دلال تطلب الخلع بسبب زفاف ابنتها الصغرى: «صابرة بقالي 30 سنة»
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
تتردد الآلاف من النساء على محاكم الأسرة، كلٌ منهن تحمل قصة عاشتها جعلتها لا تطيق رفقة زوجها، وبالرغم من اختلاف جميع الأسباب، تجلس الزوجات في جنباتها يروين تفاصيل قصصهن، التي يعشنها بكل حسرة في بيوت أزواجهن، وكانت معظم هذه القصص تتسم بالقهر، فمن بينهن جاءت دلال، صاحبة الـ48 عامًا، بسبب زفاف ابنتها الصغرى، وفقًا لروايتها، لتطلب الخلع والخلاص من زوجها بعد أن أجلت هذه الخطوة لمدة 30 عامًا؛ فما التفاصيل؟
كانت دلال في عمر الـ17 عندما طرق زوجها باب منزلها طالبًا القرب من والدها، بعد أن رآها أكثر من مرة خلال ترددها على بيت خالتها وأُعجب بها، ولم تقلق في البداية، إذ توقعت رفض والدها بسبب سنها الصغيرة؛ لكن والدتها تصدرت المشهد حينها وأجبرت والدها على الموافقة، لتخرج دلال من المنزل باكرًا وتتفرغ لرعاية شقيقاتها الخمس، وتبدأ معاناتها الحقيقية، وفقًا لحديثها مع «الوطن».
في بداية تعارفهما، اكتشفت دلال أن زوجها بخيل للغاية، لكنها كانت تعتقد أنه غير ميسور الحال، ولم يكن بيدها خيار الرفض. وبعد الانتقال للعيش معه، جعلها تكره حياتها خلال أيام قليلة، وتشاجر معها بعد الزواج، لكن دهشتها لم تكن في الشجار بل في سببه، الذي جعلها تتوقع حياتها القادمة دون أن تعيشها؛ «من تاني يوم قالي إحنا اتنين بس الأكل بيروح فين؟ ومع مرور المواقف، اتسببلي في أزمة نفسية من كتر بخله»، على حد حديثها عن بداية الخلافات بينهما منذ 30 عامًا.
لم يكن البخل السبب الوحيد في عدم حب دلال لزوجها، فبالرغم من شدة حبه لها، على حد وصفها؛ لم يقوَ أي شيء في الحياة على تغيير طباعه، التي جعلت المنزل جحيمًا لا يطاق، لكنها أنجبت ثلاثة أولاد وبنتين، وأكملت حياتها تأخذ نصيبها من بخل وعنف، ومنذ إنجابهما طفلهما الأول، تفاجأت بأنه لا يود الإنفاق على المنزل عدا الطعام الأساسي ويحاسبها عليه، وأي شيء يحتاجه الطفل كان يُعدّ رفاهية، وفقًا لروايتها.
الزوج محتال ومراوغبصوت تملكه الحزن من كثرة بكائها على حالها، روت الزوجة تفاصيل حياتها الحزينة، التي قصتها وهي تحاول الحفاظ على أسرتها من أجل بناتها. قالت: «مكنش هاممني أسيب الولاد، بس كان مين هيربي بناتي؟ أهلي اللي جوزوني له من 30 سنة؟ عشت في قهرة وحسرة ومبطلعش كلمة من بيتي برة، وهو قرر إنه يرد ليا الجميل إني صونته»، إذ بدأ يفتعل مشكلات معها، ويصدر صورة سيئة عنها أمام أولادهم منذ طفولتهم، مدعيًا أنها تحرمهم من كل شيء، بينما يتظاهر بأنه مثالي.
تزوج أبناؤها الأربعة، وتحملت حتى تطمئن على ابنتها الصغرى. لكن صبرها نفد، إذ استيقظت منذ 7 أشهر على صوت شجار ابنتها معها، وهي تتهمها بأنها تحرض والدها على عدم تجهيزها، وأنها أخذت الأموال ولا تريد ردها لها، وفقًا لرواية والدها. كادت دلال تفقد عقلها في تلك اللحظة، وحلّ عليها الذهول من الكلمات التي تسمعها من ابنتها، التي لم تُعطِها فرصة لتبرير موقفها أو تكذيب والدها، طالبة منها مغادرة المنزل، ولم يرد زوجها بكلمة.
شعرت دلال حينها أنها في ورطة كبيرة، وتركت المنزل بناءً على رغبة ابنتها وزوجها. وبعد معرفة أبنائها، بدأوا في معاتبة شقيقاتهم ووالدهم، لكن دلال لم توافق على حل الخلاف، وقررت الطلاق. وبرفض الزوج وأولادها، توجهت لمحكمة الأسرة في الكيت كات، وأقامت دعوى خلع حملت رقم 5323، لأنها كانت متأكدة من أنه لن يوافق على دفع قرشٍ واحدٍ لها.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: محكمة الأسرة خلع دعوى خلع خلافات زوجية
إقرأ أيضاً:
الخُلع.. تشخيص لبعض الأسباب والآثار والحلول
صالح بن سعيد بن صالح الحمداني
في مجتمعاتنا العربية، يُعد الخُلع أحد أبرز الوسائل القانونية التي أتاحها الإسلام للمرأة لحماية كرامتها وحقوقها النفسية والاجتماعية، حين تُصبح الحياة الزوجية غير قابلة للاستمرار، ومعنا في السلطنة كما في معظم الدول العربية، شهدت المحاكم ازديادًا ملحوظًا في عدد قضايا الخُلع خلال السنوات الأخيرة، مما يستدعي التوقف عند هذه الظاهرة لفهم جذورها، آثارها، وسبل الحد منها.
ولنقف أولاً لتعريف الخُلع فما هو؟ الخُلع هو فسخ عقد الزواج بناءً على طلب الزوجة، مقابل تنازلها عن المهر أو جزء منه بهدف إنهاء العلاقة الزوجية بشكل قانوني وشرعي دون الحاجة لإثبات الضرر كما هو الحال في الطلاق للضرر.
الأساس الشرعي للخُلع موجود في القرآن الكريم في قوله تعالى "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ" (البقرة: 229).
وقد طبّقه النبي محمد ﷺ مع زوجة الصحابي ثابت بن قيس، حين طلبت الخلع لأنها لا تطيق العيش معه رغم عدم تقصيره في حقها.
أما الإطار القانوني للخلع في السلطنة؛ فهو يندرج ضمن قانون الأحوال الشخصية (الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم 32/97 وتعديلاته)، ويمنح المرأة الحق بطلب الانفصال عن زوجها شريطة أن تتنازل عن جميع حقوقها المالية الناتجة عن الزواج (مثل المُؤخر).
ويُعرف الخلع بأنَّه إجراء قانوني تطلب فيه الزوجة الطلاق من زوجها مقابل تنازلها عن حقوق مالية معينة، مثل المهر أو جزء منه. وتُعيد له ما دفعه كمهر إن أمكن، وتقر أمام المحكمة أنها لا تستطيع الاستمرار في الحياة الزوجية.
وتقوم المحكمة بمحاولة الإصلاح أولًا، وإذا ثبت أن لا أمل في استمرار الزواج، يتم الحكم بالخلع.
ومن الأسباب الشائعة لقضايا الخلع نجد سوء المعاملة في مقدمتها؛ فالعديد من الزوجات يلجأن للخلع بسبب العنف اللفظي أو الجسدي أو الإهمال المستمر من الزوج، مما يجعل الحياة لا تطاق ولغياب التفاهم والاختلاف الكبير في الطباع، أو التوقعات الخاطئة من الطرفين قبل الزواج، يؤدي إلى خلافات عميقة يصعب إصلاحها.
والتدخلات العائلية من العوامل التي تؤدي للخلع مثل تحكم أهل الزوج أو الزوجة في تفاصيل الحياة اليومية تؤدي إلى فقدان الاستقلالية والراحة النفسية.
الخيانة الزوجية سواء أكانت خيانة فعلية أو مجرّد شكوك متكررة، فهي سبب شائع لانهيار الثقة وبالتالي المطالبة بالخلع، بينما ضعف الوعي الزواجي من أحد الطرفين أو الطرفين معًا؛ فالكثير من الأزواج يدخلون الحياة الزوجية بدون فهم حقيقي لمعناها ومسؤولياتها، مما يجعلهم عاجزين عن التعامل مع ضغوطها.
ونتيجة لما سبق وأكثر قد يكون من الأسباب التي لم نتطرق لها نجد الآثار الاجتماعية والنفسية للخلع سواء على الزوجة فهي قد تشعر بالراحة النفسية فور تحررها من تلك العلاقة المؤذية ولكن في المقابل تعاني بعض النساء من نظرة المجتمع السلبية أو الوحدة، خاصة إذا كانت أمًّا لأطفال.
أما الزوج أيضا فهناك آثار قد يشعر بعض الأزواج بالصدمة خصوصًا إذا لم يروا أن الزواج كان في أزمة.
وفي حالات قد يستخدم بعض الأزواج الخلع كوسيلة للتنصل من المسؤوليات القانونية، وهو ما يشكّل خللًا قانونيًا وأخلاقيًا.
أما الحلقة الأضعف في هذا الموضوع فهم الأطفال كالطلاق تمامًا؛ فالأطفال غالبًا ما يكونون الضحية الصامتة، يعانون من التشتت والضغط النفسي، خاصةً إذا لم يُدر الانفصال بحكمة.
ونجد آثاره على المجتمع في ازدياد نسب الخلع؛ فهو مؤشر على وجود مشكلات عميقة في الثقافة الزوجية؛ فانتشار هذا النمط من الطلاق يمكن أن يضعف بنيان الأسرة كمؤسسة مستقرة وفاعلة.
الوضع معنا في السلطنة بارتفاع ملحوظ ومقلق؟ تشير الحالات في واقع الحياة إلى أن قضايا الخلع شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في بعض الولايات خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.
أغلب هذه القضايا مقدمة من زوجات شابات لم يمضِ على زواجهن أكثر من 3 سنوات، وغالبًا لأسباب تتعلق بسوء المعاملة أو الخلافات المادية.
أيضًا ازداد الوعي القانوني عند النساء رغم أنه أمر إيجابي، لكنه في نفس الوقت كشف عن هشاشة بعض العلاقات الزوجية، وقد يكون لدى البعض ضعف الوعي والإدراك للعواقب التالية التي قد تكون بعد هذه الخطوة.
المحاكم وقضايا الخُلع ما الذي يحدث فعلًا؟
وتشهد محاكم في السلطنة قضايا خلع، وغالبًا ما تكون الجلسات مليئة بالتوتر يُطلب من الطرفين حضور جلسات صلح؟ فإذا أصرّت الزوجة، تُحكم المحكمة بالخلع دون الحاجة لإثبات الضرر.
بعض الأزواج يرفضون إعادة المهر، مما يعقّد القضية.
المحامون يؤكدون أن قضايا الخلع أصبحت تمثّل من القضايا ذات النسبة الكبيرة من قضايا الأحوال الشخصية، وغالبًا ما يتم البت فيها بسرعة مقارنة بالطلاق العادي، ما يشير إلى حاجة لتدخلات اجتماعية قبل أن تصل العلاقة إلى هذا الحد.
من بين الحلول والعلاج المقترح اول ما نتطرق له التأهيل قبل الزواج دورات توعوية إلزامية حول المسؤوليات الزوجية، وتوفر الإرشاد الأسري بتوفير مراكز متخصصة للاستشارات الزوجية والإعلام الهادف لتوعية مجتمعية بقيم التسامح والتفاهم أمرًا مهمًا وبالغًا؟ كما إننا نجد تغليظ العقوبات على العنف الأسري حماية المرأة بشكل فعال، ومن اهم طرق العلاج: دعم المرأة بعد الخلع نفسيًا واقتصاديًا لتبدأ حياة جديدة بثقة مهم جدا فقد تكون طلبت ذلك بناء على سوء معاملة او أمرا مجبرا لها أيًّا كان نوعه.
وفي ختام الحديث.. نقول إن الخُلع ليس نهاية؛ بل قد يكون احيانًا بداية جديدة، لكنه يبقى خيارًا صعبًا يأتي بعد معاناة، وقد يكون قرارًا خاطئًا إن لم يكن له من الاسباب والمبررات الشديدة التي قد توصل إليه. والمطلوب اليوم ليس فقط تسهيله قانونيًا واللجوء للمحاكم؛ بل العمل على تقليل الحاجة إليه من الأساس، من خلال التوعية، والدعم، والتفاهم الحقيقي بين الأزواج ونحتاج كثيرا لفهم معاني جليلة وعظيمة من كتاب الله ثم هدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وللتفكير الجيد والتأمل في العلاقة الزوجية وجعل امام أعيننا هذه الآية العظيمة "وَلَا تَنسَوُا۟ ٱلۡفَضۡلَ بَیۡنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرٌ" (البقرة: 237).