن إيران فقدت الدعاية السياسية التي ترددها من «تحرير القدس»، وتستميت حالياً في الدفاع عن خط المواجهة الأول مع إسرائيل، وأعني به «حزب الله» الذي سقطت قياداته، وتراجعت قواه مع حجم الضربات المتلاحقة التي تعرّض لها، وأصبح المشروع الإيراني في المنطقة أمام تحديات كبيرة، ليس فقط الخوف على مصالح طهران في المنطقة، بل أن التهديدات أكبر من ذلك، وهي المرة الأولى التي تنكشف فيه إيران للمواجهة المباشرة المحتملة بعد حرب الخليج الأولى.
التحركات الدبلوماسية الإيرانية التي يقودها وزير الخارجية عباس عراقجي في دول المنطقة والخليج، هي الأخرى متأخرة جداً في الوصول إلى التهدئة، وبحث المواقف الخليجية من الحرب المحتملة في حال تم توجيه الضربة الإسرائيلية لإيران ومواقعها الحيوية، وتأثيراتها على أمن واستقرار المنطقة، فالمسار السياسي الإيراني لا يزال متناقضاً بين الوصول إلى حل سياسي في المنطقة، وبين الاحتفاظ بمشروع الهيمنة والنفوذ ودعم المليشيات المسلحة، وهذا التناقض لا يزال ظاهراً في الخطاب السياسي الإيراني، مما يحمل معه مؤشرات عن حالة من القلق وعدم الاستقرار، وربما عدم التوافق في الداخل الإيراني على تداعيات المرحلة المقبلة.
من الواضح أن إيران لن تتخلى عن مشروع المقاومة -الذي تدعيه- في المنطقة بعد عقود من الدعم والتسليح حتى لو تعرضت لضربة إسرائيلية، وستبقى التصريحات الإيرانية خلال هذه الفترة ردة فعل استباقية لما هو أسوأ، كما أن الدبلوماسية الإيرانية لن تغيّر من الواقع شيئاً؛ فإيران على لسان مرشدها الأعلى علي خامنئي ترى أن «مستقبل المنطقة تحدده المقاومة»، وهذه إشارة إلى أن إيران مستمرة في المشروع حتى وإن تعرّض للخسارة التي يصفها مسؤولون إيرانيون بأنها مرحلية أمام صراع سيبقى طويلاً ومريراً.
السؤال اليوم هو للشعوب العربية التي تتمدد إيران في دولها، بحجة المقاومة وتحرير القدس، والهدف أبعد من ذلك تماماً، هل لا تزال هذه الشعوب تثق في إيران فضلاً عن مشروعها بعد كل هذ الدمار والقتل والتشريد؟ وإلى أي مدى ستبقى هذه الشعوب ضحية في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية؟ وقبل ذلك فقدان الأمن والاستقرار والتنمية؟ وإلى متى ستبقى الشعارات مرفوعة بعد كل هذه العقود من الزمن ولم يتحرر شبر واحد من أرض فلسطين؟
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل فی المنطقة أن إیران
إقرأ أيضاً:
إذا قصفت إسرائيل إيران... هكذا سيكون ردّ حزب الله
يكثر الحديث في تل أبيب عن رغبة الحكومة الإسرائيليّة بتوجيه ضربة إستباقيّة ضدّ إيران، عبر استهداف البرنامج النوويّ وقواعد عسكريّة مهمّة تابعة للحرس الثوريّ، وخصوصاً بعد تلقي إسرائيل شحنة جديدة من قنابل أميركيّة خارقة للتحصينات، سبق وأنّ تمّ قصف لبنان بها، واستخدامها في عمليتيّ إغتيال الأمينين العامين لـ"حزب الله" حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في الضاحية الجنوبيّة لبيروت.
وفي حين يلتزم "الحزب" الهدوء بعدم الردّ على الخروقات الإسرائيليّة، ويُعطي فرصة للحكومة ولرئيس الجمهوريّة العماد جوزاف عون لتكثيف الإتّصالات الديبلوماسيّة للضغط على بنيامين نتنياهو لتطبيق القرار 1701، هناك تساؤلات كثيرة بشأن "حزب الله"، وإذا ما كان سيبقى على الحياد إنّ قصفت إسرائيل النوويّ الإيرانيّ، إذا لم يتمّ التوصّل سريعاً لاتّفاق جديد بين طهران والإدارة الأميركيّة برئاسة دونالد ترامب حول برنامج إيران النوويّ.
وعندما تمّ الإتّفاق بين إيران وأميركا ودولٍ أخرى على البرنامج النوويّ في عام 2015، أشار نصرالله في حينها، إلى أنّ هذا الأمر شكّل انتصاراً كبيراً لطهران و"لمحور المقاومة" في المنطقة، ما يعني أنّ "حزب الله" يُفضّل التوصّل لتوافقٍ جديدٍ بين البلدان المعنيّة، وعدم إنجرار الوضع إلى تصعيد خطيرٍ قد يُقحمه في نزاعٍ آخر لا يُريد الدخول فيه.
فبينما ينصبّ تركيز "الحزب" حاليّاً على إعادة بناء قدراته وإعمار المناطق المُدمّرة ودفع التعويضات لمناصريه لترميم منازلهم، فإنّ أيّ تطوّر للنزاع الإسرائيليّ – الإيرانيّ قد يُشعل المنطقة من جديد، لأنّ "حزب الله" مُرتبط بشكل مباشر بالنظام في طهران.
ويقول مرجع عسكريّ في هذا الإطار، إنّ "حزب الله" لديه إلتزام تجاه إيران بعد نجاح الثورة في طهران عام 1979، فالحرس الثوريّ هو الراعي الرسميّ لـ"الحزب" وينقل الأسحلة والصواريخ والأموال له. ويُشير إلى أنّ استهداف إسرائيل لإيران أخطر بالنسبة لـ"المقاومة الإسلاميّة" في لبنان من حرب غزة، فإذا تمّ توجيه ضربات مُؤلمة بقيادة الولايات المتّحدة الأميركيّة ضدّ المنشآت النوويّة والبرنامج الصاروخيّ الإيرانيّ، فإنّ "حزب الله" أقوى ذراع لنظام الخامنئي في الشرق الأوسط سيكون أبرز المتضرّرين، وخصوصاً بعد سقوط بشار الأسد في سوريا.
ورغم خسائر "الحزب" في الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على لبنان، فإنّه لن يجد سبيلاً أمامه سوى الإنخراط في أيّ مُواجهة إيرانيّة – إسرائيليّة، إنّ أقدمت حكومة نتنياهو على التصعيد كثيراً ضدّ طهران. أمّا إذا وجّه الجيش الإسرائيليّ ضربات كتلك التي حصلت في العام الماضي، فإنّ هذا الأمر لن يستلزم تدخّلاً من الفصائل المواليّة لنظام الخامنئي، مثل "حزب الله" و"الحوثيين" والمجموعات المسلّحة في العراق.
ويُشير المرجع العسكريّ إلى أنّ المنطقة هي فعلاً أمام مُفترق طرقٍ خطيرٍ، لأنّ إسرائيل تعمل في عدّة محاور على إنهاء الفصائل التي تُهدّد أمنها، وهناك مخاوف جديّة من إستئناف الحرب في غزة بعد الإنتهاء من تبادل الرهائن وجثث الإسرائيليين لدى "حماس" بالأسرى الفلسطينيين. كذلك، هناك أيضاً خشية من أنّ تُقدم تل أبيب كما تلفت عدّة تقارير غربيّة وإسرائيليّة على استهداف البرنامج النوويّ الإيرانيّ. ويقول المرجع العسكريّ إنّ نتنياهو وفريق عمله الأمنيّ يعتقدان أنّه إذا تمّ وضع حدٍّ للخطر الآتي من طهران، فإنّ كافة الفصائل المُقرّبة من إيران ستكون في موقعٍ ضعيفٍ جدّاً، وسينتهي تدفق السلاح والمال لها.
وإذا وجدت إيران نفسها أمام سيناريو إستهداف برنامجها النوويّ، فإنّ آخر ورقة ستلعبها هي تحريك "حزب الله" وأذرعها في المنطقة بحسب المرجع عينه، لأنّها إذا تلقّت ضربة كبيرة، فإنّها لا تستطيع الردّ على إسرائيل سوى بالإيعاز من حلفائها القريبين من الحدود الإسرائيليّة، بتوجيه ضربات إنتقاميّة، وحتماً سيكون "الحزب" الذي لا يزال يمتلك صواريخ قويّة وبعيدة المدى وطائرات مسيّرة رغم قطع طريق الإمداد بالسلاح عنه، على رأس الفصائل التي ستقود الهجوم المضاد ضدّ تل أبيب. المصدر: خاص "لبنان 24"