أدت الاستجابة الدولية خلال "المؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني والسيادة اللبنانية" الى حصول لبنان على أكثر من مليار دولار منها 800 مليون دولار  مساعدات إنسانية و200 مليون دولار للقوى المسلحة اللبنانية.
وافتتح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المؤتمر بمشاركة أكثر من 70 دولة و15 منظمة دولية وإقليمية، منوهاً بأن "هدف المؤتمر جمع المجتمع الدولي لمساعدة اللبنانيين أمام المصاعب التي تواجهها المؤسسات اللبنانية".

واستشهد بغسان تويني داعياً إلى "منع تصدير حروب الآخرين إلى لبنان".

وأطلق مسار المساعدات، معلناً أن فرنسا ستقدم 100 مليون يورو "منعاً لأن يخلق النزوح، الانقسام بين اللبنانيين وعدم الاستقرار العميق". كما أعلن أن بلاده مستعدة للالتزام بتقديم المساعدات التربوية. وقال: "يجب أن تتوقف الحرب ويجب التوصل إلى وقف النار واتخاذ الاجراءات لحفظ السلام على طول الخط الأزرق لتوفير الظروف لعودة النازحين". وأضاف: "نأسف لأن إيران أقحمت "حزب الله" في الحرب ضد إسرائيل وعلى الحزب أن يوقف عملياته واستهداف ما بعد الخط الأزرق ونشجب ذلك". ودعا إسرائيل في المقابل الى وقف النار وتحديد الآليات لعودة السكان الى ديارهم".

وأشار إلى أنه "لا يمكن العودة إلى الوضع كما كان قبل السابع من تشرين الاول 2023 ويجب احترام القرار الدولي 1701 وتنفيذه، ويجب أن تقوم "اليونيفيل" بدورها، وعلى الدولة أن تمارس سيادتها في الجنوب وعلى مجمل الأراضي اللبنانية". ونوّه بالدور الذي يجب أن تلعبه القوات المسلحة اللبنانية "التي يمكننا أن نثق بها"، داعياً إلى "تعزيز قدرات هذه القوى للتأكد من أن الدولة ستمارس سيادتها على مجمل أراضيها". وأكد دعمه تجنيد 6000 عنصر اضافي للجيش اللبناني، كما دعا المشاركين إلى تأمين المساعدات الإنسانية اللازمة".
أما الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش، فدعا الأطراف إلى وقف القتال وتطبيق القرارين الدوليين 1701 و1559 واحترامهما لحماية المدنيين والبنية التحتية وضمان حسن سير عمل الدولة، معتبراً أن دعم الجيش حيوي، وانتقد بشدة التعرض للقوات الدولية. ونوه بأن ما يحدث في لبنان ليس عملاً معزولاً، داعياً إلى تضامن دولي والعمل من أجل السلام. 

وشكر الرئيس ميقاتي في كلمته، الرئيس الفرنسي على مبادرته وتنظيمه المؤتمر، معتبراً أن "العاصفة التي نشهدها حالياً ليست كغيرها لأنها تحمل بذور الدمار الشامل ليس لوطننا بل للإنسانية". وألقى الضوء على العدوان الإسرائيلي المستمر وتأثير الحرب المدمرة على لبنان وعلى بنيته التحتية ونسيجه الاجتماعي. ودعا المجتمع الدولي "إلى حماية المدنيين والتخفيف من حدة هذه التحديات لكي يشمل الدعم الدولي أكثر من المساعدات الإنسانية الفورية بل إعادة بناء البنى التحتية، واستعادة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وضمان قدرة لبنان على الصمود". 

ولخص توقعاته من المجتمع الدولي: "اولاً: وقف النار وإنهاء الاعتداءات المستمرة. ثانياً: تقديم المساعدات الإنسانية والمالية لتوفير الخدمات الاساسية. ثالثاً: تقديم الدعم للسلطات المحلية لادارة تدفق النازحين وضمان وصولهم إلى الخدمات الأساسية". وجدّد دعم الحكومة "للمبادرة الأميركية - الفرنسية لوقف فوري لاطلاق النار، الذي سيفتح الباب أمام مسار دبلوماسي تدعمه الحكومة لمعالجة المخاوف الأمنية على طول الحدود الجنوبية من خلال التنفيذ الكامل للقرار1701 بصيغته الحالية، والتزام الحكومة بتجنيد المزيد من الجنود". وختم  "إن حجر الزاوية للأمن والاستقرار يبقى القرار 1701... وانتخاب رئيس يحافظ على الدستور ويطبق الميثاق الوطني واتفاق الطائف ويدعم حكومة جديدة لتنفيذ الاصلاحات الأساسية، وعودة النازحين إلى منازلهم".

واشار ممثل الجيش العميد الركن يوسف حداد إلى وجوب وضع حد للنزاعات والعمل على تطبيق القرار 1701: وقال "لدينا تحدٍ مزدوج، فعيننا على الجنوب وكذلك على داخل البلد واللحمة الاجتماعية وهذا الهدف الأساسي، لذلك نحتاج إلى دعمكم".


وفي نهاية المؤتمر أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عن 4 نقاط توافق عليها المجتمعون: "أولاً: حشد قوي لتقديم المساعدات الإنسانية التي ارتفعت قيمتها إلى 800 مليون دولار.  ثانياً: ضرورة التعبئة لدعم القوى المسلحة اللبنانية، مشيراً إلى الخطر من مشاكل طائفية يمكنها أن تقيّد الوضع في لبنان، لذلك المطلوب دعم الجيش لتوفير الأمن وانتشاره في الجنوب، وقد خصص مبلغ 200 مليون دولار اضافي لدعم الجيش من قبل الولايات المتحدة وايطاليا وبريطانيا وقطر، وستقدم باريس مساعدات في المعدات والتدريب. ثالثاً: عدم التوقف عند المساعدات الإنسانية بل البحث بالخطوط العريضة لتطبيق القرار الدولي 1701 بكل مندرجاته وانتشار الجيش في الجنوب وانسحاب المسلحين من المنطقة والبحث بالنقاط الخلافية حول الحدود. رابعاً: اقناع إسرائيل بأن الحرب ليست ضمانة للسلام بل الحل السياسي هو الحل ووضع حد لزعزعة الوضع من قبل إيران و"حزب الله". وأخيراً دعا إلى انتخاب رئيس، قائلاً: "حان الوقت ليتخذ السياسيون مسؤولياتهم".

وأعلن الرئيس ميقاتي خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو "أن المؤتمر عبّر عن أهمية كبيرة من التضامن مع لبنان إنسانياً وسياسياً، وأكد المطالبة بوقف اطلاق النار وبالتقيد بالقرار الدولي 1701 ووضعه موضع تنفيذ فوري من خلال انتشار الجيش الذي يجب تعزيز وجوده ليقوم بواجبه". وختم: "لبنان ليس متروكاً، لديه اصدقاء يمكن الاتكال عليهم".

وأكد الوزير جان نويل بارو "أن لبنان بحاجة الى المجتمع الدولي الذي استجاب للمطالب اللبنانية. ويعاني لبنان من حرب لم يخترها وهذه الحرب تهدّد تماسكه الاجتماعي". وأضاف: "بعد شهر من التصعيد العسكري هناك حاجة ملحة لحل سياسي من خلال وقف الحرب ونشر الجيش وتعزيز مهمة اليونيفيل وحل النقاط الخلافية على الحدود". ودعا "حزب الله إلى التقيد بهذه القرارات". وأشار إلى "أن لبنان تعددي وسيبقى تحت سلطة الدولة اللبنانية". وقال إنه طلب من الموفد الرئاسي جان إيف لودريان جمع اعضاء الخماسية لتسهيل عملية انتخاب الرئيس "وسنضغط على اللبنانيين لسد الفراغ الرئاسي وستتم متابعة أعمال هذا المؤتمر لوضع حد للحرب".
وأشار إلى "أن هناك بالطبع بعض الشوائب في تطبيق القرار الدولي 1701، والبحث جار خلال الأيام المقبلة في الآليات للتطبيق والمباحثات مستمرة من أجل ذلك لوضع حد للحرب". واشارت مصادر إلى أن تحديد هذه الآليات ينتظر انتخاب الرئيس الجديد للولايات المتحدة في الشهر المقبل.

وكتب مراسل" الشرق الاوسطة في باريس ميشال ابو نجم: كان ميقاتي «رجل المرحلة» في مؤتمر باريس فقد تحدَّث ثلاث مرات: في افتتاح المؤتمر بعد ماكرون، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ثم في لقاء سريع مع الصحافيين بعد انتهاء الاجتماع الموسع، وأخيراً في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية جان نويل بارو.
ورسالة لبنان، التي شدد عليها، تقوم على أولوية المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، وتأكيد أن الحل هو التنفيذ الكامل للقرار 1701، وأن لبنان ملتزم تماماً بذلك، داعياً إلى تعزيز وجود الجيش اللبناني في الجنوب، وتعزيز دور «اليونيفيل».
وقال: «كفى دماراً وحروباً لنصل في النهاية إلى تطبيق القرار 1701، فلنطبقه منذ اليوم، ونوفر مزيداً من هدر الدماء والدمار».
وإذ حضّ ميقاتي المجتمع الدولي على «التكاتف ودعم الجهود التي من شأنها إنهاء الاعتداءات المستمرة، وفرض وقف فوري لإطلاق النار»، لم يبدُ متفائلاً جداً إزاء ما قد تفضي إليه الضغوط الدولية على إسرائيل، التي تملك قرار السلم والحرب، وعلى ما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة التي لم ترسل وزير خارجيتها للمشاركة في المؤتمر.
في سياق متصل، شدد ميقاتي على ضرورة انتخاب رئيس للبلاد «يلتزم بتطبيق الدستور كاملاً، واتفاق الطائف، وما نتج عنه من وثيقة وفاق وطني تنص صراحةً على أنه يجب على السلطات اللبنانية أن تنتشر على الأراضي اللبنانية، وعلى أن يكون السلاح بيد الجيش اللبناني والدولة اللبنانية فقط». وبهذه الطريقة، يكون رئيس الحكومة قد تجنّب الإشارة إلى المطالبة بتنفيذ القرار الدولي رقم 1559 الذي يدعو إلى حل الميليشيات وجمع السلاح، وهو ما تدعو إليه أطراف كثيرة فاعلة.
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: المساعدات الإنسانیة القرار الدولی 1701 المجتمع الدولی جان نویل بارو ملیون دولار فی الجنوب وقف النار

إقرأ أيضاً:

القرار 1701: آليات التنفيذ لم تعد حكراً على تعهّد لبناني بدور الجيش وانتشاره

كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": سمع أكثر من زائر أوروبي وأميركي من جهات
رسمية تعهّدات واضحة بتطبيق القرار 1701 نصّاً وآلية تنفيذية وتعهدات بضمان العمل بموجباته حرفياً. وسمعوا كلاماً فنّد فيه مسؤولان رسميان بنود تنفيذ الاتفاق وكيفية العمل على ترجمته عملانياً، وإعادة استتباب الوضع جنوباً بمعيّة الجيش والقوات الدولية، مقروناً بتطمينات بالالتزام التام به.
ما لم تسمعه الجهات الرسمية هو ما يقوله هؤلاء الزوار لدى مغادرتهم لبنان حول عبثية الكلام اللبناني الرسمي حيال تنفيذ القرار 1701، مشيرين إلى أنهم سبق أن سمعوا هذا الكلام خلال سنة من حرب الإسناد من دون ترجمته.
فمنذ صدوره، لم ينفّذ القرار 1701 على مدى 18 عاماً. لا بل إن لبنان، طوال هذه السنوات، غضّ النظر عن مجريات تنفيذه، وخرقه لبنان وإسرائيل والقوات الدولية الـ»يونيفل». وعلى مدى 18 عاماً، لم يبحث أيّ طرف احتمال الانتقال من «وقف الأعمال العدائية» الى وقف للنار، واستمر الـ 1701 كعنوان لخطب سياسية وتكراراً للازمة تمسّك لبنان بالقرارات الدولية.
وهذا يؤدي الى سؤال محوري: كيف يمكن للبنان اليوم، في حالته الراهنة، أن يضمن حسن تنفيذ القرار الدولي، ومن هي الجهة المخوّلة التعهّد بضمان تنفيذه فيما لم يتمكن من تنفيذه حين كان يعيش نوعاً من الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، ووفق رعاية عربية سمحت بإعادة إعماره بعد حرب تموز وتشكيل مظلة أوروبية - أميركية لانطلاق عمل القوات الدولية، وتعزيز قدرات الجيش. فيما يعيش اليوم انهياراً كاملاً على كل مستوياته ولا توجد فعلاً تغطية سياسية رئاسية وحكومية فاعلة لضمان حسن تطبيقه؟
منذ عام 2006، تعزّز، أولاً، دور إيران في لبنان، وما كان يشكل دوراً خلفياً في مرحلة حرب 2006، تفاعل الى حد كبير في السنوات الأخيرة، مع دخول الحزب الى سوريا، وتضاعف حكماً في حرب الإسناد، ولا سيما بعد اغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله. هذا يعني أن آليات تنفيذ القرار 1701 لم تعد حكراً على تعهّد لبناني رسمي يتعلق بدور الجيش وطريقة انتشاره وآليات التنفيذ، بل صار له حكماً جانب أساسي يتعلق بإيران.
ثانياً، إن الضربات التي تعرّض لها حزب الله على المستوى القيادي والعسكري تشكّل كذلك عاملاً مساعداً في طريقة مقاربة ما بعد حرب أيلول وما تلاها، في كيفية مواجهة تنفيذ القرار الدولي عملانياً، لأن إسرائيل في هذا الشق، تعتبر بحسب ما تضغط على واشنطن من أنها صارت أقرب الى تنفيذ متطلبات إخلاء المنطقة من السلاح، بفعل قوة النار. وهذا الأمر يشكل بالنسبة إليها بنية أساسية في تنفيذ القرار الدولي آنيّاً بكل مندرجاته، وليس مجرّداً من كل ما يحيط به ويعتبر في صلبه كذلك، قبل الانتقال الى مرحلة متقدمة من كل ما هو مطروح من قرارات للتنفيذ خلال التفاوض.
ثالثاً، غياب التوافق الخارجي على مصير القرار الدولي، بين أكثر من رؤية أوروبية متناقضة حيال مستقبل القرار ومصير اليونيفل وإمكان إحداث تحوّل في مهماتها، ونظرة أميركية مشكّكة فيه، قبل انجلاء صورة المعركة التي يظهرها الجانب الإسرائيلي أنها ضمانة أكيدة لمتغيّرات على الأرض تسمح للمفاوض الأميركي والإسرائيلي بأن يضعا شروطاً على لبنان بحيث يضمنان مستقبلاً تنفيذاً يختلف عن مراحل السنوات الماضية. هذا كله إذا بقي التفاوض ولو شكلياً على القرار المذكور ولم ينتقل فعلياً الى مرحلة يطالب فيها الأميركيون والإسرائيليون بضرورة الانتقال الى البحث في صيغة مختلفة للحل.

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: إسرائيل تحاول تطبيق القرار 1701 وفق شروطها التي يرفضها لبنان
  • حكومة غزة: كارثة النظام الصحي في الشمال فاقت التوقعات
  • أموال مؤتمر باريس غير مشروطة والأولوية لانتخاب رئيس
  • ميقاتي: حزب الله تأخر بفصل جبهة لبنان عن غزة
  • ميقاتي: "حزب الله" تأخر بفصل جبهة لبنان عن جبهة غزة
  • بري: لا نية لتغيير نص القرار 1701.. وهذا ما قاله عن الـ1559
  • واشنطن تعمل على هدنة 60 يومًا لإنهاء الحرب في لبنان
  • إسرائيل: الجيش بدأ شن هجمات في منطقة بعلبك بعد إخلاء السكان
  • مؤتمر الطيران الإنساني بالدوحة يبحث سلامة الوصول للمناطق الخطرة
  • القرار 1701: آليات التنفيذ لم تعد حكراً على تعهّد لبناني بدور الجيش وانتشاره