عقوبات أمريكية على مدير «الصناعات الدفاعية» السودانية
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
عقوبات أمريكا استهدفت مدير منظومة الصناعات الدفاعية باعتبار أنه “كان في قلب صفقات الأسلحة التي غذت وحشية الحرب ونطاقها”.
التغيير: وكالات
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، فرض عقوبات على مدير منظومة الصناعات الدفاعية السودانية الفريق أول ميرغني إدريس سليمان، لقيادته جهود القوات المسلحة للحصول على أسلحة لحربها ضد قوات الدعم السريع.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان، الخميس، إن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع للوزارة فرض عقوبات على “سليمان” بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098، “وذلك لقيادته جهود القوات المسلحة السودانية للحصول على أسلحة لاستخدامها في حربها المستمرة مع قوات الدعم السريع”.
وأضافت أن إدريس كان في قلب صفقات الأسلحة التي غذت وحشية الحرب ونطاقها، حيث عمل كمدير عام لمنظومة الصناعات الدفاعية، الذراع الأساسي لإنتاج الأسلحة وشرائها للقوات المسلحة السودانية.
وأشارت إلى أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية صنف منظومة الصناعات الدفاعية في 1 يونيو 2023م، لكونه مسؤولاً عن أو متواطئًا في أو شارك بشكل مباشر أو غير مباشر أو حاول المشاركة في أعمال أو سياسات تهدد السلام أو الأمن أو الاستقرار في السودان.
وذكر البيان أنه منذ بداية الحرب، أعطت القوات المسلحة السودانية الأولوية لاقتناء الأسلحة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار الإيرانية واتفاقية الميناء مقابل الأسلحة مع روسيا، واختارت توسيع الصراع بدلاً من إنهائه من خلال المفاوضات بحسن نية.
وأضاف: “شجعت الأسلحة والدعم الدبلوماسي الذي قدمته إيران وروسيا القوات المسلحة السودانية وقللت من اهتمامها بخفض تصعيد الصراع”.
وقال وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية بالوكالة برادلي ت. سميث: “إن الإجراء الذي اتخذ اليوم يؤكد الدور الأساسي الذي لعبه أفراد رئيسيون مثل ميرغني إدريس سليمان في شراء الأسلحة، وإدامة العنف، وإطالة أمد القتال في السودان. والولايات المتحدة ملتزمة بتعطيل قدرة كلا الجانبين في هذا الصراع على شراء الأسلحة والتمويل الخارجي الذي يقوض إمكانية التوصل إلى حل سلمي”.
وسبق أن فرضت واشنطن عقوبات على جهات تورد السلاح لتأجيج الصراع في السودان، آخرها على القوني حمدان دقلو شقيق “حميدتي” في اكتوبر الحالي.
الوسومالسلاح السودان القوات المسلحة القوني حمدان دقلو حميدتي عقوبات قوات الدعم السريع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية منظومة الصناعات الدفاعية وزارة الخزانة الأمريكيةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: السلاح السودان القوات المسلحة القوني حمدان دقلو حميدتي عقوبات قوات الدعم السريع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية منظومة الصناعات الدفاعية وزارة الخزانة الأمريكية منظومة الصناعات الدفاعیة المسلحة السودانیة القوات المسلحة
إقرأ أيضاً:
خطاب الفوضى- كيف تحوّل الصراع السياسي في السودان إلى حرب لغوية مفتوحة؟
شهد السودان بعد انقلاب الجيش في أكتوبر 2021 انحدارًا غير مسبوق في مستوى الخطاب السياسي، حيث لم تقتصر التفاهة والانحدار اللغوي على الإسلاميين فحسب، بل شملت أيضًا القوى المدنية بمختلف تياراتها، إضافة إلى المؤسسة العسكرية التي حاولت تبرير استحواذها على السلطة عبر خطاب يقوم على التخويف والتبرير السياسي المراوغ. يعكس هذا التدهور أزمة أعمق في الفكر السياسي السوداني، حيث أصبح الخطاب أداةً للتعبئة العاطفية والتخوين بدلًا من أن يكون وسيلةً للحوار العقلاني وبناء التوافق الوطني.
الخطاب السياسي كأداة للهيمنة والإقصاء
لم يعد الخطاب السياسي في السودان وسيلةً لنقل الأفكار أو النقاش الموضوعي، بل تحول إلى سلاح لإقصاء الخصوم وإحكام السيطرة السياسية. الإسلاميون، الذين وجدوا أنفسهم خارج السلطة بعد ثورة ديسمبر 2019، استخدموا خطابًا دينيًا متشددًا، متهمين القوى المدنية بالعمالة للخارج والسعي لتدمير هوية البلاد الإسلامية. في المقابل، لم يكن خطاب القوى المدنية أكثر نضجًا؛ إذ لجأت إلى التخوين المتبادل وانقسمت بين مناصري الانقلاب ومعارضيه، مما أضعف موقفها وسهّل على العسكر الاحتفاظ بالسلطة.
الكتلة الديمقراطية التناقض بين الخطاب والممارسة
برزت الكتلة الديمقراطية، التي ضمت قوى سياسية وحركات مسلحة مثل حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، كلاعب رئيسي في المشهد السياسي بعد الانقلاب. هذه الكتلة سعت في البداية إلى تبرير الانقلاب واتهام قوى الثورة بالفشل في الحكم، لكنها عادت لاحقًا لتبني خطابًا مدنيًا يطالب بعودة الديمقراطية، رغم دعمها السابق للحكم العسكري. هذه الازدواجية أضعفت موقفها السياسي وكشفت عن غياب رؤية واضحة، حيث بدت مواقفها محكومة بالمصالح المرحلية أكثر من المبادئ الديمقراطية.
خطاب العسكر التخويف والتبرير السياسي
من جهته، لجأ الجيش إلى خطاب يركز على حماية الأمن القومي والاستقرار، محاولًا تصوير الانقلاب كخطوة ضرورية لإنقاذ البلاد من الفوضى. استخدم القادة العسكريون لغة التخويف من "الفراغ السياسي" و"الانزلاق نحو الفوضى" لتبرير بقائهم في السلطة. كما عمل الإعلام الرسمي على الترويج لرواية مفادها أن الجيش هو الضامن الوحيد لوحدة السودان، متجاهلًا حقيقة أن الانقلاب هو الذي أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية.
مقارنة بين خطاب الإسلاميين، القوى المدنية، والعسكر
الفاعل السياسي
أبرز سمات الخطاب
الإسلاميون خطاب ديني متشدد، تخوين الخصوم، تصوير المدنيين كعملاء للغرب
القوى المدنية (الكتلة الديمقراطية) تناقض في المواقف، خطاب مزدوج بين دعم الانقلاب والمطالبة بالديمقراطية
المؤسسة العسكرية خطاب التخويف، تبرير الانقلاب، احتكار الوطنية
تأثير الخطاب السياسي على المشهد العام
ساهم هذا الخطاب المشوه في عدة نتائج خطيرة-
إضعاف فرص التحول الديمقراطي - لا يمكن بناء دولة مدنية في ظل خطاب يقوم على التخوين والإقصاء.
تعميق الانقسامات داخل القوى المدنية- التشرذم أضعف موقف القوى المناهضة للانقلاب وأطال أمد الأزمة.
إفقاد الجماهير الثقة في النخب السياسية- عندما يصبح الخطاب السياسي مجرد شعارات خاوية، يفقد المواطنون إيمانهم بالعملية السياسية برمتها.
كيف يمكن تصحيح المسار؟
لإصلاح الخطاب السياسي، لا بد من -وقف حملات التشويه المتبادل: الحوار بين القوى المختلفة ضرورة لإنهاء حالة الاستقطاب.
إعادة تعريف الأولويات - التركيز على القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد والأمن بدلاً من الصراعات الأيديولوجية.
ضبط الإعلام السياسي- يجب أن يكون الإعلام منصة توعوية بدلاً من أداة للتحريض والتضليل.
إن تفاهة الخطاب السياسي في السودان اليوم ليست مجرد أزمة لغوية، بل انعكاس لأزمة سياسية وفكرية أعمق. وكلما استمر هذا الانحدار، زادت صعوبة الوصول إلى حل سياسي حقيقي يعيد الاستقرار إلى البلاد.
المطلوب اليوم هو خطاب سياسي مسؤول، يعكس التحديات الحقيقية التي تواجه السودان، بدلاً من الاكتفاء بإعادة إنتاج نفس المفردات التخوينية والمواقف المتناقضة.
zuhair.osman@aol.com