بعد مطالبة وزير المالية.. هل يغلق معبر أدري؟
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
معبر أدري فتح بعد مرور نحو عام ونصف العام من بداية حرب السودان، لكن الجدل بشأنه لم يتوقف، بين مطالب استمرار فتحه والدعوات لإغلاقه!.
بورتسودان– كمبالا: التغيير
في الوقت الذي يحصد فيه الجوع أرواح مواطني إقليم دارفور منذ اندلاع حرب 15 أبريل 2023م التي أدت لتوقف وصول المساعدات الإنسانية لأكثر من عام ونصف، جاءت تصريحات جبريل إبراهيم وزير مالية الحكومة التي يسيطر عليها الجيش ببورتسودان عكس ما يتمناه إنسان الإقليم.
فعلى غير المتوقع طالب الوزير الذي يقود حركة العدل والمساواة السودانية بإغلاق معبر أدري الحدودي بين السودان وتشاد بعد أن أصبح ممراً رئيساً لقوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش- بحسب زعمه.
وجاءت دعوة جبريل بعد مدّة وجيزة من موافقة مجلس السيادة على فتح المعبر اعتبارًا من 15 أغسطس الماضي ولثلاثة أشهر، بهدف إيصال المساعدات الإنسانية إلى النازحين بدارفور، بعد تعنت طويل من الحكومة السودانية التي رضخت أخيراً لضغوط الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
أسباب الدعوةجبريل إبراهيم، قال في تغريدة على منصة (X)، إن الغرب ومنظمات اجتهدوا في فتح معبر أدري للأغراض الإنسانية، ليتحول إلى معبر رئيس لدعم الميليشيا بالأسلحة الفتاكة. وأضاف: يجب إغلاق هذا المعبر اليوم قبل الغد.
وتابع: تمديد فتح معبر ادرى يستوجب الايفاء بشرطين صارمين؛ أولاً: وجود فريق سوداني يضم سلطات الجمارك، هيئة المواصفات والمقاييس والمخابرات العامة على جانبي المعبر تحت الحماية الدولية.
وثانيًا: توفر ماسحات الأشعة السينية التي تمكن السلطات الجمركية من فحص البضائع العابرة للحدود بشكل دقيق.
ويجيئ طلب جبريل في إطار تخوفه وقادة الحركات المتحالفة مع الجيش من استخدم قوات الدعم السريع لمعبر أدري في إيصال مساعدات عسكرية ولوجستية تمكنه من السيطرة على إقليم دارفور بشكل كامل بعد سيطرته على 4 من أصل 5 ولايات بالإقليم، حيث تبقت له فقط مدينة الفاشر التي تشهد قتالاً عنيفاً بين الجيش وقوات المشتركة المساندة له والدعم السريع والمليشيات العربية المتحالفة معه.
مأساة إنسانيةوبدعوته هذه لم يضع جبريل مصلحة ملايين المواطنين الموجودين في مخيمات النزوح الذين يعانون من تفاقم المأساة الإنسانية مع استمرار الاشتباكات والعنف في مناطق من دارفور، والتي أدت إلى نقص حاد في الموارد الأساسية، مثل الغذاء والدواء، إضافة إلى تفشي الأمراض وخطر المجاعة.
وحصد الجوع المئات من المواطنين خاصة النساء والأطفال وكبار السن، حتى اضطروا لأكل أوراق الأشجار ومخلفات الكوش “مكبات النفايات” بحسب الناطق الرسمي باسم النازحين واللاجئين آدم رجال.
وقال رجال لـ(التغيير)، إن معدلات سوء التغذية وصلت إلى مستويات شديد الْخَطَر نتيجة نقص الغذاء والدواء، مما أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا، خاصة بين الأطفال والنساء والمسنين في مخيمات النزوح المنتشرة في دارفور وأجزاء أخرى من السودان.
وحذر رجال من أن استمرار العنف يشكل تهديداً خطيراً لوحدة السودان، ووصف ما يحدث في دارفور بأنه جريمة أخلاقية تستدعي وقفة عاجلة.
وأطلق مناشدات للمجتمع الدولي، وكافة السودانيين، للتحرك فورًا لإنهاء الحرب المدمرة التي مزقت النسيج الاجتماعي ودمرت التراث الثقافي للسودان، محذراً من أن البلاد قد تنزلق نحو حرب شاملة بين كافة الأطراف.
مطالبة باستمرار المعبروأفادت الأمم المتحدة في 15 أكتوبر الحالي بعبور أكثر من 200 شاحنة محملة بإمدادات إنسانية، يستفيد منها 615 ألف شخص، بما في ذلك المعرضون لخطر المجاعة، وذلك منذ إعادة فتحه.
وطالبت مجموعة متحدون، المكونة من الولايات المتحدة والأمم المتحدة وسويسرا والسعودية ومصر والإمارات والاتحاد الأفريقي، الأسبوع الماضي بإبقاء معبر أدري مفتوحًا دائمًا، كما دعت إلى تسهيل استخدام مطار كادقلي لرحلات الإغاثة.
وكان مجلس السيادة وافق على فتح مطارات كادقلي بجنوب كردفان ودنقلا بالولاية الشمالية والأبيض بشمال كردفان وكسلا بشرق السودان، أمام رحلات الإغاثة.
حديث بلا قيمةووصف نائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس، من يتحدثون باسم السيادة بأنهم ضد الشعب السوداني ولا يعنيهم أمر المواطنين في شئ.
وقال لـ(التغيير): هؤلاء معترضون على فتح معبر أدري ولكن بضغوطات من المجتمع الدولي سمحوا بذلك.
وأضاف: موافقتهم على فتح المعبر من عدمه لا تعني شيئاً لأن المعبر تحت سيطرة قوات الدعم السريع من ناحية السودان.
وشدد على أن حديث جبريل إبراهيم ليس لديه قيمة لأنه يمثل رأي الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني اللذين يستخدمان حركات الارتزاق الموقعة على سلام جوبا لتقسيم السودان “ولن نسمح لهم بذلك”.
طلب منطقيودافع الناطق باسم القوة المشتركة أحمد حسين عن المطالبة بإغلاق معبر إدري، وقال لـ(التغيير) إن مطالبة جبريل جاءت لأن المعبر أصبح الممر الوحيد الذي يدعم مليشيات الجنجويد بالإمدادات اللوجستية والعسكرية والبشرية تحت غطاء العمل الإنساني.
وأضاف: خططنا هي العمل على طرد هؤلاء الأوباش ومرتزقتهم من مدينة الجنينة- على حد قوله.
واتهم الناطق الرسمي دولة تشاد بدعم قوات الدعم السريع بفتح أراضيها لتمارس حربها ضد مواطني إقليم دارفور.
تورط تشادوسبق أن اتهم عضو مجلس السيادة، مساعد قائد الجيش ياسر العطا، “بعض القادة النافذين والمرتشين في تشاد بتسهيل إمدادات الجنجويد من الإمارات عبر مطار انجمينا”.
وقال إنّ ما وصفها بـ”المليشيا الإرهابية” استعانت بالمرتزقة.
وتشهد العلاقات بين السودان وتشاد توترًا كبيرًا وصل مرحلة طرد انجمينا 4 دبلوماسيين، وظل قادة الجيش يتهمون تشاد بأنها تدعم قوات الدعم السريع بشكل مستمر.
مجرد شائعاتبالمقابل، نفى مصدر بالدعم السريع استخدامه لمعبر أدري لإيصال العتاد العسكري.
وقال إن المعبر “يتم مراقبته بواسطة المنظمات الإنسانية التي تعمل في ايصال المساعدات الإنسانية ودورنا ينحصر في تسهيل المساعدات لمستحقيها”.
واتهم المصدر الجيش والحركات المتحالفة معه بإطلاق تلك الشائعات لإغلاق المعبر لأنها لا تهمها مصلحة الشعب السوداني الذي يعاني من الجوع والمرض بسبب الحرب التي أشعلها فلول النظام السابق.
وشدد على أن قوات الدعم السريع لديها القنوات التي تحصل فيها على العتاد الحربي ولا حاجة له معبر أدري.
خيار مستبعدبدوره، رأى المحلل السياسي المختص في شؤون دارفور محمد تورشين، “أن دعوة جبريل جاءت في إطار اتهامات عدة بأن المعبر ظل النقطة التي يعتمد عليها الدعم السريع في إيصال الاحتياجات العسكرية واللوجستية للسودان، فضلاً عن أن المعبر تم فتحه لأغراض إنسانية صرفة لأن الأمم المتحدة والجهات الإغاثية تحدثت عن ضرورة فتح هذا المعبر حتى يتسنى لها إدخال الاحتياجات الأساسية”.
وأضاف لـ(التغيير): “يبدو أن الاحتياجات الأساسية ربما حسب تقديرات رئيس حركة العدل والمساواة، وزير المالية بأن الاحتياجات دخلت ولا حاجة للسودان بهذا المعبر”.
وتابع: “هناك بعض التقارير تحدثت أن دولة تشاد بدأت تفرض رسوم عالية على السلع الغذائية”.
وقال تورشين يمكن أن تكون لجبريل معلومات بأن المعبر أصبح يوظف لأغراض غير الإنسانية التي فتح من أجلها، وربما هذه المخاوف يمكن أن يتم أخذها بعين الاعتبار من قبل الجهات المعنية لاسيما رئيس مجلس السيادة.
وتوقع المختص في شؤون دارفور، أن تشهد الأيام المقبلة تشديدات وتدابير وإجراءات صارمة، لكنه استبعد أن يتم إغلاق المعبر.
الوسومالجالية السودانية في تشاد الدعم السريع السودان القوات المشتركة تشاد جبريل إبراهيم حركة العدل والمساواة محمد تورشين معبر أدري وزير المالية ياسر العطاالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الدعم السريع السودان القوات المشتركة تشاد جبريل إبراهيم حركة العدل والمساواة معبر أدري وزير المالية ياسر العطا قوات الدعم السریع جبریل إبراهیم مجلس السیادة لـ التغییر معبر أدری أن المعبر على فتح
إقرأ أيضاً:
كنداكة الثورة السودانية تتحدث عن الثورة والانقلاب وانتهاكات الدعم السريع
وتعود كلمة "كنداكة" إلى العهد الكوشي أو ما يعرف بالحضارة النوبية، وهي تعني الملكة أو السيدة الأولى، لكن آلاء صلاح، قالت لبودكاست "ملهمات" إن الكلمة تعني "المقاتلة" أو بمعنى آخر "الأيقونة".
ويمكن القول إن كنداكة الثورة السودانية ليست جديدة على النضال السياسي، فقد شاركت جدتها في حراك 1964، الذي أنهى حكم الفريق إبراهيم عبود، وشاركت والدتها في انتفاضة 1985، التي أطاح الجيش على إثرها بحكم جعفر النميري، فيما شاركت أختها في انتفاضة الطلاب عام 2013 التي خرجت ضد قرار رفع الدعم الحكومي عن الوقود.
وبسبب مشاركتها في الثورة على عمر البشير، فقدت آلاء دراستها بعدما تم فصلها من الجامعة، لكنها التحقت بإحدى الجامعات البريطانية بعد حرمانها من الالتحاق بجامعة محلية.
وظلت آلاء في السودان حتى انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، حيث غادرت خشية التعرض للاعتقال كما حدث لكثيرين ممن شاركوا في الثورة على البشير، وفق قولها.
وتعرضت لتهديد مباشر من قوات الدعم السريع، وتلقت اتصالا من مدير مكتب قائد هذه القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي طلب منها لقاء سريًّا، لكنها رفضت ذلك بسبب مسؤوليته عن قتل الثوار في اعتصام القيادة العامة وحرقهم واغتصاب بعضهم، حسب قولها.
إعلان
السفر لبريطانيا
بعد ذلك، أصبح تهديد الدعم السريع للشابة صريحا، وقد ذهبوا إلى بيتها أكثر من مرة وحاولوا ترهيب عائلتها جراء رفضها مقابلة حميدتي، الذي قالت إنه كان يحاول الضغط على رموز الثورة لدعم انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، ووصفه بأنه "تصحيح للمسار".
وعندما توجهت قوات الدعم السريع لبيتها قبل انقلاب 2021 بـ3 أيام، قررت آلاء الاختباء عند بعض أقربائها حتى تمكنت من السفر إلى بريطانيا التي كانت ستسافر لها بعد أيام من الانقلاب على كل حال لإكمال دراستها، كما قالت.
وبعد 5 سنوات من الإطاحة بحكم عمر البشير، وما آلت إليه أوضاع السودان، لا تريد صلاح القول إنها تشعر بخيبة أمل، لأن هذا الأمل هو الذي ساعدهم على تحقيق بعض أهداف الثورة -كما تقول- لكنها تعترف بأنها ليست سعيدة بينما السودان يعيش حالة من القتل والاغتصاب والانتهاكات التي لا تتوقف، وفق تعبيرها.
وشاركت المرأة بشكل كبير بالثورة على نظام البشير في ديسمبر/كانون الأول 2018، رغم القيود الكبيرة التي كانت مفروضة عليها في ذلك الوقت، وكانت كل واحدة منهن تقوم بما تجيد القيام به سواء كان التصوير أو مخاطبة الجماهير أو الرأي العام أو إسعاف الجرحى أو إعداد الطعام والشراب، كما تقول صلاح.
وبعد أن كان السودانيون يحلمون بالديمقراطية وتداول السلطة، "أصبحوا اليوم يعيشون قمعا وتهجيرا وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان على يد قوات الدعم السريع التي تقاتل منذ عامين ضد قوات الجيش"، حسب كنداكة الثورة.
وإلى جانب الانتهاكات، يعيش السودانيون مجاعة فعلية وتراجعا حادا في الخدمات الصحية وقتلا خارج القانون فيما توزع "شباب الثورة" بين جائع ونازح وهارب، حسب وصف صلاح.
أما من نجحوا في الخروج إلى دول أكثر أمنا، تضيف صلاح، فيعملون على توثيق ما يتعرض له الناس من انتهاكات وجرائم وتعريف العالم بها من خلال مواقع التواصل، لكنّ مَن هم بالداخل يجدون صعوبة كبيرة في إيصال ما يتم توثيقه للخارج بسبب توقف الإنترنت.
إعلانبيد أنه في ظل حالة الفقر المدقع والحاجة الشديدة وانهيار الخدمات وتفشي الخوف، أصبحت غالبية النشطاء مشغولين بعائلاتهم وجيرانهم وزملائهم أكثر من انشغالهم بمحاولة إحياء الثورة التي لم تعد سهلة أبدا في ظل ما وصلت إليه البلاد من استحكام للقوة، برأي صلاح.
ومع ذلك، فإن الشباب قادرون على إحداث التغيير لكنهم بحاجة للحد الأدنى من الظروف التي قد تساعد على تحويل مسار البلاد من الحرب إلى السلم الأهلي، وهو مسار تقول صلاح إنه "صعب جدا".
24/12/2024